الذكاء الاصطناعي.. محاذير ومنافع
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
نتفاجأ يومياً بأخبار حول تقنية حديثة تغزو عالمنا وتنتشر في مجالات حياته، ومن هذه التقنيات المبتكرة حديثاً تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الذي يعد ثورة جديدة في عالم التقنية الدقيقة. ويمثل هذا الابتكار قفزةً نوعية هائلة في عالم التقنيات المعلوماتية، وهو يقدم للإنسان فرصاً كبيرة وإمكاناتٍ واعدةً في مجال الخدمات الطبية والعمليات المعقدة الكبرى إذا تم استغلالها لصالح الجانب الإنساني وجرى العمل على توظيفها لصالح البشرية.
ولذا يتعين أخذ هذه الأبعاد بعين الاعتبار والانتباه والحذر، ولعل ذلك ما دفع بمجلس الأمن الدولي إلى عقد أول اجتماع بشأن الذكاء الاصطناعي وتأثيره في السلام والأمن العالميين، وهو أيضاً ما جعل العديد من الحكومات أنحاء العالم ترصد كيفية الحد من مخاطر استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مختلف مناحي الحياة، بما يساعد على دفع الاقتصاد العالمي نحو آفاق أخرى. واتخذ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً يدعو المجتمعَ الدولي إلى اتخاذ تدابير وقائية ورقابية في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي الذي ابتُكر حديثاً وأذهل العالمَ بإمكاناته التوليدية.
ويدعو القرار إلى تعزيز شفافية أنظمة الذكاء الاصطناعي ومراقبتها بشدة، لضمان البيانات المخصصة لهذه التكنولوجيا، وبغية مشاركها وتخزينها والتعامل معها وفق طرق تتوافق مع حقوق الإنسان ومصالحه. ومما دفع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى التحذير من أن الذكاء الاصطناعي قد يشكل خطراً على السلم والأمن الدوليين كونه يخترق قدرات الإنسان ومشاعره ومهاراته الطبيعية، داعياً الدولَ الأعضاءَ إلى وضع ضوابط ملزمة ورادعة، لإبقاء التقنية تحت السيطرة والرقابة الصارمة لكي لا تفلت الأمور مِن عقالها. وقال غوتيريش في جلسة مجلس الأمن المذكورة آنفاً: «مِن الواضح أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير في جميع مناحي الحياة»، مشيراً إلى أن هذه التقنية قادرة على المساعدة في وضع حد للفقر وفي علاج الإمراض المستعصية، لكن قد تكون لها «عواقب خطرة جداً على السلام والأمن العالميين».
وحذّرت منظمة «اليونيسكو» من أن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز التطور في مجال التكنولوجيا العصبية، كما في حالة غرزات الدماغ وربط الجهاز العصبي البشري بأجهزة إلكترونية محفزة، يشكل تهديداً للحياة العقلية للأفراد ويخترق خصوصيتهم، داعيةً إلى وضع إطار أخلاقيات صارمة يتعلق بحماية حقوق الإنسان في مواجهة التكنولوجيات الدقيقة التي تهدف إلى اختراق الجهاز العصبي للإنسان.. ولو كان ذلك بهدف علاج الحالات العصبية واستعادة الوظائف المتعلقة بالحركة.
كما حذّر الاتحاد الأوروبي من تداعيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على العامل البشري وتعطيل مهامه الإنسانية، في الوقت الذي ظهرت فيه دعوات لإنشاء هيئة تابعة للأمم المتحدة لإدارة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ووصل الأمر إلى حد أن عرّاب الذكاء الاصطناعي «جيفري هينتون»، وهو عالم نفس وكومبيوتر (بريطاني كندي) عمل لعقد من الزمن مع شركة غوغل، حذّر من المخاطر الكبيرة لأنظمة الذكاء الاصطناعي الحديث، مشيراً إلى أنها قد تخرج عن السيطرة وتعطل الأعمال والوظائف.
وهناك مَن يقول بأن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى الانقراض البشر وتهميشهم، وقد يتسبب في كارثة عالمية تشل حركة الإنسان وممارساته العادية، على اعتبار أن تفوق الذكاء الاصطناعي على الأدمغة البشرية وتجاوزها يمكن أن يؤدي إلى إنتاج أجهزة وآلات دقيقة حديثة لا تخطر على البال، سيصعب التحكم فيها وسيتوقف مصير البشرية على تصرفاتها. إن هذه الآراء والتحذيرات تقودنا إلى القول بأن العلم الذي يعد مظهراً لحضارة الإنسان ورقيّه وتطوره عندما يستغل بشكل إيجابي ونافع، قد يتحول إلى خطر محدق عندما يستغل بشكل سلبي وضار، أي بعيداً عن القيم الأخلاقية الإنسانية!
د. علي القحيص – كاتب سعودي
جريدة الاتحاد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: أن الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
آيها العلماء: بيومين فقط الذكاء الاصطناعي يحل ما عجزتم عنه لـ 10 سنوات!!
طور باحثو إمبريال كوليدج لندن نظرية جديدة حول مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، استغرقت منهم 10 سنوات لإثباتها.
الذكاء الاصطناعي "العالم المساعد" من غوغل تمكن من التوصل إلى نفس النظرية خلال يومين فقط. لا يمكنه الذكاء الاصطناعي تنفيذ التجارب المخبرية، لكنه قد يقلل من سنوات البحث والتكاليف المالية.
تستثمر الحكومة البريطانية ملايين الجنيهات في تطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي.
في تطور علمي مذهل، تمكن الذكاء الاصطناعي من حل لغز استغرق العلماء عشر سنوات لفهمه، وذلك خلال يومين فقط.
فقد طورت شركة "غوغل" نظام ذكاء اصطناعي جديد أُطلق عليه اسم "العالم المساعد" (Co-Scientist)، والذي يعمل كمساعد رقمي للباحثين، قادر على اقتراح أفكار ونظريات وتحليل البيانات العلمية.
عقد من الأبحاث يُختصر في يومين عمل فريق من الباحثين في إمبريال كوليدج لندن لأكثر من عقد من الزمن لفهم كيفية اكتساب بعض أنواع البكتيريا القدرة على مقاومة المضادات الحيوية، وهي مشكلة متزايدة تهدد الصحة العامة عالميًا، حيث يُتوقع أن تودي هذه "البكتيريا الخارقة" بحياة الملايين بحلول عام 2050.
عبر استخدام الأساليب البحثية التقليدية، تمكن العلماء من فهم الآلية التي تستخدمها البكتيريا لاكتساب حمض نووي جديد يجعلها أشد فتكًا.
وكانت هذه النتائج في طور النشر في المجلة العلمية المرموقة "سيل" (Cell). لكن بعد انتهاء البحث، قرر الفريق العلمي التعاون مع "غوغل" لاختبار قدرة الذكاء الاصطناعي "العالم المساعد" على اقتراح فرضيات جديدة.
وبتزويده ببيانات قليلة فقط حول الدراسة، طُلب منه تقديم أفكار حول كيفية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
نتائج صادمة: الذكاء الاصطناعي يقترح الإجابة الصحيحة فورًا جاءت النتائج مذهلة، إذ تمكن الذكاء الاصطناعي من اقتراح الفرضية الصحيحة كأول إجابة له خلال 48 ساعة فقط، وهي نفس النظرية التي توصل إليها الباحثون بعد سنوات طويلة من العمل المضني.
وعبّر البروفيسور خوسيه بيناديس، أحد قادة البحث في إمبريال كوليدج، عن دهشته قائلاً: "لقد عملنا لسنوات لفهم هذه الظاهرة، ثم جاء الذكاء الاصطناعي وقدم لنا الإجابة الصحيحة مباشرة.
كان الأمر صادمًا." من جانبه، قال الدكتور تياغو دياز دا كوستا، أحد الخبراء المشاركين في البحث: "إنها عشر سنوات من الأبحاث تم تلخيصها خلال يومين فقط بفضل الذكاء الاصطناعي.
" حدود الذكاء الاصطناعي: لا يستطيع إجراء التجارب على الرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي على اقتراح الفرضيات الصحيحة، إلا أنه لا يزال غير قادر على تنفيذ التجارب المخبرية لإثبات صحتها، وهي عملية استغرقت سنوات من العمل البشري.
ومع ذلك، فإن توظيفه في المراحل المبكرة من البحث قد يُحدث ثورة في الطريقة التي تُجرى بها الدراسات العلمية.
"نحو 90% من تجاربنا المخبرية عادةً ما تفشل، ولكن لو كنا قد حصلنا على هذه الفرضية منذ البداية، لكنا وفرنا سنوات من العمل، وأموالًا ضخمة من تمويلات البحث العلمي، والتي تأتي غالبًا من أموال دافعي الضرائب"، يقول الدكتور دا كوستا.
الذكاء الاصطناعي قد يعيد تشكيل البحث العلمي تجربة "العالم المساعد" لم تتوقف عند إمبريال كوليدج، إذ جرى اختبار التقنية في جامعة ستانفورد ومركز هيوستن ميثوديست الطبي في الولايات المتحدة.
ومن بين إنجازاته البارزة، تمكن الذكاء الاصطناعي من اقتراح علاج محتمل لتليف الكبد عبر استخدام دواء مخصص لعلاج السرطان، وهو اكتشاف قد يفتح الباب أمام علاجات جديدة للأمراض المستعصية.
وبينما ما زالت التكنولوجيا في مراحلها الأولى، إلا أن الباحثين يرون أنها قد تحدث تحولًا جذريًا في كيفية إجراء الأبحاث العلمية. استثمار حكومي لتعزيز دور الذكاء الاصطناعي تسعى حكومة المملكة المتحدة إلى تعزيز بنيتها التحتية في مجال الذكاء الاصطناعي عبر تحويل الأبحاث الأكاديمية المتقدمة إلى تطبيقات تجارية وعلمية.
فقد خصصت وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا 4.8 مليون جنيه إسترليني لدعم 23 مشروعًا بحثيًا حول استخدام الذكاء الاصطناعي في العلوم، بما في ذلك مشاريع في جامعات باث وشيفيلد