بغداد- في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة العراقية للتهدئة وإنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد، تعود القوات الأميركية لتستهدف قيادات من فصائل المقاومة العراقية، آخرها استهداف سيارة يستقلها القيادي في حزب الله العراقي أبو باقر الساعدي واثنان من رفاقه في بغداد، بعدما أعلن الحزب وقف عملياته ضد القواعد الأميركية في العراق وخارجه، مما أثار ردود فعل رسمية وحزبية في البلاد، وسط توقعات برفع وتيرة التصعيد مجددا.

وتبنت القيادة المركزية الأميركية الهجوم الذي استهدف الساعدي في منطقة المشتل شرقي بغداد، وقالت إنه مسؤول عن هجمات استهدفت قواتها في المنطقة، مشيرة إلى عدم وجود مؤشرات على وقوع أضرار جانبية أو خسائر في صفوف المدنيين.

توسيع دائرة الصراع

وحذر الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول من انزلاق البلاد في دائرة الصراع القائمة بالمنطقة جراء تكرار الهجمات الأميركية، وآخرها اغتيال أحد قادة كتائب حزب الله ومرافقيه بضربة جوية أمس الأول في بغداد.

وقال رسول في بيان "إن القوات الأميركية تكرر وبصورة غير مسؤولة، ارتكاب كل ما من شأنه تقويض التفاهمات والبدء بالحوار الثنائي، إذ أقدمت على تنفيذ عملية اغتيال واضحة المعالم، عبر توجيه ضربة جوية وسط حي سكني من أحياء العاصمة بغداد بطريقة لا تكترث لحياة المدنيين وللقوانين الدولية"، مشيرا إلى أن هذا المسار يدفع الحكومة العراقية أكثر من أي وقت مضى، إلى إنهاء مهمة هذا التحالف الذي يهدد بجر العراق إلى دائرة الصراع.

والساعدي قيادي بارز في كتائب حزب الله العراقي، واسمه وسام محمد صابر الساعدي، من مواليد 1974، وينتمي للحشد الشعبي بصفة مستشار بحسب هويات تعريفية وجدت بموقع الحادث.

وهو مسؤول عن الطائرات المسيرة ومنظومة الصواريخ في كتائب حزب الله العراقي، وعن الدعم اللوجستي والعمليات بالخارج وتحديدا في سوريا، ونقل الأسلحة.

إنهاء الوجود الأجنبي

وبغية وضع حد للهجمات الأميركية المتكررة على مواقع للحشد الشعبي وفصائل المقاومة العراقية وانتهاك سيادة البلاد، وقع أكثر من 100 عضو في مجلس النواب العراقي، على طلب تشريع قانون إخراج القوات الأجنبية من البلاد، مطالبين بعقد جلسة استثنائية لتشريع القانون وتفعيل قرار البرلمان السابق.

وكان مجلس النواب العراقي بدورته السابقة في الخامس من يناير/كانون الثاني 2020 صوّتَ على قرار بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، بعد يومين من اغتيال الولايات المتحدة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بضربة جوية قرب مطار بغداد.

من جهته، يتوقع الخبير الأمني فاضل أبو رغيف أن تلتزم فصائل المقاومة بما تعهدت به بشأن إيقاف الهجمات ضد القواعد الأميركية، حيث جاء قرارها بعد مباحثات طويلة ومعقدة مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لثنيها عن أي استهداف، ومنح فرصة للتفاوض ولجنة الحوار التفاوضية مع الجانب الأميركي أو التحالف الدولي لوضع اللمسات الأخيرة على انسحاب ما تبقى من المستشارين الأميركيين.

ويرى أبو رغيف في حديث للجزيرة نت أن "عملية التصعيد هذه المرة سوف تكون مرهونة بتصعيد الجانب الأميركي فيما لو قام بعملية ثالثة بعد عمليتي استهداف مقار الحشد الشعبي في منطقة القائم والعملية الجديدة في بغداد"، مشيرا إلى أن الأمور تسير باتجاه التهدئة فيما لو التزم الجانب الأميركي بعدم تنفيذ أي خرق آخر.

وفي تطور لافت، أعلنت الفصائل المسلحة في العراق، أمس الجمعة، استئناف عملياتها العسكرية ضد القواعد الأميركية.

وذكر بيان الفصائل المسلحة المنضوية تحت توصيف المقاومة الإسلامية في العراق أن "ما منحته المقاومة الإسلامية اليوم من فرصة لقوات الاحتلال للخروج من أرض المقدسات كطوق نجاة، لم تحصل عليها بالأمس رغم وساطاتهم وتوسلاتهم قبل هزيمتهم عام 2011، فحينها كان مجاهدو المقاومة يسوقون جنود الاحتلال سوقا إلى سعير النار، ويحيلون قواعده إلى خراب وركام".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

التقسيم والدولة الشيعية: جدل جديد في الفضاء السياسي العراقي

مارس 16, 2025آخر تحديث: مارس 16, 2025

المستقلة/- تعيش الساحة السياسية العراقية في الفترة الأخيرة حالة من الجدل حول فكرة “التقسيم” و”الدولة الشيعية”، وهو نقاش غير مسبوق في تاريخ العراق الحديث. لطالما كانت فكرة “الإقليم السني” تثار بين الحين والآخر خلال الأزمات السياسية المتعلقة بالمكون السني، ولكن ظهور فكرة “الدولة الشيعية” يشكل تحولًا دراماتيكيًا في الطروحات السياسية.

البداية كانت مع تصريح لزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، في أحد البرامج التلفزيونية، عندما قال إن الشيعة قد “سينفردون بالنفط” إذا ما تم إجبارهم على التقسيم. هذا التصريح أثار موجة من النقاشات السياسية والشعبية، ودفع النائب حسين مؤنس، عضو كتلة حقوق، إلى الترويج لهذه الفكرة، التي تتجاوز مفهوم “الإقليم” إلى فكرة “دولة شيعية” تحت اسم “دولة العراق الشيعية”.

من اللافت في هذه الدعوات أن الحديث لم يعد يدور حول مجرد إقليم مستقل بل حول “تقسيم” العراق وإنشاء دولة جديدة تقتصر على المحافظات الشيعية التسع. كما تم طرح فكرة تغيير علم العراق، باستبدال عبارة “الله أكبر” بعبارة “علي ولي الله”، ما جعل هذا النقاش أكثر إثارة للجدل والتساؤلات حول خلفياته وأهدافه.

الحديث عن تقسيم العراق إلى دول شيعية، سنية وكردية، ليس أمرًا جديدًا، لكن ما يميز هذه المرة هو توقيت طرحه، خاصة مع تراجع تأثير “الهلال الشيعي” في المنطقة بعد فقدان إيران لموقعها الاستراتيجي في بعض الدول العربية مثل سوريا ولبنان. يعتقد البعض أن هذا الطرح يأتي في سياق محاولات لتحصين “الحاكمية الشيعية” في العراق في مواجهة أي محاولات لتغيير توازن القوى داخل البلد أو حتى في المنطقة.

وقد أثار هذا الموضوع قلقًا واسعًا بين السياسيين والمثقفين السنة، وبعض المدونين الليبراليين، الذين شككوا في وجود توجهات خفية تعمل على تأسيس “دولة شيعية” وفقًا لخطة سياسية تستهدف إعادة رسم الخارطة السياسية للعراق. وربط بعضهم هذا الجدل بمحاولات للحد من قوة وتأثير الحاكمية الشيعية في العراق، في وقت تتصاعد فيه التكهنات حول إعادة ترتيب النفوذ في المنطقة بعد التغيرات الكبيرة التي شهدتها بعض الدول العربية.

التفاعل مع هذا الموضوع لم يقتصر على السياسيين، بل انتقل إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث شهدت الكثير من النقاشات والمواقف المعادية لهذه الفكرة، معتبرة أن هذا الطرح قد يهدد وحدة العراق ويقوي الانقسامات الطائفية، في وقت يشهد فيه البلد أزمات اقتصادية وأمنية تتطلب توحيد الجهود للتصدي للتحديات الداخلية والخارجية.

في ختام هذه القضية، يمكن القول إن الدعوات التي ظهرت مؤخرًا حول تقسيم العراق إلى “دولة شيعية” تعد استثنائية وتعكس تحولًا في الخطاب السياسي الشيعي الذي كان يعارض بشدة أي حديث عن التقسيم، وهو ما يعكس حالة من الضبابية حول المستقبل السياسي للعراق. يتبقى أن نراقب كيفية تطور هذه الدعوات وما إذا كانت ستظل مجرد حديث في الغرف المغلقة أم ستتحول إلى مشروع سياسي حقيقي في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • النفط العراقي يفتتح تعاملات الأسبوع على استقرار
  • المقاومة العراقية.. حوارات مستمرة وملفات عالقة تقترب من الحسم
  • المقاومة العراقية.. حوارات مستمرة وملفات عالقة تقترب من الحسم - عاجل
  • المقاومة الإسلامية في العراق: امريكا هي الراعية الرسمية للإجرام في العالم
  • التقسيم والدولة الشيعية: جدل جديد في الفضاء السياسي العراقي
  • زيارة الشيباني إلى بغداد.. فصل جديد من العلاقات العراقية - السورية
  • زيارة الشيباني إلى بغداد.. فصل جديد من العلاقات العراقية - السورية - عاجل
  • الرئيس العراقي يبحث مع الشيباني العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها
  • النفط العراقي يختتم تعاملات الأسبوع على انخفاض
  • الأمن العراقي يعتقل ثلاثة سوريين يروجون للتنظيمات الإرهابية في بغداد