عربي21:
2024-12-28@16:11:48 GMT

أزمة الديمقراطية في السنغال

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

أن تجرى انتخابات تشريعية ورئاسية مستمرة بشكل دوري، فهذه عتبة يمكن عندها القول إن هذا البلد هو بلد ديمقراطي بما يميزه عن النظام التسلطي.

لكن التجارب الديمقراطية خلال العقود الأربعة أظهرت أن ثمة تقاطعات بين النظامين الديمقراطي والتسلطي على مستوى الممارسة، فإذا كان المقصود بالنظام التسلطي انتزع الذراع التنفيذي السلطة عبر طرق غير ديمقراطية، فإن السلطة أو الذراع التنفيذي قد يستأثر بالحكم بطريقة استبدادية وإن جاء إلى الحكم عبر بوابة الديمقراطية (الانتخابات)، كما حدث في العديد من الدول، خصوصا في القارة الإفريقية.



في هذه الأنظمة الديمقراطية الهجينة، لا يؤخذ بالاعتبار انتهاكات حقوق الإنسان أو السلوكيات القمعية، إلا إذا كان لها تأثير بفرص المعارضة لخوض الانتخابات، ولا هو يتناول مسائل الثروات، أو الوضع الاقتصادي، أو الاستقرار السياسي، أو قدرات الدولة.

معظم الأنظمة السلطوية قد أنشأت مؤسسات ترتدي عباءة ديمقراطية، كانتخابات تشارك فيها أحزاب، وهي أنظمة وصفت بالهجينة أو الرمادية، ولكن هذه السمة ليست مقتصرة على هذه الأنماط من النظم فحسب، فقد شهدنا انتخابات في أنظمة دكتاتورية.

يتفق معظم العلماء على أن الأنظمة السلطوية تلجأ إلى هذه المؤسسات الديمقراطية الزائفة لتعينها على البقاء في السلطة، خصوصا أن الأدلة تشير إلى أن الدكتاتوريات التي تشتمل على أحزاب سياسية وهيئات تشريعية وانتخابات منتظمة تصمد لفترة أطول فوق كرسي السلطة من الدكتاتوريات التي تخلو من هذه الجوانب.

وإذا كان التوصيف أعلاه ينطبق على كثير من الدول الديمقراطية في إفريقيا، فإنه لا ينطبق على حالة السنغال، ففيها ديمقراطية مستقرة ومستمرة منذ سنوات طويلة في محيط إفريقي حافل بالانقلابات والانتكاسات الديمقراطية وأزمات حقوق الإنسان والصراعات العرقية والقبلية.

هكذا خطت السنغال طريقها الديمقراطي منذ الاستقلال عام ألف وتسعمئة وستين، مستفيدة من إرث ديمقراطي عرفته البلاد منذ منتصف القرن التاسع عشر، وساهم في نشوء مجتمع سياسي نشط، وصحافة حرة.

غير أن مسار الديمقراطية المستقر بدأ يتعرض لتعرجات منذ نحو عقد ونصف، حين حاول الرئيس عبدلله واد الترويج لنجله كخليفة له، ثم محاولته تعديل الدستور عام ألفين وأحد عشر للفوز بولاية ثالثة.

وعلى الرغم من أن هزيمة واد في انتخابات عام ألفين وأثني عشر قد شكلت فرصة للسنغال لإعادة هيكلة مشهدها السياسي الذي أصابه نوع من الترهل، إلا أن ارتفاع تكاليف المعيشة وتفاقم التضخم والديون والبطالة خلال السنوات الماضية، واتهامات بالفساد الحكومي الممنهج، وتوسع التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل، وموجة الانقلابات العسكرية المضادة في القارة السمراء، أربك الوضعين السياسي والاقتصادي في البلاد.

العامل المتغير في الحالة السنغالية مقارنة بالدول المحيطة، يكمن في قوة المجتمع المدني وقوة المطلب الديمقراطي في المجتمع بكل عام، وقد خبرنا خلال العقد الماضي الحجم الكبير للتظاهرات المنددة بأية خطوات من شأنها أن تؤثر على الديمقراطية أو تذكر بالحكم التسلطي، ولهذا السبب يصعب في الحالة السنغالية حدوث انتكاسة قوية نحو الحكم التسلطي كما حدث في دول إفريقية أخرى.وفي ظل هذا المناخ المضطرب، جاء إعلان الرئيس السنغالي ماكي سال قبل أيام تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس والعشرين من فبراير الجاري، ليعمق الفجوة وانعدام الثقة بين السلطة والمعارضة.

اجتهد الطرفان في توصيف قرار التأجيل، أهو خطوة للملمة الخلافات وتجنب اضطرابات سياسية بين البرلمان والمجلس الدستوري بعد إلغاء الأخير عشرات الترشيحات كما يقول فريق السلطة، أم هو خطوة لضمان بقاء سال وحزبه في السلطة أكبر قدر ممكن كما تقول المعارضة.

وبغض النظر عن أسباب وحجج السلطة، فإنه لا يمكن رؤية عملية تأجيل الانتخابات التي أقرها البرلمان إلى منتصف ديسمبر المقبل بمعزل عن الطريقة التي تمت بها، فقد جرى التصويت بحضور نواب السلطة فقط بعدما طُرد نواب المعارضة من البرلمان لمحاولتهم عرقلة عملية التصويت.

ومع المصادقة على تأجيل الانتخابات تكون السنغال مع حكم الرئيس سال قد قطعت مع سيرورة سياسية طويلة حافظت فيها البلاد على عملية انتخابية مستمرة وثابتة منذ عام ألف وتسعمئة وثلاثة وستين، وهي خطوة ستفتح الباب مجددا أمام حراك شعبي طالما دافع عن تقاليد ديمقراطية حافظت على صياغة توقعات المواطنين السياسية والاقتصادية.

هنا، لا بد من التطرق إلى عاملين رئيسيين دفعا السلطة إلى سهولة اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات:

الأول، أن عملية الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها أكبر قدر ممكن، ما تزال تلعب دورا لدى النخب السياسية الحاكمة، بغض النظر عن تأثير ذلك على المناخ الديمقراطي وتطوره.

الثاني، أن البيئة الإقليمية ليست بيئة مهددة لأي انتكاسة في الديمقراطية، فقد شهدت الشهور والأعوام الماضية عمليات تراجع حادة في الديمقراطية خصوصا في غرب إفريقيا.

لكن العامل المتغير في الحالة السنغالية مقارنة بالدول المحيطة، يكمن في قوة المجتمع المدني وقوة المطلب الديمقراطي في المجتمع بكل عام، وقد خبرنا خلال العقد الماضي الحجم الكبير للتظاهرات المنددة بأية خطوات من شأنها أن تؤثر على الديمقراطية أو تذكر بالحكم التسلطي، ولهذا السبب يصعب في الحالة السنغالية حدوث انتكاسة قوية نحو الحكم التسلطي كما حدث في دول إفريقية أخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه انتخابات تأجيل انتخابات سياسة رأي تأجيل السينغال مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تأجیل الانتخابات

إقرأ أيضاً:

السنغال تستهدف خفض عجز ميزانيتها إلى أدنى مستوى خلال عقد بحلول عام 2027

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 أعلن رئيس الوزراء السنغالي، عثمان سونكو، أن بلاده تخطط لخفض عجز ميزانيتها إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، حيث تعتزم البدء في تقليص الإنفاق الحكومي وزيادة تحصيل الضرائب اعتبارًا من العام المقبل، وفقا لوكالة "بلومبرج".
وأشار سونكو - الذي فاز حزبه "باستيف" بالأغلبية البرلمانية في الانتخابات التي جرت في نوفمبر - إلى أن هذه التدابير من شأنها خفض الدين العام إلى أقل من 70% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029، بعدما كان حوالي 80% في العام الماضي. 
وأشار إلى أن الإجراءات المكثفة لخفض الإنفاق العام وزيادة الإيرادات الضريبية وإدارة الديون بطريقة أكثر استدامة ستساعد الحكومة في تحقيق هدفها.. موضحا: "ستعمل الحكومة أيضا على تقليص الإعفاءات الضريبية وإدخال المزيد من الأفراد والشركات ضمن الشبكة الضريبية".
وأضاف رئيس الوزراء السنغالي: "إذا دعت الحاجة، سنواصل إصدار السندات الدولية (يوروبوند) والصكوك، خاصة على شكل تمويل مشاريع، وإلى حد معين، لإدارة مخاطر إعادة التمويل للسندات أو الصكوك التي حان موعد استحقاقها أو ستستحق قريبا".
كما تخطط السنغال لإصدار سندات وصكوك تحمل اسم "الوطنية"، ستكون متاحة لجميع المواطنين السنغاليين. وتدرس الحكومة أيضًا إمكانية إصدار سندات مغتربين محلية بقيمة 1.5 تريليون فرنك إفريقي (2.4 مليار دولار)، وفقا لمسودة ميزانية 2025.
وكانت وزارة المالية السنغالية قد توقعت أن يبلغ العجز في الميزانية أكثر من 11% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بينما كانت آخر مرة وصل فيها العجز إلى مستوى 3% في عام 2017.
وأظهر تدقيق حكومي هذا العام أن متوسط العجز المالي خلال الفترة من 2019 إلى 2023 كان تقريبا ضعف نسبة 5.5% التي تم الإبلاغ عنها في عهد الرئيس السابق ماكي سال، مما دفع صندوق النقد الدولي إلى تجميد قروض بقيمة 1.8 مليار دولار للدولة الواقعة في غرب إفريقيا.
ومن المتوقع أن تساعد إيرادات إنتاج النفط، الذي بدأ هذا العام، بالإضافة إلى إنتاج الغاز من مشروع "جراند تورتوي" الذي تديره شركة " بريتش بيتروليوم BP" بتكلفة 4.8 مليار دولار، في زيادة الإيرادات الحكومية.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع نمو الاقتصاد السنغالي بنسبة 9.3% العام المقبل، مدفوعا بصادرات الطاقة.
وتعهدت إدارة الرئيس باسي رو ديوميي فاي، التي تولت السلطة في أبريل، بمواجهة المستويات المرتفعة من الفقر والبطالة، من خلال زيادة الدخل الناتج عن الموارد الطبيعية للسنغال، بما في ذلك المعادن والمحروقات.

مقالات مشابهة

  • السنغال تستهدف خفض عجز ميزانيتها إلى أدنى مستوى خلال عقد بحلول عام 2027
  • المصري الديمقراطي ينظم ندوة لمناقشة مشاكل قانون التصالح
  • الجيل الديمقراطي: لقاء رئيس الوزراء مع المستثمرين خطوة لدعم قطاع التشييد
  • السنغال تعلن إغلاق جميع القواعد العسكرية الأجنبية
  • المصري الديمقراطي يدين اقتحام وزير الأمن لدولة الاحتلال للمسجد الأقصى
  • السنغال تقرر إغلاق جميع القواعد العسكرية الأجنبية
  • المصري الديمقراطي ينظم صالونًا سياسًيا حول «الانتخابات الأمريكية وتأثيرها إقليميا ومحليا»
  • 5.2 مليون دولار قيمة الصادرات الهندسية المصرية إلى السنغال في عام 2023
  • وساطة أمريكية لحل أزمة قوات سوريا الديمقراطية وتركيا
  • الجبهة الديمقراطية تندد باعتقال السلطة أحد قادتها خلال مسيرة لدعم جنين