غزة- "مارس العدو أقصى درجات الحرب النفسية بالتلويح بنقل العملية العسكرية إلى منطقة رفح، وذلك في إطار الضغط على المقاومة". هذا مثال من منشورات "الجبهة الداخلية" التي تبثها يوميا على حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي، بنصائح وتوجيهات تهدف إلى "تمتين جبهتنا الداخلية وحماية ظهر مقاومتنا ودرء ما يحاك ضدها من حرب نفسية معادية" حسب تعبيرها.

وتحت مسمى "الجبهة الداخلية-قطاع غزة"، تم إطلاق حسابات على مختلف منصات التواصل الاجتماعي في 6 فبراير/شباط الجاري، تهدف إلى مواكبة كافة التطورات والأخبار المتعلقة بالحرب الإسرائيلية المتصاعدة للشهر الخامس على التوالي، ودحض ما تصفها بـ"الأخبار الكاذبة والمفبركة".

وتتخذ "الجبهة الداخلية" شعارا لها خارطة لقطاع غزة باللون الأخضر مع مثلث باللون الأحمر، تميزت به مقاطع مصورة توثق العمليات الفدائية لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ووسمت شعارها بـ"شعب يحتضن المقاومة".

ابتزاز إسرائيلي

بدا لافتا نشاط حسابات الجبهة الداخلية خلال الأيام الماضية، حيث تناولت رد المقاومة على "اتفاق الإطار" لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار. وهذا الاتفاق يهدف إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية الدامية والمدمرة التي اندلعت عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

وفي منشورات متعددة، ربطت "الجبهة الداخلية" بين تلويح دولة الاحتلال بعملية عسكرية برية واسعة في مدينة رفح، ومحاولتها ابتزاز المقاومة لتقديم تنازلات بخصوص أي اتفاق محتمل للتهدئة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وتقول الجبهة الداخلية "من غير المرجح أن يذهب العدو لاجتياح كامل لرفح، بل سيستمر بالتلويح بدخولها، أو الإقدام على محاولات لدخول محدود شرقي رفح أو أجزاء منها، حيث إنها آخر أوراق الضغط العسكري بالنسبة لجيش العدو".

وتستند الجبهة الداخلية في هذا الترجيح إلى أن "العدو هدد باجتياح المنطقة الوسطى، وانسحب دون الوصول لأكثر من 50% منها".

قوبلت العملية العسكرية البرية التي تلوح بها دولة الاحتلال في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر، برفض وتحذير دوليين، خشية وقوع مجازر بحق المدنيين في هذه المدينة التي تؤوي أكثر من مليون فلسطيني يمثلون نصف تعداد سكان القطاع المقدر بـ 2.2 مليون نسمة.

الجبهة الداخلية:

تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن عملية عسكرية وشيكة في مدينة رفح والتي يتواجد بها أكثر من مليون ونصف فلسطيني، هي فقط لكسب الوقت ومزيد من الضغط على حركة حماس للقبول بالهدنة التي ترغب بها إسرائيل بشكل عاجل، دون تحقيق أي مكاسب للمقاومة الفلسطينية التي كبدت الجيش…

— مِ. (@ma_loolla) February 9, 2024

حماية الجبهة

يتداول الصحفيون والنشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بيانات تنشرها "الجبهة الداخلية" بقضايا حياتية وتتبع تحركات جيش الاحتلال في الميدان لتوجيه السكان وتنبيههم بأماكن الخطر وحركة السفر عبر معبر رفح البري وتوفير إحصائيات متعلقة بشاحنات المساعدات الإنسانية.

في ظل الانقطاع المتكرر لخدمات الاتصالات والإنترنت، وعدم توافرها أو رداءتها لدى غالبية الناس في غزة، تساعد بيانات الجبهة الداخلية ومنشوراتها اليومية في سرعة وصول المعلومة إلى أصحابها والمهتمين بها، خاصة فيما يتعلق بسفر المرضى والجرحى عبر المعبر.

وتفرد الجبهة الداخلية مساحة من تغطيتها اليومية لجهود محاربة الاحتكار وارتفاع الأسعار بصورة يصفها الغزيون بأنها "جنونية"، وضاعفت من معاناتهم وآلامهم خلال شهور الحرب الماضية.

وفي سياق متصل كانت  الجزيرة نت قد رصدت تكثيف الأجهزة الأمنية في مدينة رفح من مرافقتها لشاحنات المساعدات التي ترد من معبر رفح البري مع مصر، لمنع اللصوص الذين يعترضون طريقها ويستولون عليها ويبيعونها بأسعار خيالية.

وتقول أوساط محلية إن استهداف جيش الاحتلال لسيارات الشرطة واغتيال مسؤولين وعناصر من وحدات تأمين هذه المساعدات يهدف إلى "إثارة الفوضى".

واغتالت إسرائيل، صباح اليوم السبت، 3 من مسؤولي جهاز المباحث في شرطة مدينة رفح، وذلك بعد أيام قليلة على استهداف سيارة شرطة وقتل 6 عناصر فيها، واستهداف سيارة مدنية لمسؤول في شرطة المدينة.

وضجت منصات التواصل الاجتماعي بمواقف وآراء متوافقة حول الهدف من هذا الاستهداف للشرطة، وقال يحيى العزازي "يبدو الهدف نشر الفوضى بشكل كامل، أعان الله كل من يحاول نشر الأمن وتسهيل حياة الناس، وحسبنا الله ونعم الوكيل".

ويتفق محمد غريب مع العزازي على أنها "محاولة لنشر الفوضى"، خاصة في رفح التي تؤوي أكثر من مليون فلسطيني.

ويقول محمد فروانة "الاحتلال يصنع الفوضى، ويقتل كل من يحاول تنظيم البلد ومحاربة هذه الفوضى". ويقترح مصطفى جبر "تشكيل لجان من الكفاءات والمتطوعين داخل الأحياء والأسواق والطرقات، والحفاظ على ما تبقى من الجبهة الداخلية في ظل هذا الاستهداف لقيادة الشرطة".

دعاية مضادة

وظهرت "الجبهة الداخلية" لأول مرة في مايو/أيار من العام الماضي، عندما أعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني التي تديرها حماس في غزة عن إطلاق منصة باسم "الجبهة الداخلية"، وقالت إنها جاءت في إطار الحرص على توفير المعلومات والرواية الرسمية بالأدوات المناسبة للمواطنين في ظل العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، و"بما يسهم في تثبيت الجبهة الداخلية الفلسطينية وقطع الطريق على مروجي الشائعات، ولتعزيز نوافذ التواصل مع المواطنين".

وقالت في حينه، إن "المنصة ستكون مخصصة لنشر البيانات والمعلومات في شتى المجالات التي تخدم المجتمع الفلسطيني خاصة في أوقات التصعيد والعدوان الإسرائيلي وحالات الطوارئ".

وكان"المكتب الإعلامي الحكومي" قد شدد على ضرورة وقوف الجميع أمام مسؤولياتهم، وقال في بيان وجهه للغزيين "احرصوا ألا تخذلوا شعبكم وقضيتكم، ولا تكونوا عونا للاحتلال بالانجرار خلف وسائل دعايته وأدوات حربه النفسية".

واختفت بيانات هذه المنصة طوال شهور الحرب الماضية، إلى أن تم تفعيل حسابات جديدة باسم "الجبهة الداخلية" على منصات "تليغرام" و"واتساب" و"إكس" و"فيسبوك".

وقال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة للجزيرة نت، إن منصات الجبهة الداخلية تعمل في مسارين اثنين، الأول "هو إسناد الجبهة الداخلية في رسائل موجهة للمواطنين وشعبنا الفلسطيني هنا في قطاع غزة وذلك من خلال توجيهه لتعليمات صحيحة ينبغي الالتزام بها واتباعها حفاظا عليهم، وعلى أسرهم وعائلاتهم الكريمة، وكذلك تقديم المعلومات والإرشادات التي يحتاجها أبناء شعبنا الفلسطيني في ظل حرب الإبادة الجماعية العدوانية ضد شعبنا الفلسطيني".

والمسار الثاني الذي حدده الثوابتة للجبهة الداخلية هو "صد الشائعات والأخبار الزائفة التي تنشرها آلة الدعاية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، وكذلك تفنيد الأكاذيب التي ينشرها الاحتلال ومواجهة الحرب النفسية التي يمارسها الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني".

وقال المسؤول الحكومي إن "الهدف الأساسي من وراء هذه المنصات هو تثبيت وإسناد الجبهة الداخلية ومواجهة الحرب النفسية والدعاية التابعة للاحتلال الإسرائيلي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: منصات التواصل الاجتماعی الجبهة الداخلیة فی مدینة رفح

إقرأ أيضاً:

الجبهة الداخلية إدارة طوارئ في إسرائيل تُعنى بحماية المدنيين

الجبهة الداخلية قيادة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي، تأسست عام 1992 عقب حرب الخليج الثانية، تعمل على تدريب المدنيين -بالتعاون مع المؤسسات المدنية- على كيفية التعامل مع حالات الطوارئ. تشمل وحدات وألوية متخصصة، منها لواء البحث والإنقاذ الذي تأسس عام 2013، ووحدة التكنولوجيا والابتكار والوحدات اللوجستية.

نشأة وتأسيس الجبهة الداخلية

تأسست الجبهة الداخلية في فبراير/شباط 1992، عقب حرب الخليج الثانية، تبرز مهامها الرئيسية في إنقاذ الأرواح وتعزيز صمود المدنيين في إسرائيل أثناء الحروب وفي حالات الطوارئ.

كانت المسؤولية المدنية أثناء الحروب تقع على عاتق "الدفاع المدني" الإسرائيلي، الذي تأسس بعد حرب عام 1948، لكن لم تُختبر قدراته بشكل جوهري حتى حرب الخليج الثانية عام 1991، عندما تعرضت تل أبيب وحيفا لقصف صواريخ سكود العراقية، مما كشف عن عدم فعالية الأنظمة القديمة للإنذار المبكر التي كانت تعتمد على تقنيات بدائية تعود لحقبة الحرب العالمية الثانية.

في أعقاب هذه الأحداث، أُنشئت قيادة الجبهة الداخلية باعتبارها قيادة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي، وتتولى المسؤوليات المدنية في حالات الطوارئ والحروب، بينما تتفرغ باقي أفرع الجيش للمهام العسكرية.

وخُصص لها مقر قيادة رئيسي في مدينة الرملة، إضافة إلى 6 مقار فرعية، وكلية عسكرية للتدريب، ونحو 65 ألف جندي غالبيتهم من قوات الاحتياط.

جنود إسرائيليون من وحدة قيادة الجبهة الداخلية أثناء تدريبهم على الحرب الحضرية في قاعدة جيش تساليم (رويترز) مهام الجبهة الداخلية

تُعد قيادة هذه الجبهة جهة أساسية في تنسيق جهود الدفاع المدني والتعامل مع حالات الطوارئ، كما تتعاون بشكل وثيق مع عدد من المنظمات الرئيسية المختصة بالطوارئ منها شرطة إسرائيل، وسلطة الإطفاء والإنقاذ، ونجمة داود الحمراء، وسلطة الطوارئ الوطنية وغيرها، لضمان استجابة شاملة وفعّالة أثناء الأزمات.

من أبرز مهام الجبهة الداخلية تدريب السكان بالتعاون مع المؤسسات المدنية على كيفية التعامل مع حالات الطوارئ، كما تضطلع بتنسيق الأنشطة بين الوزارات والسلطات المحلية والقطاع الخاص في هذا المجال.

ومن أبرز إنجازاتها تجهيز المساكن القديمة في إسرائيل بغرف محصنة للحماية من التهديدات التقليدية والكيميائية.

الهيكل التنظيمي

يقود الجبهة الداخلية ضابط برتبة عقيد يكون عضوا في هيئة الأركان العامة، ويتولى الإشراف على عمليات تدريب وتشغيل وحدة الإنقاذ المحلية التابعة لقوات الجيش الإسرائيلي، التي تتألف من جنود احتياط.

وتكون في حالة تأهب دائم على مدار الساعة طوال أيام السنة، وتُستدعى في حالات الطوارئ لمهام الإنقاذ العاجلة في إسرائيل وخارجها.

تضم الجبهة 26 كتيبة إنقاذ موزعة على مناطق متفرقة، و13 كتيبة متخصصة في الدفاع ضد الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وتدير 14 مستشفى عسكريا، و8 كتائب مشاة خفيفة، و6 وحدات لوجستية يقوم عليها جنود احتياط.

أعضاء فرقة "كوفيد 19″وهي جزء من قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي في مقرهم بمدينة الرملة عام 2020 (الفرنسية)

إضافة لـ4 كتائب مقاتلة، تضم الجبهة أفرادا من رجال ونساء مدربين على مهام المشاة والإنقاذ والدفاع الجوي.

وتشمل الجبهة الداخلية وحدات وألوية متخصصة منها:

لواء البحث والإنقاذ: لواء متخصص في مهام الإنقاذ في الحالات الطارئة والمناطق الخطرة داخل إسرائيل وخارجها، تأسس عام 2013. كان نشطا أثناء حرب "الجرف الصامد" على قطاع غزة عام 2014، كما أرسل وفدا من الجنود والضباط إلى المكسيك في أكتوبر 2017 للمساعدة في جهود الإنقاذ بعد الزلزال المدمر. وحدة التكنولوجيا والابتكار: تعتمد الجبهة الداخلية على أحدث التقنيات منها أنظمة الإنذار المبكر وتطبيقات الهواتف الذكية، لتنبيه المدنيين على التهديدات المحتملة وتزويدهم بالمعلومات في الوقت المناسب. الوحدات اللوجستية: توفر الدعم والإمدادات الضرورية أثناء الأزمات. مناطق انتشار الجبهة الداخلية

تتوزع قيادة الجبهة على 5 مناطق رئيسية، وهي المنطقة الشمالية، منطقة حيفا، منطقة القدس والوسطى، منطقة دان، والمنطقة الجنوبية. والهدف من توزيع القيادة في هذه المناطق هو ضمان التواصل الدائم مع السلطات المحلية.

كل منطقة تنقسم بدورها إلى عدة مناطق فرعية، كما توجد كتائب احتياطية مدربة على عمليات الإنقاذ، جاهزة للتفعيل في حالات الطوارئ.

تهدف هذه القيادة إلى التعاون المستمر مع السلطات المحلية ومنظمات الطوارئ والوزارات الحكومية، وذلك لضمان استعداد السكان للحالات الطارئة. يشمل هذا الاستعداد عددا من التدريبات والتعليمات اللازمة للبقاء على قيد الحياة.

الجبهة الداخلية وحرب لبنان 2006

كشفت حرب لبنان عام 2006 ثغرات كبيرة في القدرات التشغيلية للجبهة الداخلية الإسرائيلية، فقد كان يسقط أثناء الحرب نحو 120 صاروخا يوميا على إسرائيل، وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل 39 إسرائيليا وإصابة نحو ألفين آخرين.

نتيجة لذلك نزح آلاف من سكان المستوطنات الحدودية طوعا دون صدور قرار حكومي، كما لجأ كثير منهم للإقامة في خيام مؤقتة.

وركزت "الجبهة الداخلية" أثناء الحرب على عمليات البحث والإنقاذ، لكنها فشلت في توفير الحماية الكافية للسكان أو تأمين احتياجاتهم المعيشية أو تقديم الدعم النفسي والاجتماعي. كما برز ضعف التنسيق بينها وبين المؤسسات المدنية الأخرى.

مقالات مشابهة

  • الجبهة الداخلية إدارة طوارئ في إسرائيل تُعنى بحماية المدنيين
  • رسائل تكشف مخاوف أميركية مبكرة بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية بغزة
  • حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة تتجاوز 138 ألف فلسطيني
  • باحث: مشاهد الحرب والعنف بغزة تتكرر في لبنان حاليًا (فيديو)
  • الدفاع المدني بغزة: ربع مليون غارة وأسلحة محرمة أذابت أجساد الشهداء
  • وسم الحرب بدأت الآن يعتلي منصات التواصل الاجتماعي
  • الرئيس عباس: نسعى إلى الخلاص من الاحتلال والاستيطان ووقف الحرب بغزة
  • الرئيس الفلسطيني: نسعى إلى الخلاص من الاحتلال والاستيطان ووقف العدوان الإسرائيلي بغزة
  • كيف أصبح التعليم في غزة بعد عام من حرب الإبادة الإسرائيلية؟
  • الجبهة الداخلية الإسرائيلية: تفعيل صفارات الإنذار في متولا والجليل الأعلى إثر تهديدات أمنية