النازيون الجدد.. والمحارق الفلسطينية
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
ليت هند رجب التي أحرقت نيران الإجرام الإسرائيلي طفولتها تكون جرس إنذار يوقد الضمير الإنساني من توحشه؛ ليستيقظ ويرى بأم عينه أن النازية التي حاربها العالم في النصف الأول من القرن الماضي تعود من جديد محملة بكل أحقاد التاريخ وأوهامه، وترتكب اليوم أبشع من كل الجرائم التي ارتكبها النازيون الأوائل أمام مسمع ومرأى العالم المتحضر الذي يحتفل في كل لحظة بإنجازاته العلمية ومنجزه السياسي الأكبر المتمثل في الديمقراطية الليبرالية التي يفترض وفق أدبياتها أنها تحتفي بإنسانية الإنسان وبحقوقه وكرامته.
لقد عاش اليهود وهم المظلومية لسنوات طويلة في التاريخ قبل الهولوكوست وبعده، ومن كثرة ترديدهم تلك المظلومية التي وقعت عليهم تلبسوها في أبشع صورها؛ لذلك يرتكبون اليوم أبشع من جرائم النازيين والفاشيين، وأبشع من كل الجرائم التي ارتكبتها البشرية منذ آدم إلى اليوم.
كانت هند بنت السنوات الست تكمل مكالمة هاتفية مع موظفة الإسعاف في الهلال الأحمر بعد أن وجدت نفسها بين جثث مجموعة من أفراد عائلتها في سيارة استهدفها جيش الاحتلال.. أخبرت هند موظفة الهلال الأحمر أن أفراد عائلتها المرافقين لها في السيارة استشهدوا، وكانت تقول للموظفة وهي ترتجف من الخوف: «خذيني تعَالي.. أمانة خايفة تعالي.. رني على حدا يجي يأخذني»، وبقيت هند على الخط لمدة ثلاث ساعات فيما أخذ الهلال الأحمر إذنا عبر وسطاء للذهاب لإنقاذها.. ورغم إعطاء الإذن إلا أن النازيين الجدد أرادوا تحويل الموضوع إلى لعبة يتسلون بها.. فانتظروا حتى وصلت سيارة الإسعاف إلى جوار هند التي فرحت للوهلة الأولى أن ستنجو من القصف الذي يحيط بها من كل مكان.. وفي ذروة المشهد المأساوي قامت قوات الاحتلال الصهيوني باغتيال هند واستهداف سيارة الإسعاف ثم تفجيرها بمن فيها.. استشهدت هند واستشهد خمسة من أفراد أسرتها واستشهد اثنان من المسعفين الذين خرجوا لإنقاذها.
ورغم أن مأساة هند ليست الوحيدة في قطاع غزة ولكنها يمكن أن تعطي تصورا لهول المآسي التي يعيشها الفلسطينيون جراء جرائم الاحتلال النازي. ولأن قصة هند لقيت متابعة منذ لحظة اختفائها قبل 12 يوما من قبل الكثير من الناشطين في مختلف العالم فإنها كفيلة بأن تدق جرس الإنذار، وتحاول جعل العالم يستوعب حجم الجرائم التي ترتكب في فلسطين، وحجم الجرائم التي تستعد إسرائيل النازية لارتكابها في رفح التي أجبرت أكثر من مليون فلسطيني للنزوح إليها وهي تستعد الآن لجريمتها الكبرى باجتياح رفح المكتظة بالنازحين وتسجيل أكبر كارثة إنسانية متوقعة.. رغم أن إسرائيل ترتكب في اليوم الواحد أكثر من عشر مجازر لا تقل فظاعتها عن أي مجزرة عبر التاريخ.. وهي الآن تشعل الأفران بوقود الغرب لحرق مئات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء.. ولكن لا أحد يتكلم، بل إن الغرب القادر على كبح نازية إسرائيل يدعم بقوة «دفاع إسرائيل عن نفسها».
ويعرف الكثير من العرب ممن يحتفون بالذاكرة ولا يركنون إلى النسيان تاريخَ الغرب الإمبريالي المتوحش الذي رافق صعوده التكنولوجي وتقدمه العلمي الكثير من المجازر الدموية وسلب خيرات الشعوب وتدميرها.. وحجم الجرائم التي ارتكبتها الإمبريالية الأوروبية في العالم العربي وفي أفريقيا وفي بقاع كثيرة من آسيا لا يمكن أن تنسى مهما تجاوزتها الشعوب من أجل أن ترمم حاضرها الذي لم يخلُ من مجازر جديدة راح ضحيتها ملايين الأبرياء كما حدث في أفغانستان والعراق على سبيل المثال؛ لذلك لا يمكن أن يتوقع أحد أن يمنع الغرب نازية إسرائيل وتوحشها وهوسها بالقتل والدمار وشرب الدماء.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجرائم التی
إقرأ أيضاً:
لأبراهام مانغيستو الذي أفرجت عنه حماس اليوم قصة مختلفة... فما هي؟
بعد أكثر من عشر سنوات من الأسر في غزة، تم تسليم الجندي الإسرائيلي أبراهام مانغيستو (38 عامًا) من أصول إثيوبية إلى الصليب الأحمر الدولي، وذلك ضمن الدفعة السابعة من اتفاق وقف إطلاق النار. فما قصته؟
تنتهي مع تنفيذ المرحلة الأخيرة من هذه الصفقة معاناة طويلة لعائلة أبراهام مانغيستو، التي اتهمت إسرائيل بالتعامل العنصري مع قضية ابنها، مشيرة إلى أن لون بشرته كان سببًا في قلة الاهتمام الإعلامي بقضيته.
من "الهجرة السرية" إلى الأسروُلد مانغيستو في إثيوبيا عام 1986، وهاجر مع عائلته إلى إسرائيل في سن الخامسة، ضمن عملية" سليمان" السرية التي نقلت آلافًا من يهود الفلاشا الإثيوبيين إلى إسرائيل عام 1991. عاش الرجل في مدينة أسدود قبل أن ينتقل إلى كيبوتس "بن ياغير"، حيث خدم لاحقًا في الجيش الإسرائيلي.
لكن حياته تحولت بشكل جذري بعد وفاة شقيقه الأكبر ميخائيل عام 2011، ما دفعه للانغلاق على نفسه، ليصبح "شبحًا" بعيدًا عن الاهتمام داخل مجتمعه.
في سبتمبر/أيلول 2014، وبعد أشهر من الحرب الإسرائيلية مع غزة، دخل القطاع، ليبدأ رحلته في الأسر.
لم تُعلن إسرائيل عن اختفاء مانغيستو إلا بعد مرور 9 أشهر من أسره، وذلك بعد أن أجبر قاضٍ إسرائيلي على الكشف عن القضية مطلع 2015.
هذا التكتم أثار غضبًا شعبيًا في إسرائيل، حيث قالت عائلة الأسير في وقت سابق: إن "الجيش كان سيبذل قصارى جهده لاستعادة ابنها لو كان أبيض البشرة".
من جهتها، أكدت حركة حماس أن الحكومة الإسرائيلية لم تُبدِ أي جهد جاد للإفراج عن مانغيستو، بل تجاهلته تمامًا في المفاوضات السابقة.
وفي عام 2023، بثت حركة حماس مقطعًا مصورًا يظهر الجندي أبراهام مانغيستو وهو يصرخ قائلاً: "إلى متى سأظل هنا؟ أين دولة إسرائيل منّا؟!"، ليظل في الأسر حتى تم إدراج اسمه في صفقة تبادل الرهائن التي جرت اليوم السبت.
كما تضمنت الصفقة الإفراج عن 5 رهائن آخرين مقابل أن تطلق إسرائيل سراح 602 من الأسرى الفلسطينيين.
رغم الإفراج عنه، تظل قضية مانغيستو جدلاً في المجتمع الإسرائيلي، خاصة في صفوف اليهود الإثيوبيين الذين يشكلون نحو 2% من السكان ويعانون التهميش منذ عقود.
عائلة الرجل كانت قد نظَّمت وقفات احتجاجية خلال السنوات الماضية، أمام مقر رئيس الوزراء، رافعة شعارات مثل: "دماء الإثيوبيين ليست رخيصة!"، في تحدٍّ صريح لما تقول إنها سياسة التفريق العنصري داخل الجيش.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاحنات المساعدات الإنسانية تدخل غزة تزامنًا مع تسليم حماس جثث 4 أسرى إسرائيليين إسرائيل تطرح مناقصة لبناء نحو 1000 وحدة استيطانية جديدة جنوب مدينة بيت لحم بالضفة الغربية نتنياهو: إسرائيل أمام فرصة تاريخية لـ"تغيير وجه الشرق الأوسط" مع تعيين قائد جديد للجيش قطاع غزةحركة حماسإسرائيلإثيوبياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني إطلاق سراح