مخاوف متزايدة بين صفوف النازحين برفح من هجوم بري للاحتلال
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
تتزايد المخاوف بين صفوف النازحين الفلسطينيين بمدينة رفح، من تهديدات الاحتلال بشن هجوم عسكري بري على المدينة التي تؤوي ما يزيد عن مليون نازح، والواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة.
ونقلت وكالة "الأناضول" عن إحدى النازحات بقولها: "مدينة رفح التي ادعى جيش الاحتلال أنها منطقة آمنة، ليست إلا واحدة من مربعات الموت"، مشيرة إلى أن هناك قلق كبير من احتمالية أن يتم تهجير العائلات الافلسطينية من رفح إلى مدينة سيناء المصرية.
ولفتت إلى أن مخيمات النزوح باتت ملاصقة للمنطقة الحدودية الفلسطينية المصرية، بسبب الاكتظاظ الشديد في جميع مناطق مدينة رفح.
أوضاع متردية
يأتي ذلك في ظل أوضاع معيشية متردية للغاية يعيشها السكان والنازحون بمدينة رفح، في ظل انخفاض أعداد شاحنات المساعدات الإنسانية الواصلة إلى القطاع.
ويعتمد أهالي القطاع، منذ بدء الحرب، على المساعدات الإنسانية بشكل كامل حيث يفرض الاحتلال منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حظرا على دخول البضائع وإمدادات المياه والكهرباء والوقود.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فإن عدد الشاحنات الإنسانية التي تدخل غزة انخفض 40 بالمئة منذ نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، ما تسبب في وصول أزمة الاحتياجات الأساسية والأدوية والمستلزمات الصحية إلى أعلى مستوياتها في القطاع.
الشابة ديانا صيام، النازحة من منطقة الكتيبة بمدينة غزة إلى رفح، قالت إنها تركت منزلها قسرا منذ الأسبوع الأول للحرب، تحت تهديدات الجيش الإسرائيلي التي وجهها عبر مناشير ورقية أو اتصالات هاتفية.
وأضافت للأناضول: "تم إجلاؤنا حينها إلى منطقة شمال وادي غزة، عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بسبب الهجمات الجوية في تلك الفترة".
ومن هناك، توجهت العائلة إلى مدينة رفح التي أعلنها الجيش "منطقة آمنة"، لكنها تحولت اليوم تحت الضربات الجوية العنيفة وأنباء العملية البرية إلى "مربع للموت"، وفق قولها.
واستكملت: "نحن نتنقل بذلك بين مربعات الموت، ورفح ليست منطقة آمنة، فهي تتعرض للاستهداف والقصف المتكرر".
وتساءلت صيام: "إلى أين سنذهب لو نفذوا عملية برية؟ كافة المحافظات عبارة عن مربعات للموت، لا توجد منطقة آمنة".
وعبرت عن رفضها للانتقال والنزوح لأي منطقة جديدة، قائلة: "نرفض أن يتكرر السيناريو الذي أرغمنا على النزوح من منازلنا ومدينة غزة".
وطالبت المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الدولية بـ"العمل على إعادتنا لمنازلنا حتى وإن كانت مدمّرة ومهدمة".
مصير مجهول برفح
بدورها، أعربت الشابة الثلاثينية دعاء مصلح، والتي وصلت إلى رفح منذ 4 شهور، عن تخوفها من تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية برية في المدينة.
وقالت للأناضول: "نعيش حالة خوف وترقب بعد الحديث عن قرب العملية العسكرية البرية برفح"، موضحة أنه في حال نفذ الجيش تهديداته بشأن العملية البرية فإن "مصيرنا سيكون مجهولا".
وتساءلت: "ماذا سيحل بنا حينها؟ هل سنعود إلى منازلنا؟ سننزح إلى مناطق أخرى، أو إلى سيناء؟"، مشيرة إلى أن أكثر ما يثير تخوفاتها هو حديث مسؤولين إسرائيليين عن نية للسيطرة على منطقة "محور فيلادلفيا"، حيث تتواجد فيها خيام النزوح.
وزادت: "نحن بأمسّ الحاجة للعودة إلى منازلنا، أي مخطط للتهجير مرفوض، نموت على أرضنا ولا نخرج منها".
وبشأن الأوضاع الإنسانية برفح، قالت مصلح إنها "سيئة للغاية حيث ينعدم توفر أبسط الاحتياجات اليومية"، لافتة إلى أن الحياة داخل الخيام التي تم تأسيسها بمكونات بسيطة كالأقمشة والنايلون، "صعبة جدا حيث لا تقي من برودة الأجواء أو مياه الأمطار".
ونهاية يناير الماضي، قال رئيس هيئة الاستعلامات المصرية الرسمية ضياء رشوان، في بيان، إن "أي تحرك إسرائيلي في اتجاه احتلال ممر فيلادلفيا أو صلاح الدين في قطاع غزة سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية الإسرائيلية، وإمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين".
وذكرت هيئة البث العبرية الرسمية، أن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا مصر، أنهم يخططون لتنفيذ عملية عسكرية في منطقة محور فيلادلفيا، وهي المنطقة الحدودية بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية.
سيناريو النزوح الجديد وارد
من جانبها، قالت العشرينية مها عصفور، إنها عاشت تجربة النزوح مرتين فيما عاشها فلسطينيون آخرون لأكثر من ذلك وصلت في بعض الأحيان إلى 8 تجارب أو أكثر.
وأضافت في حديث للأناضول: "نزحنا من خانيونس إلى المنطقة التي قال الجيش الإسرائيلي إنها آمنة حيث مدينة رفح، والآن ربما سنعيش نفس سيناريو النزوح في حال نفذوا العملية البرية".
وأعربت عن تخوفها من تكرار هذا السيناريو، في ظل عدم وجود مناطق آمنة في القطاع، مضيفة أن "هذه الحرب ورحلات النزوح أرهقتنا ولم يعد بوسعنا تحمل المزيد".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المخاوف النازحين رفح الاحتلال الحرب الاحتلال رفح الحرب مخاوف النازحين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منطقة آمنة مدینة رفح إلى أن
إقرأ أيضاً:
أن تكون نازحا!
مما يزيد في صدق كتابة الإنسان وجعل ما يكتبه يلامس قلوب القراء، معايشته تفاصيل القضية التي يكتب عنها، سواء فرحا أو حزنا، وإلا سيقل تأثير الكاتب بالقرّاء، وسيفتقدون دسم الدهشة في كلماته.
حاولتُ مرارا الكتابة عن تجربة النزوح والنازحين، لم يكن الأمر سهلا، ولم تسعفني الكلمات؛ لأني لم أكن أحد أعضائها بالمعنى الدقيق للكلمة بعد، صحيح أنني كنتُ مسئولا عن مخيم أمير للنازحين في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، لكن لم أعش بخيمة، على اعتبار أن محافظتي لم يصلها إشعار بالإخلاء بعد، وهنا يمكن الاستعانة بالمثل الشعبي القائل "الشوف مش زي الخراف" يعني "من يرى ليس كمن يسمع".
أما منذ شهر أيار/ مايو 2024 إلى الآن -وإلى أجلٍ غير مسمى- فقد دخلتُ نادي النازحين بما فيه من ألمٍ ومعاناة، فالآن أكتبُ ودمعُ العينِ ينسكبُ عن تجربةِ النزوح.
فالنزوحُ أيها السادة ليست كلمة تُقال، أو فعلا يمارسه الإنسان وهو في كامل الفرح والسرور، بل يمارسه وهو في كامل القهر والحرمان، وهو أن يخرج من بيته بعد وصول إخطار له من طائرات الاحتلال، أو وصول صواريخ الاحتلال لتجبره دونما تفكير على إخلاء بيته أو منطقة سكناه ليصبح هائما على وجهه يبحث عن مأوى له ولعائلته، وهنا يُصاب الإنسان بالخوفِ والقهر حين يشعر بأن عليه إخلاء بيته الذي بناه على مدار سنوات، وله في كل ركنٍ درايةٌ ورواية.
لقد كنت مسئولا عن مخيم أمير للنازحين في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، والذي يحتوي على 100 خيمة بعدد أفراد يصل إلى 800 شخص، ولكل فرد احتياجات حسب سنه وجنسه.
كنت أتابع أمورهم باهتمام وتلبية ما يمكن من احتياجاتهم من خلال التواصل مع المؤسسات المانحة والداعمة، كما كنا ننفذ أنشطة ترفيهية خاصة بالأطفال وندوات توعوية للنساء، وفتحنا مركزا لتحفيظ القرآن كان مقره في الطابق الثاني من بيتي حتى نشعرهم بالأمان.
كنت أرى في أعينهم الأسى وأستمع لقصصهم فلكل إنسان قصة، منهم من كان يتجهز للسكن في شقته الجديدة الجاهزة لكن الحرب لم تمهله، ومنهم من لم يمر على سكنه في شقته سوى أيام أو أشهر قليلة، ومنهم من لم ينته من تجهيز بيته، ومنهم من لم يسدد أقساط بيته الجديد بعد، ولكل نازح رواية لا تكفي لسردها ألف ليلة وليلة.
وبالعودة لعنوان المقال، فـ"أن تكون نازحا!"، يعني:
- أن تبدأ رحلة البحث عن مقومات الحياة من مأكل ومشرب وملبس منذ طلوع الشمس حتى بعد غروبها، وأبسط مثال قد تمشي مسافة نصف كيلومتر حتى توفر عبوة ماء.
- أن تقضي وقتا طويلا في البحث عن الحطب والكرتون لمعاونة زوجتك في صناعة الخبز لأطفالك في ظل انعدام الغاز.
- أن تبقى لمدة أسبوعين وأكثر دون استحمام، وملابسك دون تبديل؛ لأنك لم تتمكن من إحضار ملابسك كاملة حين غادرت منزلك..
- أن قضاء حاجتك يسبب لك حرجا، فكل مخيم فيه حمام عام، ودخولك أنت أو أحد أفراد أسرتك للحمام يشعركم بالحرج خاصة النساء، وحتى الحمامات التي تكون داخل الخيمة تخضع لقانون الدور والترتيب.
- إن معاناتك تتفاقم بوجود أطفال ومرضى وكبار السن، فجميعهم يحتاجون لطعام خاص ورعاية خاصة وهدوء وراحة، وهذه الأمور يتعذر توفرها دوما.
- ألا تشعر بالأيام وهي تمر سريعا، فما أن يبدأ الأسبوع حتى ينتهي، وربما هي نعمة.
- أن تهتم بمتابعة الأخبار لتعرف أين وصلت الأمور، ثم تصاب بخيبة أمل حين لا تأتي الأخبار بما يسر القلب.
- أن تصبح خبيرا بكل أنواع الطقوس المجتمعية التي كانت في بلدك وأنت لا تعرفها.
- أن تفرق بين المهم والأهم، والضروري العاجل والضروري غير العاجل.
- أن تدرك أن قيمة المرء فيما يحسنه.
- أن تتأكد بأنك قد تصبح الشهيد التالي.
لكن رغم المصائب في غزة، وخاصة في مخيمات النزوح، رأينا الأمل والعزة والفخر في نفوس الناس فمنهم من تزوج في الخيمة، ومن ناقش رسالة الماجستير في الخيمة، ومن وضعت مولودها في الخيمة، وحفظ القرآن في الخيمة، ومنهن من تَكوّن في رحمها جنينٌ وهي في الخيمة، ومنهم من أكمل فصله الأخير في الجامعة للحصول على بكالوريوس تربية إسلامية وهو في خيمة مثل كاتب هذا المقال.
إجمالا، ما سبق هو غيض من فيض مما نعانيه في مخيمات النزوح، لكن يبقى أملنا بالله قويا ليرزقنا نصرا مؤزرا قريبا عاجلا إن شاء الله، رغم عواصف الشتاء.
وللحديث بقية مع الجرح الثالث من جروح النزوح.