يمثل (11) فبراير، يوم ولادة الفقر والمرض والمخافة، وبداية قولبة قوانين الانتقام من شعب كسر قيد السجان والظلم، فكان النظام هدف الأقزام، وكان تدمير الجيش غاية عملاء السياسات الخارجية. حقدهم الأسود أعمى بصيرتهم أمام نصائح الرئيس علي عبدالله صالح، بأن تضارب مشاريعهم سينسف الدولة ويُغرق الشعب في وحل المجاعة والتناحر، حتى إن الشعب بات يلعنهم بكرة وعشياً بعد أن بات يتسول من المنظمات الدولية حفنة مساعدات أو حقنة دواء.

لم يتوقف شعار فوضى (11 فبراير) عند إسقاط وتفكيك الدولة اليمنية، بدستورها ونظامها الجمهوري القائم على العدل والمساواة والحرية والتطاول السلمي للسلطة، بل ركّز على إضعاف الاستجابة للتحذيرات من مثل هكذا مخاطر كان يُحذّر منها الرئيس صالح، استجابة لمخططات خارجية كانت بعض الأحزاب والجماعات في داخل اليمن ليست إلا أداة.

نسف الحلول والاتفاقات

يقول المهندس حسين بن سعد العبيدي، إن "الذين كانوا يطالبون بإسقاط النظام كحل جذري، ظل مخططهم الأخطر هو عدم قابليتهم لأي نوع من التعايش مع واقع الدولة"، والسبب من وجهة نظر العبيدي هو "محاولة منهم لمواجهة إيجاد إصلاحات قابلة للتطبيق. كانت نوايا هؤلاء منذ البداية سعيهم للاتجاه باليمن إلى الواقع المجهول".

ويضيف "العبيدي"، وهو رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الاستراتيجية: "اتجهت القوى التي فرضت واقعها الجديد بعد فبراير، وهي أحزاب اللقاء المشترك والحوثيون، لإغلاق باب الحوار الداخلي، ورسموا سياسة نسف الحلول والاتفاقات الداخلية".

ورغم الجهود التي قام بها الرئيس الزعيم علي عبد الله صالح للمحافظة على الدولة، والوصول لمقاربات مع كافة الأطراف للوصول لحلول لإزالة سبب هذه الأزمة، لكنها قوبلت برفض ثابت من قبل هذه الأطراف، وكان ذلك بالنسبة لهم خيارا لا رجعة عنه، وفقا لـ"العبيدي".

وقال العبيدي -في مقال بعنوان "نكبة 11 فبراير بداية لتنفيذ مخطط تفكيك الجيش اليمني"- "اتفقت أحزاب اللقاء المشترك والحوثيون، وكذلك وجود أطراف عميقة، خططت ورتبت لاسقاط الدولة وإعادة الامامة".

انتقام سياسي

ويؤكد العبيدي، ما وضعه الزعيم العربي البطل الرئيس علي عبدالله صالح كأولوية ما بعد 11 فبراير هو إيقاف إسقاط الدولة لأن مثل هذا المخطط يعني غرق اليمن في الصراعات التي لن تنتهي، بالإضافة إلى أهمية وجود اتفاق تحت سقف الدولة لمنع التدخل الدولي والإقليمي، وتأزم الوضع الداخلي أكثر ليذهب للفوضى والتفكك.

استمر قطع الطرقات والشوارع وتعطيل المؤسسات الاقتصادية، ومحاصرة ألوية الجيش اليمني في كل مداخل العواصم والمدن اليمنية الكبرى المكتظة بالسكان، برغبات ومشاريع فوضوية وإرهابية.

كما أن العديد من القوى -وفقا للعبيدي- وسّعت من وجودها في ظل هذا الانفلات، وكان تركيزها أنها نظرت للرئيس الصالح على أنه هو المشكلة وأن الدولة المركبة بمشاريعها المستقبلية وبخيارات المحاصصة وتقاسم الوظائف، هي التي ستغير المعادلة وهذه التوجهات كانت مشاريع الانتقام السياسي لا أكثر.

في حين يرى ناجي بابكر، عضو المكتب السياسي بحزب الشعب الديمقراطي "حشد"، أن أحزاب اللقاء المشترك بقيادة حزب الإصلاح، ومليشيا الحوثي بزعامة عبدالملك الحوثي، اختاروا سياسة الضغط لتفكيك الدولة، والتزموا لبعضهم على خيار إسقاط النظام بهيكله الجمهوري والديمقراطي والوحدوي الذي كان الزعيم الشهيد "علي عبدالله صالح" - رحمه الله- يمثل حارسه الأمين، لإدراك هذه الجماعات الدينية والعقائدية والطائفية أن "صالح والنظام الجمهوري" عقبة أمام المشاريع الصغيرة المدعومة خارجيا.

وأشار بابكر، خلال حديث لوكالة خبر، إلى أن الزعيم الشهيد كان يدرك خطورة المشروع المخطط له، وأثره في الدفع بالبلاد إلى مربع الحروب والصراعات التي حذر منها كثيراً، وكانت تلك الأحزاب والجماعات ترد عليها بتضليل وتدليس مصوّرة لأبناء الشعب أن المستقبل المشرق ينتظرهم فور تقلدهم السلطة.

وبعد نقل صالح السلطة، ومع بدء الصراعات بين الفرقاء على المناصب والمكاسب، بدأت بواعث الفشل والانهيار، فحاولت رمي اثقالها على "صالح" دون أن تردعها القيم الإنسانية أو الثوابت الوطنية، لافتقارها إلى كليها، حسب بابكر.

ويضيف: اليوم، وبعد 13 عاماً على النكبة، و6 سنوات على استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح في قيادته انتفاضة شعبية ضد الإمامة الكهنوتية، يعيش اليمنيون حالة انقسام وتشرذم وسباق على بناء كيانات متناحرة عسكرياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، في بلد تفصل النقاط العسكرية ما بين القرية والأخرى والمدينة والأخرى، في واقعة لم يشهدها اليمن منذ عقود.

وظائف وفنادق

الكاتب شائع بن وبر، يصف (11 فبراير) بـ"نكبة بامتياز وليست ثورة كما يحلو تسميتها لأصحابها"، مضيفاً: "نكبة أشعلها الشباب فأصبحوا وقودها وامتطتها الأحزاب فحصدت أهدافها وأجندتها".

وأكد الكاتب "بن وبر"، في مقال له بعنوان "11 فبراير نكبة بامتياز" أن ما تسمى بثورة فبراير "نكبة استفاد منها متزعموها ما بين استقطاب خارجي ووظائف كبرى وفنادق فارهة وفلل فخمة".

وأضاف: "أوهموا الناس بخدمات راقية فلم تعد لها باقية، واوهموهم بحياة كريمة فصارت حياة سقيمة".

ولفت في سياق مقاله إلى أن القيادات السياسية والزعامات القبلية غررت على الشباب المعتصمين -حينها- بالساحات "بخطابات واهية، وشعارات وأناشيد زائفة".

ولفت إلى أن تلك القيادات هربت إلى الفنادق والفلل الفارهة خارج البلاد، وتورمت خدودها من رغد العيش، تاركة خلفها الأرامل والجرحى، ومتناسية الشعارات الرنانة التي غررت بها عليهم.

وتساءل: "أي ثورة ستحتفلون بها وقد صرنا وقودا لحرب أُشعلت بسببكم، ولم يعد هناك بصيص أمل في حلحلتها ويعاني من ويلاتها الجميع في ظل خدمات سيئة للغاية وغلاء فاحش ومعاناة فاقت كل التوقعات؟!".

وبعد أكثر من عقد على الانزلاق في الفوضى المرعبة، أدرك اليمنيون المقلب الذي أوقعتهم فيه أحزاب اللقاء المشترك ومليشيا الحوثي الموالية لإيران.

ويجمع الكثير من اليمنيين على أنهم وقعوا ضحية شعارات كاذبة، بعد أن تخلى أصحابها عنهم وذهبوا للعيش في أرقى فنادق العواصم العربية والأوروبية، وألحقوا أبناءهم بأفضل المدارس والجامعات، في وقت لا يزال "المواطن المخدوع" يبحث -حتى اللحظة- عن منظمة دولية تمده بحفنة مساعدات غذائية، أو عقار طبي يحقن به طفله المصاب بأحد الأمراض القاتلة، التي ظهرت فجأة بعد عقود على اختفائها وتراجع الإصابات بها.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: أحزاب اللقاء المشترک علی عبدالله صالح

إقرأ أيضاً:

الحكومة اليمنية: فيلم صالح شهادة دامغة على بشاعة الحوثيين وحقيقة مشروعهم الدموي

اعتبرت الحكومة اليمنية الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة "العربية" حول الساعات الأخيرة في حياة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، شهادة تاريخية دامغة على بشاعة المشروع الحوثي، وتوثيقًا نادرًا للحظة مفصلية من لحظات الصراع اليمني، تجسدت فيها ملامح البطولة والمواجهة والخذلان معًا.

وفي أول تعليق رسمي على الفيلم، قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، في تدوينة على منصة "إكس"، إن الوثائقي يُعيد تسليط الضوء على واحدة من أبشع جرائم الاغتيال السياسي التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية بحق رئيس سابق للجمهورية، مضيفًا أن الفيلم "يكشف بوضوح الوجه الحقيقي للمليشيا القائم على الغدر والخيانة والانقلاب على كل ما هو وطني".

وأشار الإرياني إلى أن مليشيا الحوثي "لم تنتصر بقوتها العسكرية، بل بخيانة شركاء الداخل، وبالانقسامات التي مزقت الصف الجمهوري، وغياب موقف وطني موحد كان كفيلًا بإسقاط المشروع الإيراني في مهده". وأوضح أن الوثائقي "فضح طبيعة الحوثيين التي لا تؤمن بالشراكة، ولا تعترف بالعهود، وتمضي على نهج الدم والدمار لتكريس مشروعها السلالي الطائفي".

>>"المعركة الأخيرة".. وثائقي يفتح جراح الخيانة ويعيد "صالح" إلى واجهة الذاكرة اليمنية

ولفت وزير الإعلام إلى أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، رغم ما شابه من خلافات مع القوى الوطنية، قد اتخذ موقفًا شجاعًا وواضحًا في لحظة الحقيقة، عندما انحاز إلى صف الجمهورية والدولة، ورفض المساومة أو الهروب، مضيفًا: "واجه الغدر الحوثي بشجاعة نادرة، وسقط مقاتلًا في الميدان، فربح شرف الموقف، وختم حياته واقفًا لا منكسرًا".

وأكد الإرياني أن الوثائقي يمثل "أكثر من مجرد عرض سردي للحدث؛ إنه وثيقة وعي وذاكرة، تسلط الضوء على المعركة الحقيقية التي تخوضها اليمن: معركة الهوية والانتماء الوطني، في مواجهة مشروع طائفي دخيل يهدد كيان الدولة والمجتمع".

وشدد الوزير على أن "استعادة الدولة لا يمكن أن تتم دون مصالحة وطنية شاملة، تعيد توحيد الصف الجمهوري، وتغلب المصلحة العليا لليمن على الخلافات الضيقة". وختم بالقول: "الوقت قد حان لتجاوز الجراح، والالتفاف حول هدف استعادة الدولة ومؤسساتها، وإنهاء الانقلاب، وبناء يمن جديد يليق بتضحيات أبنائه".

مقالات مشابهة

  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
  • معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية
  • ضياء رشوان: الأصوات التي تهاجم مصر لا تبحث عن الحقيقة بل عن التحريض
  • تعلن نيابة ومحكمة الصومعة الابتدائية بأن على المتهمين/ نايف العبيدي ومحمد العروي الحضور إلى المحكمة
  • فيرمينو يخوض أول تدريبات مع «الزعيم»
  • رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن
  • محمد أبو العينين: الشعب لديه وعي بكل المخططات التي تدار ضد الدولة
  • الحكومة اليمنية: فيلم صالح شهادة دامغة على بشاعة الحوثيين وحقيقة مشروعهم الدموي
  • أفضل سورة للرزق بعد صلاة العصر.. اقرأها الآن لتودع الفقر والشقاء