«كف الكتابة» و«إبهام الرسائل».. أمراض ظهرت بسبب استخدام الموبايل لساعات طويلة
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
كشف الدكتور ماركو جوزيف، أخصائي علاج طبيعي، الإصابات المنتشرة بسبب العادات الخاطئة منها مثل «كف الكتابة» و«إبهام الرسائل»، قائلا إن هذه العادات ترجع لاستخدام الناس يديها كثيرا سواء في طريقة إمساك الموبايل أو الكتابة على اللاب توب أو الكمبيوتر، وأصبحت هذه الأجهزة أشياء أسياسية في الحياة واستخدامها بعدد ساعات طويلة.
وأضاف «جوزيف»، خلال استضافته ببرنامج «السفيرة عزيزة»، المذاع على قناة «DMC»، وتقدمه الإعلاميتان سناء منصور ونهى عبدالعزيز، أن الاستخدام الخاطئ أدى لحدوث إصابات تسمى إصابات الاستخدام المرتفع، بحيث أصبحت الناس تستخدم يديها أو أصابعها بشكل مرتفع في خلال يومها، هذا لم يكن موجودا في الماضي، لذلك ظهرت مشكلات مثل «كف الكتابة».
وأوضح أن «كف الكتابة» هو خلل وتوتر في أعصاب اليد، يظهر في البداية بصورة ألم، ثم يظهر بصورة تشنجات لا إرادية، عندما يتم استخدامها بأشياء تحتاج تفاصيل أو مهارات معينة باليد.
الإصابة كانت منتشرة في الماضيوأشار إلى أن الإصابة كانت منتشرة في الماضي للأشخاص الذين يكتبون على الآلات الكاتبة والعازفين على الآلات الموسيقية، والآن أصبحت تظهر عند الأجيال التي تكتب كثيرا على اللابتوب أو الموبايل.
وعن «إبهام الرسائل»، كشف بأنه في منطقة الإبهام يوجد بها وتران مهمان مسؤولان عن حركة الإبهام لأعلى، وعندما يحدث التهاب في الوتر حجمه يكبر، علما بأن الوتر موجود في نفق مخصص له لعمل الحركة، فإذا حجمه كبر عن حجم النفق لا يستطيع الوتر التحرك نتيجة التهابه، وسبب هذا الالتهاب يرجع للاستخدام الزائد.
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ثمة أصوات في الشعر لا تُشبه أحدًا، تمضي بصمت، تتفادى الأضواء، لكنها تُقيم في جوهر الشعر نفسه، في طينته الأولى، قبل أن تمسه الأيدي وتُزَينه الصناعة. من بين تلك الأصوات، يقف الشاعر فتحي عبد السميع، لا يطلب الحفاوة ولا يمدّ يده لجمهور عابر، بل ينقّب، يحفر، يُفتّش في الظلال، ويترك القصيدة تمشي كما لو كانت نبتة برّية نَمَت من شق في الجدار.
ليست تجربته الشعرية محض انفعال جمالي، ولا تنتمي إلى تيار بعينه، ولا تتوسل الموجة، ولا تلتصق بصيغة واحدة. بل هي ضربٌ من الحفر البطيء في الذاكرة، وفي الجغرافيا، وفي اللغة، وفي خريطة الوجود البشري ذاته. إنّها قصيدة العزلة المختارة، حيث تتحول المفردة إلى أثر، والصورة إلى قلق، والمعنى إلى سؤال.
حين نقرأ فتحي عبد السميع، لا نُفكر في الجنوب كجهة، بل كوعي. الجنوب في قصيدته ليس موقعًا على الخريطة، بل شجرة أنساب، حيث ينبت الشعر من رماد الأسطورة، ومن صدأ الأيام، ومن الذكرى التي لا تموت. نشأته في محافظة قنا، بين أطياف القرى وجراح المدن الصغيرة، صاغتْ فيه هذا التوازن العجيب بين الحنين والحذر، بين التعلق بالجذور، والارتياب من ظلالها الطويلة.
هو لا يمارس الفولكلور، ولا يستعيد الجنوب بصفته مادة خامًا، بل يُعيد كتابته من الداخل، كما لو كان الجنوب نفسه من يكتب، عبر صوته، مرثيته للزمن. ولهذا نجد في قصائده تواترًا للمكان لا بوصفه حقلًا للحنين، بل كمجالٍ للكشف، وإعادة النظر. لا نجد الجنوب في النخيل فقط، بل في صمت النسوة، في عرق الفلاح، في مكر الأمثال، في غبار الطرقات، في ضحكات العجائز الملتبسة.
إنّ الجنوب عند عبد السميع ليس ديكورًا، بل ذاكرة كونية تُختزل في لقطة: باب مغلق، ظل على الجدار، عكاز في الزاوية، مشهد يُغني عن ألف رواية.
القصيدة عند فتحي عبد السميع لا تبدأ من اللغة، بل من الصمت. ولعلّ هذا ما يمنحها تلك الهالة الخفيّة، ذلك التردد الحزين الذي يسكن خلف الصور، ويمرّ في الخلفية كما يمرّ شبح في مرآة. كأنّ الكتابة عنده ليست فعل كلام، بل طقس إصغاء. الإصغاء إلى ما لم يُقل، إلى ما اختبأ في العادي واليومي والمُهمل.
هو شاعر التفاصيل الصامتة، لا يرفع صوته، لكنه يرفع وعينا. لا يُكثر من الزينة البلاغية، ولا يستعرض عضلاته اللغوية، بل يقدّم بيت الشعر كمن يُقدّم ماءً نقيًّا خرج توا من بئر مهجورة. الشعر لديه لا يحتفل بالعاطفة، بل يراقبها، ولا ينفعل، بل يُدبّر، ولا يبني أمجاده على الخراب، بل يُنصت إليه ليعرف كيف يُشفى.
هذه النزعة إلى الإنصات تمنح شعره خصوصية ما، وتُبعده عن خطابات الشعر الجاهزة: لا رثاء أجوف، لا بطولة، لا صراخ، بل إعادة اكتشاف للبساطة كقيمة، وللعادي كمأساة.
فتحي عبد السميع ليس شاعرًا فقط، بل هو عارف، بالمعنى الصوفي للكلمة. تتجلى هذه المعرفة في اشتغاله الطويل على الأمثال الشعبية، وقدرته النادرة على تفكيكها، لا باعتبارها أقوالًا ساذجة، بل كنصوص مكثفة اختزلت أعمارًا وتجارب.
الحكمة عنده ليست خاتمةً جاهزة، بل مسارٌ للانتباه. وهو حين يقترب من الموروث، لا يحنطّه ولا يتباهى به، بل يُزيل عنه الغبار، ويُعيد إليه دفء الاستعمال، ويُخضعه لأسئلته الخاصة. ولهذا فإنّ قصيدته في جوهرها، تكتب الذات وهي تتأمل الجماعة، وتستدعي الجماعة وهي تُنصت للذات.
قلما نجد شاعرًا معاصرًا يمنح اللغة كل هذا الاحترام الهادئ. عبد السميع لا يتعامل مع اللغة كوسيلة، بل كقيمة. لا يستعجل الصورة، بل يُنضجها على نار النظر الطويل، ولا يُراكم المجاز، بل ينتقيه كمن يقطف عنقودًا واحدًا من عنبٍ كثير. في الوقت الذي يُحتفى بالجرأة الفارغة والانزياح المستهلك، تبدو لغته نظيفة، كأنّها خرجت لتوّها من الغسيل، محمّلة برائحة قديمة.
في قصائده، الأشياء تُسمّى كأنها تُنادى باسمها الأول: الباب، القمر، الغيم، الحجر، النخلة، الظل. لكنه لا يكتفي بالاسم، بل يكشف عن الروح التي تسكنه. يُعيد للأشياء براءتها المفقودة، كما لو أنّه يربّت عليها، ويُطمئنها: ما زال هناك من يراها.
ليس كثيرًا أن يكون الشاعر ناقدًا، لكن القليل منهم من يستطيع الفصل بين الصوتين. فتحي عبد السميع يفعل ذلك بتوازن لافت. نقده لا يُخضع الشعر للمنطق، بل يحاور الشعر من داخله، يستنطقه، ويضيء زواياه الخفية. وهو حين يكتب عن شعراء آخرين، لا يمارس سلطة، بل يُشبه من يُنصت، ثم يُعلّق بصدق، ولو على حساب التواطؤ النقدي السائد.
هذه المزاوجة بين التجربة الشعرية والرؤية النقدية، منحت نصّه اتزانًا فريدًا، وصيرته شاعرًا لا يمشي خلف موضة، ولا يُعاد إنتاجه. بل ظل وفيًّا لصوته، لهذا النبع السريّ الذي لا يجري في نهرٍ واحد.
في شعره، نلمح الحكاية التي لم تُروَ، النخلة التي لم تُرَ، القمر الذي لم يُكتَب، والأم التي تمشي في الحقل من دون أن تنتبه أنها قصيدة تمشي. في شعره، ينسى القارئ أنه يقرأ، ويشعر فقط أنه يصغي، وأنّ هناك شيئًا حقيقيًا يحدث، شيء نادر، لا اسم له، لكنه يُشبه الحياة حين تصير أكثر جمالًا مما ينبغي.