‏مع سماعها لإمكانية حدوث تهدئة تلوح في الأفق رفعت ريم يديها للسماء تدعو الله أن تنتهي هذه الحرب وتعود لبيتها القابع في منطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

تقول: لقد غادرت منزلي رغمًا عني بسبب القصف الإسرائيلي العنيف الذي استمر لساعات بالقرب من مكان سكني، حملت طفلي الصغير بينما أطفالي الآخرون يسيرون خلفي سيرًا على الأقدام تحت أزيز الرصاص وقصف الطائرات الحربية يخيم الخوف علينا منذ تلك الحظة حتى الآن - أردفت-: «لم أحدد قِبلتي مطلقًا لكنني تبعت السائرين من الأقارب والجيران حتى استقر بنا الوضع داخل شاحنة تقلنا إلى مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، لقد عشت أصعب 3 أشهر في حياتي، معاناة تجهيز الخيمة، نقل المياه، إشعال النار من أجل إعداد الطعام، معاناة الحصول على الطعام والدقيق، الأمراض المتكررة التي أصابت أطفالي مع عدم توفر الأدوية والمستلزمات الطبية لهم والأصعب كان كيفية التعامل مع أطفالي الأربعة في مكان لا تزيد مساحته عن أربعة أمتار يضم جميع احتياجاتنا، كنا نسكن بالقرب من مستودع وكالة تشغيل اللاجئين الأونروا في الجهة الجنوبية، بعد أيام من تواجدنا في المنطقة تم تجهيز حفرة كبيرة بالقرب من خيام النازحين لم نكن نعلم عنها شيئًا في البداية حتى رأيناها تكبر وتتسع يومًا بعد يوم لقد كانت حفرة لتجميع مياه الصرف الصحي الخاصة بالنازحين داخل مستودع الأونروا البالغ عددهم أكثر من 40 ألف نازح».

« كنت أخشى على أبنائي فبحثت مرارًا وتكرارًا عن مكان آخر أكثر أمنًا لكنني فشلت بسبب زيادة أعداد النازحين الذين توافدوا إلى مدينة رفح ونصبوا خيامهم في كل حدب وصوب».

واستطردت: «لقد تفاقمت معاناتنا بعد تراكم أكياس النفايات أمام الحفرة ذاتها فأصبحت الحشرات منتشرة ليلاً ونهارًا، الوضع البيئي كارثي للغاية ولا نعلم إن كان بند عودتنا للشمال ضمن الصفقة القادمة للتهدئة أم سنبقى نعاني الأمرَّين الحرب والوضع المزري والتهجير.

ومع دخول الحرب شهرها الخامس حياة مليون من سكان غزة نصفهم من الأطفال باتت في خطر شديد جراء الجوع الشديد والعطش وانتشار الأمراض والأوبئة والبرد الشديد بسبب غرق خيام النازحين نتيجة المنخفضات الجوية، ونقص الفُرُشِ والأغطية والخيم المجهزة، وغياب الخدمات الصحية خاصة لسكان شمال غزة الذين بات العشرات منهم يتوفون يوميًا جراء المجاعة وعدم توفر المساعدات الإنسانية والإغاثية والمستلزمات الطبية واستمرار العقوبات الجماعية.

وفي السياق ذاته أعلنت بلدية رفح في بيان لها أن طواقم العمل غير قادرة على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بسبب انقطاع الوقود وتدمير معظم الآليات، بينما تعاني مدينة غزة بأكملها من كارثة صحية وبيئية بسبب شح المياه وتراكم النفايات وتسرب الصرف الصحي وحذرت البلدية أيضًا من غرق منازل مئات الفلسطينيين بسبب استمرار تساقط الأمطار وعدم توفر الوقود كما أشارت البلدية في بيانها إلى تردي الوضع البيئي والصحي بين النازحين نتيجة انتشار النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي، هذا مع العلم أن عدد سكان مدينة رفح الأصلي هو 300 ألف نسمة في مساحة 55 كيلومترا مربعا أما الآن فقد فاق عدد سكان المدينة مليونا وسبعمائة ألف نازح.

إن تزايد النفايات الصلبة «القمامة» في مناطق النزوح وبين الخيم في جنوب قطاع غزة، في ظل العدوان المستمر على القطاع وتكدس النازحين في مدينة رفح بعد نزوح أهالي مدينة خان يونس الأسبوع المنصرم، أدى إلى وجود كميات كبيرة من النفايات الصلبة «القمامة» قرب وبجوار خيم النازحين، مع تأخر الجهات المعنية سواء بلدية رفح أو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عن إزالتها أو نقلها نتيجة الاكتظاظ وانتشار الخيم في مناطق يصعب الوصول إليها، وعدم وجود عمال نظافة مع معداتهم التي تمكنهم من الدخول بين الخيام وتجمعات النازحين المكتظة، وعدم توفر الإمكانات للنازحين من أكياس مخصصة وحاويات أو وجود أماكن لتجميع النفايات، وعدم قدرة الهيئات المحلية «البلديات وموظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» من إزالتها أو نقلها من الأماكن المخصصة بسبب قلة الوقود، وعدم قدرتهم للوصول إلى المكب الرئيسي في محافظة خان يونس، نتيجة استمرار أعمال العدوان واستهداف المدنيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، كما أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كانت تساهم بشكل محدود في نقل وإزالة بعض تجمعات القمامة، لكن ظهر مؤخرًا طفح لمياه الصرف الصحي «المجاري» قرب خيم النازحين وبين تجمعاتهم، وكذلك عدم وجود شبكات صرف صحي، وانتشار المراحيض وطفحها بين الخيام، وتستمر مشكلة معالجة مياه الصرف الصحي في ظل عدم تشغيل محطات المعالجة واستمرار عرقلة سلطات الاحتلال دخول الوقود واستمرار الهجمات الحربية الإسرائيلية، الأمر الذي يعرقل عمليات معالجة مياه الصرف الصحي في قطاع غزة.

فيما أدى تحلل العديد من جثث الشهداء في الشوارع وتحت الركام و تكدس النفايات العشوائية في الشوارع وفي محيط مراكز الإيواء وبين الخيام المكتظة في كل شبر من منطقة حي السلطان برفح فيما توقفت محطات الصرف الصحي تمامًا عن العمل بالإضافة إلى عدم توفر المياه للنظافة والاستحمام والشرب، وأدوات التعقيم والغذاء غير الصحي، فضلا عن نقص كبير في الأدوية وعدم توفر المضادات الحيوية والفيتامينات الأمر الذي ينذر بمفاقمة الكارثة الصحية والبيئية وانتشار الأمراض المعدية في أوساط النازحين قسرا الذين باتوا يعانون من كافة الأمراض الجلدية والتنفسية وأمراض الجدري والسحايا والكبد الوبائي بالتزامن مع تفاقم أوضاع مرضى الكلى والسرطان وتوقف معظم المستشفيات والعيادات الصحية وعدم قدرة الطواقم الطبية على تقديم الخدمات الصحية في ظل نقص الأدوية والمستلزمات والأجهزة وانقطاع الكهرباء والاستهداف للمستشفيات والإرهاق الشديد للكوادر الطبية وإشغال مستشفيات الجنوب بثلاثة أضعاف طاقتها.

‏ورغم التحذيرات المتواصلة التي صدرت عن مؤسسات دولية على رأسها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والقمة العربية للسلام ومنظمة الصحة العالمية، والصليب الأحمر الدولي، ومنظمة أطباء بلا حدود، ومؤسسة اليونيسيف ومؤسسة إنقاذ الطفل من الوضع الإنساني والنفسي والصحي الكارثي الذي يتعرض له أكثر عن مليونين وثلاثمائة ألف إنسان جراء استمرار العدوان على غزة إلا أن ذلك لم يثن إسرائيل عن وقف هذه الجرائم بحق المدنيين العزل في قطاع غزة.

بالتأكيد أن النازح قسرًا له الحق في بيئة نظيفة وآمنة وهذا حق أساسي من حقوق الإنسان وأن انتشار النفايات الصلبة وطفح مياه الصرف الصحي بين وقرب خيم النازحين أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة وإصابة النازحين بالأمراض الجلدية والتنفسية وقد ذكرت بعض الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية أن أكثر من (700.000) مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح فيما هناك أكثر من (8.000) حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي بسبب النزوح بالإضافة إلى وجود أكثر من (60.000) امرأة حامل مُعرّضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية مع رصد أكثر من (350.000) مريض مزمن معرضين للخطر بسبب عدم إدخال الأدوية.

كل هذا يؤكد أنه يجب على المجتمع الدولي التحرك الجاد والفاعل لإنهاء العدوان المستمر على قطاع غزة، وضمان مرور المساعدات الدوائية، والإعانات الإغاثية الإنسانية والمواد التي تحد من انتشار النفايات والوقود الكافي لتشغيل محطات المعالجة للصرف الصحي بأسرع وقت. كما يجب على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تعظيم جهودها وتوفير كافة الإمكانيات التي تساعد على تجميع ونقل النفايات الصلبة «القمامة» والوقود الكافي لتشغيل السيارات ومحطات معالجة الصرف الصحي، ومختلف أوجه النظافة العامة في مناطق النازحين حتى عودتهم إلى مناطق سكناهم.

د. حكمت المصري كاتبة فلسطينية من غزة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وکالة غوث وتشغیل اللاجئین الفلسطینیین میاه الصرف الصحی النفایات الصلبة مدینة رفح قطاع غزة عدم توفر أکثر من

إقرأ أيضاً:

استجابة لمطالبة القوات الروسية بدء مغادرة النازحين السوريين لقاعدة حميميم

سرايا - يوسف الطورة- رصد خاص - نشرت وكالة "سانا" السورية الرسمية، مشاهد توثق بدء عودة الأهالي التدريجية من مطار حميميم، مقر القاعدة الروسية، إلى قراهم وبلداتهم بريف اللاذقية، بعد فرض الأمن والاستقرار في مناطق الساحل السوري.

وكانت القوات الروسية في قاعدة مطار حميميم، طلبت من السوريين مغادرة القاعدة قائلة في بيان لها إن الظروف تحسنت وإن القاعدة ليس بوسعها إيواء هذا العدد وتقديم الخدمات لهم، وحددت يوم 16 آذار موعدا لتقديم حصص غذائية للمغادرين.

وتداول ما قيل إنها وثيقة موجهة من القوات الروسية في قاعدة "حميميم" للنازحين إليها أثناء أحداث الساحل، تطلب منهم مغادرة القاعدة.

وتشير الوثيقة إلى أن "الظروف الأمنية تحسنت، ولم يعد بالإمكان استيعاب هذا العدد أو تقديم الخدمات لهم".

وخاطبت القوات الروسية، السوريين الموجودين فيها، كما جاء في الوثيقة الصادرة، السبت، أن "الحياة في بلدكم تتحسن تدريجيا، وحكومتكم معترف بها كشرعية من قبل غالبية الدول والمجتمع الدولي، وتبذل هذه الحكومة جهودا كبيرة لحل الوضع في محافظة اللاذقية، وتشارك المنظمات الإنسانية الدولية أيضا في الجهود الرامية إلى تحقيق استقرار الحالة، وإرساء السلام وضمان سلامة حياة المدنيين وصحتهم".

وجاء في الوثيقة أن "مجلس الأمن الدولي أصدر بيانا أعدته روسيا والولايات المتحدة، دعا الحكومة السورية إلى إتخاذ تدابير لحماية المدنيين والبنية التحتية، وتم اعتماد مشروع البيان رسمياً يوم الجمعة 14 آذار/مارس أثناء جلسة علنية لمجلس الأمن".





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 897  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 16-03-2025 09:45 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
تعويض بـ50 مليون دولار لسائق توصيل أُصيب بحروق بسبب مشروب ستاربكس تخفّى بملابس نسائية ووضع المكياج .. القبض على تيك توكر شهير إمام يغضب الجزائريين .. "لا تزوجوا بناتكم لمن لا سكن ولا عمل له" بعد 9 أشهر .. مركبة تصل محطة الفضاء لإعادة الرائدين العالقين شاهد لحظة انزال العلم السوري ورفع علم طائفة... طالب أردني يصحح أخطاء علمية في أحد أهم المراجع... هدى الإتربي: أنا لست نجمة إغراء .. وسعيدة بلقب... فيديو جديد يكشف حقيقة مشاجرة أمام مسجد البنيات... بالفيديو .. إمام مسجد رواق الإمام أحمد الرفاعي... نتنياهو يقول إنه سيقيل رئيس الشاباك بسبب انعدام الثقةمكتب نتنياهو: فريق التفاوض يجري مناقشات مع مسؤولين...الأمم المتحدة: إيران تستخدم المسيرات لمراقبة النساء...ليبيا .. سجن وزير التربية والتعليم بتهم الفساد...وزارة الدفاع السورية تعمل على إعادة جميع الضباط...العراق: ضبط أكثر من طن من حبوب الكبتاغون قادمة من...الاتحاد الأوروبي حشد 35 مليار يورو كمساعدات...جنبلاط: نحذر من استخدام بعض الدروز إسفيناً لتقسيم...الصين: الكشف عن آلية رئيسية وراء علاج السرطان... دنيا وإيمي سمير غانم تجتمعان مجدداً مسلسل شارع الأعشى الحلقة 16 : الدكتور يبحث عن عزيزة... مسلسل فهد البطل الحلقة 15 .. أحمد العوضي يكشف سر... ممثلة سورية تروي مشاهداتها ومعاناتها في سجون الأسد... نجلاء بدر تتحدث عن حلم الأمومة والتبني .. وهذا ما... كيميتش: الفوز بلقب دوري الأمم "يهيئنا" لكأس العالم مرموش: نأمل التأهل إلى دوري أبطال أوروبا من هو لاعب ليفربول الذي يسعى برشلونة لضمه إلى صفوفه؟ الجعفري يحقق فضية وزنه في الدوري العالمي المصاطفة ينال فضية وزنه في الدوري العالمي تعويض بـ50 مليون دولار لسائق توصيل أُصيب بحروق بسبب مشروب ستاربكس تخفّى بملابس نسائية ووضع المكياج .. القبض على تيك توكر شهير إمام يغضب الجزائريين .. "لا تزوجوا بناتكم لمن لا سكن ولا عمل له" بعد 9 أشهر .. مركبة تصل محطة الفضاء لإعادة الرائدين العالقين اكتشاف فيروس كورونا جديد في الخفافيش بأمريكا الجنوبية مصرع 50 شخصا على الأقل بحريق في ملهى ليلي بمقدونيا الشمالية تعويض بـ50 مليون دولار لسائق توصيل أُصيب بحروق بسبب مشروب ستاربكس "لم يستسلم" .. عودة صياد تاه 95 يوماً في المحيط الهادي .. صور جريمة صادمة .. أم مصرية تخنق أطفالها ثم تُعد السحور ممرض ألماني قتل مرضاه لكي لا يزعجوه ليلًا

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • استجابة لمطالبة القوات الروسية بدء مغادرة النازحين السوريين لقاعدة حميميم
  • «القاهرة الإخبارية»: غزة تواجه كارثة إنسانية مع استمرار الحصار والتصعيد العسكري
  • تفاقم أوضاع النازحين في النيل الأبيض بسبب نقص الماء والغذاء
  • وفاة طفل سقط في الصرف الصحي وسط ميسان
  • صور.. مدبولي يتفقد إنشاء محطة الصرف الصحي الصناعي بالعاشر من رمضان
  • رئيس الوزراء يتفقد أعمال إنشاء محطة الصرف الصحي الصناعي بالعاشر من رمضان
  • رئيس الوزراء يتفقد أعمال إنشاء محطة الصرف الصحي الصناعي بالعاشر من رمضان.. صور
  • كارثة بيئية وصحية تهدد الحياة في غزة جراء تجمع المياه العادمة
  • رئيس مدينة مطاي تتابع سير العمل بمشروعات الصرف الصحي
  • غزة تواجه كارثة بيئية مع استمرار الحصار ونقص الوقود