الولايات المتحدة تعتزم فرض عقوبات على جنود للاحتلال في الضفة.. لماذا؟
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
تعتزم الإدارة الأمريكية، فرض عقوبات على أفراد في الجيش الإسرائيلي، من بينهم ضباط، بسبب عدم إنفاذ القانون، ضد عنف المستوطنين بحق السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، الجمعة، عن تقرير داخلي لوزارة الخارجية في تل أبيب، إنّ الإدارة الأمريكية "تستعد لفرض عقوبات على جنود بالجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية".
وأوضحت أنّ "فرض العقوبات سيشمل جنوداً وقادة في الجيش، في حال لم يقدم مكتب المدعي العام العسكري للحكومة الأمريكية أجوبة على سلسلة من التساؤلات والمطالبات في أقل من 60 يوماً، بشأنّ عنف المستوطنين في الضفة الغربية".
وأشارت إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، "حذرت إسرائيل عدة مرات من عدم إنفاذ القانون ضد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، لكن تجاوب تل أبيب لم يكن مرضياً".
ووفق هيئة البث، تأخذ إسرائيل تهديدات إدارة بايدن، "على محمل الجد، حيث تستعد الحكومة لاحتمالية توسع العقوبات لتطال مسؤولين بالجيش وأعضاء في الكنيست (البرلمان) ووزراء".
اقرأ أيضاً
كيف مهد إرهاب المستوطنين الإسرائيليين الطريق للإبادة الجماعية في غزة؟
ومن المتوقع "إجراء مناقشة وزارية بشأن هذه القضية بالتعاون مع مكتب المدعي العام العسكري؛ لمعرفة كيفية تجنب توسيع الأمر"، حسب الهيئة الرسمية.
ومطلع يناير/كانون الثاني، وقّع بايدن أمراً تنفيذياً جديداً يسمح بفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يهاجمون الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، فضلاً عن إدراج 4 منهم على القائمة السوداء.
ورأى بايدن أن الوضع في الضفة الغربية ولا سيما مستويات العنف المرتفعة للمستوطنين المتطرفين وتدمير الممتلكات، بلغ مستويات لا تحتمل، ويشكل تهديدا خطيرا للسلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
وقال اثنان من كبار المسؤولين في إدارة بايدن، لوسائل إعلامية، شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن "الأمر التنفيذي الجديد الذي وقعه بايدن، يمنع المستوطنين الإسرائيليين الأربعة (لم يتم ذكر أسمائهم أو مناصبهم) من الوصول إلى النظام المالي الأمريكي، ويجمد أي ممتلكات لهم بالولايات المتحدة، ويمنعهم من دخول البلاد".
كما يُحظر على مواطني الولايات المتحدة عموماً التعامل معهم (من خلال تمويلهم أو المساهمة بأموال لهم)، حسب المصدر نفسه.
وذكرت مصادر إسرائيلية مطلع الشهر الجاري، أن إدارة بايدن تدرس فرض عقوبات على الوزيرين المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
اقرأ أيضاً
أكسيوس: بايدن فكر بإدراج بن غفير وسموتريش ضمن "عقوبات المستوطنين"
يشار إلى أن الولايات المتحدة بدأت في ديسمبر/كانون الأول الماضي فرض حظر على منح تأشيرات الدخول للأشخاص المتورطين في أعمال العنف في الضفة المحتلة.
وتأتي هذه الإجراءات في الوقت الذي تصاعد فيه عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية بشكل كبير منذ أشهر، وسط الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة المحاصر.
وتقدر حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، أن أكثر من 700 ألف مستوطن يقيمون في مستوطنات بالضفة الغربية، من ضمنها القدس الشرقية.
وتعتبر الأمم المتحدة ومعظم المجتمع الدولي، الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1967 غير قانوني، وتدعو إسرائيل إلى وقفه دون جدوى، محذرة من أنه يقوض فرص معالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لمبدأ "حل الدولتين".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل في البنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية لمحاكمتها بتهمة "الإبادة الجماعية" لأول مرة في تاريخها.
اقرأ أيضاً
إدارة بايدن تعاقب مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية.. كيف رد نتنياهو؟
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مستوطنون بايدن إسرائيل إبادة عقوبات فی الضفة الغربیة عنف المستوطنین فرض عقوبات على إدارة بایدن
إقرأ أيضاً:
نذر الانفجار الكبير فى الضفة الغربية
تتواتر نذر النار فى الضفة الغربية، كأنها استئناف للحرب على غزة وتصعيد بالوقت نفسه لمستوى المواجهات الوجودية، أن تكون أو ألا تكون القضية الفلسطينية.
لم تكن مصادفة أن تكون جنين ومخيمها بالذات أول مواجهات النار.
تمثل جنين عقدة مستحكمة أمام آلة الحرب الإسرائيلية، التى لم تتمكن من إخضاعها رغم الحملات والمداهمات المتصلة بكل أنواع الأسلحة والجرافات والطائرات.
«جنين هى النموذج والبداية». كان ذلك تصريحًا لافتًا لوزير الدفاع الإسرائيلى «يسرائيل كاتس»، الذى يفتقر إلى أية خبرة عسكرية، لكنه ينطق بما يريده رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو".
الكلام يعنى بالضبط أن تكون جنين «أمثولة» تتحطم فيها مقومات الحياة حتى يدب الذعر فى أنحاء الضفة الغربية. بتعبير آخر لـ«كاتس»، قال إن: «عملية جنين جزء من عملية أكبر ضد إيران والميليشيات الحليفة لها».
إنها محض ذريعة لتسويغ فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
من حيث التوقيت يستهدف «نتنياهو» الدخول فى حرب جديدة خشية عواقب وقف إطلاق النار على مستقبل حكومته. لم تكن هدنة غزة خياره فقد رفض مشروعًا مماثلًا فى مايو (2024) قدمه الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن باسمه، لكنه لم يتبنه ولم يدافع عنه وعمل على إجهاضه.
كما ليس بوسعه الانتظار إلى حين انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق حتى ينهيه بذريعة أو أخرى حسب نواياه المعلنة، خشية أن تفضى التفاعلات الداخلية الإسرائيلية إلى إحكام الخناق عليه وإجباره على الاستقالة وخسارة مستقبله السياسى.
كان تصدع تحالفه الحكومى باستقالة وزير الأمن القومى المتطرف «إيتمار بن غفير» احتجاجًا على وقف إطلاق النار فى غزة، الذى اعتبره كارثيًا، وتلويح وزير متطرف آخر «بتسلئيل سيموتريتش» بالاستقالة، داعيًا جوهريًا لفتح جبهة حرب جديدة حتى يتجنب انهيار حكومته.
يجد «نتنياهو» نفسه فى هذه اللحظة أسيرًا سياسيًا لدى «سيموتريتش» وكلمته نافذة فى الخيارات الرئيسية. إنه رجل المستوطنات والمستوطنين وقضيته الرئيسية فرض السيادة على الضفة الغربية بلا إبطاء.
«نتنياهو» يشاركه الأفكار نفسها، لكنه قد يميل إلى شىء من التحسب قبل تفجير الضفة الغربية.. فيما يطلب هو برهان أمام قواعده اليمينية المتشددة يثبت أن وجوده فى التشكيل الحكومى أفيد من استقالته.
المثير أن آخر استطلاعات الرأى العام فى الدولة العبرية تكشف أن أغلبيته مع إنفاذ اتفاق وقف إطلاق النار لإعادة جميع الأسرى والرهائن فى غزة.
إذا أجريت الانتخابات الآن فإن حزب الصهيونية الدينية، الذى يترأسه، لن يتجاوز نسبة الحسم. وفق الاستطلاعات نفسها فإن حظوظ الليكود ارتفعت عما كانت عليه من قبل، لكن نتنياهو لا يريد أن يغامر، أو أن يجد نفسه خلف جدران السجون محكوما عليه بتهم الفساد والاحتيال والرشى.
كانت استقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلى «هيرتسى هاليفى» إثر الإعلان عن هدنة غزة معترفًا بمسئوليته الكاملة عن التقصير الفادح فى (7) أكتوبر داعيًا جوهريًا آخر لمزيد من القلق عند مركز صنع القرار.
احتذى موقف «هاليفى» قادة عسكريين آخرين، أبرزهم قائد المنطقة الجنوبية «يارون فينكمان». الاستقالات فى توقيتها وسياقها بدت نوعًا من حفظ ماء وجه القيادات العسكرية بدلًا من الخضوع لإهانات الإقالة، التى يتبناها رموز اليمين المتطرف حتى يمكن إعادة بناء القيادة العسكرية وفق تصوراتهم لإدارة الحروب. إنه زلزال حقيقى فى المؤسسة العسكرية توابعه قد تضرب فى صلب أدوارها وطبيعة النظرة إليها بالمجتمع الإسرائيلى.
ثم أنه يجعل من مثول «نتنياهو» أمام جهة تحقيق مستقلة مسألة محتمة الآن، أو فى المدى المنظور عن مسئوليته السياسية عن الفشل الذريع فى السابع من أكتوبر، لكنه يسعى بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لتأجيل أية محاسبة مفترضة لأطول فترة ممكنة، ربما يمكنه خلالها أن يحقق شيئًا مما يطلق عليه «النصر المطلق»!
لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنه سوف ينجح بالضفة الغربية فيما فشل فيه بغزة. فى (8) يناير الحالى نشرت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية فى افتتاحيتها أن إسرائيل تريد تحويل الضفة الغربية إلى أطلال.
كان ذلك كشفًا مبكرًا عما تنتويه آلة الحرب الإسرائيلية من مداهمات عسكرية لكل مدنها وتقتيل جماعى لمواطنيها والتطهير العرقى وتهجيرهم قسريًا إلى الأردن. إنه مشروع يستهدف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فى يهودا والسامرة، فى طولكرم وجنين ونابلس وفى أى مكان يهدد المستوطنين الإسرائيليين، بنص تعبير سيموتريتش.
إذا فرضت السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية بقوة السلاح وأعمال العنف فسوف تفتح أبواب الجحيم كلها مرة واحدة وتمتد نيرانها إلى كل مكان.
إنها الكراهية عندما تتجاوز كل حد وتصور. كل شىء سوف يكون محتملًا، هدم المسجد الأقصى والقتل على الهوية الدينية بأى مكان فى العالم.
سوف تتقوض إلى الأبد أية رهانات على القانون الدولى، الذى يجرم الاستيطان فى الضفة الغربية، أو أية رهانات أخرى على «حل الدولتين»، وتتحلل السلطة الفلسطينية من تلقاء نفسها، رغم أدوارها فى التنسيق الأمنى مع إسرائيل لملاحقة جماعات المقاومة!
عند هذه اللحظة يصبح الكلام عن منح إسرائيل أية حوافز باسم البحث عن السلام إدماجا فى معادلات المنطقة غير محتمل على أى نحو أو بأى قدر.
أين إدارة دونالد ترامب من ذلك كله؟! فى يومه الأول بالبيت الأبيض صدرت عنه إشارات خطرة تشكك بقدرة اتفاق وقف إطلاق النار بغزة على الصمود لما بعد المرحلة الأولى، وتلغى عقوبات أمريكية على مستوطنين إسرائيليين ارتكبوا أعمالًا إجرامية مروعة بحق فلسطينيين عزل.
الأخطر التعهد بإدارة معركة ضد محكمتى العدل الدولية والجنائية الدولية لمنع الأولى من إدانة إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة فى غزة.. وتعطيل الثانية عن متابعة مذكرتيها بتوقيف «نتنياهو» ووزير دفاعه المُقال «يوآف جالانت» بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
هذه كلها نذر انفجار كبير يستدعى المقاومة الفلسطينية من جديد، التى أثبتت جسارتها وصلابتها دومًا، لتقول كلمة أعدل القضايا الإنسانية فى التاريخ الحديث كله.
(الشروق المصرية)