- توسع الصناعات الخضراء يمهد لأثر ملموس في نمو الناتج المحلي والإيرادات المالية ومحددات التصنيف الائتماني

- البنك الدولي: أهداف وطنية ومبادرات طموحة تتبناها سلطنة عمان للتحول نحو الاقتصاد الأخضر ومواجهة تغير المناخ

- فيتش ريتينج: القدرات والإمكانيات تؤهل عمان لمكانة تنافسية جيدة مع انخفاض تكاليف الإنتاج والبنية المتاحة للتصدير من خلال مرافق هيدروم وميناء الدقم

- وكالة الطاقة: سلطنة عمان يمكنها أن تكون في مقدمة الدول الرائدة في مجال الطاقة المستدامة

تقرير - أمل رجب

تشهد سلطنة عمان تحولات مهمة نحو الاقتصاد الأخضر والصناعات منخفضة الانبعاثات والتوسع في استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، وتجد هذه التحولات إشادة كبيرة واهتماما بالمتابعة من قبل المؤسسات الدولية نظرا لأهمية هذه الجهود في مساهمة سعي العالم للحد من تغير المناخ، كما ترى المؤسسات الدولية أن الصناعات الخضراء تمهد لإيجاد محرك ورافد جديد لنمو الاقتصاد يمكنه أن يغير بشكل كبير من المعايير الحالية التي تعتمدها المؤسسات الدولية لتقييم نمو وآفاق الاقتصاد في سلطنة عمان، وذلك في ظل الأثر الكبير الذي يمكن أن يحدثه التوسع في الصناعات الخضراء، خاصة الهيدروجين الأخضر في نمو الناتج المحلي الإجمالي وحجم الإيرادات المالية وتحديد التصنيف الائتماني.

وأشاد البنك الدولي بالأهداف الوطنية والمبادرات الطموحة التي تتبناها سلطنة عمان للتحول نحو الاقتصاد الأخضر ومواجهة تغير المناخ والوصول إلى الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050 الذي يؤكد التزامها بالنمو الأخضر وبالأجندة الأممية للتكيف مع تغيرات المناخ، وأشار تقرير صادر عن البنك الدولي خلال الأسبوع الجاري إلى أن جهود التحول نحو الاقتصاد الأخضر في سلطنة عمان، تتضمن أهدافا طموحة منها توليد الكهرباء من المصادر المتجددة حيث تستهدف رفع إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة إلى 30 بالمائة بحلول عام 2030.

وأوضخ البنك الدولي أن ما تتبناه سلطنة عمان من استراتيجيات للتحول الأخضر يأتي ضمن توجه متزايد خلال السنوات الأخيرة من قبل بعض أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، نحو الالتزام باعتماد الطاقة النظيفة، وكانت دول مجلس التعاون من بين الدول التي أعلنت عن أهداف ومبادرات وطنية وإقليمية لمواجهة تغير المناخ، وتتبنى دول مجلس التعاون استراتيجيات للتنمية موجهة نحو خفض الانبعاثات، واعتبر البنك الدولي أن دول مجلس التعاون في وضعية جيدة تسمح لها بالمساهمة في التحول العالمي إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتحقيق التوازن بين أمن الطاقة ونشر مصادر الطاقة المتجددة من أجل مستقبل خالٍ من الكربون، وهي قادرة على أن تصبح رائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم، من خلال استثمار مواردها وقدراتها في سبيل مناخ أفضل وكوكب صالح للحياة.

وقال البنك الدولي أن النمو الأخضر السريع عبر القطاعات - بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة والمركبات الكهربائية والمباني الخضراء واقتصاد الكربون الدائري وإعادة تدوير النفايات - يوفر فرصا للوظائف التي تتطلب مهارات، ولنمو الإنتاجية والتنويع الاقتصادي.

وتقدر مؤسسة التمويل الدولية أن دعم الاستثمارات منخفضة الكربون في 10 قطاعات رئيسة في 21 سوقا ناشئة كفيل بتوليد 10.2 تريليون دولار من الفرص الاستثمارية، وخلق 213 مليون فرصة عمل، وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بمقدار 4 مليارات طُن بحلول عام 2030. ومن أجل الاستفادة من هذه الفوائد بالكامل، ستحتاج دول مجلس التعاون إلى التزامات وطنية مستدامة تجاه تلك الأولويات، واستراتيجيات مناخية، وتوفير إمكانية الوصول إلى التمويل للشركات، وبيئة مواتية للاستثمار الأخضر. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه في حال استمرت دول مجلس التعاون في اتباع نمط النمو الحالي، فإن إجمالي ناتجها المحلي الإجمالي مجتمعة سيصل إلى 6 تريليون دولار بحلول عام 2050. أما تنفيذ استراتيجية للنمو الأخضر فمن شأنه أن يسرع تنوعها الاقتصادي، وربما يسهم في زيادة ناتجها المحلي الإجمالي إلى أكثر من 13 تريليون دولار بحلول عام 2050.

وأكد البنك الدولي على أن هذا التحول نحو الاقتصاد الأخضر يمنح فرصة فريدة لدول مجلس التعاون لزيادة التزامها بالنمو الأخضر وبأجندة التكيف مع تغير المناخ، مما يعزز العمل المناخي الدولي الذي يشهد تقدما في عدد من جوانبه منها انضمام الكثير من الدول إلى التعهد العالمي بشأن الميثان (وهو عبارة عن جهد دولي لتقليل انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30 بالمائة كحد أدنى بحلول عام 2030) والاستثمارات المتزايدة في برامج كفيلة بدعم تقنيات منخفضة الكربون مثل الهيدروجين الأخضر، واقتصاد الكربون الدائري، وزيادة المشاركة في أسواق الكربون، ومبادرات كفاءة الطاقة المحلية، وغير ذلك من المبادرات المهمة.

وأكد البنك الدولي على أن القطاع الخاص يلعب دورا حاسما في نجاح المبادرات المناخية في دول مجلس التعاون من خلال الدفع باتجاه التحول منخفض الكربون وجذب الاستثمارات الخضراء، وسيحتاج تحويل استهلاك الموارد وإنتاج الطاقة وعمليات التصنيع والأنظمة الاقتصادية الأخرى إلى استثمارات كبيرة للتمكن من تحقيق أهداف المناخ.

وثمة حاجة أيضا إلى التزام مستدام من جانب القطاع العام جنبا إلى جنب مع تدخلات سياسية ملموسة لدفع التغيير بالسرعة وعلى النطاق المطلوبَين لمواجهة التحديات البيئية ودعم التحول المنخفض الكربون، ومن بين أولى هذه الإجراءات، يجب إدماج النمو الأخضر كسياسة وطنية تسهم في رسم المستقبل في جميع القطاعات ذات الصلة كالطاقة والمياه والأمن الغذائي والتخطيط الحضري والخدمات، وغيرها.

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أكدت على الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة التي يتيحها التوجه نحو صناعات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، الذي يعزز قدرتها التنافسية في الصادرات ويدعم نمو الاقتصاد، كما يتيح دفع عُمان إلى مقدمة الدول الرائدة في مجال الطاقة المستدامة العالمية، وأشادت الوكالة بالتوجه نحو صناعات الهيدروجين الأخضر كمحرك جديد لنمو الاقتصادي، حيث يمكن لسلطنة عُمان أن تكون سادس أكبر مُصدر للهيدروجين الأخضر في العالم بحلول عام 2030.

كما أكد تقرير صدر مؤخرا عن وكالة فيتش ريتينج العالمية للتصنيف الائتماني على أن سلطنة عمان لديها القدرات والإمكانيات التي تؤهلها لمكانة تنافسية جيدة في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر خاصة مع انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة، والبنية الأساسية المتاحة للتصدير من خلال مرافق شركة هيدروم وميناء الدقم، علاوة على وجود إطار ضريبي واضح ومعدل منخفض نسبيًا من ضرائب الدخل على الشركات في سلطنة عمان.

وقالت فيتش إنه على خلفية التحولات العالمية نحو الطاقة المتجددة وعلى المدى الطويل تمهد الأهداف الطموحة لحكومة سلطنة عمان نحو التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر لتعزيز المعايير والمؤشرات الرئيسة التي يتم بناء عليها تحديد التصنيف الائتماني مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي وحجم الإيرادات المالية وميزان المدفوعات.

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى تحقيق الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة مستوى قياسيا بلغ 1.7 تريليون دولار في عام 2022، بعد أن سجلت 530 مليار دولار في عام 2021، ويأتي جزء كبير من هذه الاستثمارات من القطاع الخاص.

ويذكر أن سلطنة عمان تعد مساهما فعالا في جهود العالم لتقليل الاحتباس الحراري، واتخذت خطوات مهمة نحو الحد من الانبعاثات الكربونية، من خلال إعلان تحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050، وإنشاء مركز عُمان للاستدامة كما تنفذ استراتيجية وطنية للانتقال المنظم إلى خطة الحياد الصفري، والسياسة الوطنية البيئية للطاقة، وخطت سلطنة عمان خطوات واسعة نحو التحول في مجال الطاقة من خلال مشروعات الهيدروجين الأخضر والتوسع في إنتاج الطاقة عبر المصادر المتجددة.

وخلال الفترة الأخيرة، أعلنت وزارة الاقتصاد أنها تعمل على إجراء دراسة تفصيلية عن الكلفة الاقتصادية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر منخفض الكربون في سلطنة عمان، تتضمن تقدير العوائد المتوقعة وتحديد السياسات والتشريعات والحوكمة الاقتصادية.

وتشهد سلطنة عمان اهتماما متزايدا بالتحول إلى الطاقة المتجددة وبناء اقتصاد أخضر لخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة والوصول إلى الحياد الكربوني، وهي مستهدفات تندرج ضمن التوجه الاستراتيجي لأولويات البيئة والموارد الطبيعية والتنويع الاقتصادي والتنمية في رؤية عمان 2040.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نحو الاقتصاد الأخضر الهیدروجین الأخضر دول مجلس التعاون الطاقة المتجددة المحلی الإجمالی منخفض الکربون تریلیون دولار فی سلطنة عمان البنک الدولی بحلول عام 2030 بحلول عام 2050 تغیر المناخ الأخضر فی من خلال على أن

إقرأ أيضاً:

ميناء الدقم وأول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال

يومًا بعد آخر تزداد الأهمية الاقتصادية للدقم في التاريخ الحديث، وإذا كنا قد شهدنا قبل عام افتتاح ميناء الدقم تحت الرعاية السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فإننا نشهد اليوم دورًا آخر للدقم من خلال اتفاقية التطوير المشترك لإنشاء أول ممر تجاري في العالم لتصدير الهيدروجين المسال يربط بين سلطنة عُمان ومملكة هولندا وجمهورية ألمانيا الاتحادية.

الاتفاقية التي تم توقيعها الأسبوع الماضي في إطار زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى مملكة هولندا تعد واحدة من الاتفاقيات التي ترسّخ دور سلطنة عُمان في قيادة مشروعات الهيدروجين الأخضر عالميًّا، كما أنها تؤكد الأهمية التي اكتسبتها الدقم خلال السنوات الماضية منذ إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في عام 2011 لتكون مشروعًا حيويًّا يستهدف تعزيز الجهود المبذولة لتحقيق التنويع الاقتصادي واستحداث مناطق نمو جديدة.

يقع ميناء الدقم في موقع استراتيجي على طرق التجارة العالمية يتيح له سهولة الربط مع الأسواق الدولية في آسيا وإفريقيا وأوروبا، ولعل هذا الموقع هو سر نجاح الميناء في تحقيق العديد من التطلعات والخطط الاقتصادية والتنموية، ولعله من المهم الإشارة إلى أن قيمة البضائع الصادرة والواردة وإعادة التصدير عبر الميناء تجاوزت العام الماضي 2.2 مليار ريال عُماني، وإذا كان موقع ميناء الدقم قد أتاح له تعزيز التجارة الخارجية لسلطنة عُمان خلال الفترة الماضية سواء عبر الرصيف النفطي حيث يتم تصدير المنتجات النفطية أو عبر الرصيف التجاري حيث يتم تصدير واستيراد البضائع العامة والحاويات فإنه من المتوقع أن يكون للميناء دور أكبر خلال المرحلة المقبلة ليكون نقطة رئيسة لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا.

تشير التقارير الصحفية التي نُشرت عند توقيع الاتفاقية إلى أن الممر عند اكتمال تطويره سيفتح «خط تصدير مباشر للهيدروجين المسال المتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي للوقود المتجدد من ميناء الدقم إلى ميناء أمستردام ومنه إلى مراكز لوجستية استراتيجية في ألمانيا تشمل ميناء دويسبورج، ليتم منها تصديره إلى أسواق أوروبية أخرى»، وهو ما يجعل هذا الممر حيويًّا للاقتصاد العُماني ومن المتوقع أن تكون لمشروعات الهيدروجين الأخضر التي يتم تنفيذها في سلطنة عُمان دورٌ مستقبليٌّ في زيادة الإيرادات الحكومية وتقليل الاعتماد على النفط والغاز بالإضافة إلى دور هذه المشروعات في تقليل الانبعاثات الكربونية وصولًا إلى تحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.

يتيح إنشاء ممر الهيدروجين الأخضر أيضًا استقطاب المزيد من مشروعات الهيدروجين الأخضر إلى سلطنة عُمان، وكما نعلم شهدت السنوات الماضية توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لإنشاء مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، ومع إنشاء ممر الهيدروجين الأخضر انطلاقًا من ميناء الدقم فإنه من المتوقع أن نشهد خلال السنوات المقبلة إقبالًا أكثر على الاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر خاصة أن الاتفاقية التي تم توقيعها في هولندا الأسبوع الماضي أكدت التزام 11 جهة من القطاعين العام والخاص من سلطنة عُمان ومملكة هولندا وجمهورية ألمانيا الاتحادية بالعمل على نجاح هذا الممر العالمي.

محليًّا ستتولى شركة هيدروجين عُمان المعروفة اختصارًا بـ«هايدروم» مسؤولية مواءمة الإنتاج مع الخطط الوطنية وضمان تكامل المشروع مع البنية الأساسية والاستراتيجية الشاملة للقطاع، فيما ستعمل مجموعة أوكيو على تطوير محطة الهيدروجين المسال والمنشآت المرتبطة بها؛ بما في ذلك مرافق التخزين والتصدير.

وبالإضافة إلى الالتزام الدولي لنجاح ممر الهيدروجين الأخضر ومساهمة كل من هايدروم ومجموعة أوكيو وميناء الدقم في ذلك؛ فإن الدقم تتميز بإمكانيات عالية لنجاح مشروعات الهيدروجين الأخضر من خلال توفر إمكانات الطاقة المتجددة سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح التي سيتم استخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية لمشروعات الهيدروجين الأخضر.

وهناك إشارة أخرى إلى المستقبل الواعد لقطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان فقد أعلنت مجموعة أكمي مطلع الأسبوع الجاري عن حصولها على الدفعة الأولى من تمويلٍ بقيمة 540 مليون دولار أمريكي لمشروع الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بدأت الشركة بتنفيذه في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم باستثمار يبلغ 750 مليون دولار أمريكي.

ما أشرنا إليه في هذا المقال هو واحد من النجاحات التي تحققها المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ونتطلع إلى أن نشهد اليوم الذي يبدأ فيه الهيدروجين المسال رحلة التصدير عبر ميناء الدقم، ولدينا الثقة في أن يكون هذا اليومُ قريبًا جدًا.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان تستنكر الهجوم الذي استهدف سُياحًا بالهند
  • «إيفس أبوظبي» يشهد تحالفات ترسم ملامح النقل المستدام
  • ميناء الدقم وأول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال
  • علي مهران: توطين التكنولوجيا الصناعية يفتح آفاقا جديدة للنمو وتعزيز التصنيع المحلي
  • صندوق النقد الدولي يخفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي للعام الحالي ليبلغ 2.8%
  • أطلقها اتحاد الغرف السعودية.. إستراتيجية استثمار في الاقتصاد الأخضر
  • المشاط يرسم ملامح النصر من مجلس الدفاع ويكشف تحولات الردع اليمني
  • قراءة في الخطاب والرسائل.. المشاط يرسم ملامح النصر من مجلس الدفاع ويكشف تحولات الردع اليمني
  • الرئيس المشاط يرسم ملامح المرحلة.. قادمون على نصر استراتيجي
  • ملتقى الطاقة والمعادن بالبريمي يستعرض ملامح التحول الاقتصادي وأمن الطاقة