السلطنة تناقش التقرير الرابع حول "سيداو".. وإشادات دولية بالجهود العمانية لتمكين المرأة في مختلف القطاعات
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
مسقط- الرؤية
ناقشت سلطنة عمان ممثلة بوزارة التنمية الاجتماعية تقريرها الوطني الرابع حول "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، وذلك في مقر الأمم المتحدة بالعاصمة السويسرية جنيف.
وأبدت اللجنة المشّكلة لمناقشة تقرير سلطنة عُمان والمكونة من 23 عضوا من مختلف دول العالم ارتياحها لجهود سلطنة عمان من أجل تحقيق المساواة للمرأة وتمكينها في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية، مثمنةً في هذا الإطار اهتمام حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ودعمه للمرأة العُمانية في مختلف المجالات، وكذلك تعزير جلالته لدور المرأة والرقي بدورها في مجال خدمة مجتمعها جنبًا إلى جنب مع الرجل.
وترأست معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية رئيسة لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" وفد سلطنة عُمان بحضور أعضاء الوفد المُشارك ممثلي وزارات: التنمية الاجتماعية والصحة والتربية والتعليم والثروة الزراعية والسمكية موارد المياه والعمل والاقتصاد، بالإضافة إلى ممثلي محكمة مسقط الابتدائية والادعاء العام والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وفي كلمتها، قالت معالي وزيرة التنمية الاجتماعية إنَّ سلطنة عُمان تعمل وفق خططها الاستراتيجية على مواصلة تطوير التشريعات الوطنية والعمل على تأكيد الحقوق لصالح تمكين المرأة في المجتمع ومشاركتها الإيجابية في البناء والتطور، إذ تأتي تلك الخطط تماشيًا مع مبادئها في إعلاء شأن المرأة وعدم التمييز وكجزء من التزاماتها بتنفيذ أحكام هذه الاتفاقية التي يمنحها النظام الأساسي للدولة فضلًا عن الاتفاقيات الأخرى المماثلة التي تدعم حقوق المرأة والتي انضمت إليها سلطنة عُمان.
وأشارت إلى أن من أهم الجوانب التي تحققت في بداية العقد الثالث من الألفية الثالثة، صدور النظام الأساسي للدولة (المعدل) بالمرسوم السلطاني رقم (6/2021) في 11 يناير 2021م، والذي يُشكل الإطار القانوني المرجعي الذي يحكم عمل السلطات المختلفة ويفصل فيما بينها، حيث تستمد منه مختلف أجهزة الدولة أسس ونطاق عملها.
وبيّن التقرير الدوري الرابع في الفقرتين (20) و(22) منه، أن النظام الأساسي للدولة تضمن مواد كفلت "تحقيق المساواة بين المرأة والرجل" في المادة (15) التي تؤكد على مبدأ "العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع"، كما أشارت المادة (18) منه على أن "الحياة والكرامة حق لكل إنسان وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها وفقاً للقانون"، كما كفل النظام الأساسي للدولة العديد من الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في (30) مادة في الباب الثالث الخاص بالحقوق والواجبات العامة .
وأكدت معالي الدكتورة وزيرة التنمية الاجتماعية أن سلطنة عُمان تتوجه لهدف استراتيجي وهو "حياة كريمة مستدامة للجميع"، خاصة المرأة والطفل والشباب وذوي الإعاقة والفئات الأكثر احتياجًا، مضيفة أن الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) تعد أول خطة تنفيذية لرؤية عُمان 2040، حيث تضمنت عدد من البرامج والأنشطة الهادفة لتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا.
وتابعت قائلة: "جاء قانون العمل ليؤكد ويعزّز ما تضمنه نظام الحماية الاجتماعية، وما التزمت به سلطنة عُمان من اتفاقيات ومعاهدات دولية وإقليمية من حيث ضمان حقوق العامل، وحظر أي شكل من أشكال العمل الجبري، والاحتفاظ بجواز سفر العاملة، وإتاحة نظام الشكاوى والتظلمات للعمال في المنشأة، بما في ذلك اللجوء إلى المحاكم في حالة الفصل التعسفي وغيرها من المكاسب في مجالات عديدة، وفي شأن حماية الأمومة ورعاية الطفل، فقد تضمن القانون في مواده حق المرأة في الحصول على إجازة مدفوعة الأجر لمدة (98) يومًا عوضًا عن (50) يومًا في القانون السابق بما يتطابق مع معايير منظمة العمل الدولية، وتتولى المنظومة خلال هذه الفترة سداد الاشتراكات عنها، كما منح القانون الحق للمرأة بالتمتع بإجازة بدون راتب لرعاية طفلها تصل لعام واحد، ومنح العاملة المرضعة ساعة يوميا لرعاية طفلها ويترك تحديدها للعاملة، وتحسب هذه الساعة من ضمن ساعات العمل الفعلية، تبدأ بعد انتهاء إجازة الوضع لمدة عام واحد، ومنح القانون للأب إجازة والدية لمدة (7) أيام مدفوعة الأجر، وحظر القانون على صاحب العمل إنهاء علاقة العمل لعدة أسباب منها: الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو المركز الاجتماعي، أو الإعاقة أو الحمل أو الولادة أو الرضاعة.
وبشأن انضمام سلطنة عُمان إلى الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان، والتحفظات بشأن بعضها، فقد لفتت معالي الدكتورة إلى انضمام سلطنة عُمان إلى العديد من الاتفاقيات كالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وانضمت بالمرسوم السلطاني رقم (16/2023) إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
واستعرضت كلمة سلطنة عُمان الإنجازات في مجال التعليم والصحة الإنجابية، والقضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشري، ومرض الزهري من الأم إلى الطفل، والمشاركة الاقتصادية للمرأة والتمتع بالحقوق السياسية وشغل المناصب بالإضافة إلى التمكين في مختلف القطاعات، والتحاق المرأة العُمانية بوزارة الدفاع وقوات السلطان المسلحة والأجهزة العسكرية والأمنية، والخدمات التأهيلية للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأشادت وكالة الأنباء الإسبانية (EFE) في تقريرها المعني بدراسة بين الجنسين في مجال دراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بجهود سلطنة عُمان في مجال المساواة بين الجنسين والتضاؤل الكبير في الفجوة القائمة بين الجنسين على المستوى العالمي في هذا المجال وتفوّقها عن باقي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تمكين المرأة من الوصول إلى المجالات العلمية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مواقف مُشرِّفة لا تتزعزع
محمد بن رامس الرواس
تميزت سلطنتنا الحبيبة عُمان بمواقفها المشرفة والثابتة على الصعيدين الإقليمي والدولي سابقاً ولاحقاً مما جعلها تحظى باحترام وتقدير دولي واسع، وهذه المواقف في تكوينها تستند إلى أصول مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وقرآننا الكريم ورسالة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في منهجه وإرشاداته الداعية إلى السلام والحوار والتعايش السلمي.
كل هذه المبادي عكستها السلطنة عبر سياساتها الخارجية من خلال خمس مواقف متزنة ومستقلة وحيادية:
أولها: الحياد الإيجابي والدبلوماسي الحكيم؛ حيث ترفض الانحياز لأي طرف في النزاعات الإقليمية والدولية وتعمل على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، ومن ذلك أنها قامت بدور أساسي في الوساطة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة عندما طلب منها ذلك؛ مما ساهم في التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني عام 2015.
ثاني هذه المواقف العُمانية هي جهود السلام التي تبذلها لدعم جمع الفرقاء باليمن منذ اندلاع الأزمة اليمنية، حيث التزمت السلطنة بدور الوسيط المحايد ساعيةً لتحقيق تسوية سياسية شاملة وعليه استضافت لقاءات بين الأطراف المتنازعة وقدمت تسهيلات لإجراء المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة.
ثالث هذه المواقف؛ العمل على سياسة تقريب وجهات النظر وتعزيز التعاون الخليجي والإقليمي؛ فبرغم اختلاف وجهات النظر داخل مجلس التعاون الخليجي في بعض القضايا المصيرية، حافظت السطنة على سياسة قائمة على تقريب وجهات النظر وتعزيز التعاون المشترك كما رفضت الانخراط في النزاعات الإقليمية بين الأشقاء، لذا امتنعت عن المشاركة في التحالف العسكري في اليمن، مؤكدةً أن الحلول الدبلوماسية هي الأفضل ولقد اتضح بعد ذلك حقيقة صواب موقفها.
رابعًا: دعم القضية الفلسطينية العادلة ودعم حقوقها المشروعة؛ حيث تقف السلطنة بثبات إلى جانبها، مؤكدة باستمرار على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، داعية إلى حوار بناء بين الفصائل الفلسطينية من جهة، وبين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة أخرى؛ لتحقيق سلام عادل وشامل بينهم.
خامسًا: حافظت السلطنة على استقلالية قرارتها؛ فهي تتخذ قراراتها الخارجية بعيدًا عن الضغوط السياسية، مما جعلها نموذجاً للدولة المستقلة في قرارها السياسي، كما رفضت الانخراط في التحالفات الإقليمية التي تؤدي إلى تصعيد التوترات، وفضلت لعب دور الوسيط وصانع السلام وتقارب وجهات النظر ونزع فتائل الحروب الحروب.
سادسًا: القيام بالدور الإنساني والإغاثي؛ حيث لم تتوانَ حكومة السلطنة عن تقديم المساعدات الإنسانية في المناطق المتضررة من النزاعات والكوارث الطبيعية والمتضررين من الحروب، فهي تقدم التسهيلات الإنسانية للمدنيين في مناطق الأزمات، مثل اليمن وسوريا، وفلسطين عبر توفير ممرات آمنة للمساعدات بدون مقابل أو طلب أثمان سياسية.
ختامًا.. إن مواقف سلطنة عُمان المشرفة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وحكومته الرشيدة وشعبه الوفي، ليست مجرد سياسات خارجية راسخة؛ بل هي انعكاس لرؤية حكيمة اسستها حضارة عُمانية عظيمة وانتهجها سلاطينها العظام؛ مفادها أن السلام والاستقرار هما الأساس لتحقيق مبادى العدل والصلاح حتى أصبحت السلطنة اليوم نموذجًا يحتذى به في المنطقة، ووجهةً موثوقة للحوار وحل النزاعات؛ مما دفع الحاقدون والمتآمرون للعمل على ممارسة الضغوط الدولية عليها للتراجع عن هذه القيم الأصيلة والمواقف المشرفة الموروثة؛ سعيًا منهم لجر السلطنة إلى تيارات الصراعات الإقليمية والدولية، ولكن حاشا لله لبلد مثل عُمان الأبية أن تغير أو تبُدل مواقفها الصلبة الراسخة، وستظل تفخر بدورها الدولي وتحظى باحترام المجتمع الدولي لها متمسكةً بقيمها الأصيلة.