مؤيد الزعبي **

كلما تطورت التكنولوجيا والتقنيات الحديثة تتغير معها قواعد اللعبة في عالم الشهرة والنجومية، فعندما ظهر التلفزيون والسينما اتسعت دائرة الشهرة والنجومية، وعندما ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي انفجرت دائرة الشهرة والنجومية وبات للنجومية أساليب ووسائل وطرق وتكتيكات وحتى منصات وشركات وصناع، والآن مع ظهور وسائل الذكاء الاصطناعي وتقنياتها المتقدمة فمن الطبيعي أن يشهد هذا المجال تطورًا وتغييرًا.

وأجد أن من أهم الأشياء التي يجب أن نستعد لها أن لا ننظر للشهرة على أنها حكر على البشر؟ بل للروبوتات وللمشاهير الآليين نصيبًا كبيرًا منها، وغدًا سيصبح هؤلاء المشاهير ينافسون وبقوة في صناعة الترفيه والإعلام ونجد صورهم وأخبارهم وأغانيهم وأفلامهم تتصدر الشاشات والمجلات ومنصات التواصل.

من يتابع التطورات التي حصلت في أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي وقدرتها على محاكاة الأصوات والغناء وقدرتها على إنشاء مقاطع الفيديو أو حتى تعديلها بطرق مبتكرة وغير تقليدية، وأيضًا ظهور منصات توليد الصور عن طريق النصوص، سيجد أن كل هذه التطورات ستنعكس بشكل أو بآخر في صناعة النجوم، فليس هناك ما يمنع من إنشاء مشهور إلكتروني أو آلي  يغني ويرقص ويقدم برامج تلفزيونية ويحاور كبار الشخصيات لا بل ويمكن أن يستنسخ نفسه على شكل مشاهير قد فارقوا الحياة أو يجمع بين أساليب مشاهير مختلفين برزوا في مجال معين، وحينها المنافسة على الشهرة لن تكون بين البشر أنفسهم بس أيضًا بين البشر وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي ربما ستتغلب علينا في سرعة التنفيذ والقدرة على التبديل والمحاكاة والتقليد والاستنساخ أو حتى الظهور بأساليب وأنماط ترفيهية أو فنية لم نكن نعرفها، وهذا التأثير الأول الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي في عالم الشهرة والنجومية.

أما التأثير الثاني فيتعلق بمسألة انتشار النجومية والقدرة على الوصول لشرائح أكبر وأوسع، فممثل بسيط يقوم بأدوار بسيطة وذو إمكانات بسيطة يستطيع باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي من تحسين انتشاره عن طريقة تحول أعماله للغات أو لعوالم أخرى، وربما يبدل جلدته بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي فيصبح مغنيًا ذا صوت جيد ومؤدي رقصات استعراضية، وربما يستنسخ نفسه ليكون شاعرًا وكاتبًا ومؤلفًا وربما مقدم أخبار أو محلل رياضي وكل هذا باستخدام الذكاء الاصطناعي ويوسع من دائرة أعماله وانتشاره ويصل لجمهور أكبر ويصل لشهرة أوسع، وتخيل معي عزيزي القارئ كيف سيكون حجم انتشار ممثل أو مشهور لو استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي ليدخل عوالم ومجالات جديدة، وتخيل معي أيضًا كيف يمكن إعادة إحياء الموتى من المشاهير وإدخالهم في أعمال إنتاجية جديدة حينها لن تتوقف مسيرة أي مشهور عند موته بل ربما تستمر إلى الأبد في أعمال جديدة ومتنوعة تتناسب مع كل جيل وكل حقبة.

أما التأثير الثالث والذي أجده أمرًا في غاية الأهمية ألا وهو كيف ستؤثر خوارزميات الذكاء الاصطناعي في صناعة الانتشار، وأتحدث هنا عن قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحقيق المعادلة الصعبة في فهم خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي وفهم طبيعة الجمهور المستهدف وطبيعة المحتوى نفسه وقدرة هذه الأنظمة في تحقيق انتشار أوسع وأكبر عن طريق تحليل جميع المعطيات لتجعل من المشهور أو محتوى المشهور يصل للجمهور المستهدف عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكيف سيكون للذكاء الاصطناعي اليد العليا في إدارة حملات التسويق والترويج لأي عمل فني أو تلفزيوني أو سينمائي، وكيف سيكون له اليد العليا أيضًا في إبراز دور مشهور أو فنان عن طريق تحقيق انتشار محتواه في جميع المنصات بالطريقة والأسلوب التي تتناسب مع كل منصة دون تدخل بشري، وهذا سيحقق سرعة في الأداء لا يمكن لنا كبشر أن ننافسها وهذا ما سيغير قواعد اللعبة بشكل لافت في قادم الوقت.

أيضًا من التأثيرات التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي في عالم الشهرة طريقة اكتشاف المواهب وتقييمهم وتحسين أدائهم وانتشارهم، وحينها لا أستبعد أن أجد روبوتًا أو نظام ذكاء اصطناعي يجلس على مقعد لجنة التحكيم في برنامج عرب ايدول أو أكس فاكتور أو غيرها من برامج اكتشاف المواهب، وأيضًا ستلعب أنظمة الذكاء الاصطناعي لعبتها القوية في طريقة تفاعل المشاهير مع المعجبين ولا أستبعد أن أجد "شات بوت" يجده مشهورًا معينًا ليرد على معجبيه ويحاورهم ويتحدث معهم، وأيضًا يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لقياس شعبية مشهور وأين هي نقاط القوة والضعف وكيف يمكن تحسين قاعدة الجماهير، وهذا لوحده كاف لأن يُعقد المسألة ويسهلها في نفس الوقت.

رغم أن هناك الكثير من الأمور الإيجابية التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي في عالم الشهرة إلا أن هناك الكثير من التحديات أيضًا، والتحديات هنا لا تقل أهمية عن الإيجابيات، فهناك تحديات متعلقة بحقوق الملكية وكيفية حماية المشاهير من استنساخهم عبر هذه التقنيات، وأيضًا هناك تحديات متعلقة بالقيم الأخلاقية للشهرة والتي دائما ما تتأثر سلبًا مع تطور التقنيات والانتشار، وأيضًا هناك تحد أجده مهمًا سيقع على كاهل كل مشهور وهو الضغط النفسي في كيفية ملاحقة كل هذا خصوصًا في ظل منافسة شرسة ستوجدها التكنولوجيا لا محال.

في النهاية- عزيزي القارئ- أقدمُ لك البشارة؛ نحن في زمن يمكن لأي شخص أن يصنع من نفسه مشهور وصاحب محتوى وفنانًا وممثلًا حتى لو كانت إمكانياته بسيطة في هذه المجالات فقط كن قويًا في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين أعمالك ومنتجاتك وحينها ستنجح؛ أستثمر الفرصة قبل أن يغزو عوالم الشهرة مشاهير آليين وروبوتات حينها ستكون المنافسة أشد وأقوى.

** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء: 254.8 مليون شخص استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي عالميا عام 2023

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله تقنية التزييف العميق، وذلك بدءًا من زيادة اعتماد المستخدمين على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ثم الانتقال إلى مفهوم التزييف العميق، وكيف تعمل هذه التقنية، واستخدامات التزييف العميق، والمخاطر الناجمة عنها، وطرق الكشف عنها.

وأوضح التحليل أن استخدام مجالات التكنولوجيا المختلفة -مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني- أصبح أمرًا مهمًّا في كل مناحي الحياة، بما في ذلك الاتصالات، والصناعة، والتجارة، والتعليم، والطب، والترفيه، وغيرها.

وعلى الرغم من أهمية استخدام التكنولوجيا والفوائد المترتبة عليها، فإنها يقابلها العديد من التحديات التي تتعلق بحفظ الخصوصية، والبيانات المزيفة، ومن بين هذه التحديات استخدام تقنيات التزييف العميق؛ حيث فرضت هذه التقنيات تحديات جديدة تتعلق بالأمان والخصوصية والمصداقية.

وذكر المركز أن زيادة اعتماد المستخدمين على تقنيات الذكاء الاصطناعي تعكس التطور السريع في مجال التكنولوجيا وتأثيره العميق في حياتنا اليومية، هذه الزيادة تعكس الثقة المتزايدة في القدرات التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي في تحسين الكفاءة وتبسيط العمليات في مختلف المجالات.

وفي هذا الإطار، فقد بلغ عدد الأشخاص الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي عالميًّا نحو 254.8 مليون مستخدم عام 2023، أي أكثر من الضعف مقارنة بعام 2020، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في عدد مستخدمي أدوات الذكاء الاصطناعي، ليتجاوز 700 مليون بحلول 2030.

وأضاف التحليل أن تقنية التزييف العميق هي تقنية تقوم على صنع صور أو مقاطع فيديو مزيفة باستخدام البرامج الرقمية والتعلم الآلي وتبديل الوجه، وتعتمد هذه التقنية على دمج الصور لإنشاء لقطات جديدة تصور أحداثًا أو تصريحات أو أفعالًا لم تحدث في الواقع، ومع ذلك هناك صعوبة في معرفة وتحديد مدى صحة أو واقعية هذه الصور والفيديوهات.

وبناءً على ذلك، أصبح الاعتقاد بتوثيق الصوت والفيديو للواقع بأنه دليل على مصداقية البيانات والمعلومات، اعتقاد يشوبه الشك، فقد استغل مجرمو الإنترنت هذه التقنيات في زيادة القدرات الاحتيالية، والتي أصبحت تمثل تهديدات جديدة على مستوى الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، سواء من خلال تصنيع المواد الإباحية للتشهير بشخص معين بغرض الانتقام أو الابتزاز، أو من خلال تصنيع ونشر البيانات والتصريحات والمعلومات المضللة لأغراض إثارة الفوضى والاحتيال المالي وإفساد الانتخابات وخلق الأزمات الدبلوماسية.

وأشار التحليل إلى اختلاف أنواع تقنيات التزييف العميق، والتي يمكن أن تقع في إحدى الفئات الآتية:

١- المحتوى المرئي: حيث يتم استخدام تقنيات التزييف العميق في إنشاء الصور ومقاطع الفيديو، ويمكن أن يتم ذلك من خلال الآتي:

-تبديل الوجه: يتم تركيب الوجه غير الحقيقي على الرأس المستهدف في الصور أو مقاطع الفيديو التي يتم تبديل الوجه بها.

-صور يتم إنشاؤها بالكامل: يتم إنشاء الوجه الجديد بالكامل من البداية ليبدو واقعيًّا بدلًا من تبديل الوجه.

-مقاطع فيديو مزامنة الشفاه: هي مقاطع تظهر شخصًا يؤدي كلمات أو نصًا معينًا بالتزامن مع حركات الشفاه لجعل الأمر يبدو واقعيًّا، وذلك على الرغم من عدم وجود هذا النص في الفيديو الرئيس.

٢- المحتوى الصوتي: ويتم تحريف الصوت وتعديله إما من خلال استخدام ملف صوتي يتضمن حديثًا مزيفًا بنفس صوت الشخص، لكنه لم يقله في الواقع، أو من خلال تعديل نبرة صوت الشخص لإظهار مشاعر أو سلوك غير حقيقي.

وأشار التحليل إلى أن إنشاء فيديوهات التزييف العميق يتم باستخدام نظامين من أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ المولد "Generator" والمميز "Discriminator"، عندما ينتج نظام المولد فيديو جديدًا، يُرسل إلى نظام المميز لتحديد ما إذا كان الفيديو حقيقيًّا أم مزيفًا، إذا تأكد المميز من أن الفيديو حقيقي، يبدأ المولد في تعلم كيفية إنشاء فيديوهات تبدو أكثر قابلية للتصديق، وهكذا يستمر التطور في العملية.

هذا، ويُشكل النظامان معًا ما يُعرف بشبكة الخصومة التوليفية "GNN"، وتتطلب هذه التقنية مخزونًا من الفيديوهات يتم التعديل عليها. في البداية، يحتاج نظام المولد "Generator" إلى تدريب مستمر، وعندما يصل إلى مستوى مقبول من الجودة، يبدأ بإرسال فيديوهاته إلى الـمميّز "Discriminator". كلما زاد ذكاء المولد، زاد ذكاء الـمميّز بالتبعية، وبالتالي، يتم الوصول إلى فيديو معدّل بشكل كامل وقابل للتصديق للعين البشرية، ويوضح الشكل التالي كيفية عمل هذه التقنية.

واستعرض التحليل الاستخدامات الإيجابية التي تمتلكها تقنية التزييف العميق، وفيما يلي أهم هذه الاستخدامات:

-الاستخدامات الطبية والتعليمية: يمكن استخدام تقنية التزييف العميق لإنشاء عمليات محاكاة تفاعلية للعمليات الجراحية أو غيرها من الإجراءات، مما يوفر لطلاب الطب والمهنيين فرص تدريب قيمة. كما يمكن استخدام هذه التقنيات في دعم وتطوير أدوات الوصول المهمة.

 على سبيل المثال، قامت شركة Lyrebird الكندية باستخدام التزييف العميق لمساعدة مرضى التصلب الجانبي الضموري على التواصل عندما يفقدون قدرتهم على التحدث، وذلك من خلال استنساخ أصواتهم، حيث يمكن للأشخاص الاستمرار في "التحدث" من خلال تقنيات التزييف العميق.

-صناعة الترفيه: يمكن استخدام تقنيات التزييف العميق في صناعة الأفلام والإعلانات وتقديم الأخبار. كما يمكن إنشاء تأثيرات خاصة أكثر واقعية والسماح للممثلين بإعادة تمثيل أدوارهم حتى بعد وفاتهم.

مقالات مشابهة

  • معلومات الوزراء: 254.8 مليون شخص استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي عالميا عام 2023
  • جامعة السلطان قابوس والذكاء الاصطناعي
  • “الفراشات”: أول منصة بالعالم تطلق تجربة تفاعلية غير مسبوقة بين البشر والذكاء الاصطناعي
  • هكذا تعترض على استخدام بيانات الذكاء الاصطناعي على شبكات ميتا
  • الفن والذكاء الاصطناعي
  • تعرف على أول منصة في العالم تربط بين البشر والذكاء الاصطناعي
  • تعرف إلى أول منصة في العالم تربط بين البشر والذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي (AI) وأهميته في حياتنا اليومية
  • تأثير الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن في إفريقيا
  • دراسة: 61% من الشركات ستستبدل البشر بالذكاء الاصطناعي بمعدل سريع (فيديو)