الشهرة والنجومية لم تعد حكرًا على البشر
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
مؤيد الزعبي **
كلما تطورت التكنولوجيا والتقنيات الحديثة تتغير معها قواعد اللعبة في عالم الشهرة والنجومية، فعندما ظهر التلفزيون والسينما اتسعت دائرة الشهرة والنجومية، وعندما ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي انفجرت دائرة الشهرة والنجومية وبات للنجومية أساليب ووسائل وطرق وتكتيكات وحتى منصات وشركات وصناع، والآن مع ظهور وسائل الذكاء الاصطناعي وتقنياتها المتقدمة فمن الطبيعي أن يشهد هذا المجال تطورًا وتغييرًا.
وأجد أن من أهم الأشياء التي يجب أن نستعد لها أن لا ننظر للشهرة على أنها حكر على البشر؟ بل للروبوتات وللمشاهير الآليين نصيبًا كبيرًا منها، وغدًا سيصبح هؤلاء المشاهير ينافسون وبقوة في صناعة الترفيه والإعلام ونجد صورهم وأخبارهم وأغانيهم وأفلامهم تتصدر الشاشات والمجلات ومنصات التواصل.
من يتابع التطورات التي حصلت في أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي وقدرتها على محاكاة الأصوات والغناء وقدرتها على إنشاء مقاطع الفيديو أو حتى تعديلها بطرق مبتكرة وغير تقليدية، وأيضًا ظهور منصات توليد الصور عن طريق النصوص، سيجد أن كل هذه التطورات ستنعكس بشكل أو بآخر في صناعة النجوم، فليس هناك ما يمنع من إنشاء مشهور إلكتروني أو آلي يغني ويرقص ويقدم برامج تلفزيونية ويحاور كبار الشخصيات لا بل ويمكن أن يستنسخ نفسه على شكل مشاهير قد فارقوا الحياة أو يجمع بين أساليب مشاهير مختلفين برزوا في مجال معين، وحينها المنافسة على الشهرة لن تكون بين البشر أنفسهم بس أيضًا بين البشر وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي ربما ستتغلب علينا في سرعة التنفيذ والقدرة على التبديل والمحاكاة والتقليد والاستنساخ أو حتى الظهور بأساليب وأنماط ترفيهية أو فنية لم نكن نعرفها، وهذا التأثير الأول الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي في عالم الشهرة والنجومية.
أما التأثير الثاني فيتعلق بمسألة انتشار النجومية والقدرة على الوصول لشرائح أكبر وأوسع، فممثل بسيط يقوم بأدوار بسيطة وذو إمكانات بسيطة يستطيع باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي من تحسين انتشاره عن طريقة تحول أعماله للغات أو لعوالم أخرى، وربما يبدل جلدته بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي فيصبح مغنيًا ذا صوت جيد ومؤدي رقصات استعراضية، وربما يستنسخ نفسه ليكون شاعرًا وكاتبًا ومؤلفًا وربما مقدم أخبار أو محلل رياضي وكل هذا باستخدام الذكاء الاصطناعي ويوسع من دائرة أعماله وانتشاره ويصل لجمهور أكبر ويصل لشهرة أوسع، وتخيل معي عزيزي القارئ كيف سيكون حجم انتشار ممثل أو مشهور لو استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي ليدخل عوالم ومجالات جديدة، وتخيل معي أيضًا كيف يمكن إعادة إحياء الموتى من المشاهير وإدخالهم في أعمال إنتاجية جديدة حينها لن تتوقف مسيرة أي مشهور عند موته بل ربما تستمر إلى الأبد في أعمال جديدة ومتنوعة تتناسب مع كل جيل وكل حقبة.
أما التأثير الثالث والذي أجده أمرًا في غاية الأهمية ألا وهو كيف ستؤثر خوارزميات الذكاء الاصطناعي في صناعة الانتشار، وأتحدث هنا عن قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحقيق المعادلة الصعبة في فهم خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي وفهم طبيعة الجمهور المستهدف وطبيعة المحتوى نفسه وقدرة هذه الأنظمة في تحقيق انتشار أوسع وأكبر عن طريق تحليل جميع المعطيات لتجعل من المشهور أو محتوى المشهور يصل للجمهور المستهدف عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكيف سيكون للذكاء الاصطناعي اليد العليا في إدارة حملات التسويق والترويج لأي عمل فني أو تلفزيوني أو سينمائي، وكيف سيكون له اليد العليا أيضًا في إبراز دور مشهور أو فنان عن طريق تحقيق انتشار محتواه في جميع المنصات بالطريقة والأسلوب التي تتناسب مع كل منصة دون تدخل بشري، وهذا سيحقق سرعة في الأداء لا يمكن لنا كبشر أن ننافسها وهذا ما سيغير قواعد اللعبة بشكل لافت في قادم الوقت.
أيضًا من التأثيرات التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي في عالم الشهرة طريقة اكتشاف المواهب وتقييمهم وتحسين أدائهم وانتشارهم، وحينها لا أستبعد أن أجد روبوتًا أو نظام ذكاء اصطناعي يجلس على مقعد لجنة التحكيم في برنامج عرب ايدول أو أكس فاكتور أو غيرها من برامج اكتشاف المواهب، وأيضًا ستلعب أنظمة الذكاء الاصطناعي لعبتها القوية في طريقة تفاعل المشاهير مع المعجبين ولا أستبعد أن أجد "شات بوت" يجده مشهورًا معينًا ليرد على معجبيه ويحاورهم ويتحدث معهم، وأيضًا يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لقياس شعبية مشهور وأين هي نقاط القوة والضعف وكيف يمكن تحسين قاعدة الجماهير، وهذا لوحده كاف لأن يُعقد المسألة ويسهلها في نفس الوقت.
رغم أن هناك الكثير من الأمور الإيجابية التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي في عالم الشهرة إلا أن هناك الكثير من التحديات أيضًا، والتحديات هنا لا تقل أهمية عن الإيجابيات، فهناك تحديات متعلقة بحقوق الملكية وكيفية حماية المشاهير من استنساخهم عبر هذه التقنيات، وأيضًا هناك تحديات متعلقة بالقيم الأخلاقية للشهرة والتي دائما ما تتأثر سلبًا مع تطور التقنيات والانتشار، وأيضًا هناك تحد أجده مهمًا سيقع على كاهل كل مشهور وهو الضغط النفسي في كيفية ملاحقة كل هذا خصوصًا في ظل منافسة شرسة ستوجدها التكنولوجيا لا محال.
في النهاية- عزيزي القارئ- أقدمُ لك البشارة؛ نحن في زمن يمكن لأي شخص أن يصنع من نفسه مشهور وصاحب محتوى وفنانًا وممثلًا حتى لو كانت إمكانياته بسيطة في هذه المجالات فقط كن قويًا في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين أعمالك ومنتجاتك وحينها ستنجح؛ أستثمر الفرصة قبل أن يغزو عوالم الشهرة مشاهير آليين وروبوتات حينها ستكون المنافسة أشد وأقوى.
** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يوجه متابعة مرضى نقص الانتباه
قام باحثون من جامعة ستانفورد ببناء أداة ذكاء اصطناعي يمكنها قراءة آلاف الملاحظات الطبية في السجلات الطبية الإلكترونية، واكتشاف الاتجاهات، وتوفير المعلومات التي يأمل الأطباء والباحثون أن تعمل على تحسين الرعاية.
وتم تصميم أداة الذكاء الاصطناعي في طب الأطفال، لمعرفة ما إذا كان الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط قد تلقوا رعاية متابعة مناسبة بعد وصف أدوية جديدة لهم.
واستخدم فريق البحث رؤى الأداة لتحديد التكتيكات التي يمكن أن تحسن كيفية متابعة الأطباء للمرضى وأسرهم.
معلومات لا يكتشفها الأطباءووفق "مديكال إكسبريس"، من تحليل الذكاء الاصطناعي، التقط الباحثون معلومات لم يكن من الممكن أن يكتشفها الأطباء لولا ذلك.
مثلاً، رأى الذكاء الاصطناعي أن بعض الممارسات الطبية للأطفال كانت تسأل كثيراً عن الآثار الجانبية للأدوية أثناء المحادثات الهاتفية مع والدي المرضى، بينما لم تفعل الممارسات الأخرى ذلك.
وقال الباحثون: "هذا شيء لن تتمكن أبداً من اكتشافه من دون قراءة آلاف الصفحات، ولن يجلس أي إنسان ويفعل ذلك".
تحديد الثغراتوأضافوا: "هذا النموذج من الذكاء الاصطناعي يمكّننا من تحديد بعض الثغرات في إدارة اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط".
وأشار الباحثون إلى أن أداة الذكاء الاصطناعي ربما فاتتها بعض الاستفسارات حول الآثار الجانبية للأدوية في تحليلها، لأن بعض المحادثات حول هذه الالآثار ربما لم يتم تسجيلها في السجلات الطبية للمرضى، كما تلقى بعض المرضى رعاية متخصصة مع طبيب نفسي لم يتم تتبعها في السجلات الطبية المستخدمة في هذه الدراسة.
وتعتمد حوالي 80% من المعلومات في أي سجل طبي على الملاحظات التي يكتبها الأطباء حول رعاية المريض.
وعلى الرغم من أن هذه الملاحظات مفيدة للإنسان التالي الذي يقرأ مخطط المريض، إلا أن جملها الحرة يصعب تحليلها بشكل جماعي. ويجب تصنيف هذه المعلومات الأقل تنظيماً قبل استخدامها.
واستخدمت الدراسة السجلات الطبية لـ 1201 طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً، وكانوا مرضى في 11 عيادة رعاية أولية للأطفال في نفس شبكة الرعاية الصحية، ولديهم وصفة طبية لدواء واحد على الأقل لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وقد يكون لهذه الأدوية آثار جانبية مدمرة، مثل قمع شهية الطفل، لذلك من المهم للأطباء الاستفسار عن الآثار الجانبية عندما يستخدم المرضى الأدوية لأول مرة وتعديل الجرعات حسب الضرورة.