فى الأمثال قيل «وقوع البلا ولا انتظاره» وأيضاً قالوا «وجع ساعة ولا كل ساعة»، بمعنى أن الخوف من مجهول أصعب بكثير من معايشته، ونفس المشهد تكرر خلال الأيام القليلة الماضية انتظارا «لرصاصة الرحمة» فى خفض قيمة الجنيه.
الجميع يترقب ويتساءل عن موعد تعويم العملة المحلية، بعدما شهدت حركة التجارة بيعا، وشراء حالة من الشلل، فى انتظار هذا التعويم، ورغم أن التعاملات فى الأسواق تتم وفقا لسعر الدولار بالسوق السوداء إلا أن قفزات الأسعار، وارتفاع معدلات التضخم، دفعت السواد الأعظم من المواطنين إلى أن يكونوا فى حالة ترقب دائم.
زاد من هذا الترقب الإجراءات المتتالية والتى بدأت بقرار لجنة السياسة النقدية مؤخرا برفع أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة، بما يعادل 2%، ثم قرارات القيادة السياسية حول تخفيف الأعباء المعيشية بحزمة اجتماعية عاجلة، وتتضمن الحزمة رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهرياً، وكانت هذه الإجراءات بمثابة إشارة للمواطنين باقتراب التعويم.
رغم تداعيات التعويم السلبية على المواطنين، فى زيادة الأعباء الحياتية، إلا أن القطاعات التصديرية سوف يفتح أمامها باب «طاقة القدر»، لتحقيق الأرباح نتيجة فرق العملة، خاصة فى قطاعات الأسمدة والبتروكيماويات، والأدوية.
تكشف كل ذلك فى البورصة، عبر القفزات الجنونية للأسهم المرتبطة بالتصدير، والدولار بصورة عامة، نتيجة الأرباح المتوقعة فى ميزانيات ونتائج الأعمال السنوية لأسهم هذه الشركات، والتى كان لها التأثير الأكبر على وصول البورصة لمستويات تاريخية، بمعنى أن هذه الشركات ستحقق أرباحا دون تعب أو جهد، نتيجة فرق العملة.
المستثمرون بالبورصة وفى هذه الشركات أيضاً سوف يطولهم من «الحب جانب» على مستوى الأسعار، واقتناء الأسهم، وعلى أيضاً الكوبونات النقدية السنوية المتوقع توزيعها على المساهمين وحملة الأسهم.
بصورة عامة للتعويم وجهان وجه سلبى فيما يتعلق بزيادة الأسعار، واكتواء المواطنين بهذه الزيادة، والآخر إيجابى للقطاعات التصديرية، التى تقوم بتصدير منتجاتها إلى الأسواق الخارجية، وسوف تستفيد من خفض قيمة الجنيه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خارج المقصورة ولا انتظاره الخوف
إقرأ أيضاً:
نتيجة تجلت فى هولندا
لا وجه للدهشة مما حصل فى العاصمة الهولندية أمستردام، التى شهدت مطاردات من جانب شباب عربى، قيل إن غالبيته مغربية، لمشجعى فريق كرة قدم اسرائيلى.
حدث هذا فى ليل الخميس ٧ من هذا الشهر، وهناك رواية عن أن مشجعى فريق كرة القدم الإسرائيلى هم الذين بدأوا فهتفوا ضد العرب والمسلمين على هامش المباراة التى كانت تجرى بين فريقهم وبين فريق هولندى.. والرواية تضيف أنهم لم يهتفوا فقط، ولكنهم تناولوا عَلَمًا فلسطينيًا ثم مزقوه على الملأ.
وحتى بافتراض أنهم لم يهتفوا ولم يمزقوا العَلَم، فإن مطاردات من نوع ما جرى تظل متوقعة جدًا كلما اجتمع جمهور عربى واسرئيلى فى مكان واحد منذ الآن وإلى مدى يعلمه الله تعالى.
لقد أدت المطاردات إلى وقوع جرحى، وإلى عنف نقلته وكالات الأنباء، وإلى حالة من الاستنفار شهدتها العاصمة الهولندية.. ودخل بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة التطرف فى تل أبيب على الخط، فاستنفر ما لديه من قوة هو الآخر، وأرسل طائرتين إلى هولندا تنقلان جرحاه ومصابيه.
ولو أن عاقلًا إلى جواره أخلص له النصح، فسوف ينصحه بأن يوقف الحرب على غزة ولبنان، بدلًا من أن يستنفر ما عنده من قوة لإنقاذ مشجعى فريق كرة القدم.. فهذا المشهد الذى شهدته العاصمة الهولندية مرشح للوقوع فى أى عاصمة أخرى، ومرشح للتكرار فى أكثر من عاصمة، لا لشيء، إلا لأن ما ارتكبه ويرتكبه نتنياهو وحكومته فى غزة وفى لبنان فوق أى طاقة على الاحتمال، ولا يمكن أن يتابعه الشباب العربى فى أى مكان ثم يقف صامتًا إذا واتته الفرصة للتعبير عن غضبه مما أصاب الأبرياء فى أرض فلسطين وفى لبنان ولا يزال يصيبهم.
وأكاد أقول إن هذا المشهد العنيف فى أمستردام هو مجرد بداية، وبغير أن يكون فيما أقوله دعوة للعنف. فما ارتكبته وترتكبه حكومة التطرف فى تل أبيب لا يمكن أن يمر هكذا بغير ثمن كما قد تتصور حكومة التطرف التى توصف بأنها أشد الحكومات تطرفًا فى تاريخ الدولة العبرية.
الذين درسوا علم المنطق يذكرون أن من مبادئه العلمية الثابتة أن المقدمات تؤدى إلى نتائجها، وأن كل مقدمة مؤدية حتمًا إلى نتيجة تتبعها أو تأتى بعدها بمسافة زمنية، ولكنها لا بد أن تأتى مهما تأخرت، وليس المشهد الهولندى الذى تابعه العالم بقلق سوى نتيجة لمقدمة سبقته فى غزة مرة، وفى لبنان مرةً ثانية.