جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-25@19:58:31 GMT

الإعلام الأمني.. والضرورة القيمية

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

الإعلام الأمني.. والضرورة القيمية

 

سلطان بن محمد القاسمي

يُمثل الأمن جوهر الحياة، والمعنى الحقيقي للعيش الرغيد، لكونه يعني أمن الإنسان، حياته، أسرته، وطنه، ممتلكاته، علاقاته، وضعه النفسي. من هنا يلتحق بهذا الجوهر الإعلام الأمني بصفته موجهًا ومساندًا لتعزيز الأمن الإنساني بمختلف مستوياته. من هنا لابد أن يكون الإعلام مرتبطًا ارتباطا قيميًا بالواقع الإنساني، خاصة فيما يتعلق بأمنه وسلامته واستقراره.

يرتكز الإعلام الأمني على تعزيز العلاقة بين المواطن والشخصية الأمنية سواء كان شرطي مرور أو شرطي نجدة، وهو في الحقيقة ليس مرتبطا بشخص بحد ذاته، وإنما بالقيم الأمنية التي يحملها الشرطي، والأطر الوقائية التي تخدم الإنسان وسلامته حياته؛ فهي علاقة تخدم أولًا المواطن نفسه، لأن الإعلام الأمني سيكون أيضًا مسؤولا عن التوعية الأمنية، وبيان أهمية التعاون المتبادل بين المواطن والجهة الأمنية للحفاظ على الوطن والإنسان.

ويهدف الإعلام الأمني فضلًا عن خلق صورة ذهنية إيجابية لدى المواطنين عن الأجهزة الأمنية ومهامها، إلى تنمية روح المشاركة والارتباط بين أجهزة الأمن وأبناء المجتمع على أساس أن تحقيق الأمن يمثل ضرورة أساسية لكل أبناء المجتمع وأن تحقيق الأمن والاستقرار يتطلب تكاتف جهود الكافة، والسعي إلى غرس المفاهيم الأمنية لدى المواطنين وتحصينهم وتشكيل بيئة حاضنة للأنشطة الأمنية وخلق رأي عام مساند لها.

ومن أهم ما يجب على القائمين على الإعلام الأمني هو بناء الثقة المتبادلة بين الجهة الإعلامية المتصدية للأمن الإنساني والجمهور من جهة، وبين القيم التي يدعو لها والجمهور أيضًا من جهة ثانية، وهذا يتم من خلال المصداقية التي يقرأها ويشعرها كل مواطن في المادة الإعلامية، والأسلوب الإقناعي المؤثر القائم على الحقائق والمعلومات الصحيحة. فضلًا عن التعريف بالمنجزات الأمنية واستقصاء المعلومة وتفنيد الشائعات. ويرتكز الإعلام الأمني على وضع استراتيجية توعوية تعزز من وعي المواطن بواجباته الأمنية، وأساليب المحافظة على أمنه وأمن منطقته، ومؤسسته، وأولاده، وتبصيره بالطرق والظواهر الجديدة التي يلجأ إليها المجرمون، وآليات التعامل معها واكتشافها، والتبليغ عنها.

لا بُد من القول، إن سر نجاح الإعلام الأمني يكمن في مخاطبة الشعور والوجدان؛ إذ لا يكفي أن تكون المعلومات مجردة؛ فالإنسان بطبعه يميل إلى ما يؤثر فيه ويلامس مشاعره وكوامنه، فلهذا لكي ينجح الإعلام الأمني في رسالته عليه أن يضمن استراتيجيته الكثير من معاني القيم والمشاعر برفقة المعلومات الأمنية لكي يعزز من تأثيره ويضمن استجابة الجمهور.

أضف إلى ذلك، ضرورة مواكبة الإعلام الأمني للتطورات التي تشهدها المجتمعات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وانعكاسات تلك التطورات على المجتمع والأفراد، وعلاقتها بالمتغيرات الأخرى التي ترافق الفرد مثل تكنولوجيا الاتصال، والاندماج الثقافي، والانفتاح الفكري، وغير ذلك. وقد تنوعت اليوم أساليب التلاعب بالعمليات الاقتصادية، والاحتيال على الآخرين، وكذلك التظاهر الثقافي وإبطان ثقافة دخيلة، وهذا يعني أن الإعلام الأمني لا يكتفي بعرض مُنجزاته؛ بل يحرص على التوعية المبصرة بأساليب التلاعب على جميع المستويات، والعمل على حث المعنيين لإيجاد قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة بالمجتمع وفئاته المختلفة من أجل توفير أرضية مشتركة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين.

وهذا الدور يتطلب من مؤسسات الإعلام الأمني إكمال دورة الاتصال بشكل تام، بمعنى دراسة ردود أفعال الجمهور، وقياس مستوى التأثير، ومعرفة المؤشرات المتحققة الدالة على اكتساب المعرفة والسلوك، وهذا ما يطلق عليه بالتغذية الراجعة.

أما عناصر الإعلام الأمني، فتتمثل في القائم بالاتصال وهي الجهات الأمنية أو من يمثلها، وهنا يجب على القائم بالاتصال أن يصيغ المادة الإعلامية صياغة محكمة، وأن يحرص على كسب ثقة المتلقي، ويتجنب الإسهاب الممل، والعرض غير الموضوعي، والكلام الخالي من الحقائق والأساسيات. والعنصر الآخر هو الرسالة، بمعنى موضوع وجوهر الحدث أو مادة الإعلام الأمني من ناحية المضمون والغاية. ويمثل الجمهور العنصر الآخر الذي يجب أن يكون محور الرسالة، ومضمونها، وهدف الإعلام بحد ذاته. وفي ضوء نوع الجمهور يتم اختيار القناة الاتصالية المناسبة، والملائمة للرسالة الاتصالية وبما يحقق الهدف المراد، وعليه يمكن أن تتعدد القنوات الاتصالية للرسالة الواحدة.

وفي الختام.. أدعو طلبة الجامعات لا سيما في تخصصات الإعلام أن يُولوا الإعلام الأمني حضورًا عميقًا في دراساتهم وأبحاثهم واهتماماتهم العلمية، وتقديم الرؤى والاستراتيجيات المُناسبة والمواكبة للتطورات التي تشهدها المجتمعات المعاصرة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي

في عالم تتداخل فيه التكنولوجيا مع تفاصيل الحياة اليومية، أصبحت الطائرات المسيّرة الصينية جزءًا لا يتجزأ من حياة العديد من الأمريكيين. من الزراعة إلى الإنقاذ، تتجاوز استخداماتها الفعّالة مجرد أدوات طائرة، لكنها تواجه الآن تحديات تشريعية تهدد وجودها في الأسواق الأمريكية.

اعلان

وتمثل الطائرات المسيّرة الصينية مثالًا حيًا على الابتكار التقني الذي غيّر قواعد اللعبة في العديد من المجالات، مثل الزراعة وخدمات الطوارئ. ففي ولاية كارولاينا الشمالية، يعتمد المزارع راسل هيدريك على هذه الطائرات لرش الأسمدة على حقوله بكفاءة وبتكلفة أقل بكثير من المعدات التقليدية. ومع ذلك، فإن هذا الاعتماد الكبير يثير قلقًا لدى صناع القرار الأمريكيين الذين يرون فيه خطرًا على الأمن القومي والتنافسية الاقتصادية.

راسل هيدريك يشغل طائرة مسيرة في مزرعته.Allison Joyce

ومع تصاعد المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، تسعى الحكومة الأمريكية إلى تقليص الاعتماد على المنتجات الصينية.

ويأتي هذا التوجه في سياق قيود سابقة فرضتها واشنطن على شركات الاتصالات الصينية والسيارات الكهربائية، بالإضافة إلى توجهات مماثلة في مجالات أخرى كأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي.

ولم تكن القوانين الجديدة بعيدة عن هذه المواجهة؛ إذ تضمن قانون الدفاع الذي أقرّه الكونغرس مؤخراً بنوداً تمنع شركتين صينيتين من بيع طائرات مسيّرة جديدة في الولايات المتحدة، إذا تبيّن أنها تشكل خطرًا "غير مقبول" على الأمن القومي الأمريكي. وقد سبق أن مُنعت بعض الوكالات الفيدرالية من شراء هذه الطائرات، مع استثناءات محدودة، بينما فرضت ولايات عدة قيودًا على استخدامها في برامج مدعومة حكوميًا.

ورغم المخاوف الأمنية، هناك أصوات تنتقد هذه الإجراءات، مشيرة إلى تأثيرها السلبي على قطاعات حيوية. ومن بين هذه الأصوات، المزارع هيدريك الذي يؤكد أن الطائرات الأمريكية لا تزال بعيدة عن منافسة نظيراتها الصينية من حيث الأداء والسعر. ويشارك هذا الرأي العديد من الخبراء الذين يرون أن البدائل الأمريكية ليست جاهزة بعد لسد الفجوة، مما قد يضعف قدرات المستخدمين المحليين على تنفيذ مهامهم اليومية بكفاءة.

طائرة مسيرة من طراز DJI التابعة لراسل هيدريك تنشر غطاء المحاصيل في مزرعته.Allison Joyce

وتحتل شركة "DJI" الصينية موقع الصدارة في سوق الطائرات المسيّرة، حيث تُعرف منتجاتها بأسعارها التنافسية وأدائها العالي. تُستخدم هذه الطائرات في تطبيقات متعددة، بدءًا من البحث عن ضحايا الكوارث الطبيعية وصولًا إلى تصوير الأفلام. ورغم ذلك، فإن وجودها المهيمن أثار مخاوف متزايدة، حيث أدرجتها الحكومة الأمريكية في قوائم سوداء بسبب مزاعم تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وعلاقات مع الجيش الصيني.

Relatedتايوان قلقة من تهديد جديد.. وتؤكد أن "الصين ترسل إلى المنطقة أكبر أسطول بحري منذ عقود"قبل عودة ترامب.. بايدن يدفع لوضع استراتيجيات جديدة للتعامل مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصيندعوات غير مسبوقة: ترامب يدعو زعماء من العالم بينهم الرئيس الصيني لحضور حفل التنصيب

لكن القوانين الجديدة لم تأت دون تحديات؛ فقد تسببت في تعطيل العديد من البرامج الحكومية والخاصة التي تعتمد على الطائرات المسيّرة، مما دفع بعض الولايات مثل فلوريدا إلى تخصيص ميزانيات ضخمة لمساعدة الوكالات المحلية على الانتقال إلى بدائل جديدة. ومع ذلك، وصف خبراء هذه المرحلة بأنها "فوضى عارمة"، حيث واجه المستخدمون صعوبات تتعلق بتعلم أنظمة تشغيل جديدة وإعادة ضبط الشبكات والتطبيقات المستخدمة.

وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع الصناعة الأمريكية سد الفجوة وابتكار بدائل قادرة على منافسة المنتجات الصينية؟

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ترامب يهدد أوروبا بعقوبات ورسوم جمركية ويطالب بزيادة إنفاق الناتو إلى 5% ميتا تواجه غرامات تفوق 251 مليون يورو بعد تسريب بيانات المستخدمين في 2018 دعوات غير مسبوقة: ترامب يدعو زعماء من العالم بينهم الرئيس الصيني لحضور حفل التنصيب ضرائبالصينالولايات المتحدة الأمريكيةالسياسة الصينيةالوارداتزراعةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next إصابة أكثر من 25 إسرائيليًا إثر صاروخ يمني والكنيست يمدد حالة الطوارئ لعام إضافي يعرض الآن Next ترامب والصحة العالمية كلاكيت ثاني مرة.. الرئيس المقبل ينوي الانسحاب من المنظمة فهل يفعلها مجددا؟ يعرض الآن Next طلاق أسماء الأسد.. رحل بشار عن سوريا فهل ترحل عنه زوجته؟ يعرض الآن Next عاجل. وول مارت تبيع قمصانا عليها صورة السنوار وإسرائيل تستشيط غضبا يعرض الآن Next عاجل. 12 قتيلًا على الأقل بإنفجار في مصنع للمتفجرات شمال غرب تركيا اعلانالاكثر قراءة بعد ثلاثة أيام.. العثور على ركاب الطائرة المفقودة في كامتشاتكا أحياء مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز هل بدأ انتقام إسرائيل من أردوغان وهل أصبحت تركيا الهدف المقبل للدولة العبرية؟ فلتذهبوا إلى الجحيم! اللعنة كلهم يشبه بعضه! هكذا تعاملت ممرضة روسية مع جندي جريح من كوريا الشمالية بحضور الوزير فيدان.. الشرع يعد بنزع سلاح كل الفصائل بما فيها قسد وإسرائيل قلقة من تحرك عسكري تركي اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومعيد الميلادبشار الأسددونالد ترامبإسرائيلشرطةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني أوروباسورياضحاياأبو محمد الجولاني ماغدبورغنيويوركالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • استغل نزوح سكان راشيا الفخار في الحرب وهذا ما فعله.. سارق في قبضة قوى الأمن
  • الأحدب: لتتوقف التركيبات الأمنية التي تهدف لتشويه صورة طرابلس
  • يظاهي البنتاغون….المغرب يبني مقر ضخم لمديرية الأمن ويدخل غمار الخدمات التكنولوجية الأمنية
  • مخيم جنين.. ارتفاع ضحايا العملية الأمنية الفلسطينية إلى 5 قتلى
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود والشيخ فهد الصباح يبحثان تعزيز التعاون الأمني
  • «أبوزريبة» يبحث الخطة الأمنية لتعزيز الاستقرار في أجدابيا
  • «المواقع الرياضية والصورة الذهنية للجمهور» رسالة ماجستير في جامعة بني سويف
  • وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة
  • الإعلام بين الماضي والحاضر