هل سرَّحوك من العمل؟
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
سالم بن نجيم البادي
عرفته شابًا خلوقًا بشوشًا ومُخلصًا في عمله ومجتهدًا ومبدعًا، ومن يراه في مقر عمله يُخيّل إليه أنه صاحب الشركة، وليس مجرد موظف فيها، وقد كان صبورًا وحكيمًا في حل المشاكل الشائكة والعويصة التى تعترض سير العمل في الشركة، والتي تحدث نتيجة التعامل اليومي مع العاملين في الشركة والزبائن، خاصة وأن الخدمة المقدمة للزبائن في هذه الشركة تتطلب الدقة والإتقان والمهارة والذوق الرفيع؛ وهو يمتلك كل ذلك لأنه يحب عمله ويُعطيه جل وقته وفكره.
هذا الشاب يمكُث وقتًا طويلًا دون أن يزور أهله حتى في المناسبات الدينية والعائلية، لكن كل ذلك لم يشفع له، حين قرر صاحب العمل أن يستبدل هذا الشاب العماني الطموح بموظف وافد، والحجة هي أن راتب الموظف الوافد أقل من راتب الموظف العماني، وقد تعددت أسباب التسريح!!
في كل الأحوال فإن الضحية هو الموظف العماني المكافح والصابر على مصائب القطاع العام، ومنها هذا السيف الحاد المُسلَّط على رقبة الموظف في القطاع الخاص، وهو سيف التسريح الذي يجعل الموظف في حالة خوف دائم وقلق وعدم استقرار مادي ونفسي، كما إن الخوف من التسريح يقف عائقًا دون تحقيق الأحلام، مثل شراء سيارة وبناء بيت والزواج أو إكمال التعليم أو خوض غمار التجارة لتحسين الدخل، وكل ذلك يتطلب الحصول على قروض من البنوك، ومن المعلوم أن البنوك لديها شروط للحصول على القرض، ومنها مقدار الراتب، وفي الغالب أن رواتب القطاع الخاص زهيدة وبعض من تم تسريحهم كانوا قد اقترضوا من البنوك، وبعد التسريح انتهى بهم المطاف في السجن أو طرق أبواب الجمعيات الخيرية أو التوسل لأصحاب الأموال طلبًا للعون أو الصراخ عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بعض الجهات في القطاع الخاص لا تلتزم حتى بالحد الأدنى للرواتب وهو 325 ريالاً، وقد لا يتم الالتزام بأيام الإجازات الرسمية أو التعويض عنها، وأن الحاجة للعمل تجعل الموظف لا يُطالب بحقوقه خوفًا من فقدان الوظيفة،
ومن العجيب أن التسريح صار وكأنه القدر المحتوم، وقد أخبرني أحد الذين يعملون في القطاع الخاص أن السؤال الذي يلاحقه دائمًا هو: ما سرَّحوك بعدهم؟!
ينبغي على الجهات ذات الاختصاص وضع ضوابط واضحة ومُلزِمة لتنظيم عمليات التسريح والوقوف على سبب تسريح كل حالة على حدة، لمعرفة إن كان التسريح له ما يبرره، وإذا تبين أن التسريح شابه التعسف والظلم، فيتم إعادة الموظف للعمل أو تعويضه تعويضًا مُجزيًا، وألا يُترك أمر التسريح هكذا فوضى وعشوائية ووفق أهواء وأمزجة أرباب العمل. فهل من موقف شجاع للمسؤول عن ملف التوظيف في هذا الجانب؟ أم سنظل نُشاهد المُسرّحين بلا عمل وبلا مصدر دخل، والصمت يُخيِّم على الجميع؟!!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عيد ميلاد في المحكمة.. مجلس الدولة يبرئ موظفا احتفل مع زميلته
أيدت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة الحكم الصادر لصالح سكرتير جلسة «موظف بالمحكمة»، والقاضي بإلغاء عقابه بالخصم ١٠ أيام من راتبه، لما نُسب اليه من عمل عيد ميلاد لزميلة له في العمل وإحضار تورتة لها.
وعام ٢٠٢١، قضت محكمة الدرجة الإولي بإلغاء هذا الجزاء مع ما يترتب على ذلك من آثار رد ما تم خصمه من راتبه وما ارتبط بذلك من حوافز ومكافآت ومزايا مالية ووظيفية أخرى، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ولم ترتض الجهة الإدارية بهذا الحكم، ما جعلها تطعن علي الحكم لإلغاؤه، وتوقيع الجزاء عليه لإعتبار أن هذا الحفل مخالف للأعراف القانونية.
وثبت لدي المحكمة أن الموظف يشغل وظيفة سكرتير نيابة الأسرة، وعام ٢٠٢١ أصدر المستشار رئيس الاستئناف مدير النيابات قرار متضمنًا مجازاة المطعون ضده بخصم عشرة أيام من راتبه لما نسب إليه في التحقيق الإداري وآخرين احتفلوا بعيد ميلاد زميلتهم بمقر نيابة إمبابة لشئون الأسرة، بعد مواعيد العمل الرسمية، ولم يرد بالقرار الطعين وجه الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي في تلك الواقعة التي تعتبر من قبيل المجاملات بين زملاء العمل وقد تمت بعد المواعيد العمل الرسمية ولم تؤثر على سير العمل أو تخل بمجرياته.
وذكرت المحكمة أنه ورد بالتحقيقات بالتحقيقات أقوال الموظف وجاءت : «بعد ما خلصنا شغل جبناً تورتة واحتفلنا بعيد ميلاد زميلاتنا إيمان ومكنش في حد غير جروب الشغل .. وهي جت بالصدفة مكوناش مرتبين لحاجة وأخر اليوم قررنا نجيب التورتة ونحتفل».
ومن ثم تكون الواقعة التي صدر على أساسها قرار الجزاء لا تشكل مخالفة أو خروج على مقتضى الواجب الوظيفي ومن ثم يكون - القرار المتضمن مجازاة الطاعن عن تلك الواقعة – قد صدر فاقداً لركن السبب الصحيح خليقاً بالإلغاء.
ولم تقتنع المحكمة ، بما ورد ثبوت أن الموظف قد أثير في حقه شبهة مخالفة بتقصيره وإهماله في أداء عمله ، إذ لم يوضح وجه التقصير أو الإهمال في واقعة لا تعدو أن تكون مجاملة بين زملاء العمل وبعد مواعيده الرسمية ومن ثم فلا تشكل أي شبهة إهمال أو تقصير في أداء العمل.
خلت الأوراق من ثمة دليل يثبت أي خروج أو تجاوز في الاحتفال الذي تم بين الموظف وزملائه بعيد ميلاد زميلتهم، ما يتعين معه القضاء بانتفاء المخالفة المنسوبة إلى الموظف.