مجلس التعاون الخليجي
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
جاء قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية ليكون الحاضنة التي تجمع دول الخليج الست والتي تجمعها عادات وتقاليد مشتركة وتاريخ مشترك ومسيرة طويلة من التمازج بين أبناء هذه المنطقة الحيوية عبر تاريخ طويل، هذا التمازج جعل من أبناء الخليج نسيجًا واحدًا لا يختلف خيط عن خيط في تجانسه وتتشابك هذه لتشكل قطعة واحدة مُتكاملة.
عندما قرر القادة المؤسسون إنشاء هذا الكيان جعلوا من الآية الكريمة "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا" شعارًا ونهجًا، يسير عليه هذا الكيان ويمضي وفق ما يسعون من أجله، تحقيقًا لرخاء وراحة أبناء الخليج وتعضيدًا لمفاهيم المصير المشترك والهدف الواحد والمستقبل المنشود لشعوب هذه الدول وقد أسس هذا الشعار وأطر العلاقة الجديدة بين أبناء الخليج وأسس مبادئ المرحلة الجديدة من مراحل تاريخ أبناء الخليج العربي.
جَمَعَ الخليج أبناءَ المنطقة، فكان البحر مصدر رزقهم ومنه انطلقوا يجوبون العالم ناشرين رسالة الإسلام وثقافة وعادات العروبة المستمدة من صحراءهم وبداوتهم وعروبتهم وإسلامهم ومن البحر استخرجوا اللؤلؤ ومن عباب البحر رسموا طريق الحرير فكان الخليج والبحر والصحراء تميمة الزمان والحضارة وكان الخليجي سفير بلاده للعالم ينقل تجارته وثقافته وينشر الإسلام وينهل من العلوم ويكتشف الأقطار والبلدان التي لم يرها.
لقد كان لهذه المنطقة الجغرافية أثر كبير في جميع الحضارات التي تعاقبت على العالم القديم وسيطرت على طرق التجارة والثقافة وامتدت علاقة الإنسان بالإنسان عبرها فمرت منها الحضارات واندثرت وبقي الخليج شامخًا كشموخ أبنائه لا ينحني أمام رياح التغيير في ديمومة متفردة صبغتها صعوبة الخليجي وتمرسه وقساوة كبريائه، وعرف العالم الخليج العربي كنقطة التقاء الشرق بالغرب ومعبر الحضارات وشريان العالم.
وساهم مجلس التعاون لدول الخليج العربية كمنظومة سياسية في ثبات دول الخليج أمام موجات جامحة من الأزمات وربما كان أول وأهم اختبار تعرض له هذا الكيان هو غزو الكويت وحرب الخليج عندما وقفت الدول الست موقفًا تاريخيًا واحدًا في سبيل عودة السيادة لدولة الكويت ووقتها عانى المواطن الخليجي ألم الحرب وكأن كل الخليج تم غزوه وشعر أبناء الخليج بمعنى المصير المشترك ووحدة البيت الخليجي، وقد شكل هذا الحدث في ذهن الخليجي معنى وقيمة هذا الكيان وجعل له قيمة عظمى وثقة مطلقة بأن هذه الحزمة من الدول لا يمكن أن ينال منها أي شيء ما بقيت يدًا واحدة.
لم تؤثر الأزمات المتتالية في أبناء الخليج؛ بل زادت من ترابطهم وخلال الأربعين عاماً الماضية من عمر هذا الكيان تحققت مكاسب كثيرة بل هي أكثر من أن تحصى واستطاع هذا التجمع الصمود أمام رياح الأزمات بفضل نهج القيادات المتتالية من قادة دول الخليج الذين آمنوا بأن هذا المجلس ولد ليستمر وينمو ويكبر ويترسخ، واستطاع أن يصمد أمام تيارات الفتن ومحاولات النيل منه خاصة من تلك الدول التي وجدت في هذا الكيان تهديدًا حقيقيًا لاستمرار سيطرتها وسطوتها وتسلطها.
حافظ المجلس على خصوصيته وظل البيت الذي يتشاور فيه القادة لتوحيد رؤيتهم وآراءهم وقراراتهم ومنه خرجوا بمواقفهم المنطلقة من ثوابت هذا البناء الثابتة أركانه في جميع القضايا العربية والإسلامية والإقليمية والدولية ومن خلال هذا النهج تمكن مجلس التعاون من كسب مساحات واسعة في العمل السياسي وأصبح له ثقل وازن في مجال العلاقات الدولية ولاعبًا مؤثرًا في كثير من القضايا خاصة تلك المتعلقة بالعالم العربي، وقد يكون للوضع الاقتصادي دور في ريادة مجلس التعاون وقوته ولكن يبقى أن هناك من استطاع استغلال هذه الممكنات لتحقيق هذه القوة السياسية.
اليوم.. ونحن على مسافة 43 عامًا من ولادة هذا الكيان يجب علينا أن نقف وأن نتمعن في الأسباب التي جعلته يستمر إلى يومنا هذا وأن نحرص كل الحرص على بقائه واستمراره وتعزيز دوره، وألا ندع فرصة للمتربصين به الذين طالما كان وجوده مزعجًا لهم ومُشتتًا لأهدافهم مقوضًا لمخططاتهم ويجب علينا أن نسمو فوق الخلافات وأن نجعل خلافاتنا في إطار البيت الواحد، فحينما قررنا وحدة المصير كان الجميع مدركًا أن هذا الشعار يتحقق فقط عندما يضع الفرد مصلحة الجماعة فوق الاعتبار وعندما يحمي بعضنا ظهر بعض وعندما نتمثل هذا الشعار فعلًا واقعًا.
إن بقاء أسرار البيت في داخله أحد أهم عوامل تماسكه، وعندما يبدأ البعض في نبش ما بداخل هذا الصندوق، عندها تبدأ أركان المنزل بالزعزعة والاندثار، ومن أجل ذلك، وجب الحرص على عدم السماح لمراهقي السياسة بضرب أساسات هذا المنزل من خلال تصرفاتهم العبثية التي يسعون من خلالها لضرب اللُحمة الخليجية والتي طالما كانت هدفًا خارجيًا وهذا أمر قد نقبله بالنظر إلى كمية المتربصين ولكن لا يمكن قبوله عندما يكون هؤلاء العابثون من داخل البيت.
لقد مر على هذه المنظومة المتماسكة رموز بدءًا من القادة المؤسسين مرورًا بالقادة الذين حافظوا على نهج السابقين، وصولًا إلى قامات سياسية خليجية صقلت هذه المنظومة، وانطلقت لتبهر العالم بما تملكه من حنكة ودهاء وتمكن، وعندما يذكر مجلس التعاون الخليجي والعمل السياسي لا يمكن إغفال قامات سياسية مرت من هنا مثل الأمير سعود الفيصل ومعالي الوزير يوسف بن علوي ومعالي عبدالله يعقوب بشارة ومعالي الشيخ حمد بن جاسم، وغيرهم كثير لا يمكن حصرهم.
سوف يستمر هذا الكيان كما رسمه المؤسسون بعزيمة أبنائه وصدق منطلقاته وأثره فيما تحقق على أرض الخليج الطيبة، وسيبقى أبناء الخليج إخوة تجمعهم أواصر القربي والدم والنسب والمصير المشترك.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الرابعة لا تليق بـ«العيون»
نادي العيون بمحافظة الأحساء- الذي تأسس عام 1396 أي منذ 50 عاماً تقريباً- من الأندية المعروفة والمميزة، حيث كانت له صولات وجولات، وقد سبق أن لعب في دوري الدرجة الأولى وحقق نتائج مميزة، وشارك في الدوري الممتاز للناشئين وانتقل منه لاعبون إلى أندية الهلال والاتفاق والنصر والرياض.
النادي منذ هبوطه من دوري الدرجة الأولى ما زال ما بين الدرجة الثانية والرابعة حاليًا، ولم يستطع خلال السنوات الطويلة العودة مجدداً إلى سابق عهده، ولقد تشرفت أن أكون أحد أبناء هذا النادي العريق لاعباً وإدارياً وعضو مجلس إدارة ما يقارب 13 عاماً- ولله الحمد- حتى وصلت لأكون ممثلاً للنادي في أول جمعية عمومية للاتحاد السعودي لكرة القدم، بعد الفوز في انتخابات أندية الدرجة الثانية عام 2012، وكذلك واصلت النجاح حتى حظيت بشرف أن أفوز في أول انتخابات لمجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم كعضو مجلس إدارة منذ عام 2012 حتى 2016 مثلت خلالها وطني الغالي في العديد من المحافل العربيه والدولية في رياضة كرة القدم.
وفي الأسبوع الماضي أصبح واجباً علي مساندة الفريق وحضور المباراه النهائية لتحديد بطل دوري الدرجه الرابعة لأندية الأحساء، ولفت انتباهي أن أبناء العيون ما زالوا عاشقين ومحبين لناديهم رغم السنوات العجاف، من خلال الحضور الجماهيري الكبير والغفير الذي يفوق حضور مباريات في دوري يلو، ومباريات في دوري المحترفين. هذا المنظر الجميل أعادني للوراء سنوات طويلة، وإعادة الذكريات الجميلة لفريق العيون وجماهيره.
نجح الفريق هذا الموسم في تحقيق البطولة من خلال العمل المميز للإدارة الشابة بقيادة سعد بن عبدالله الكليب وزملائه في مجلس الإدارة وفريق العمل، وبقيادة المدرب الوطني عبدالرحمن الكليب، وكذلك تحقيق فريق تحت 18 سنة البطولة بقيادة المدرب الوطني حمد العيد، ما يؤكد أن الفريق يملك قاعدة صلبة ستكون رافداً للفريق الأول في المستقبل.
أتمنى أن لا يقف قطار العيون حتى يصل لمحطة الصعود في الموسم القادم؛ لأن دوري الدرجة الرابعة لا يليق بناد مثل العيون؛ لذلك أمام الإدارة عمل مضاعف لتوفير الدعم المادي، ودعوة أبناء العيون من أصحاب الخبرة للوقوف معهم، لأنهم أمام مرحلة مهمة في عدم التفريط في هذه الفرصة، وأمام جهود إدارة النادي ووقفه الجماهير العاشقه أصبح ضرورياً كذلك أن يقف جميع أبناء مدينة العيون خلف ناديهم يداً واحدة وقلباً واحداً بعيداً عن صغار الأمور التي تضر ولا تنفع، وتهدم ولا تبني.
ناديكم بحاجة إلى دعمكم ومساندتكم وتواجدكم، حتى يعود كما كان سابقاً؛ من أجل تكحيل عيون محبي هذا النادي العريق.