الجزيرة:
2025-03-04@05:21:03 GMT

تيار جديد لإستراتيجيّة التسوية

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

تيار جديد لإستراتيجيّة التسوية

ثمةّ منهج تتبعه بعض النخب، وهو الدخول في لعبة السيناريوهات التي يقدّر أن تنتهي فيها حربُ العدوان على قطاع غزة إثر عملية "طوفان الأقصى". وقد دخلت شهرها الخامس، أو تعدّت المائة والعشرين يومًا على السابع من أكتوبر/ تشرين الأوَّل 2023.

من يلجأ إلى طرح السيناريوهات عمومًا يكون طرفًا ثالثًا غير طرفَي الصّراع أو الحرب الأساسيّين، أو يكون منحازًا لسيناريو محدّد، يريد أن يسوقَه لحساب أحد طرفَي الصراع.

هذا دون إسقاط من يضمرون "مآرب أخرى".

لا يحتمل طرفا الحرب الأساسيان إلَّا أن يطرح كل منهما سيناريو واحدًا، وهو انتصاره في الحرب، خصوصًا في أثنائها، أو إذا طرح وضع اليوم التالي بعد وقف إطلاق النار.

لعبة السيناريوهات

ومن ثم لا يحتمل الدخول في لعبة السيناريوهات، لأنّها تتضمن في إحداها سيناريو خَسارتِه الحربَ، وانتصار عدوّه فيها، ولو اعتبر احتمالًا ضعيفًا، أو الاحتمال الأضعف؛ لأنَّه في النهاية، وبصورة غير مباشرة، يخدش تأكيدَه على انتصاره، وهزيمة عدوّه.

ومن هنا يغلب على المنخرط في لعبة السيناريوهات أن يكون طرفًا ثالثًا، فعلًا، أو مُبَطنًا. وهو الذي تحدّده الكيفيّة التي يطرح بها كل سيناريو من السيناريوهات خصوصًا، حين يرجّح أحدها، مروّجًا له.

ولنأخذ مثلًا ما يُطرح من قِبَل البعض (أكثر من فرد واحد أو طرف واحد).  وهنا ينقل معناه، وليس نصّه الحَرفي ما دام القائلون متعدّدين. ويجب اعتبار هذه المقالة تعاكس رغبتها، عند نقل السيناريوهات، موضوع النّقاش.

السيناريو الأول: تحقيق الكيان الصهيوني الأهدافَ التي وضعها للحرب التي شنّها ضدّ الشعب والمقاومة في غزة؛ وفي مقدّمها القضاء على حماس وقيادتها. (القضاء أيضًا على الجهاد وكل الفصائل المقاوِمة). وهدف إحداث تغيير ديمغرافي من خلال تهجير عشرات أو مئات الآلاف من السكان، بما في ذلك تغيير خريطة القطاع الداخليّة.

هذا السيناريو يعتبرونه الأضعف احتمالًا من بين السيناريوهات الثلاثة المطروحة. فهو مستبعد جدًا، ولا بدّ من أن يصحبَه "لا سمح الله"، وغسْل اليدين من طرحه أصلًا.

لأن مجرد اعتباره سيناريو محتملًا، ولو بضعف، أو عدّه الأضعف، يخدش ولو بصورة غير مباشرة، معنويات المقاومة والشعب في قطاع غزة، ويجعل ما تطرحه الحرب النفسيّة التي يشنها العدو، موضوعًا قابلًا للتداول. لأن من غير الممكن أن يمرّ مثل هذا السيناريو مرور الكرام.

ولهذا كان لا بدّ من الاعتذار عنه من قِبَل من يقترفون طرحه.

إستراتيجية للتسوية

أما السيناريو الثاني -الذي يشارك الأول في ضعفه لدى طارحي السيناريو الأول، ويسمونه السيناريو الثاني – فـ "بلا أفق سياسي" بحيث تنتهي الحرب، كما انتهت الحروب السابقة: 2008/2009، و2012، و2014، و2021. وذلك لتكريس هدنة ليعود الوضع كما كان قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول: الكيان الصهيوني خارج غزة، ولكنه يحاصرها، فيما المقاومة والشعب يعودان للعيش والكفاح، والإعداد للمقارعة في ظلّ الحصار.

يبدو من هذا السيناريو  أنه سيّئ؛ لأنه لم يخرج بأفق سياسي. والمهم أنه ضعيف وغير متوقع. علمًا أنه في الأغلب، هو الاحتمال الأقوى، مع حذر من الدخول في لعبة السيناريوهات. وذلك بضرورة العودة إلى إستراتيجية الاستمرار في خيار المقاومة بعد وقف القتال في قطاع غزة. وذلك تحت شعار تحرير الأقصى، ودحر الاحتلال من القدس والضفة، وتفكيك المستوطنات.

وبهذا يتواصل مع "طوفان الأقصى" وإستراتيجية التحرير، وينسجم مع تجربة الصراع التاريخي، حيث لا أفق لحل سياسي. وهو الخط الإستراتيجي المقابل للخط الذي يحمله السيناريو الثالث، والذي يفصّل كالتالي:

يرجّحون السيناريو الثالث ليكون الأقوى احتمالًا، ويعتبرونه ذا "الأفق السياسي". فيسقطون عليه إستراتيجية تسوية يريدونها. علمًا أن ما من سيناريو إلّا وله أفق سياسي، وإن اختلف الأفق السياسي من سيناريو لآخر، إلّا إذا حُصِر الأفق السياسي، في التوافق على حلّ سياسي في إطار حل الدولتَين.

إنّ المقاومة بحدّ ذاتها، تحمل أفقًا سياسيًا، ولو حُصِرت باستنزاف العدوّ، أو بالتمهيد طويل الأمد، للتّحرير الكامل.

يتمنّى السيناريو الثالث حدوث توافق إقليمي – دولي– فلسطيني- كيان صهيوني، يحقق للفلسطينيين "دولة" (بالتأكيد "دويلة")، ويحقّق للكيان الصهيوني ما يحتاجه من أمن وأشياء أخرى، ليقبل بدوره، بالتوافق المذكور.

بعض الذين يطرحون هذا السيناريو يبعدونه من حلّ الدولتين؛ لأنه لا يتضمن اعترافًا بدولة الكيان.

ويبني أصحاب هذا السيناريو منطقهم بالاستناد إلى الحقائق التالية:

عملية "طوفان الأقصى"، كما يفهمونها، أو يريدونها، ليست بلا هدف، أو لم تكن عبثًا، وإنما طالبت بدولة فلسطينية مستندة إلى البيان الذي أعلنه محمد الضيف "أبو خالد"، ولا تسل عن كلّ ما ورد في البيان من أهداف تتناول موضوع المقاومة والتحرير، وهزيمة المشروع الصهيونيّ، بل تثوير المنطقة كلها. وبهذا يختصر البيان التاريخيّ بتحقيق هذه الدولة. يشددون على أن هذه الحرب أثبتت أن من غير الممكن تجاهل الشعب الفلسطيني. ومن حسن الحظ أنهم لا يستخدمون عبارة: "رقْم صعب في المنطقة لا يمكن تجاهله". وهي أنشودة "فتح" في الثمانينيات. فالرقم الصعب، أو عدم تجاهل الفلسطينيين، يلتقيان لإعطاء الفلسطينيين "دولة" على أراضي الرابع من يونيو/ حزيران 1967. ثمة مشكلة معوّقة وهي شعار القضاء على حماس. ويقدمون أدلة كثيرة على أن هذا الشعار غير قابل للتحقيق، ضاربين أمثلة عن محاولات سابقة فشلت. وكذلك قوتها الشعبية، بصفتها أكبر فصيل فلسطيني، وأضفْ بسالة مقاومتها، وعدم القدرة على هزيمتها، كما يخطط نتنياهو.

وذلك لإشراك حماس مع الكل الفلسطيني، لتحقيق التوافق الإقليميّ الدوليّ المتوقّع. ومن ثم لا بدّ من إسقاط هذا المحرم من حساباتهم.

والخلاصة طمأنة حماس بأنها لا بدّ من أن تكون شريكًا في مرحلة التوافق (التسوية القادمة). ثم طمأنتها أكثر بأن مشروع إقامة دولة سيتضمن، بعد سنة أو سنتين، إجراء انتخابات سيكون لحماس حصتها فيها.

توافق دولي يرون أن الغرب وأميركا ودول الإقليم، الذين سيشاركون في التوافق حول صوْغ السيناريو الثالث، بدؤُوا يتقبلون دورًا لحماس. ولا بدّ من أن يتم التراجع عن مواقفهم ما بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل. يعتبرون الرئيس التركي أردوغان، مستعدًا ليكون ضامنًا للشعب الفلسطيني، وأن يكون جزءًا من ترتيبات وقف الحرب. "طوفان الأقصى" شكلت فرصة للفلسطينيين لتجاوز أزمات الـ15 سنة الماضية التي لم تُحلّ. وذلك بإعادة ترتيب الوضع الفلسطيني بتشكيل "قيادة مؤقتة" تضم الكل الفلسطيني.

وبهذا ينشأ تيار جديد، ذو إرادة لدى كل الأطراف، لإحداث تغيير بشكل إيجابي. ويكون مستعدًا لدخول مسيرة التسوية.

العالم يريد أن يقدم شيئًا للفلسطينيين، ولكن لمن يقدمه؟ السلطة غائبة، وحماس مستبعدة، فيما تدرك أميركا عدم إمكان تجاوز الفلسطينيين، وهو ما أثبتته "طوفان الأقصى"، والحرب على غزة. فراحت تتحدث عن دولة فلسطينية. هنا يعود، وهْم مسار جديد يقوم على ذاك التوافق (التسوية)، بمشاركة أميركية، ليكرّر الماضي بطمأنينة عجيبة، إلى جانب الحثّ على ترتيب البيت الفلسطيني للتسوية. وليس للانتصار في الحرب. ومواصلة المقاومة لتحرير الأقصى ودحر الاحتلال. – الحل العقلاني في الوسط هو هذا التوافق، وعلى حماس أن تكون في مركز هذه الترتيبات.

أصحاب هذا السيناريو هم في الحقيقة لا يتحدثون بحيادية وموضوعية عن سيناريو محتمل، أو هو المحتمل الأقوى فحسب، وإنما يحثون على ترتيب البيت الفلسطيني بمشاركة الجميع، بمن في ذلك حماسُ من أجل الإفادة من "الفرصة" التي أتاحها "طوفان الأقصى". كما أتاحها الصمود والمقاومة في غزة. وهي غير فرصة استمرار المقاومة، والمضي بها إلى التحرير الكامل.

طريق مبدع للتحرير

إنهم يطالبون ويتوقعون توافقًا إقليميًا دوليًا، ومن ثم فلسطينيًا، ليفرض على الوضع الصهيوني التخلص من اليمين المتطرف، ومن نتنياهو، وتعزيز دور "الوسط" الذي يمكن أن يقبل بهذا التوافق، مقابل تأمين وجود الكيان ومستقبله؛ وذلك بإعطائه بعض ما يرضيه أيضًا.

يعني ذلك أن الحديث عن السيناريوهات يخبّئ وراءه اتجاهًا سياسيًا لحلّ القضية الفلسطينية على أساس إقامة دولة فلسطينية على أراضي 4 يونيو /حزيران 1967، ومن خلال توافق دولي مشكل من أميركا والغرب ودول الإقليم، ومن قيادة طوارئ فلسطينية يجب أن تشكل، كما والخلاص من محمود عباس، كما من نتنياهو، واليمين لإشراك "وسط" غير موجود عمليًا.

أي نحن بصدد، مشروع تسوية رقم 2 بشروط إقامة دولة، أفضل من الشروط التي قام عليها أوسلو. فالوهْم الذي ركب رؤوس بعض الفلسطينيين في الطريق إلى اتفاق أوسلو، أخذ يغزو عقول بعض الفلسطينيين الذين يريدون أن يأخذوا حماس و"طوفان الأقصى" والجميع، ليكررّوا م.ت.ف وفتح من 1988- 1993. وحتى مع مشارك أميركي.

نصيحة: لا تجربوا المجرب مع انتفاضة الأقصى التي شقت طريقًا مبدعًا لتحرير فلسطين، ولمواصلة المقاومة بعد هدنة، أو وقف لإطلاق النار.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذا السیناریو طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

تهديدات باستئناف القتال.. إسرائيل تدق طبول الحرب قبل القمة العربية الطارئة

المقاومة ترفض تمديد المرحلة الأولى للتهدئة وتبادل الأسرى

القاهرة تحذر من تعطيل التهدئة وتداعيات التصعيد على المنطقة

التحذيرات الدولية تتصاعد.. وغوتيريش يدعو للحفاظ على الاتفاق

مصر تواصل إدخال المساعدات وإزالة الركام لتخفيف معاناة سكان غزة

تصاعد التوتر في غزة مع اقتراب القمة العربية الطارئة، وسط تهديدات إسرائيلية باستئناف الحرب بعد رفض نتنياهو الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، تحت ضغط الأجنحة المتطرفة في حكومته، في المقابل، رفضت حماس تمديد المرحلة الأولى، معتبرة ذلك تراجعًا عن الاتفاق، محذرة من تعريض 60 محتجزًا إسرائيليًا للخطر في حال انهيار الهدنة.

مصر، التي تقود جهود الوساطة، دعت الطرفين للتمهل، محذرة من تداعيات التصعيد، بينما تتوالى التحذيرات الدولية من انهيار الاتفاق. في الوقت نفسه، تستمر القاهرة في إدخال المساعدات وإزالة الركام لتخفيف معاناة سكان القطاع.

يبدو أن نتنياهو يستعد لقرع طبول الحرب مجددًا في غزة بعد إصراره على تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وتلكؤه في الانتقال إلى المرحلة الثانية إرضاءً لضغوط الجناح المتطرف داخل حكومته، خاصة أن مكتبه أعلن فور عودة فريق التفاوض الإسرائيلي إلى تل أبيب أن نتنياهو يدرس خيارات العودة للحرب في غزة.

وترفض المقاومة الفلسطينية تمديد المرحلة الأولى حتى لا يتمكن نتنياهو من الإفراج عن بقية المحتجزين لديها، والبالغ عددهم نحو 60 محتجزًا، بعد أن تم الإفراج عن العدد المطلوب في المرحلة الأولى، والبالغ 33 محتجزًا لدى المقاومة الفلسطينية.

كان وفد التفاوض الذي أرسله نتنياهو إلى القاهرة قد غادر إلى تل أبيب متمسكًا بتمديد المرحلة الأولى لمدة 42 يومًا أخرى، وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية حاليًا، وهو الأمر الذي رفضته المقاومة الفلسطينية، التي تمثلها في المفاوضات حركة "حماس"، معتبرة أن رغبة نتنياهو في عدم الانتقال للمرحلة الثانية تمثل نكوصًا عن التعهدات التي قُطعت في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.

تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تستعد فيه القاهرة، غدًا الثلاثاء، لعقد القمة العربية الطارئة التي دعت إليها مصر لاتخاذ موقف عربي موحد للتصدي لمشروع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وإخلاء قطاع غزة، وهو ما يعني تصفية القضية الفلسطينية.

حذرت القاهرة من أن عدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من المفاوضات يعني تعطيل وقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي يعرض أرواح بقية الأسرى المحتجزين لدى المقاومة للخطر بسبب استئناف الحرب واشتعال المنطقة مجددًا. كما أشارت حماس إلى أنها لن تقبل بقرار العدول عن بنود وقف إطلاق النار من أجل مصالح خاصة لنتنياهو.

أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن نتنياهو يبحث استئناف الحرب على قطاع غزة بعد فشل وفده في إقناع الوسطاء وحماس بتمديد المرحلة الأولى من مراحل وقف إطلاق النار إلى مدة مماثلة تبلغ 42 يومًا، في المحادثات التي جرت في القاهرة مؤخرًا.

ووفق اتفاق وقف إطلاق النار، فإن الانتقال إلى المرحلة الثانية يعني انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وإنهاءً تامًا للحرب، وهو ما يرفضه المتطرفون في حكومة نتنياهو، خاصة بعد التحقيقات التي أجريت الأسبوع الماضي، وخلصت إلى أن هناك أخطاء جسيمة وقع فيها جيش الاحتلال أدت إلى وقوع أحداث 7 أكتوبر، وكشفت العديد من نقاط الضعف في جيش الاحتلال والقضاء على معظم القوة الفاعلة في فرقة غزة.

ويحاول نتنياهو اللجوء إلى تمديد المرحلة الأولى، إذ سيستفيد منها بالإفراج عن المزيد من المحتجزين لدى المقاومة، والذين يبلغ عددهم نحو 60 محتجزًا إسرائيليًا، مما سيؤدي إلى تخفيف الضغوط الداخلية عليه من عائلات المحتجزين، الذين يواصلون التظاهر في شوارع تل أبيب واتهامه بتعطيل إطلاق سراحهم بوقف إطلاق النار. وهذا هو المكسب الذي يسعى إليه نتنياهو، دون أن يلتزم بإنهاء الحرب المنصوص عليها، خاصة بعد فشل وعوده بإطلاق سراحهم عبر الضغط العسكري على المقاومة.

وأدت نتائج التحقيقات إلى تصاعد حالة الغضب بين الرأي العام الإسرائيلي، وسط مطالب بمحاكمة جنائية للمتسببين في تلك الأخطاء التي فاقمت خسائر الجيش. وأمام تفاقم الفجوة بين الطرفين، طلبت القاهرة مزيدًا من الوقت ليعودا إلى طاولة المفاوضات مجددًا، حتى لا يصل الأمر إلى حالة من الجمود التي قد تؤدي إلى العودة إلى المربع صفر، وما يترتب عليه من قتل وتدمير مجددًا في القطاع.

وفور عودة وفد التفاوض من القاهرة إلى تل أبيب، عكف نتنياهو على بحث خيارات العودة للحرب وقصف القطاع مجددًا، في محاولة منه لإشعال الجبهة العسكرية في غزة، التي شهدت حربًا متواصلة على مدى نحو 15 شهرًا، لم يتمكن خلالها من القضاء على حركة المقاومة أو تحرير الأسرى الإسرائيليين بالقوة، رغم تدمير أكثر من 85% من مباني ومنشآت القطاع، ما جعلها غير قابلة للحياة.

وكانت المقاومة قد بادرت مؤخرًا بإتمام آخر عمليات تبادل الأسرى التي كانت مقررة في المرحلة الأولى، والتي بدأت في 19 يناير الماضي واستمرت لنحو 42 يومًا، وانتهت أول أمس السبت، بعد حالة من الجمود تسبب فيها قادة الكيان المحتل، وفشل جهود وقف إطلاق النار على مدى 15 شهرًا من الحرب، قبل أن تنجح الوساطة العربية المصرية والقطرية، إلى جانب الوسيط الأمريكي، الذي يمثل الكيان المحتل.

من جانبها، أعلنت حركة حماس عن التزامها بالوفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها في اتفاقية وقف إطلاق النار، وأكدت أنها أوفت بتعهداتها أمام الوسطاء، مطالبةً إياهم بالسعي لضمان تنفيذ الطرف الآخر وعوده، والتزامه بتعهداته أيضًا.

كما أكدت الحركة أنها التزمت بتنفيذ كافة البنود الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، الذي بدأ تنفيذه منذ نحو شهر ونصف، وفق خطة من ثلاث مراحل، يتم بموجبها وقفٌ تام للحرب بين الطرفين، وانسحابٌ كامل لقوات جيش الاحتلال من القطاع، وإتاحة دخول المساعدات الغذائية والطبية ومعدات البناء طوال تلك المراحل.

وطالبت المجتمع الدولي والضامنين، بمشاركة الوسطاء، بالضغط على الاحتلال الصهيوني للالتزام بدوره في الاتفاق بشكل كامل، والدخول الفوري في المرحلة الثانية منه دون تلكؤ أو مراوغة.

وأشارت إلى أن الاحتلال ما زال يعطل الالتزامات التي تعهد بها، ويعرقل تنفيذ البروتوكول الإنساني الوارد في الاتفاق، ولم يفِ بتعهداته في تخفيف المعاناة وإدخال كافة المساعدات الغذائية والطبية إلى القطاع.

وتسارع القاهرة الخطى لمنع عودة العنف، في وقت تصاعدت فيه التحذيرات الدولية من مغبة استئناف الحرب مجددًا، حيث طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بضرورة صمود اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، واستئناف محادثات المرحلة الثانية من الاتفاق، مشددًا على ضرورة ألا يدخر الطرفان أي جهد لتجنب العودة إلى الحرب.

وتواصل مصر إدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى إدخال أعداد من المعدات الثقيلة التي تساهم في إعادة تمهيد الطرق، والتي تعرضت للتخريب جراء عمليات جرافات ومدفعية الاحتلال على مدار أكثر من عام، وذلك لتسهيل وصول الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى المناطق الأكثر احتياجًا.

كما ساهمت المعدات الثقيلة في إزالة كميات كبيرة من الركام ومخلفات المباني المدمرة، ما مكّن أصحابها من إقامة خيام للإيواء فيها أو بجوارها، ريثما يتم إعادة الإعمار.

مقالات مشابهة

  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • تهديدات باستئناف القتال.. إسرائيل تدق طبول الحرب قبل القمة العربية الطارئة
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • الأوسكار 2025.. "Anora" و"Conclave" يحصدان جوائز السيناريو
  • معاذ أبو شمالة: اليوم التالي للحرب لن يكون إلا فلسطينيًا خالصًا
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  •   صنعاء : انعقاد المؤتمر الدولي فلسطين: من النكبة للطوفان - أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير
  • محللون: المقاومة لن ترضخ لمحاولات نتنياهو ابتزاز الفلسطينيين
  • حماس تهنئ بحلول رمضان وتدعو لدعم غزة والقدس