بين "ملْقى" القبيلة وصالات جنيف.. أي تأثير لمشايخ مؤتمر "ديكاف" على الوضع الداخلي في اليمن؟
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
ببدلات أنيقة، ظهر عدد من "زعماء قبائل اليمن" في سويسرا، حيث طاروا مؤخراً للمشاركة في مؤتمر مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن "ديكاف"، بهدف بحث دور القبيلة اليمنية في صنع السلام والأمن، برعاية الأمم المتحدة والحكومة السويسرية ومشاركة ممثلين عن الاتحاد الأوروبي ومنظمات وهيئات دولية.
وانعقدت أعمال المؤتمر، الذي حمل عنوان (نحو رؤية يمنية لتعزيز بناء الثقة والاستقرار الأمني باليمن)، خلال أيام الإثنين – الأربعاء، ويهدف وفق مشاركين فيه، لمحاولة الدفع بجهود بناء الثقة التي ترعاها الأمم المتحدة لحلحلة الأوضاع في اليمن، وبحث فيه المشاركون عن توافقات وآليات في مراحل ترتيب عملية السلام، لاسيما فيما يتعلق بملف الطرقات والعمليات الإغاثية والإنسانية، وسبل دعم تلك التوافقات من قبل العُرف القبلي، بما من شأنه إسناد عملية السلام الأممية.
وقال أحد المشاركين في المؤتمر، إنه بنسخته الحالية (سبقته نسختان في السنوات الماضية)، قد يخلص إلى تشكيل ملتقى قبلي يضم المشاركين، إذا ما حصل التوافق بينهم بشأنه، فيما لم يصدر أي بيان عن نتائج المؤتمر حتى اللحظة.
وشارك في المؤتمر، نحو 40 يمنياً، "مشايخ ووجاهات قبلية وشخصيات اجتماعية، يمثلون مختلف أطراف النزاع في اليمن شمالاً وجنوباً، من بينهم: كهلان أبو شوارب، سبأ أبو لحوم، صالح الجبواني، أحمد العيسي، علي الضبيبي، صلاح باتيس، فهد الشرفي، عبدالله حسين عبدالله الأحمر، محمد صالح طريق، على القبلي نمران، وآخرين"، وفق المصادر.
ومن أبرز المشاركين في المؤتمر الزعيم القبلي، أحمد سيف الذهب، وهو واحد من المشايخ الذين قدموا خدمة رائعة لميليشيا الحوثي خلال سنوات مضت، وساهم بشكل فعال في تمكينها من السيطرة على محافظة البيضاء "وسط البلاد"، انتهاء بظهوره وسط جمع من القبائل عقب استيلاء الحوثيين على منطقة خبزة 2022، والتي واجهت الميليشيا فيها مقاومة شرسة، ومارست أبشع الانتهاكات عقب اجتياحها.
لكن الذهب اختلف لاحقاً مع الميليشيا، كحال الكثير من النافذين الذين استعملتهم الميليشيا لتحقيق أهدافها قبل أن تنقلب عليهم وتسومهم سوء العذاب، وعندما فُتح مطار صنعاء، غادر البلاد إلى الأردن للعلاج، واستقر هناك، مثل العشرات من المشايخ الذين لم تعد لهم صلة بقبائلهم، وتركوا "الملاقي" القبلية والتي تنعقد عادة في مكان عام بأرض القبيلة، لميليشيا الحوثي التي استولت على كل عناصر تكوين القبيلة وسخرتها لحشد الشباب الى جبهات القتال.
وتلبية لدعوة لم تأت عبر "التنصير" وهي النار التي اعتادت القبائل إشعالها في رؤوس الجبال عند النكف القبلي أو الدعوة لاجتماع طارئ يناقش أمراً يهمها، بل عبر الهواتف الفخمة، غادر هؤلاء مقرات إقامتهم في مختلف العواصم إلى فنادق بلاد الألب.
وحرص الذهب على نشر صورة وهو يتزيّأ الثوب والكوت والجنبية ويقطع شارعاً عاماً بمدينة جنيف، كتأكيد على حفاظه على أسلاف وأعراف القبيلة التي لم يتخل عنها حتى وهو في قلب القارة الأوروبية، وذلك ضمن عدد من الصور التي تشعرك لأول وهلة أنك أمام شكل جديد من المشايخ الذين تركوا "الجنبية" وارتدوا البدلات وسراويل الجينز، أو أنك أمام شكل من أشكال الصراع بين الأجيال.
غير أن الصور ذاتها تضعنا أمام سؤال مهم، عن التأثير الذي ما زال يملكه المشاركون ومشايخ القبائل عموماً في الشأن اليمني حالياً. لا سيما بعد سنوات من الاستهداف الممنهج من قبل ميليشيا الحوثي التي أتت على كل شيء، ومكّنت شخصيات مجهولة من السيطرة على القرار في مراكز القبائل، فيما ألجأت كثير من المشايخ الحقيقيين الى الاختفاء عن الشأن العام، أو النزوح خارج البلاد.
ولعل الصور ذاتها قد تحمل إجابة على سؤالنا، فمن ظهر فيها غالباً هم أبناء وأحفاد مشايخ قبائل اختاروا العزلة والسكوت وأرسلوا "العيال تتسلى وتتعرف على العالم" بحثاً عن أي دور قد يأتي عن طريق المنظمات والفاعلين الدوليين، وفق مراقبين، وتركوا التأثير في قبائلهم لشخصيات أبرزتها الميليشيا وسيطرت بها على القبيلة.
كما أن من بين من ظهر في الصور أيضا مشايخ تحولوا نتيجة عجزهم عن التأثير في واقعهم الى ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا النوع غالباً هدف سهل لإنجازات المنظمات والسفراء، وأنشطتهم الباحثة عن حلول إعجازية لأزمة البلاد، في الوقت الذي تستغل ميليشيا الحوثي القبيلة للحشد والتجنيد، انتظاراً لفرصة توجه من خلالها الضربة القاضية، وتسيطر على باقي محافظات البلاد.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن جنيف مشايخ اليمن ملتقى من المشایخ
إقرأ أيضاً:
أمريكا و10 دول: التغير المناخي يفاقم مشاكل اليمن
أكد بيان مشترك لأمريكا وفرنسا وبريطانيا و8 دول أخرى، أن التغير المناخي يفاقم المشاكل المتعددة التي يعاني منها اليمن، في الوقت الذي أدى الصراع لنزوح أكثر من 4.5 مليون شخصا بعدد من المحافظات اليمنية.
جاء ذلك في بيان للدول المشاركة في تعهدات مجلس الأمن المشتركة بشأن المناخ والسلام والأمن - فرنسا، وغويانا، واليابان، ومالطا، وموزمبيق، وجمهورية كوريا، وسيراليون، وسلوفينيا، وسويسرا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة - لتسليط الضوء على العلاقة بين المناخ والسلام والأمن في اليمن، وتسليط الضوء على الروابط بين تغير المناخ وتدهور الوضع الإنساني في اليمن، قبل إحاطة اليوم.
وبحسب البيان، فإن الاجتماع لهذه الدول (أمريكا وبريطانيا وفرنسا و9 دول) عقد قبيل اجتماع مجلس الأمن يوم أمس لمناقشة الوضع في اليمن.
وقال البيان، إن الصراع المطول في اليمن أدى إلى نزوح أكثر من 4.5 مليون شخص داخليًا، إلى جانب أضرار جسيمة في البنية التحتية وانهيار اقتصادي.
وأوضح أن 18.2 مليون يمني - أكثر من نصف السكان – يعانون من انعدام الأمن الغذائي وهم في حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة. 75٪ منهم من النساء والأطفال.
وأشار البيان، إلى أن الوضع الإنساني المزري يتفاقم بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، فضلاً عن أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات المفاجئة.
وقال البيان: "الحصول على مياه الشرب هو أحد التحديات الأكثر أهمية التي تواجه اليمن. فوفقاً للبنك الدولي، تشير التقديرات إلى أن 18 مليون شخص يفتقرون إلى الوصول إلى المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي الكافية في اليمن. واليمن بالفعل واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه في العالم".
ولفت البيان، إلى أن إمدادات المياه في البلاد مهددة بمجموعة من تأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر، والذي يمكن أن يتسبب في تسرب المياه المالحة إلى مصادر المياه العذبة في المناطق الساحلية، مشيرا إلى أن تفاقم الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى زيادة المخاطر التي تشكلها الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، وزاد من خطر انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه.
وأوضح البيان أن استنزاف احتياطيات المياه الجوفية، وزيادة وتيرة وشدة الأحداث الجوية المتطرفة، أدت إلى تدهور الأراضي الزراعية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وهو ما اعتبره البيان، محركا للنزوح والصراع المحلي، مع تزايد المنافسة على الموارد النادرة.
وأشار البيان، للإرتباطات المتعددة الأوجه بين تغير المناخ والصراع والنزوح وزيادة الفقر والضعف، والتي تساهم جميعها في تدهور الوضع الأمني والإنساني في اليمن.
وأكد أن منع وإدارة وحل النزاعات المحلية المتعلقة بالأرض والمياه والموارد الطبيعية أمر ضروري، مشيدا بالدور الذي لا غنى عنه للمرأة في هذا الصدد في الوقت الذي شجع البيان مشاركتها المستمرة.
وبحسب البيان، فإن التسوية السياسية الشاملة تحت رعاية المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الطويل الأمد في اليمن، ومعالجة هذه التحديات.
وشدد البيان، على ضرورة معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن كجزء من جهود المساعدات الإنسانية وبناء السلام الأوسع نطاقاً.
ودعا البيان، إلى تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرة المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية وتعزيز إدارة مخاطر الكوارث والاستجابة لها، بما في ذلك من خلال تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية.
وطالب البيان، منظومة الأمم المتحدة إلى دعم الجهود الرامية إلى إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.
وتعهد البيان، بمعالجة التحديات المترابطة للصراع وتغير المناخ لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية الفورية وغير المقيدة جنباً إلى جنب مع تحقيق مستقبل مستقر ومستدام لليمن.