عربي21:
2025-03-06@08:52:36 GMT

أزمة الديمقراطية في السنغال

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

أن تجرى انتخابات تشريعية ورئاسية مستمرة بشكل دوري، فهذه عتبة يمكن عندها القول إن هذا البلد هو بلد ديمقراطي بما يميزه عن النظام التسلطي.

لكن التجارب الديمقراطية خلال العقود الأربعة أظهرت أن ثمة تقاطعات بين النظامين الديمقراطي والتسلطي على مستوى الممارسة، فإذا كان المقصود بالنظام التسلطي انتزع الذراع التنفيذي السلطة عبر طرق غير ديمقراطية، فإن السلطة أو الذراع التنفيذي قد يستأثر بالحكم بطريقة استبدادية وإن جاء إلى الحكم عبر بوابة الديمقراطية (الانتخابات)، كما حدث في العديد من الدول، خصوصا في القارة الإفريقية.



في هذه الأنظمة الديمقراطية الهجينة، لا يؤخذ بالاعتبار انتهاكات حقوق الإنسان أو السلوكيات القمعية، إلا إذا كان لها تأثير بفرص المعارضة لخوض الانتخابات، ولا هو يتناول مسائل الثروات، أو الوضع الاقتصادي، أو الاستقرار السياسي، أو قدرات الدولة.

معظم الأنظمة السلطوية قد أنشأت مؤسسات ترتدي عباءة ديمقراطية، كانتخابات تشارك فيها أحزاب، وهي أنظمة وصفت بالهجينة أو الرمادية، ولكن هذه السمة ليست مقتصرة على هذه الأنماط من النظم فحسب، فقد شهدنا انتخابات في أنظمة دكتاتورية.

يتفق معظم العلماء على أن الأنظمة السلطوية تلجأ إلى هذه المؤسسات الديمقراطية الزائفة لتعينها على البقاء في السلطة، خصوصا أن الأدلة تشير إلى أن الدكتاتوريات التي تشتمل على أحزاب سياسية وهيئات تشريعية وانتخابات منتظمة تصمد لفترة أطول فوق كرسي السلطة من الدكتاتوريات التي تخلو من هذه الجوانب.

وإذا كان التوصيف أعلاه ينطبق على كثير من الدول الديمقراطية في إفريقيا، فإنه لا ينطبق على حالة السنغال، ففيها ديمقراطية مستقرة ومستمرة منذ سنوات طويلة في محيط إفريقي حافل بالانقلابات والانتكاسات الديمقراطية وأزمات حقوق الإنسان والصراعات العرقية والقبلية.

هكذا خطت السنغال طريقها الديمقراطي منذ الاستقلال عام ألف وتسعمئة وستين، مستفيدة من إرث ديمقراطي عرفته البلاد منذ منتصف القرن التاسع عشر، وساهم في نشوء مجتمع سياسي نشط، وصحافة حرة.

غير أن مسار الديمقراطية المستقر بدأ يتعرض لتعرجات منذ نحو عقد ونصف، حين حاول الرئيس عبدلله واد الترويج لنجله كخليفة له، ثم محاولته تعديل الدستور عام ألفين وأحد عشر للفوز بولاية ثالثة.

وعلى الرغم من أن هزيمة واد في انتخابات عام ألفين وأثني عشر قد شكلت فرصة للسنغال لإعادة هيكلة مشهدها السياسي الذي أصابه نوع من الترهل، إلا أن ارتفاع تكاليف المعيشة وتفاقم التضخم والديون والبطالة خلال السنوات الماضية، واتهامات بالفساد الحكومي الممنهج، وتوسع التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل، وموجة الانقلابات العسكرية المضادة في القارة السمراء، أربك الوضعين السياسي والاقتصادي في البلاد.

العامل المتغير في الحالة السنغالية مقارنة بالدول المحيطة، يكمن في قوة المجتمع المدني وقوة المطلب الديمقراطي في المجتمع بكل عام، وقد خبرنا خلال العقد الماضي الحجم الكبير للتظاهرات المنددة بأية خطوات من شأنها أن تؤثر على الديمقراطية أو تذكر بالحكم التسلطي، ولهذا السبب يصعب في الحالة السنغالية حدوث انتكاسة قوية نحو الحكم التسلطي كما حدث في دول إفريقية أخرى.وفي ظل هذا المناخ المضطرب، جاء إعلان الرئيس السنغالي ماكي سال قبل أيام تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس والعشرين من فبراير الجاري، ليعمق الفجوة وانعدام الثقة بين السلطة والمعارضة.

اجتهد الطرفان في توصيف قرار التأجيل، أهو خطوة للملمة الخلافات وتجنب اضطرابات سياسية بين البرلمان والمجلس الدستوري بعد إلغاء الأخير عشرات الترشيحات كما يقول فريق السلطة، أم هو خطوة لضمان بقاء سال وحزبه في السلطة أكبر قدر ممكن كما تقول المعارضة.

وبغض النظر عن أسباب وحجج السلطة، فإنه لا يمكن رؤية عملية تأجيل الانتخابات التي أقرها البرلمان إلى منتصف ديسمبر المقبل بمعزل عن الطريقة التي تمت بها، فقد جرى التصويت بحضور نواب السلطة فقط بعدما طُرد نواب المعارضة من البرلمان لمحاولتهم عرقلة عملية التصويت.

ومع المصادقة على تأجيل الانتخابات تكون السنغال مع حكم الرئيس سال قد قطعت مع سيرورة سياسية طويلة حافظت فيها البلاد على عملية انتخابية مستمرة وثابتة منذ عام ألف وتسعمئة وثلاثة وستين، وهي خطوة ستفتح الباب مجددا أمام حراك شعبي طالما دافع عن تقاليد ديمقراطية حافظت على صياغة توقعات المواطنين السياسية والاقتصادية.

هنا، لا بد من التطرق إلى عاملين رئيسيين دفعا السلطة إلى سهولة اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات:

الأول، أن عملية الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها أكبر قدر ممكن، ما تزال تلعب دورا لدى النخب السياسية الحاكمة، بغض النظر عن تأثير ذلك على المناخ الديمقراطي وتطوره.

الثاني، أن البيئة الإقليمية ليست بيئة مهددة لأي انتكاسة في الديمقراطية، فقد شهدت الشهور والأعوام الماضية عمليات تراجع حادة في الديمقراطية خصوصا في غرب إفريقيا.

لكن العامل المتغير في الحالة السنغالية مقارنة بالدول المحيطة، يكمن في قوة المجتمع المدني وقوة المطلب الديمقراطي في المجتمع بكل عام، وقد خبرنا خلال العقد الماضي الحجم الكبير للتظاهرات المنددة بأية خطوات من شأنها أن تؤثر على الديمقراطية أو تذكر بالحكم التسلطي، ولهذا السبب يصعب في الحالة السنغالية حدوث انتكاسة قوية نحو الحكم التسلطي كما حدث في دول إفريقية أخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه انتخابات تأجيل انتخابات سياسة رأي تأجيل السينغال مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تأجیل الانتخابات

إقرأ أيضاً:

مؤشر الديمقراطية 2024.. أين حلت الدول العربية؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تراجعت النتيجة الإجمالية لمؤشر الديمقراطية العالمي من 5.52 في عام 2006 إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، حيث بلغت 5.17 في عام 2024. وشهدت 130 دولة من أصل 167 مشمولة في المؤشر إما انخفاضًا في درجاتها أو عدم تحقيق أي تقدم. واستمرار تراجع الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام السادس على التوالي.

يصدر "مؤشر الديمقراطية" عن وحدة الأبحاث الاقتصادية التابعة لمجموعة "إيكونوميست" البريطانية، حيث يقيس مدى التزام الدول بمعايير محددة تشمل العملية الانتخابية والتعددية، وكفاءة أداء الحكومة، ومدى المشاركة السياسية، والثقافة السياسية، إضافةً إلى مستوى الحريات المدنية. ويتم تصنيف الدول وفقًا لهذه المعايير على مقياس من 0 إلى 10.

يعيش أكثر من ثلث سكان العالم (39.2٪) تحت حكم سلطوي. يتم تصنيف ستين دولة الآن على أنها "أنظمة سلطوية"، بزيادة دولة واحدة مقارنة بمؤشر عام 2023، وزيادة 8 دول عن عقد مضى في عام 2014.

وكان الانخفاض في النتيجة الإجمالية للمؤشر في عام 2024 مدفوعًا بالانعكاسات في كل منطقة من مناطق العالم باستثناء أوروبا الغربية، التي تحسن متوسط نتيجة المؤشر لديها بأصغر هامش ممكن (0.01 نقطة)، وأمريكا الشمالية، التي ظلت نتيجتها كما هي. وسجلت المناطق الخمس الأخرى انخفاضًا في متوسط نتيجة المؤشر لديها، مع حدوث أكبر الانحدارات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (-0.11) وآسيا وأستراليا (-0.10).

وفقا للتقرير، كان عام 2024 عامًا آخر من التراجع للديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث استمر الانخفاض للعام السادس على التوالي، لتصل النتيجة الإقليمية إلى 3.12 مقارنة بـ 3.23 في عام 2023. لا تزال المنطقة في ذيل التصنيفات الإقليمية، متأخرة بفارق كبير عن المناطق الست الأخرى، بما في ذلك إفريقيا جنوب الصحراء، التي حصدت متوسط نقاط بلغ 4.00. وتُعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الوحيدة التي تخلو من أي دولة مصنفة كـ"ديمقراطية كاملة".

إليكم نظرة في الإنفوغرافيك أعلاه على تصنيف الدول العربية ضمن مؤشر الديمقراطية العالمي لعام 2024.

انفوجرافيكنشر الثلاثاء، 04 مارس / آذار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • نيجيرفان بارزاني يدعو للتمسك بالتعايش السلمي وقبول الآخر وترسيخ الديمقراطية
  • سودانايل تنشر نص خطاب دكتور عبدالله حمدوك رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) حول نداء سلام السودان .
  • استقالة وكيل وزارة المالية عن الحزب الديمقراطي ريباز حملان
  • الديمقراطية العربية التي يجب أن نبني
  • مصر تسلم رئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة الأمكاو إلى السنغال
  • مصر تسلم رئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة لدولة السنغال
  • مصر تسلم رئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة "الأمكاو" لدولة السنغال
  • مؤشر الديمقراطية 2024.. أين حلت الدول العربية؟
  • الحزب المصري الديمقراطي يستنكر جرائم الاحتلال بحق شعب غزة ويدعو لتحرك دولي فوري
  • السوداني: مكانة المرأة العراقية عالية ومتقدمة في عراقنا الديمقراطي