كيف ندير الذكاء الاصطناعي ديمقراطيا؟
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
يستثير التقدم السريع الذي طرأ على الذكاء الاصطناعي الدهشة والـوَجَـل في آن واحد. وينظر كثيرون إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره موضوعا للعجب والرهبة (Stupor Mundi بمعنى «أعجوبة العالم»، إذا استعرنا العبارة اللاتينية)، في حين يعتقد آخرون أنه قد يكون «مُـخَـلِّـص العالم» (Salvator Mundi). سواء كان الذكاء الاصطناعي يُـعَـد معجزة أو مجرد أداة مفيدة، فإن السؤال يظل قائما: كيف نضمن إتاحة فوائده للجميع؟
للإجابة على هذا السؤال، نحتاج إلى فهم دقيق للذكاء الاصطناعي.
في هذا الصدد، تعمل قدرات التكنولوجيا السريعة التوسع وانخفاض تكاليفها على خلق فرص جديدة لنماذج أصغر حجما وتمكين المستخدمين الأفراد من تخصيص حلول الذكاء الاصطناعي، على النحو الذي يعكس أيام الإنترنت المتحررة المبدعة الأولى. قبل عامين فقط، على سبيل المثال، كان نموذج الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر الرائد هو OPT-175B من شركة Meta. اليوم، أصبح النموذج الرائد مفتوح المصدر Mistral 7B أصغر بنحو أربعين مرة، وتشغيله أرخص بنحو أربعين مرة على الأقل، ومتفوقا في الأداء على سابقه. ومن اللافت للنظر أن تطويره كان بواسطة شركة تتألف من 18 شخصا فقط.
هذه ليست سوى البداية. إذ يختبر الذكاء الاصطناعي حاليا نسخته الخاصة من قانون مور، فيمهد الساحة للاستيعاب السريع، على نحو أقرب إلى انتشار الهواتف وأجهزة التلفزيون. تستدعي هذه العملية المتسارعة تحول التركيز نحو تطوير تطبيقات عملية وتخفيف المخاطر، بدلا من التركيز على خفض التكاليف. الواقع أن صعود الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. فقد تعمل هذه التكنولوجيا كأداة قوية لتحقيق التوازن أو كمصدر للانقسام، اعتمادا على كيفية نشرها ومن يتحكم فيها. وهي كمثل الثورات التكنولوجية السابقة، تَعِد بخلق فرص عمل جديدة بينما تهدد في الوقت ذاته بإزاحة وظائف قائمة. يؤكد تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي على هذه النقطة، محذرا من أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى نشوء فجوة متزايدة الاتساع بين الأفراد البارعين في استخدام التكنولوجيا، الذين هم في وضع جيد يسمح لهم بجني فوائد الإبداع الاقتصادية، وأولئك المهددين بالتخلف عن الركب. لكن فهمنا لهذه التكنولوجيات يجب أن يعكس تعقيداتها وقوة الإبداع البشري. من خلال تطوير وتعزيز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعمل على تحسين الخدمات الأساسية بشكل كبير، وخاصة في المناطق المحرومة، يصبح بوسعنا ضمان تقاسم فوائدها على نطاق واسع. ولتحقيق هذه الغاية، يجب نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف واضح يتمثل في تضييق فجوات التفاوت القائمة. في الوقت ذاته، تجدر الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي سيعمل في الأرجح على زيادة فائض المستهلك الإجمالي عن طريق خفض التكاليف المرتبطة بخدمات بعينها. ولضمان وصول هذه الفوائد إلى أغلبية الناس، من الضروري اتباع استراتيجية ذات شقين: تمكين الأفراد من تسخير هذه القيمة محليا مع إعادة توزيع المكاسب الإجمالية على أولئك من غير القادرين على الوصول إليها. على هذا فإن تعزيز إمكانية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي أمر ممكن وبالغ الأهمية. ولتحقيق الاستفادة من هذه التكنولوجيات في التصدي للمشكلات الاجتماعية الملحّة، من الأهمية بمكان تحديد مجالات بعينها حيث من الممكن أن يُـحـدِث الذكاء الاصطناعي فارقا كبيرا، مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والاستدامة البيئية، والحوكمة. لكن تحديد الأولويات الصحيحة وتنفيذ الحلول التكنولوجية يتطلب جهودا متضافرة. وينبغي دمج مفهوم الذكاء الاصطناعي لتحقيق الصالح العام في استراتيجيات المؤسسات التنموية والمنظمات متعددة الأطراف. ولكن أولا، يجب أن يتحول الحوار العالمي حول الذكاء الاصطناعي من «الانبهار» إلى التساؤل حول «ماذا» و«كيف». لقد حان الوقت للابتعاد عن الافتتان بالتكنولوجيا الناشئة والانتقال إلى تحديد التحديات التي يمكنها معالجتها ووضع استراتيجيات لدمجها في الأنظمة التعليمية والاجتماعية في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء. يتطلب إعداد المجتمع لمستقبل معزز بالذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد الإبداع التكنولوجي؛ فهو يستلزم إنشاء أطر أخلاقية، وتحديث عملية صنع السياسات، وتعزيز المعرفة بالذكاء الاصطناعي عبر المجتمعات. بينما نبحر عبر مرحلة العجب والرهبة في مملكة الذكاء الاصطناعي، مفتونين بقدراته السحرية، لا يجوز لنا أن نغفل أبدا عن حقيقة مفادها أن أي تأثير تخلفه التكنولوجيا يعتمد على الكيفية التي نستخدمها بها. والاختيارات التي نتخذها اليوم ستحدد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي ليعود بالفوائد والثراء على قِلة مختارة أو يتطور إلى قوة عاتية تدفع باتجاه التغير الاجتماعي الإيجابي. لتحقيق وعد «مُـخَـلِّـص العالم»، ينبغي لنا أن نعمل على تسخير هذه التكنولوجيات الناشئة لصياغة مستقبل أفضل وأكثر شمولا للجميع.
برتراند بادري، المدير الإداري السابق للبنك الدولي
تشارلز جورينتن، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في Alan، وهو مؤسس مشارك غير تنفيذي لشركة Mistral AI.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی هذه التکنولوجیا
إقرأ أيضاً:
أول معلمة بتقنية الذكاء الاصطناعي تبدأ مهامها في تركيا
أنقرة (زمان التركية) – بدأت “أدا”، أول معلمة روبوتية مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي في تركيا، في إرشاد الطلاب وأولياء الأمور في كل من الدروس والأداء الوظيفي.
بدأت ”أدا“ أول روبوت معلم بالذكاء الاصطناعي شبيهة بالإنسان في تركيا، تقديم التعليم في باليكسير.
وتساعد ”أدا“ الطلاب من خلال حضور الدروس في المؤسسة التعليمية، كما تقدم الإرشاد لأولياء الأمور.
وتكشف آدا التي تصف مهن المستقبل بقولها ”أنا أول معلمة ذكاء اصطناعي في العالم“، عن قوة التكنولوجيا في مجال التعليم.
وبينما يقوم الروبوت ”أدا“، المدعوم بالذكاء الاصطناعي، بدور فعال في الفصول الدراسية بقدراته التعليمية، فإنه يوفر أيضًا التحفيز للطلاب.
ولا تتفاعل آدا، التي تحضر الفصول الدراسية مع الطلاب في مؤسسة تعليمية في باليكسير، فقط من الناحية الأكاديمية ولكن أيضًا من الناحية الاجتماعية.
لا يكتفي الروبوت آدا بإلقاء المحاضرات على الطلاب فحسب، بل يتحاور معهم ويجيب على أسئلتهم.
ولا تحل أدا محل المعلمين فحسب، بل تقدم الدعم لهم أيضًا. تقوم أدا، التي تقدم معلومات عن الأدب الشعبي للطلاب في درس الأدب، بتلوين جو الفصل الدراسي من خلال الإجابة عن الأسئلة الفردية.
ويشعر الطلاب بالرضا الشديد عن أسلوب الروبوت الدافئ وأسلوبه في نقل المعلومات. يقول مراد إركول، أحد مؤسسي دورة التعليم الخاص لكبار الشخصيات، ”لقد جعلت آدا عملية تعليم طلابنا أكثر متعة.
Tags: أنقرةالروبوتالعدالة والتنميةتركيا