سواليف:
2024-07-24@03:31:57 GMT

تحت الضوء

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

#تحت_الضوء د. #هاشم_غرايبه

ربما صدم كثيرون من موقف ألمانيا المتمثل بالتأييد السياسي والدعم العسكري الكبيرين للكيان اللقيط في عدوانه الوحشي الأخير، فقد بزت جميع الدول الأوروبية في ذلك، لدرجة أنها اعتبرت في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من بين الدول الاستعمارية الداعمة للعدوان.
سبب الاندهاش من هذا الإسراف الألماني في تأييد للمعتدي، بالرغم من ممارساته الوحشية واستهتاره بالقيم الإنسانية والمواثيق الدولية، والتي أجمعت الشعوب العالمية والمنظمات الدولية على إدانتها، السبب هو الاعتقاد الخاطئ ان ألمانيا أقل امبريالية وأطماعا استعمارية من باقي الأوروبيين.


لكن الحقيقة أنه لا اختلاف بين الأوروبيين على تعدد انتماءاتهم القومية، فمنذ فجر التاريخ لم تتوقف حروبهم العدوانية طمعا بالإستحواذ على ما لدى الآخرين، ما أوقف حروب الألمان هو هزيمتهم أمام الأمم الأوروبية الأخرى في الحرب العالمية الثانية، لكنهم قبلها لم تكن دمويتهم ولا وحشيتهم أقل منهم.
سألقي الضوء تاليا على واحدة من تلك الممارسات الشبيهة بممارسات الكيان اللقيط، وجرت أحداثها في أفريقيا التي كان ميدانا للتنافس بين الأمم الأوروبية لاستعباد سكانها ونهب خيراتها، وخلال ذلك قاموا جميعهم بممارسة الفصل العنصري والإبادة الجماعية.
في عام 1884 تم احتلال ناميبيا التي تقع في أقصى جنوب غرب أفريقيا من قبل ألمانيا بموافقة من بريطانيا وحكومة جنوب أفريقيا المجاورة، التي كانت تحت الاحتلال البريطاني، وخلال خمسة عشر عاما، وصل لناميبيا ما يقرب من 5 آلاف مستوطن ألماني بدؤوا من فورهم بفرض حكمهم بالحديد والنار على حوالي 250 ألفا من السكان الأصليين فيه.
قام المستوطنون الألمان فورا بحملة طرد جماعي للسكان الأصليين من أراضيهم واستولوا عليها بالقوة، وتم تهجيرهم إلى محميات خارج حدود أراضيهم التي كانون يعيشون فيها.
في عام 1904، شهدت ناميبيا اندلاع ثورة قادتها قبيلة “الهيريرو” ضد المستعمر الألماني، وتمكنوا من قتل قرابة 120 مستوطنا وجنديا ألمانيا، ومثلما احدثت عملية طوفان الأقصى من هلع في أوساط المستوطنين الأوروبيين في الكيان اللقيط، فقام بقمع شرس لأهالي المقاومين وبيوتهم، كذلك فعل الألمان، فأرسلوا الجنرال “لوثار فون تروثا” حاكما عسكريا للمستعمرة، وبرفقته تعزيزات عسكرية كبيرة.
وعند وصوله، تجمّع ما يقرب من 50 ألف رجل وامرأة وطفل من قبيلة الهيريرو برفقة قطعانهم تحت قيادة زعيمهم “صاموئيل مهاريرو”، وفي نيتهم التفاوض مع الجنرال لوقف هجماتهم مقابل ايجاد حل سلمي.
غير أنه رفض قبل القضاء على المقاومين قضاء مبرما، وبدلا من ذلك أنذرهم بوجوب مغادرتهم أرضه أو قتلهم جميعا، وفعلا بدأ جنوده بإبادة الجميع، بلا تمييز بين الرجال والنساء والأطفال (تماما كما يحدث الآن في القطاع) وقدر المؤرخون الأوروبيون عدد الضحايا بـ 65 ألفا من قبيلة “الهيريرو”، وعشرة آلاف من قبيلة “الناما”.
بعد ذلك تم القبض على من بقي حيا، وبعد أن جمعوهم في معسكرات التجميع، حشروهم في شاحنات، وهجروهم الى إقليم “بتسوانا” المجاور، وأثناء ذلك مات عشرات الآلاف بسبب الجوع والعطش، وبلغت نسبة الوفيت ذروتها بين من نقلوا الى جزيرة “القرش” التي استأجرتها ألمانيا من المستعمر البريطاني، بسبب أشغال السخرة الشاقة وسوء الأحوال الجوية والمعيشية.
تواطأ المستعمران على إخفاء تلك الحقائق، وما انكشفت إلا بعد نشوب الخلاف بينهما في الحرب العالمية الأولى.
لم تقتصر فظاعات المستعمر الأوروبي على القتل والتعذيب، بل شملت تجارب بحثية طبية على المعتقلين في جزيرة القرش، وتزويد علماء في برلين منهم الطبيب الألماني “بوفينغر”، برؤوس بشرية كاملة لإجراء تجارب تهدف لتأكيد تفوق العرق الأبيض على العرق الأسود.
وبعد مطالبات عديدة من أحرار العالم، تبنت الأمم المتحدة عام 1985 تقرير “ويتاكر” الذي أقر بأن ما حدث في “ناميبيا” هو إبادة جماعية.
من هذا السرد التاريخي المقتضب، نستطيع أن نفهم سر تكون أسرع تحالف في التاريخ، فبعد عملية الطوفان، وخلال 24 ساعة، تراكض جميع القادة الأوروبيين لمنح الكيان اللقيط الضوء الاخضر لممارسة الإبادة الجماعية، وكانت كلمة السر التي كرروها: “مهما استوجب الأمر”، التي تعني تفويضا بممارسة كل الفضائع بلا التفات الى الأعراف والقوانين الدولية، وذلك خوفا من أن توقف هذه العملية مسيرة التطبيع الاستسلامي، الضامن الوحيد لبقاء الكيان اللقيط الذي أقامه المستوطنون الأوروبيون في قلب ديار الإسلام.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تحت الضوء

إقرأ أيضاً:

محور المقاومة يصعّد في حرب الاستنزاف

يمانيون – متابعات
تشير التقديرات والمعطيات الى تطور مهم في حرب الاستنزاف التي يخوضها محور المقاومة ضد الحلف الأمريكي الإسرائيلي الغربي لإخضاع قادته والقبول بوقف العدوان على غزة، وبناءً على متابعة التقارير الإخبارية من جهة، وتصريحات سياسيين وذوي مواقع مسؤولية في الكيان المؤقت من موالاة ومعارضة من جهة ثانية، والإحصاءات الشعبية التي تقوم بها بعض مركز الدراسات الإسرائيلية من جهة ثالثة، وتقارير مسؤولين وقادة لأجهزة أمنية وعسكرية في الكيان المؤقت من جهة رابعة، يمكن استخلاص التقدير التالي:

أولاً- على مستوى مفاوضات غزة:

– مازال نتنياهو يضع العراقيل من خلال إضافة شروط جديدة عند كل خطوة يقوم بها الوسطاء يمكن من خلالها تقريب هوة الخلاف بين المقاومة والكيان مما يؤدي الى إيقاف حرب الإبادة الجماعية، وبالتالي ترجع الأمور الى الوراء مما يؤدي الى استمرار هذه الإبادة في القطاع، والتي يتوخى من خلالها نتنياهو الى ممارسة ضغط أكبر على المقاومة.

ثانياً- على مستوى الميداني في الداخل الفلسطيني:

١- في غزة ورفح:

مازالت المقاومة الفلسطينية تستنزف قوات العدو في القطاع كله، وفي رفح وتنزل الخسائر البشرية والمادية في جيش العدو ونخبه والتي يتكتم على أغلبها وتفضحه بعض التسريبات، مما يدل على الجهوزية والقدرة الكاملة التي مازالت تتمتع بها المقاومة الفلسطينية في قتالها ضد العدو.

٢- في الضفة الغربية:

مع كل إجراءات العدو من اقتحامات وقمع واغتيال وغيرها، يلاحظ التزايد في وتيرة العمليات العسكرية المقاومة في الضفة وتزايد خسائر العدو مما يشكل عبئاً مستداماً على قيادة وعناصر أجهزة العدو الأمنية والعسكرية في البعدين الجسدي والنفسي مما يشكل حالة من اليأس والتململ في نفوس هذه القوات والشعور بعدم تحصيل أي نتيجة إيجابية من خلال إجراءات قياداتهم.

ثالثاً- على مستوى جبهات الإسناد:

١- الجبهة اليمنية:

أثبت الوضع العملياتي على هذه الجبهة ما يلي:

– عدم جدوى عمليات العدوان العسكرية التي تقوم بها القوات الأمريكية والبريطانية ضد أنصار الله في منعهم من فرض حصار على موانئ الكيان الاقتصادية وضرب منشآته العسكرية.

– تطور عمليات أنصار الله وتوسعها لتشكل تهديداً عسكرياً واقتصاديا أكبر للكيان.

– تزايد العمليات العسكرية المشتركة بين أنصار الله والمقاومة الإسلامية العراقية ليمتد الحصار الى البحر الأبيض المتوسط (وعملية تل أبيب النوعية بطائرة يافا المسيرّة كانت ذات شعب ثلاثة: إسرائيلية أمريكية سعودية).

٢- الجبهة العراقية:

– تزايد العمليات العسكرية ضد أهداف عسكرية واقتصادية داخل كيان العدو.

– ضرب بعض القواعد العسكرية الأمريكية أحياناً.

– التهديد المباشر للموانئ البحرية على المتوسط.

٣- على الجبهة الشمالية:

– مازالت جبهة الإسناد الشمالية مشتعلة وهي الجبهة الرئيسية والأساسية في استنزاف قدرات العدو المادية ( منشآت ومعدات وتجهيزات وتهجير مستوطنين…) والبشرية في البُعدين الجسدي والنفسي، ومن المتوقع أن تتطور مع تزايد التهديد الإسرائيلي إن لجهة استهداف المدنيين في الجنوب اللبناني، أو لجهة تنامي فكرة عمل عسكري إسرائيلي لدى صناع القرار والمعارضة والبيئة الاجتماعية عند العدو على أن تكون محدودة الزمان والمكان في الجنوب براً كان أو جواً بهدف جر المقاومة للتفاوض على قرار ١٧٠١ بحلة جديدة، مما سيضطر المقاومة الإسلامية في لبنان للرد بما يناسب حجم هذا العمل لإعادة ضبط إيقاع قواعد الاشتباك والتوازن والردع، وبالتالي قد تخرج الأمور عما هي عليه الآن اذا تحامق وتمادى العدو أكثر.

مع الاعتقاد بأن هكذا سيناريو إمكانية تنفيذه لن تكون قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية وجلاء غبارها.

وعليه يمكن التقدير بأن حرب الاستنزاف التي يخوضها محور المقاومة والتي تؤتي أُكلها على المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ستطول بما يخدم هدف تفكيك وتفتيت الكيان المؤقت وضرب ركائز وأسس قيامه وبقائه.

وهذا الهدف من المؤكد يدركه العدو جيداً بكافة أطيافه وهو بالتالي يعمل ويسعى على محاولة الخروج من حصار وحرب الاستنزاف التي يخوضها محور المقاومة ضده فهل يستطيع ذلك، وأي المخارج يمكن أن يسلكها؟

مع معرفته المسبقة بأن محور المقاومة بات مستعداُ كذلك لخوض حرباً مفتوحةً شاملةً عليه، وهذا ما صرح به عدة مرات أركان المحور في عدة مناسبات من إيران، واليمن، والعراق، ولبنان.

باختصار الأوراق بيد الكيان المؤقت قليلة جدا واللعب بها لا يخلو من الخطر على وجوده.

* موقع الخنادق اللبناني

مقالات مشابهة

  • نتنياهو في واشنطن.. نذير شؤم
  • "مدائن" تسلط الضوء على ركائز التحوّل المنشود لتعزيز التنافسية ضمن "ملتقى التميز المؤسسي"
  • كيف يمكن للأسطح الفاتحة أن تخفض من درجة حرارة المدن؟ دراسة جديدة تجيب
  • هاريس ستبدأ حملتها الانتخابية من هذه الولاية.. وهذ ما ستسلط عليه الضوء
  • محور المقاومة يصعّد في حرب الاستنزاف
  • ريم نجمي: روايتي تحتفي بالسيدة أنجيلا ميركل
  • ألمانيا..وقفة احتجاجية للجالية اليمنية أمام القنصلية الأمريكية نصرة لفلسطين
  • الأَساس القانوني لإجراءات محور المقاومة ضد الكيان الصهيوني
  • أنت في محنة عندما تحيا فلسطينيا في ألمانيا!
  • وراء الحدث