حرب على الأطفال وأحلامهم في غزة
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
كانت أسماء الأطفال الذين استشهدوا في قطاع غزة تمر على شاشة كبيرة وكأنها نحيب وعويل وموسيقى حزينة تئن من وجع اللحن.
فما يمر فيديو قصير لطفل فلسطيني فقد قدميه وسط شارع رئيسي في عاصمة أوروبية، وكأنه صرخة لإيقاظ الناس من سباتهم لما يجرى في غزة من إبادة وجرائم حرب تثير الغضب على السياسيين الذين يرقصون على دقات وطبول مصالحهم، من خلال معاناة غزة.
ليسوا أرقاما، وليسوا بيانات في سجلات الإحصاءات، أو تقارير جوفاء وصماء في خزائن وأرفف المنظمات الأممية والدولية والمجتمع المدني.
ليسوا موضوع ندوة أو جلسة عصف ذهني تقام في قاعة فندق خمس نجوم يحضرها رجال يرتدون السموكنج وربطات العنق وسيدات متأنقات بتكلف.
ليسوا إضرارا جانبية، أو نتيجة من نتائج الحرب، أو ضحايا سقطوا بنيران مجهولة.
أجساد غضة طرية وناعمة تفوح منها رائحة الجنة تواجه تحديا ثلاثيا، القصف الإسرائيلي وما ينتج عنه من موت وتشويه ودمار، والجوع بسبب الحصار ومنع المساعدات الإنسانية، والأمراض التي انتشرت بسبب تدمير البنية التحتية واستهداف المستشفيات التي خرجت في غالبتيها من الخدمة.
نحو 12 ألف من الأطفال قضوا شهداء من بين 35 ألف شهيد ومفقود إما في الأسر أو تحت الركام، على امتداد مساحة قطاع غزة البالغة 365 كيلو مترا مربعا.
عدد فاق عدد الأطفال الذين قتلوا في حروب أخرى بعشرات المرات، وحتى نتخيل الرقم فقد نشرت مجموعة نشطاء في بريطانيا، آلاف القطع من ملابس الأطفال على شاطئ بورنموث الإنجليزي، تضامنا مع الشهداء الأطفال في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وكان الآلاف من ملابس الأطفال، مصفوفة إلى جانب بعضها البعض، على الشاطئ بطول 5 كيلومترات.
لو وقف هؤلاء الأطفال الشهداء إلى جانب بعضهم البعض فسيكون أخرهم على بعد أكثر من 5 آلاف متر عن مكان وقوف الشهيد الأول.
إلى جانبهم أطفال شهدوا وفاة أحبائهم، وآباء دفنوا أطفالهم، وأجساد أطفال ممزقة أخرجت من بين الأنقاض والدخان ورائحة الموت والفسفور الأبيض.
وأكثر من 10 أطفال في المتوسط يفقدون إحدى ساقيهم أو كلتيهما كل يوم في غزة منذ نحو 120 يوما، في حين تتم العديد من عمليات البتر دون تخدير لعدم توفره في المستشفيات نتيجة للحصار ومنع دخول المساعدات.
آلاف الأطفال المعاقين، وعشرات الآلاف في حالة صدمة إلى الأبد نتيجة ما رأوه من مصائب تشيب حتى رؤوس الرجال الأشداء.
أطفال استشهدوا ولم يمضي على ميلادهم أياما، وبعضهم لم يحتفل حتى بعيد ميلاده الأول.
يقول جيسون لي، المدير الإقليمي لـ "أنقذوا الأطفال في الأراضي الفلسطينية”: "إن معاناة الأطفال في هذا الصراع لا يمكن تصورها، بل أنها غير ضرورية ويمكن تجنبها بالكامل. كما أن قتل الأطفال وتشويههم أمر مدان باعتباره جريمة خطيرة، ويجب محاسبة مرتكبيها".
وتكتظ المستشفيات ومراكز الإيواء والطرقات بالأطفال وآبائهم الذين يحملون جروح وعلامات هذه الحرب المتوحشة غير المسبوقة التي يشنها جيش الاحتلال.
12 ألف طفل شهيد، 12 ألف حياة وأمل بمستقبل مضيء أطفئ إلى الأبد، 12 ألف حلم بدد وتلاشى تحت أصوات الطائرات والدبابات والقصف ورؤية بنيامين نتنياهو التوراتية.
ليسوا أرقاما، وليسوا مشاريع شهادة، هم أطفال يفتحون أذرعهم لألعابهم ولكتبهم ولمدارسهم ولزملائهم في الغرفة الصفية.
ينتظرون احتضان آبائهم وأمهاتهم، وقبلات الصباح والمساء، من حقهم ذلك رغم أنهم يعيشون حاليا في "أخطر مكان للأطفال في العالم" بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).
حياة كلها خوف ودماء تقتل الشعور بالطفولة، حيث لا مكان آمن، المستشفى والمسجد والكنيسة ليس مكانا آمنا، الاختباء تحت الطاولة ليس آمنا. لا توجد مخابئ قد توفر قدرا من الأمان المفقود.
أماكن الإيواء مكتظة بالأطفال الذين بعضهم جاء لوحده بعد استشهاد جميع عائلاته، ومع تعطل أنظمة الصرف الصحي والنظافة وشح الماء والوقود والغذاء يصبح البقاء على الحياة مقامرة قد تنجح بنسبة 50 بالمائة.
كل طفل في غزة قصة تحتاج لمن يرويها لمن يحكي للعالم ما يحدث لأطفال غزة الذين يعانون من الموت والبرد والجوع والحروق والإصابات واليتم والنزوح من مكان إلى أخر دون توقف.
ورغم مئات القصص التي سمعنا عنها أو شهدناها أو سمعناها، تبقى قصة الطفلة هند ذات الستة أعوام قصة متواصلة لم تكتب لها خاتمة رغم مرور أكثر من 10 أيام عليها والتي قتلت عائلتها في السيارة وحين ذهب رجال الإسعاف لنجدتها بناء على مكالمة قصيرة، اختفى أثر هند والمسعفين، ولم تتوفر حتى اليوم أية معلومات عن مصيرها ومصير المسعفين.
قصص وحكايات فظيعة ومؤلمة جعلت من إعلان حقوق الطفل الذي أقرته الأمم المتحدة، الذي يقر بحق جميع الأطفال في المأوى والرعاية الصحية والتعليم والغذاء الجيد والحماية من العنف، حبر على ورق، وترف زائد لا لزوم له.
وعلى ما يبدو أن هذا الإعلان الحقوقي خاص بأطفال العالم دون أطفال فلسطين الذين سلب الاحتلال أبسط حقوقهم لعقود.
أنهم يتحملون عبء الصراع بشكل أساسي فنحو 40% من الضحايا في غزة هم من الأطفال، هذه حرب على الأطفال، على المستقبل، على الأحلام وعلى البراءة.
الطفل الفلسطيني في غزة لا يرى حاليا سوى الموت والدمار ولا يسمع سوى أصوات القصف، أصبحت حياته طابور، طابور على الماء، طابور على الطعام، طابور على الحمامات، طابور لتلقي العلاج، طابور في انتظار بارقة أمل توقف حرب نتنياهو الشخصية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه غزة فلسطيني الأحلام فلسطين غزة أحلام الاطفال الشهداء بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه عالم الفن سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأطفال فی أطفال فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
حكاية أطفال الأنابيب (٢)
يبدأ طفل الأنابيب بالتحام الحيوان المنوي بالبويضة في المختبر، و هذا يعنى أن نحصل من مبيض الأم على بويضة ناضجة، أو مجموعة بويضات ناضجة، ثم تحضير السائل المنوي من الزوج ، واستخراج الحيوانات المنوية. بالطريقة التقليدية يجمع عدد كبير من الحيوانات المنوية مع البويضة في طبق مخبري يوفر أجواء مثالية لكى يخترق واحد من هذه الحيوانات جدار البويضة، و تلتحم المادة الجينية للحيوان المنوي بالمادة الجينية البويضة، و بمشيئة الله يحدث أن تبث الحياة في البويضة المخصّبة، و تبدأ الخلية بالانقسام إلى مجموعة خلايا، و بعد خمسة أيام من اتحاد الحيوان المنوي بالبويضة، يصبح المسمَّى جنينا، و تتم إعادته إلى الرحم.
الأغلب حاليا ألا يتم العمل بهذا الشكل التقليدى الذي شرحناه، و لكن يقوم الطبيب بعمل تلقيح مجهري، و يتم ذلك لزيادة احتمالات النجاح، و خاصة إذا كان عدد الحيوانات المنوية قليلا، أو أن هناك عيب كبير في قدرتها على الحركة، و بدلا من أن تترك المسألة لقدرة الحيوان المنوي الذاتية على اختراق جدار البويضة، يتم استخدام أنبوبة مخبرية دقيقة تحمل الحيوان المنوي و تخترق جدار البويضة ، و قد أصبح هذا هو الغالب في مختبرات أطفال الأنابيب.
في بداية تاريخ أطفال الأنابيب كانت البويضة تؤخذ من الأم التى وصل المبيض فيها إلى مرحلة إنتاج بويضة ناضجة بالطريقة الطبيعية، و حيث أن كثيرا من الأخوات لا تكتمل لديهن الدورة المبيضية بحيث نحصل على البويضة الناضجة، كان لا بد من اتباع طرق علمية تحقق اكتمال الدورة المبيضية حتى مرحلة البويضة كاملة النضج، ليتم استخراجها جاهزة للتلقيح المجهري، والسؤال كيف؟
تمكن العلم من فهم الطرق الفسيولوجية التى توصل المبيض لإنتاج البويضه الناضجة، وهذا قادنا إلى التوصل إلى صناعة الأدوية المشابهة تركيبا و وظيفة للهرمونات التي تفرزها أجهزة الجسم، و تؤدى إلى تحفيز و اكتمال الدورة المبيضية حتي نحصل على البويضات الناضجة.
و بتبسيط شديد يمكن شرح هذه الدورة الفسيولوجية كالتالي : يحتوى كل مبيض على آلاف الجريبات، و كل جريب منها يحتوى على بويضة بدائية ( غير ناضجة)، في الأحوال الطبيعية تدخل عدد من هذه الجريبات في عملية إنضاج ينتهى واحد منها أو اثنين للوصول إلى البويضة الناضجة. و لحدوث هذه الدورة و اكتمالها، فإن المبيض يكون تحت تأثير حافز يفرزه الفص الأمامي للغدة النخامية الموجودة في المخ وهو هرمون (FSH ) ، وعند الوصول إلى هذه المرحلة، يلزم إخراج البويضة الناضجة من الجريب الذي يحتويها، و يتم هذا إذا تعرضت لمؤثر يعمل كمشغل العربة، يعنى مثل طفرة فجائية، و هذا الحافز هو هرمون ( LH ) ، وهو يُفرز عند توفر شروط خاصة لها علاقة بمستوى هرمون الاستروجين الذي ينتج من المبيض، وعدم خروج هذا الهرمون في الوقت المناسب، أو خروجه قبل اكتمال نضج البويضة، يعنى عدم القدرة على الحصول على البويضة الناضجة. و هذه العمليات العبقرية التى تحدث يوميا مع آلاف الانات تخضع لإدارة منطقة في الدماغ ( hypothalamhs ) و يسميها العرب المهاد أو الوطاء، و يصدر عنها مواد تتحكم في الدورة الهرمونية التى تحدث في الغدة النخامية و من ثم في المبيض.
وعندما تم اكتشاف تركيب هذه الهرمونات و الحصول عليها بعدة طرق أحدثها طريقة الهندسة الوراثية، أصبح استخدامها يؤدي إلى الحصول على عدد أكبر من البويضات الناضجة، و هذا يزيد من فرص النجاح، كما أمكن تفادى خروج هرمون ( LH ) قبل الوقت المناسب، و ذلك باستخدام أدوية تلغى تأثير العوامل التى يفرزها المهاد،و بالتالى نصل إلى التحكم الكامل بعملية الإباضة دون تدخل الجسم، وهذا أيضا أدى إلى زيادة فرص النجاح.
SalehElshehry@