سلّم إيران 94% من جنودها ولم يستلم سوى 28%.. العراق يستئنف الحفر اعتمادًا على ذاكرة 35 عامًا
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
بغداد اليوم - بغداد
بعد ان توقف الحفر في اكتوبر من العام الماضي 2023، نتيجة "نفاد الذاكرة"، وعدم وضوح بوصلة مواقع المعارك التي دارت قبل 35 عاما على الحدود العراقية الايرانية، يستعد العراق لاستئناف الحفر بحثا عن رفاة المفقودين سواء العراقيين او الإيرانيين في 6 مواقع على الشريط الحدودي لديالى مع إيران، حيث شهدت هذه المناطق اشرس معارك الثمانينات، لكن عملية التبادل بين الجانبين لازالت "عملية خاسرة" بالنسبة للجانب العراقي، فلم تستطع بغداد استرداد سوى 28% من جنودها المفقودين من ايران، فيما تمكنت طهران من استرداد 94% من جنودها المفقودين داخل العراق.
وفي اكتوبر الماضي، أكد مصدر مطلع ان مايتم الاعتماد عليه من معلومات قد نفدت، ما ادى لتوقف عمليات البحث لحين العثور على معلومات جديدة للاستدلال على مناطق حدوث عمليات عسكرية ادت لموت جماعي للجنود للقيام بعمليات الحفر والبحث مجددًا.
واليوم السبت (10 شباط 2024)، كشف مصدر مطلع عن تحديد 6 مناطق للبحث عن رفات ضحايا أشرس معارك حرب الثمانيات شرق العراق، بالاعتماد على ذاكرة 35 عاما الماضية.
وقال المصدر في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "اللجنة المشتركة المعنية بالبحث عن رفات ضحايا معارك حرب الثمانيات ضمن قواطع شرق ديالى الحدودية مع ايران حددت 6 مناطق من اجل بدء عملية البحث والتحري بناء على معلومات تعود لـ35 عاما".
واضاف، ان "عمليات البحث تجري وفق خطط من خلال لجنة مركزية في وزارة الدفاع والتنسيق مع الجانب الايراني من اجل الاستدلال على المواقع التي يتعقد بوجود رفات بها خاصة وانها شهدت بين 1983-1986 اشرس معارك حرب الثمانينات وفقد على اثرها الاف الجنود من كلا الطرفين".
واشار الى ان "عملية الاستدلال تجري من خلال الحفر ضمن شقوق كانت تشكل نقاط مرابطة ومقرات بالاضافة الى ما يسمى بارض الحرام وتم العثور على العشرات من الرفات في السنوات الماضية".
وبحسب الجهاز المركزي للاحصاء، يبلغ عدد المفقودين العراقيين في الحرب العراقية الايرانية اكثر من 52 الف مفقود.
وبحسب تصريح لمسؤول لجنة المفقودين في إيران، محمد باقر زادي، في تموز 2023، فأن منذ ما بعد عام 2003 إلى حتى منتصف 2023 جرى استلام رفات 47 ألف جندي إيراني، ولم يبقَ سوى رفات 2500 جندي داخل العراق، اما الجانب العراقي، فاستلم 20 ألف جندي، والباقي الآن 50 ألفاً في إيران.
وبينما يواصل العراق البحث وقام بتسليم إيران 94% من رفات جنودها، بحسب الارقام المعلنة من لجنة المفقودين، الا ان العراق لم يتسلم سوى 28% من مفقوديه الموجودين بالجانب الايراني.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
معارك ما بعد الحرب هزيمة الفراغ وإعادة الإعمار
معارك ما بعد الحرب هزيمة الفراغ وإعادة الإعمار
لم تنتهِ الحرب بعد، لكن المعارك تغيّرت. لم تعد كلها تُخاض بالسلاح والنار، بل صار بعضها داخليًا صامتًا، يدور في صدور الرجال والنساء الذين فقدوا وظائفهم ومصادر دخلهم، وفقدوا معها الإحساس بالجدوى. واحدة من أخطر هذه المعارك الآن هي معركة الفراغ. الفراغ ليس مجرد وقت فائض، بل حالة خانقة تتضخم فيها الأحاسيس، ويكبر فيها الإحباط، وتتآكل فيها النفس ببطء. قال محمد شكري:
“على المرء أن يبقى مشغولاً للحد الذي يلهيه عن تعاسته”
وقال غازي القصيبي: “العمل لا يقتل مهما كان شاقًا، ولكن الفراغ يقتل أنبل ما في الإنسان”.
ما بين هاتين العبارتين مساحة واسعة من المعاناة السودانية اليوم.
من فقدوا أعمالهم لم يفقدوا المال فقط، بل فقدوا أيضًا الشعور بأنهم مفيدون، منتجون، قادرون على العطاء. باتوا فريسة لأفكار قاتمة، وهاجمتهم الوحدة بأسوأ صورها. وكما كتب ستيفان زفايغ في روايته لاعب الشطرنج :
“لم نتعرض لأي تعذيب جسدي، بل أسلمونا ببساطة إلى فراغٍ مطلق، ومن البديهي أن لا شيء في العالم يعذّب النفس البشرية أكثر من الفراغ.”
في واقعنا، هذا هو حال كثير من السودانيين اليوم. الفراغ يضغط على الروح، يُضاعف الحزن، ويُفقد المرء اتزانه. أما الذين ما زالوا مشغولين — حتى في أبسط المهام — تجدهم أكثر تماسكًا، لأنهم ببساطة لا يملكون وقتًا للانهيار.
وإذا كنا، لسبب أو لآخر، لم نلعب دورًا حين كانت المعارك تدور بالرصاص أمامنا، فها هي الفرصة اليوم لنلعب دورًا في معارك إعادة الإعمار، بنشر الأمل، ومقاومة الإحباط، والانضمام إلى فرق ترميم الأحياء، ولو بالرأي والمشورة. فإعادة البناء لا تحتاج فقط إلى الأيادي، بل إلى العقول والقلوب أيضًا. نحتاج اليوم أن نعيد تعريف النجاة: النجاة ليست فقط في البقاء على قيد الحياة، بل في أن نحافظ على إنسانيتنا، على قيمنا، على إحساسنا بأن لنا دورًا نؤديه. وهذا الدور قد يكون في التعليم، في التطوع، في دعم الجيران، أو حتى في خلق مساحة صغيرة من الفرح وسط الركام.
كل لحظة نقاوم فيها الفراغ، نكسب فيها جولة جديدة في معركة ما بعد الحرب. معركة إعادة الإعمار لا تبدأ من الطوب والحجر، بل من داخل النفوس. من قرار الإنسان أن ينهض، ويُشارك، ويُقاوم الفراغ قبل أن يقضي عليه. ولن يكون هناك نصر حقيقي ما لم نربح هذه المعركة أيضًا. الحرب سرقت من الناس أشياء كثيرة، لكن لا نسمح لها أن تسرق أرواحنا ونحن أحياء.
بقلم: عميد شرطة (م) عمر محمد عثمان
٢٠ أبريل ٢٠٢٥م
إنضم لقناة النيلين على واتساب