دبابات مصر وهجوم إسرائيل.. ما دلالات التحركات الأخيرة في رفح؟
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
أعلنت إسرائيل نيتها تنفيذ هجوم بري في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة على الحدود مع مصر، في خطوة حذر منها المجتمع الدولي باعتبارها قد تقود مئات الآلاف من النازحين إلى أوضاع كارثية، ووسط مخاوف مصرية من أنه مع أية عملية عسكرية قد لا يجد المدنيين الفلسطينيين ملجأ سوى الاتجاه نحو حدودها.
ونزح أكثر من مليون شخص إلى جنوبي قطاع غزة، وبالتحديد إلى أقصى الجنوب قرب الحدود مع مصر، بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، وأصبحت خيام النازحين الفلسطينيين تقع مباشرة إلى جانب السياج الحدودي في رفح.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الجمعة، إنه طلب من الجيش وضع "خطة لإجلاء المدنيين" تمهيدا لتنفيذ عملية برية في رفح.
من جانبها، أرسلت مصر نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، في إطار تحركاتها لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة، وفق وكالة رويترز.
واعتبر محللون عسكريون وسياسيون في حديثه لموقع "الحرة"، أن الخطوة المصرية "لا تهدف إلى التمهيد لاشتباك مع إسرائيل، بل في الأساس لتأمين الحدود المصرية، في ظل اعتبار مصر لمسألة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء خطا أحمر يكون اجتيازه بمثابة تهديد للأمن القومي، وتصفية للقضية الفلسطينية".
ماذا تعني الخطوة المصرية؟قالت رويترز، الجمعة، إنه مع اندلاع الحرب في غزة منذ السابع من أكتوبر، عملت مصر على تعزيز حدودها ببناء جدارا خرسانيا تعلوه أسلاك شائكة مع غزة، في ظل المخاوف من احتمال إجبار الفلسطينيين على الخروج بشكل جماعي من القطاع.
وما زاد من تلك المخاوف، هو وصول أكثر من 1.4 نازح فلسطيني قرب الحدود المصرية.
ونقلت الوكالة عن مصدرين أمنيين مصريين، أن القاهرة "أقامت حواجز رملية وعززت من المراقبة عند مواقع التمركز الحدودية، بجانب نقل الدبابات والمدرعات".
وحول هذا التحرك، قال الأستاذ الزائر بالأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، سيد غنيم، إن الخطوة تعتبر بمثابة "رد يتفق مع الهدف السياسي المصري، وهي مهمة دفاعية للرد حال وجود أي تصعيد".
وأوضح غنيم في تصريحات للحرة: "لا يعني ذلك أن الهدف هو القتال، وإنما إذا تواجدت قوات هناك بالفعل فستكون مستعدة لتنفيذ مهمة قتالية لو لزم الأمر".
وحول السيناريوهات المتعلقة باحتمالية تسبب العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، في توجه فلسطينيين نحو الحدود المصرية، قال: "لا أتوقع استخدام مصر القوة أمام المدنيين".
والخميس، قالت الولايات المتحدة إنها "لن تؤيد أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح لا تضع في الاعتبار محنة المدنيين"، في وقت وصف فيه الرئيس الأميركي، جو بايدن، الرد العسكري الإسرائيلي في أعقاب هجوم حركة حماس (المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية) في السابع من أكتوبر بأنه "جاوز الحد".
فيما قال المتحدث باسم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، الجمعة، إنه يتعين حماية المدنيين في رفح "ويجب ألا يكون هناك أي تهجير قسري جماعي"، وأضاف: "نحن قلقون جدا على مصير المدنيين في رفح".
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية السعودية، السبت، بيانا حذرت فيه من "التداعيات بالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح" من جانب القوات الإسرائيلية، معلنة "رفضها القاطع" أيضًا لأي عملية ترحيل قسري للمدنيين.
وقالت إن مدينة رفح الحدودية مع مصر تعد "الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الإسرائيلي الوحشي على النزوح"، حيث يحتشد أكثر من مليون نازح فروا من الدمار والمعارك في باقي مناطق القطاع المحاصر.
من جانبه، اعتبر المحلل الإسرائيلي، إيلي نيسان، أن "تحريك مصر لدبابات ومدرعات، هدفه ليس مواجهة مع إسرائيل، بل لمنع محاولات اجتياز الحدود من رفح إلى سيناء".
وحاول موقع "الحرة" التواصل مع الجيش الإسرائيلي للحصول على تعليق بشأن العملية العسكرية وإمكانية إجلاء الفلسطينيين من رفح قبلها، لكن لم يتلق أي رد حتى نشر التقرير.
فيما اعتبر الخبير العسكري المصري، نصر سالم، أن أية عملية عسكرية، سواء تم فيها إجلاء المدنيين الفلسطينيين من رفح قبلها أو لا، "ستكون كارثية، ويجب أن يقف المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، ضدها".
واعتبر في حديثه لموقع الحرة، أن "مصر تتصرف في حدود اتفاق السلام المبرم مع إسرائيل"، مشيرًا إلى أن "مصر مسؤولة عن حدودها.. وحدودها خط أحمر، وترفض الدولة التهجير القسري أو أي عمليات تمس خط الحدود الدولية".
وتابع: "تحركات مصر هي في إطار الدفاع عن حدودها والحفاظ عليها".
"لا أحد يريد التوتر"وعقب إعلان إسرائيل نيتها تنفيذ عملية عسكرية في رفح، قالت الرئاسة الفلسطينية في بيان، الجمعة، إن هدف نتانياهو هو "تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه".
وقال البيان إن "إقدام الاحتلال على هذه الخطوة يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وإن ذلك تجاوز لكل الخطوط الحمراء".
من جانبها، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه، أن بلاده ستعمل على "تنظيم انتقال للنازحين في رفح إلى الشمال، بعدما فروا منه في السابق، وذلك قبل أية عملية عسكرية".
ورأى غنيم في حديثه للحرة، أن هناك "مخاوف إسرائيلية من العملية في رفح، تتعلق "بالخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين في ظل الضغوط الدولية، بجانب مسألة النزوح إلى مصر، والمخاوف من موقف القاهرة".
وأضاف أن إسرائيل "لا تريد استفزاز الجانب المصري الذي لديه موقف لا يتنازل عنه، وهو عدم تهجير الفلسطينيين من القطاع".
ونقلت وكالة "فرانس برس"، السبت، أن الجيش الإسرائيلي شن غارات في محيط رفح خلال الساعات الماضية، فيما أشارت وزارة الصحة في القطاع إلى أن 25 شخصا قتلوا الليلة الماضية إثر غارات إسرائيلية في المدينة الحدودية مع مصر.
كما رصدت الوكالة تحذير حماس، السبت، من وقوع "مجزرة" في رفح، التي باتت الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح.
من جانبه، اعتبر المحلل الإسرائيلي نيسان في حديثه للحرة، أن قرار بدء العملية العسكرية في رفح "سيتم تأجيله حتى التنسيق مع مصر وإجلاء المزيد من المدنيين في رفح وخان يونس"، قائلا إن "رفح تعتبر الشريان الرئيسي لتهريب الأسلحة من سيناء إلى غزة".
وكانت مصر قد نفت مثل هذه الاتهامات الشهر الماضي، وقالت في بيان للهيئة العامة للاستعلامات الحكومية، إن "تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين، في قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر. وهنا يجب التأكيد الصارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه، سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية – الإسرائيلية".
ولفت نيسان إلى أن تلك التحركات "تتم بالتنسيق مع أميركا ومصر، حتى لا يتسبب اقتراب القوات من رفح في تحرك الآلاف نحو مصر، لأن إسرائيل لا ترغب في خلق توتر مع القاهرة التي رفضت مسألة نزوح الفلسطينيين إلى سيناء".
كما أشار إلى أن إسرائيل تتعرض لضغوط أميركية "لأسباب داخلية، لتقليل حدة العمليات بسبب انعكاساتها السلبية على (الرئيس الأميركي جو) بايدن قبل الانتخابات المقررة في نوفمبر". وأضاف: "هناك رغبة في إنهاء العملية قبل شهر رمضان"، الذي يبدأ بعد أقل من شهر.
ما شكل العملية المحتملة في رفح؟أوضح غنيم أنه من المرجح أن تستخدم إسرائيل نفس التكتيكات القتالية التي تنفذها في خان يونس، وليس كما كان الوضع عليه شمالي قطاع غزة في بداية العملية العسكرية.
واندلعت الحرب في 7 أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وترد إسرائيل منذ ذلك الحين بحملة قصف مكثف أتبعتها بهجوم بري واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل أكثر من 28 ألف شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، حسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.
ولفت الأستاذ الزائر بالأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، إلى أن الجيش الإسرائيلي "استخدم قوة تقليدية كبيرة وتركيز نيراني كبير، سواء مدفعي أو جوي أو بحري، حيث كان الهدف هو الاستيلاء على الأرض والتمسك بها".
وأوضح أن "الأمر اختلف في معارك الجنوب بسبب التكدس السكاني الكبير وتوفر معلومات بدرجة أكبر، مما جعله يقلل من قواته ويستخدم قوات خاصة، ويشن عمليات مداهمة أو تمشيط على مواقع بعينها"، لافتا إلى أن هذا من المرجح أن يكون شكل أية عملية في رفح.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: العملیة العسکریة الفلسطینیین من عملیة عسکریة مدینة رفح أیة عملیة قطاع غزة فی حدیثه أکثر من إلى أن فی رفح مع مصر من رفح فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما دلالات تصاعد الضربات العسكرية اليمنية على عمق العدوّ الصهيوني؟
يمانيون../
صاعدتِ العملياتُ العسكريةُ اليمنيةُ ضدَّ عُمقِ الأراضي الفلسطينية المحتلّة خلالَ الأيّامِ القليلةِ الماضية بشكل ملحوظ، ومنذُ فجر السبت، بلغت أربعَ عمليات بصاروخَينِ باليتسيَّينِ وطائرتين مسيَّرتَينِ؛ الأمر الذي يحمل العديدَ من الدلالات المهمَّةِ على مستوى مسار مواجهة العدوان الأمريكي وعلى مستوى مسار الضغط على العدوِّ الصهيوني؛ إسنادًا لغزة.
أولُ تلك الدلالات هو الفشلُ الذريعُ للعدوان الأمريكي في إضعاف قدرة القوات المسلحة اليمنية أَو حتى إشغالها من خلال الغارات المكثّـفة، وهي دلالة عامة تنطوي على تفاصيلَ بالغة الأهميّة، منها ثبوتُ التفوُّقِ الكبيرِ على حاملة الطائرات الأمريكية (هاري ترومان) وإخراجها عن الخدمة، سواء من خلال الإضرار بها مباشرة، أَو من خلال كبح دورها الهجومي بشكل كامل، أَو من خلال استنزاف إمْكَاناتها، وتجاوز قدراتها وأنظمتها بشكل شبه كامل، حَيثُ كانت حاملةُ الطائرات تشكّلُ خطَّ دفاعٍ متقدمًا لكَيان العدوّ ضد الهجمات الصاروخية والجوية اليمنية، ولو من خلال تقديم إنذارات مبكِّرةٍ للعدو للاستعداد؛ الأمر الذي يبدو بوضوح أن (ترومان) لم تعد تقومُ به بالشكل المطلوب.
وليست هذه المرة الأولى التي يحدُثُ فيها ذلكَ؛ فقبل وقف إطلاق النار في غزة، في يناير الماضي، كان الإعلام العبري قد تحدث بوضوح أن الهجمات اليمنية المكثّـفة على عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، عكست حالة الاستنزاف الكبير التي كانت تعاني منها البحرية الأمريكية آنذاك، والتي انسحب تأثيرها على العدوّ الصهيوني من خلالِ إرهاقِ المنظومات الدفاعية “الإسرائيلية” المكلفة، واستنزافها بشكل مماثل.
وفي السياق نفسه؛ فَــإنَّ تصاعُدَ الهجمات اليمنية على الأراضي الفلسطينية المحتلّة يكشف أَيْـضًا سقوط الخط الدفاعي الجديد الذي أنشأته إدارة ترامب من خلال نقل منظومات دفاعية جديدة منها منظومة (ثاد) إضافية، إلى بعض دول المنطقة لتعزيز شبكة الرصد والاعتراض ضد الهجمات اليمنية المساندة لغزة، حتى أن الإعلام العبري نفسه يقول: إن بعضَ الطائرات المسيَّرة اليمنية تحلِّقُ عبر مسارات يفترَضُ أن المنظومات الدفاعية الجديدة تغطِّيها، ويُفترَضُ أن يتم اعتراضُها قبلَ أن تصل.
وسواءٌ أكانت هذه مشكلةَ استنزاف أُخرى للصواريخ الاعتراضية لدى القوات الأمريكية (تصل تكلفة صاروخ (ثاد) الواحد إلى 15 مليون دولار) أَو مشكلةَ فشل تِقْني في رصد واكتشاف الطائرات والصواريخ المسيرة اليمنية المُستمرّة بالتطور، كما ظهر جليًّا في الهجمات الأخيرة التي باغتت العدوّ الصهيوني ومستوطنيه؛ فمن الواضح أن مسار عمليات الإسناد اليمنية المباشرة إلى عمق الأراضي الفلسطينية لا يزال مفتوحًا وأن كُـلّ الجهود لإغلاقه سقطت، وعاد العدوّ الصهيوني مرة أُخرى إلى مأزِقِ الجبهة العنيدة التي لا يستطيعُ أن يفعلَ شيئًا لإيقافِها أَو تخفيف أثرِها؛ فخيارُ الاعتماد على أكاذيب الاعتراض والتصدّي للهجمات ليس مضمونًا وسَرعانَ ما يظهَرُ عدمَ جدواه عندما يتم توثيق نجاح هجوم يمني في إصابة هدفه، كما أن تراكم الضغط الأمني والمعنوي للهجمات اليمنية سيتجاوز بلا شك تلك الأكاذيب ويخلق نقاشات جديدة حول الاستنزاف والإرهاق وفشل استراتيجيات “الردع” ضد اليمن كما حدث في الجولة السابقة.
ولا يختلفُ الوضعُ بالنسبة لخيار الاندفاع لتنفيذ عدوان مباشر على اليمن؛ فهذا الخيار قد تم تجريبه سابقًا وكانت نتائجه فاضحة، وتكراره الآن لن يكون سوى إعلان مدوٍّ لفشل العدوان الأمريكي الذي تقر وسائل الإعلام العبرية أن كيان العدوّ لا يستطيع أن يفعل ما هو أكثر منه، بل لا يستطيع حتى أن يقتربَ من وتيرته؛ نظرًا للتحديات اللوجستية والجغرافية والاستخباراتية.
ومن هنا يبرز تأثيرٌ آخرُ مهمٌّ للتصعيد اليمني ضد عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وهو عودةُ اليمن إلى واجهة المشهد داخل الكيان العدوّ كتهديد “يومي” ملموس ومتصاعِد ولا يمكن تجاهُلُه، وهو أمرٌ واجه العدوُّ الصهيوني أزمة كبيرة في التعامل معه قبل وقف إطلاق في يناير الماضي؛ فبرغم التهديدات التي كان نتنياهو ومسؤولو حكومته يوجهونها لليمن وللقيادة اليمنية آنذاك، وبرغم الاعتداءات المباشرة على اليمن، كانت حالة اليأس والإحباط والذعر معلَنةً وواضحةً وعامَّةً ويتم الحديث عنها بشكل مُستمرّ على كُـلّ المستويات، بَدءًا من المستوى الأمني والدفاعي الذي كان يتحدث بوضوح عن استحالة ردع اليمن وعن سقوط مفهوم “الردع” نفسه، في مواجهة الجبهة اليمنية، مُرورًا بالمستوى الاقتصادي الذي كان يواجهُ تداعياتٍ متزايدةً جراء الضربات اليمنية، بما في ذلك امتناعُ شركات الطيران عن العودة إلى مطار “بن غوريون” وُصُـولًا إلى المستوى الجماهيري، حَيثُ كان قطعان المستوطنين يواجهون أزمة عامة في ما يتعلق بتعطيل روتين الحياة جراء الهجمات اليمنية.
وقد كشف مسؤولون أمنيون في كيان العدوّ لاحقًا أن الضغطَ الذي شكَّلَه الحضورُ الكبيرُ للجبهة اليمنية آنذاك، أسهَمَ بشكلٍ مباشرٍ في الدفع نحو قُبولِ اتّفاقِ وقف إطلاق النار.
ومما يوضح أهميّةَ هذا التأثير أن إدارةَ ترامب حرصت بشكل واضح في عدوانها على أن تحقّقَ هدفَ إبقاء كيان العدوّ ومستوطنيه بعيدين عن مشهد المواجهة مع اليمن قدرَ الإمْكَان، حَيثُ طلبت الإدارةُ الأمريكية من العدوّ أن يتركَ لها مسألة تنفيذ العمليات العسكرية ضد اليمن بشكل كامل، بل حرصت حتى على أن يتمَّ إبقاءُ “إسرائيل” بعيدةً عن العناوين والشعارات الإعلامية لحملة العدوان على اليمن، لكن تصاعد العمليات اليمنية خلال الأيّام الأخيرة ينسفُ هذه الاستراتيجية بشكل كامل، وهي نتيجةٌ طبيعيةٌ للفشل العملياتي الأمريكي الذي بات معلَنًا ومعترَفًا به؛ لأَنَّ عجزَ الجيش الأمريكي عن تحقيق هدف الإضرار بالقدرات اليمنية أَو التأثير على القرار اليمني، ينعكسُ بشكل مباشر وفوري على وضعِ الكيان الصهيوني في المواجهة.
ضرار الطيب| المسيرة