لجريدة عمان:
2024-11-24@15:35:15 GMT

اللحظة العراقية الخاصة بإسرائيل

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

الترجمة عن الفرنسية: حافظ إدوخراز -

ثمّة نقاط تحوّل في التاريخ ترتبط يقينًا بأحداثٍ إرهابية. وكان هذا هو الحال في الحادي عشر من سبتمبر 2001 إثر الهجمات التي نفذّها تنظيم القاعدة في كلٍّ من نيويورك وواشنطن، وأسفرت عن مقتل ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص. وينطبق هذا أيضا على السابع من أكتوبر 2023، عندما أسفرت الهجمات التي قامت بها حركة حماس في إسرائيل عن مقتل 1163 شخصا (بما في ذلك 77 أجنبيا معظمهم من العمال التايلانديين في المزارع المحلّية).

لقد تمّ التعبير بوضوح في كلتا الحالتين عن الدعم للبلدين اللذين تعرّضا للهجوم وأُدينت الهجمات «الإرهابية» من قبل القادة في العالم، وليس الغربيين فقط، وعلى صفحات الجرائد. أعلنت صحيفة لوموند على سبيل المثال في افتتاحيتها في الثالث عشر من سبتمبر 2001 «نحن جميعا أمريكيون». وفي افتتاحيتها للعدد الصادر في التاسع من أكتوبر 2023 تبنّت الصحيفة لغة قاطعة بالقدر نفسه: «لا يمكننا إلا أن ندين العملية الإرهابية لحماس، ولإسرائيل كل الحق للردّ عليها».

إن الدعم الواسع الذي حظيت به الولايات المتحدة وإسرائيل في البداية في مواجهة «الهمجية الإرهابية» قد تلاشى بسبب التحوّل، الواعي والإرادي في كلتا الحالتين، من الحرب المفروضة، والتي يمكن في الواقع أن نعدّها دفاعا عن النفس، إلى حربٍ يتمّ خوضها باسم اعتباراتٍ أيديولوجية. لقد حصل هذا الانتقال من منطق حربي إلى منطق آخر بشكل تدريجي للغاية في حالة الولايات المتحدة، إذ إن رفض الملا عمر تسليم أسامة بن لادن وزعماء تنظيم القاعدة كان من شأنه تبرير الحملة التي شنّتها واشنطن ضد حركة طالبان الأفغانية في أكتوبر 2001 على رأس تحالف دولي. كما أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن قد اعتمد على المعارضة الأفغانية لنظام طالبان، والتي كانت تقود الحملة البرية بدعم متعدد الأوجه من الولايات المتحدة. ولكن الأفغان هم أنفسهم من قام بتحرير بلادهم من قبضة الإسلاميين، وليس الغزاة الأجانب.

لن تسير الأمور في اتّجاهٍ آخر إلا بعد عام واحد من ذلك، إذ ستقود الديناميكية الأيديولوجية «للحرب الشاملة على الإرهاب» الإدارة الأمريكية إلى اتّخاذ عراق صدام حسين عدوا وهدفا للحرب، رسميّا باسم القضاء على «أسلحة الدمار الشامل» التي قد يملكها العراق، وحقيقةً من أجل إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط لصالح واشنطن. وقد عارضت كلّ من فرنسا وألمانيا، من بين دول أخرى، هذا التحول من الحرب المفروضة إلى الحرب المختارة، مما اضطّر البيت الأبيض إلى الاستغناء عن موافقة الأمم المتحدة، التي تم الحصول عليها قبل ذلك في أفغانستان.

نفذّت القوات الأمريكية، مدعومة من عدد قليل من الحلفاء الغربيين، هجومها الخاطف باتجاه بغداد دون أي دعم عراقي على الأرض، وأطاحت سريعا بنظام صدام حسين. نحن نعرف بقية القصة: غياب أي «سلاح دمار شامل» في العراق، والتفكيك العنيف لهذا البلد الذي تحوّل بفعل الغزو ذاته إلى ملاذٍ للإرهاب المعولم.

الرّهان الحاسم لـ «اليوم التالي»

لقد كان الانتقال من الحرب المفروضة إلى الحرب المختارة أسرع بكثير في حالة إسرائيل، بسبب الإدارة الانتهازية والأيديولوجية لهذه الأزمة من طرف بنيامين نتانياهو. يملك رئيس الوزراء الإسرائيلي في الواقع مصلحة مباشرة في إطالة أمد الصراع، مما يسمح له، في سياق الحماسة الوطنية، بالاحتفاظ بقيادة حكومة لا تحظى بالقبول في الشارع، وبالتالي الحفاظ على حصانته التي تبقيه في مأمن من المتابعة القضائية التي تستهدفه بتهم الفساد والغش وخيانة الأمانة.

وعلاوة على ذلك، فإن نتانياهو يعدّ من المنظّرين الأيديولوجيين لـ«الحرب على الإرهاب» الذين أيّدوا دون أي تحفّظ الغزو الأمريكي للعراق، وهو الآن يربط بين القومية الفلسطينية والتهديد الوجودي لإسرائيل. ويذهب حلفاؤه المتعصّبون، الذين عرض عليهم وزارتي المالية والأمن، إلى أبعد من ذلك من خلال تشبيه الغالبية العظمى من الفلسطينيين بـ «النازيين» والدعوة ليس فقط إلى إعادة احتلال قطاع غزة بل إلى إعادة استعماره.

وعلى خلاف ما فعلته الولايات المتحدة في أفغانستان عام 2001، لم تكلّف إسرائيل نفسها في عام 2023 حتى عناء التظاهر بالمطالبة بالدعم الفلسطيني من أجل إضفاء الشرعيّة على هجومها ضد حركة حماس. وبالتالي فإن مثل هذا الهجوم يصبّ في مصلحة الإسلاميين الفلسطينيين، وخاصّة أن نتانياهو قد استبعد أي عودة للسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، الذي طُردت منه على يد حماس في عام 2007. ومن المرجّح أن يؤدي رفض نتانياهو المتكرر للتفكير في «اليوم التالي» في غزة إلى آثار كارثية مثلما حصل مع الولايات المتحدة في العراق عام 2003.

لقد كان من شأن هذا الرفض أن يفتح الباب على مصراعيه أمام دورة من «الحروب المستمرة» والتي انتهت بالنسبة للولايات المتحدة بعد خسائر غير مسبوقة، مع استعادة طالبان السيطرة على كابول في صيف عام 2021. لكن الولايات المتحدة تملك موارد هائلة من الواضح أن إسرائيل لا تحظى بها لكي تتمكّن من تحمّل تكلفة أخطائها الخاصة. ولهذا السبب، وكما تمّ تحذير الولايات المتحدة من طرف أصدقائها الحقيقيين في عام 2003 من جنون غزو العراق، يتعيّن على أصدقاء إسرائيل الحقيقيين اليوم أن يقدموا لها النصيحة ليحموها من هذه الدوّامة التي ستدمّرها في نهاية المطاف.

إننا نعيش اللحظة العراقية الخاصة بإسرائيل، والتي لن ينقذها منها إلا حل الدولتين.

جون بيير فيليو أستاذ بمعهد العلوم السياسية بباريس

عن لوموند الفرنسية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

زعيم كوريا الشمالية يتهم الولايات المتحدة بتأجيج التوتر.. ويحذر من حرب نووية

أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، نبأ عاجل، يفيد بأن زعيم كوريا الشمالية يتهم الولايات المتحدة بتأجيج التوتر، ويحذر من حرب نووية في شبه الجزيرة الكورية.

مقالات مشابهة

  • “آسيا تايمز”: الولايات المتحدة و”إسرائيل” تفشلان في إيقاف هجمات أنصار الله اليمنية 
  • إسرائيل.. المصادقة على تعيين سفير جديد إلى الولايات المتحدة
  • زعيم المعارضة بإسرائيل يعرض خططه لإنهاء الحرب في غزة ولبنان
  • العراق يطالب مجلس الأمن إلزام إسرائيل بوقف الحرب بالمنطقة
  • روته التقى ترامب في الولايات المتحدة
  • كوريا الشمالية: الولايات المتحدة تخلق جواً من المواجهة النووية
  • زعيم كوريا الشمالية يتهم الولايات المتحدة بتأجيج التوتر.. ويحذر من حرب نووية
  • بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صراع شامل
  • «الجارديان»: مخاوف لدى الولايات المتحدة وأوروبا من تصعيد الحرب الهجينة الروسية بعد استخدام أوكرانيا الصواريخ بعيدة المدى
  • الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت قرار تاريخي