عربي21:
2024-07-06@07:07:40 GMT

أزمة الديمقراطية في السنغال

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

أن تجرى انتخابات تشريعية ورئاسية مستمرة بشكل دوري، فهذه عتبة يمكن عندها القول إن هذا البلد هو بلد ديمقراطي بما يميزه عن النظام التسلطي.

لكن التجارب الديمقراطية خلال العقود الأربعة أظهرت أن ثمة تقاطعات بين النظامين الديمقراطي والتسلطي على مستوى الممارسة، فإذا كان المقصود بالنظام التسلطي انتزع الذراع التنفيذي السلطة عبر طرق غير ديمقراطية، فإن السلطة أو الذراع التنفيذي قد يستأثر بالحكم بطريقة استبدادية وإن جاء إلى الحكم عبر بوابة الديمقراطية (الانتخابات)، كما حدث في العديد من الدول، خصوصا في القارة الإفريقية.



في هذه الأنظمة الديمقراطية الهجينة، لا يؤخذ بالاعتبار انتهاكات حقوق الإنسان أو السلوكيات القمعية، إلا إذا كان لها تأثير بفرص المعارضة لخوض الانتخابات، ولا هو يتناول مسائل الثروات، أو الوضع الاقتصادي، أو الاستقرار السياسي، أو قدرات الدولة.

معظم الأنظمة السلطوية قد أنشأت مؤسسات ترتدي عباءة ديمقراطية، كانتخابات تشارك فيها أحزاب، وهي أنظمة وصفت بالهجينة أو الرمادية، ولكن هذه السمة ليست مقتصرة على هذه الأنماط من النظم فحسب، فقد شهدنا انتخابات في أنظمة دكتاتورية.

يتفق معظم العلماء على أن الأنظمة السلطوية تلجأ إلى هذه المؤسسات الديمقراطية الزائفة لتعينها على البقاء في السلطة، خصوصا أن الأدلة تشير إلى أن الدكتاتوريات التي تشتمل على أحزاب سياسية وهيئات تشريعية وانتخابات منتظمة تصمد لفترة أطول فوق كرسي السلطة من الدكتاتوريات التي تخلو من هذه الجوانب.

وإذا كان التوصيف أعلاه ينطبق على كثير من الدول الديمقراطية في إفريقيا، فإنه لا ينطبق على حالة السنغال، ففيها ديمقراطية مستقرة ومستمرة منذ سنوات طويلة في محيط إفريقي حافل بالانقلابات والانتكاسات الديمقراطية وأزمات حقوق الإنسان والصراعات العرقية والقبلية.

هكذا خطت السنغال طريقها الديمقراطي منذ الاستقلال عام ألف وتسعمئة وستين، مستفيدة من إرث ديمقراطي عرفته البلاد منذ منتصف القرن التاسع عشر، وساهم في نشوء مجتمع سياسي نشط، وصحافة حرة.

غير أن مسار الديمقراطية المستقر بدأ يتعرض لتعرجات منذ نحو عقد ونصف، حين حاول الرئيس عبدلله واد الترويج لنجله كخليفة له، ثم محاولته تعديل الدستور عام ألفين وأحد عشر للفوز بولاية ثالثة.

وعلى الرغم من أن هزيمة واد في انتخابات عام ألفين وأثني عشر قد شكلت فرصة للسنغال لإعادة هيكلة مشهدها السياسي الذي أصابه نوع من الترهل، إلا أن ارتفاع تكاليف المعيشة وتفاقم التضخم والديون والبطالة خلال السنوات الماضية، واتهامات بالفساد الحكومي الممنهج، وتوسع التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل، وموجة الانقلابات العسكرية المضادة في القارة السمراء، أربك الوضعين السياسي والاقتصادي في البلاد.

العامل المتغير في الحالة السنغالية مقارنة بالدول المحيطة، يكمن في قوة المجتمع المدني وقوة المطلب الديمقراطي في المجتمع بكل عام، وقد خبرنا خلال العقد الماضي الحجم الكبير للتظاهرات المنددة بأية خطوات من شأنها أن تؤثر على الديمقراطية أو تذكر بالحكم التسلطي، ولهذا السبب يصعب في الحالة السنغالية حدوث انتكاسة قوية نحو الحكم التسلطي كما حدث في دول إفريقية أخرى.وفي ظل هذا المناخ المضطرب، جاء إعلان الرئيس السنغالي ماكي سال قبل أيام تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس والعشرين من فبراير الجاري، ليعمق الفجوة وانعدام الثقة بين السلطة والمعارضة.

اجتهد الطرفان في توصيف قرار التأجيل، أهو خطوة للملمة الخلافات وتجنب اضطرابات سياسية بين البرلمان والمجلس الدستوري بعد إلغاء الأخير عشرات الترشيحات كما يقول فريق السلطة، أم هو خطوة لضمان بقاء سال وحزبه في السلطة أكبر قدر ممكن كما تقول المعارضة.

وبغض النظر عن أسباب وحجج السلطة، فإنه لا يمكن رؤية عملية تأجيل الانتخابات التي أقرها البرلمان إلى منتصف ديسمبر المقبل بمعزل عن الطريقة التي تمت بها، فقد جرى التصويت بحضور نواب السلطة فقط بعدما طُرد نواب المعارضة من البرلمان لمحاولتهم عرقلة عملية التصويت.

ومع المصادقة على تأجيل الانتخابات تكون السنغال مع حكم الرئيس سال قد قطعت مع سيرورة سياسية طويلة حافظت فيها البلاد على عملية انتخابية مستمرة وثابتة منذ عام ألف وتسعمئة وثلاثة وستين، وهي خطوة ستفتح الباب مجددا أمام حراك شعبي طالما دافع عن تقاليد ديمقراطية حافظت على صياغة توقعات المواطنين السياسية والاقتصادية.

هنا، لا بد من التطرق إلى عاملين رئيسيين دفعا السلطة إلى سهولة اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات:

الأول، أن عملية الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها أكبر قدر ممكن، ما تزال تلعب دورا لدى النخب السياسية الحاكمة، بغض النظر عن تأثير ذلك على المناخ الديمقراطي وتطوره.

الثاني، أن البيئة الإقليمية ليست بيئة مهددة لأي انتكاسة في الديمقراطية، فقد شهدت الشهور والأعوام الماضية عمليات تراجع حادة في الديمقراطية خصوصا في غرب إفريقيا.

لكن العامل المتغير في الحالة السنغالية مقارنة بالدول المحيطة، يكمن في قوة المجتمع المدني وقوة المطلب الديمقراطي في المجتمع بكل عام، وقد خبرنا خلال العقد الماضي الحجم الكبير للتظاهرات المنددة بأية خطوات من شأنها أن تؤثر على الديمقراطية أو تذكر بالحكم التسلطي، ولهذا السبب يصعب في الحالة السنغالية حدوث انتكاسة قوية نحو الحكم التسلطي كما حدث في دول إفريقية أخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه انتخابات تأجيل انتخابات سياسة رأي تأجيل السينغال مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تأجیل الانتخابات

إقرأ أيضاً:

الانتخابات الأمريكية.. تداعيات سقوط بايدن خلال مناظرة ترامب.. هلع في الحزب الديمقراطي.. والأنظار تتجه نحو هاريس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أدى أداء الرئيس الأمريكي جو بايدن، الهزيل في المناظرة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب،  والتي أجريت فجر يوم الجمعة الماضي، استعدادا للانتخابات الرئاسية الأمريكية ، إلى ظهور بعض الدعوات من حزبه الديمقراطي للانسحاب من الانتخابات الرئاسية، ما ترك حملته في خطر قبل أسابيع فقط من قبوله ترشيح الحزب الديمقراطي.

كما أثار أداء بايدن تساؤلات داخل حزبه بشأن ما ستفعله نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، وهي مدعية عامة سابقة، إذا تم اختيارها كمرشحة وواجهت ترامب، الذي يعد أول رئيس سابق على الإطلاق يتم اتهامه وإدانته بارتكاب جريمة.

إذا استجاب الرئيس الأمريكي، البالغ من العمر 81 عاما، لهذه الدعوات، فسيمهد ذلك الطريق لهاريس، البالغة من العمر 59 عاما، لتصبح أول امرأة وأول امرأة ذو أصول الأفريقية تقود الأمة، بحسب ما ذكرت صحيفة "يو اس ايه توداي".

وعلى الرغم من التساؤلات  حول قدرة بايدن علي حكم البلاد، إلا أنه لم يواجه أي منافسة حقيقية على الترشيح ضمن حزبه. وأراد الديمقراطيون من بايدن خلال المناظرة أن يثبت أن لديه القوة اللازمة لتولي فترة رئاسية ثانية. بدلا من ذلك، تلقوا صدمة قوية بسبب أداء الرئيس الأمريكي الهزيل.

كما أدي أداء بايدن في المناظرة إلي ظهور مطالب بتنحيه لإفساح المجال لمرشح آخر.

وقال مدير الاتصالات في حملة الرئيس الأمريكي مايكل تايلر، في تصريحات للصحفيين يوم الجمعة الماضي، إنه لا يوجد حديث داخل الحملة حول الدعوات إلى تنحي بايدن جانبا.

وأكد: "لا يوجد نقاش حول ذلك على الإطلاق. انتخب الناخبون الديمقراطيون ورشحوا جو بايدن،" مضيفا: "جو بايدن هو مرشح الحزب الديمقراطي."

لكن المشرعين في الكونجرس، وحتى سلف بايدن الديمقراطي، باراك أوباما، أظهروا دعما فاترا للرئيس الأمريكي، ما أثار تساؤلات حول من سيكون قادرا على التدخل في وقت متأخر جدا من العملية الانتخابية وانقاذ الموقف.

وقال السناتور الأمريكي السابق عن ولاية أيوا توم هاركين، وهو نفسه مرشح رئاسي سابق، أن أداء بايدن خلال المناظرة كان "كارثي بشكل يجعله غير قادر علي التعافي منه."

ولم يمنع ذلك هاريس من دعم الرئيس الأمريكي، علي الرغم من أدائه في المناظرة، حيث ظهرت في العديد من القنوات الإخبارية، وقالت أن المناظرة بمثابة "بداية بطيئة."

وقالت الخبيرة في الشؤون السياسية تامي فيجيل، في تصريحات نشرتها الصحيفة، إن تجربة هاريس كمدعية عامة سابقة لا تقدر بثمن إذا انتهى بها الأمر إلى أن تكون المرشحة للحزب الديمقراطي وتواجه ترامب.

وشددت فيجيل علي أن نائبة الرئيس الأمريكي ستكون قادرة علي التغلب علي الرئيس الأمريكي السابق، وستقدم أداء أفضل بكثير من بايدن، وقالت: "أعتقد أن لديها مجموعة من المهارات والخبرة لتكون أكثر فعالية ضد ترامب، وتضغط عليه بشأن ادعاءاته الكاذبة."

وقبل المناظرة بأيام قليلة، أجرت شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية استطلاع للرأي بشأن الانتخابات الرئاسية، وتصدر بايدن سباق الرئاسة بفارق نقطتين على منافسه ترامب.

وأشارت الشبكة إلى أن بايدن تقدم على ترامب للمرة الأولى منذ أكتوبر الماضي.

وقال 50 في المائة من المشاركين في الاستطلاع، إنهم سيصوتون لبايدن في الانتخابات الرئاسية التي ستعقد في نوفمبر المقبل، بينما قال 48 في المائة إنهم سيدعمون ترامب. 

ويعد ذلك تحسن بايدن بثلاث نقاط مقارنة باستطلاع "فوكس نيوز" الشهر الماضي، حيث تقدم ترامب بنقطة واحدة.

ويمثل الاستطلاع المرة الأولى التي تصل فيها نسبة التأييد لبايدن 50 في المائة خلال فترة ولايته، وأيضا المرة الأولى التي يتفوق فيها على ترامب منذ أكتوبر 2023.

وكان المشاركون أيضا أكثر إيجابية بشأن الاقتصاد مما كان الوضع عليه في الأشهر السابقة. وقال ما يقرب من ثلث المشاركين، 32 في المائة، إن لديهم شعورا ممتازا أو جيدا تجاه الاقتصاد، وهي أعلى علامة حصل عليها بايدن خلال رئاسته للبلاد.

وعلى الرغم من ذلك، لا تزال غالبية المشاركين، نسبة 56 في المائة، لديهم نظرة سلبية للاقتصاد.

ووجد الاستطلاع أن 45 في المائة من المشاركين راضين على أداء بايدن كرئيس للبلاد.

شمل الاستطلاع حوالي 1100 ناخب مسجل في جميع أنحاء البلاد، بهامش خطأ يبلغ حوالي 3 في المائة.

مقالات مشابهة

  • بايدن يقلل من أهمية المناظرة: لن تهدم مابنيته خلال السنوات الماضية
  • بايدن هناك من يحاول إبعادي عن السباق الرئاسي.. ويتهم ترامب بأمر خطير بشأن كورونا
  • رد فعل ألمانيا على فوز حزب العمال في بريطانيا
  • أسباب هزيمة «المحافظين» في الانتخابات التشريعية البريطانية بعد 14 عاما في السلطة
  • عقاب جماعي.. جيهان جادو تكشف سر صعود اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية
  • هل يصوت الملك تشارلز في الانتخابات البريطانية؟
  • مبابي يعلق على اقتراب اليمين من السلطة في فرنسا: كارثة
  • "اليمين المتطرف" يهزم ماكرون في الانتخابات والمثقفون والموسيقيون ينتفضون في الساحات.. شاهد
  • بريطانيا.. انطلاق الانتخابات وسط تفاؤل بصفوف حزب العمّال
  • الانتخابات الأمريكية.. تداعيات سقوط بايدن خلال مناظرة ترامب.. هلع في الحزب الديمقراطي.. والأنظار تتجه نحو هاريس