إثيوبيا.. مخاوف من تكرار كارثة المليون ضحية
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
بعد مرور نحو 4 عقود على الكارثة التي أودت بحياة نحو مليون نسمة في إثيوبيا، عادت المخاوف بشأن تكرار فصول تلك المجاعة، حيث يحذر المسؤولون في إقليم تيغراي، من أن هذا السيناريو مرشح للرجوع بقوة في المنطقة الواقعة شمالي البلاد.
وبحسب صحيفة "تايمز" البريطانية، فإنه كان المفترض أن يتعافى إقليم تيغراي من حرب أهلية استمرت عامين وانتهت في نوفمبر 2022، لكن التقدم كان بطيئا حيث لا يزال جميع سكان المنطقة البالغ عددهم 6 ملايين نسمة تقريبا، يعتمدون على المساعدات.
وتعرض الإقليم لواحدة من أشد حالات الانقطاع عن العالم، حيث لم تتمكن شاحنات المساعدات من الدخول إليه. ووصف الاتحاد الأوروبي القيود المفروضة على المنطقة بأنها "حصار"، في حين اتهمت لجنة من خبراء الأمم المتحدة الحكومة الإثيوبية بـ"استخدام الجوع كسلاح"، وهو ادعاء نفته أديس أبابا بشدة.
وفي رحلة قام بها مؤخرًا إلى تيغراي، أكد وزير شؤون أفريقيا في المملكة المتحدة، أندرو ميتشل، أن هناك حاجة إلى اتخاذ "إجراءات عاجلة لتجنب مجاعة أخرى"، وتعهد بتقديم 100 مليون جنيه إسترليني (126 مليون دولار أميركي تقريبا) لجهود الإغاثة.
وتابع: "الملايين محاصرون في أماكن نزوحهم، وهم يعانون الجوع، لاسيما النساء والأطفال الذين يعتبرون الفئة الأضعف في الحروب والنزاعات.. ونحن بحاجة إلى التصرف بسرعة والتحرك الآن".
وفي سياق ذي صلة، أعرب باحثون في جامعة غنت في بلجيكا، عن اعتقادهم بأن مئات الآلاف ماتوا في إقليم تيغراي بسبب الجوع ونقص الدواء.
وبدأت شاحنات الغذاء بالتدفق إلى تيغراي بعد انتهاء الحرب، لكن بعد ذلك بوقت قصير، اكتشف عمال الإغاثة أن مسؤولين "كانوا يسرقون الإمدادات المخصصة للجياع، على نطاق واسع"، وفق الصحيفة البريطانية.
وفي مارس، علقت كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة تسليم المواد الغذائية إلى إقليم تيغراي، وذلك قبل أن تتوقف المساعدات الدولية بشكل نهائي في يونيو الماضي.
ويعد ذلك التوقف بمثابة كارثة بالنسبة لأكثر من 20 مليون نسمة في جميع أنحاء إثيوبيا يعتمدون على المساعدات الغذائية، خاصة خلال الأشهر العجاف من موسم الزراعة حيث تكون المخزونات الغذائية للمزارعين منخفضة.
وبسبب الجفاف الذي تشهده البلاد، لم يبق للكثير من المحتاجين سوى القليل من الطعام أو لا شيء على الإطلاق.
وكان إنتاج المحاصيل في منطقة أتسبي في تيغراي 3 في المئة فقط من الإجمالي المتوقع، حيث تقع تلك البقعة من البلاد على جرف خصب.
وتقول أزميرا جبر مريم، إحدى سكان المنطقة والبالغة من العمر 79 عامًا، إن "الناس بدأوا يموتون من الجوع"، مضيفة: "لقد دفنا الكثير من الأشخاص".
وتابعت: "نحن ننتظر أن نقضي جوعاً حتى الموت أمام أنظار بعضنا البعض".
وفي أوروميا، أكبر إقليم في إثيوبيا، أدى التمرد العرقي المستمر منذ فترة طويلة إلى تدمير الاقتصاد وتعطيل النظام الصحي، مما أدى إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال إلى 47 في المئة في بعض مناطق الإقليم.
وفي إقليم أمهرة، أدى تمرد إلى جعل عمال الإغاثة يكافحون للوصول إلى المناطق المنكوبة بالجفاف لتوزيع الغذاء.
وبعد 5 مواسم ممطرة فاشلة، تعرضت منطقة أوغادين، شرقي البلاد، لفيضانات وسيول في أواخر العام الماضي، حيث تسببت في نزوح 400 ألف شخص.
وفي الوقت نفسه، يحذر نظام الإنذار المبكر بالمجاعة المدعوم من الولايات المتحدة، من أن الجوع في جميع أنحاء البلاد سيزداد سوءًا من الآن وحتى مايو المقبل.
ولا يزال تأثير الحرب ملموسًا بشدة في تيغراي، ففي العام الماضي لم يكن من الممكن زراعة أكثر من نصف الأراضي الزراعية في المنطقة، بسبب انعدام الأمن المستمر.
ويعني انعدام الأمن نفسه أن أكثر من مليون نازح لا يستطيعون العودة إلى ديارهم، ومن بينهم ألماظ جبري ميكائيل، التي فرت من منزلها غربي الإقليم قبل 3 سنوات، بسبب سماعها أصوات طلقات نارية كثيفة.
واتهمت وزارة الخارجية الأميركية "قوات أمهرة" المتحالفة مع الحكومة الفيدرالية، بارتكاب جرائم تطهير عرقي في إقليم تيغراي.
وتعيش ميكائيل وعائلتها الآن في بناء مدرسة قذر ومهجور في بلدة أبي عدي في تيغراي، مع مئات النازحين الآخرين، الذين يعيشون على المساعدات غير المنتظمة من الجمعيات الخيرية المحلية، وينامون على "مراتب" موضوعة على أرضيات الفصول الدراسية المزدحمة.
وأوضحت ميكائيل بأسى: "لا يوجد شيء تقريبًا للأكل.. أطفالنا يتضورون جوعا".
واستأنفت جماعات الإغاثة تسليم المواد الغذائية على نطاق صغير إلى إثيوبيا في ديسمبر، بعد إدخال إصلاحات لمكافحة الفساد.
وقال برنامج الأغذية العالمي هذا الأسبوع، إنه سيكثف عمليات التوزيع، لكنه حذر من أنه يفتقر إلى الموارد الضرورية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: إقلیم تیغرای فی إقلیم
إقرأ أيضاً:
هل يجوز تكرار صلاة الاستخارة أكثر من مرة رغبة فى الطمأنينة؟..الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم تكرار صلاة الاستخارة؟ فقد قمت بالاستخارة لأجل أمرٍ تحيَّرتُ فيه ما بين قبوله أو رفضه، لكني لا أزال متحيِّرًا في أَخْذِ القرار المناسب فيه، فهل يجوز لي تكرار الاستخارة حتى تطمئن نفسي للقرار؟
وأجاب الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: انه يجوز تكرار صلاة الاستخارة، والتكرار يكون بما زاد عن مرةٍ حتى سبعِ مرَّاتٍ.
وأشارت إلى أنه ورد جواز تكرارها سبع مرات في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَنَسُ، إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ»
وبينت إنه اذا زاد على ذلك فلا حرج حتى يحصل له الاطمئنان والانشراح، وبعدها يمضي إلى ما ينشرح له صدره، والتيسير علامة الإذن، ويجوز لمن تعذرت عليه الصلاة أن يكتفي بالدعاء فقط، ولا مانع من تكراره أيضًا، وبه تحصُل الاستخارة.
تعريف الاستخارة وحقيقتها وحكمها
واوضحت ان الاستخارة هي: طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما، وفي "حقيقتها: تفويض الاختيار إليه سبحانه، فإنه الأعلم بخيرها للعبد، والقادر على ما هو خير لمستخيره إذا دعاه أن يخير له فلا يخيب أمله"، كما في "فيض القدير" للعلَّامة المناوي (5/ 442، ط. دار المعرفة).
وقد ندب الشرع الشريف المؤمنين إلى الاستخارة، وجعلها من سعادة الإنسان، وجعل تركها من شقاوته، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللهَ، وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَى اللهُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللهِ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى الله عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
كيفية صلاة الاستخارة
بينت ان الأصل في الاستخارة أن تكون بصلاة مخصوصة، وذلك بصلاة ركعتين من غير الفريضة، ثم التوجُّهِ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء الوارد، فعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ -ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ- خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ -قَالَ: أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
شرط صلاة الاستخارة حتى يترتب عليها الأثر المرجو الذي من أجله شرعت الاستخارة
ولفتت إلى أن الاستخارة شرطها أن يُخَلِّصَ المسلم قلبه من الميل عند الاستخارة، حتى لا يكون قد عزم على الأمر قبلها، فيكون اختياره عن هوى، وبعدها يمضي إلى ما ينشرح له صدره، والتيسير علامة الإذن.
قال العلَّامة العدوي المالكي في "حاشيته على شرح مختصر خليل" للإمام الخرشي (1/ 38، ط. دار الفكر): [والمراد: انشراحٌ خالٍ عن هوى النفس وميلها المصحوب بغرضٍ ظاهر أو باطن يُجَمِّلُهُ ويُزَيِّنه للقلب حتى يكون سببًا لميله] اهـ.
حكم تكرار صلاة الاستخارة أكثر من مرة رغبةً في الطمأنينة
يُشرَعُ تكرار الاستخارة لمن بقِيَ على حيرته، فقد ورد جواز تكرارها سبع مرات في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَنَسُ، إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ» رواه ابن السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة"، وهذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد -كما ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/ 187، ط. دار المعرفة)- إلا أن ذلك لا يمنع من العمل بمقتضاه؛ لما تقرَّر من أنَّ الحديث الضعيف يُعمل به في فضائلِ الأعمال، وبجواز تكرار صلاة الاستخارة ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية.
قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 27، ط. دار الفكر): [وينبغي أن يكررها سبعًا] اهـ.
وقال الشيح عليش المالكي في "منح الجليل" (1/ 21، ط. دار الفكر): [ويمضي لما يَنْشرح صدْرُه إليه مِنْ فِعْلٍ، أو تَرْكٍ، وإنْ لم يَنْشرحْ لشيء منهما فلْيُكرِّرْهَا إلى سَبْعِ مَرَّاتٍ] اهـ.
حكم الاستخارة بالدعاء فقط لمن تعذر عليه أداء الصلاة
وذكرت ان الأصل في الاستخارة أن تكون بصلاة ركعتين ودعاء، لكنها تحصُل بالدعاء فقط عند تعذُّر الصلاة، فيجوز للحائض، والنفساء، وفاقد الطهور، ومن تعذرت عليه الصلاة لأي سبب، أو ضاق عليه وقت اختياره لنفسه ولا يدري ماذا يفعل، ومن لم يرد الصلاة لغير هذه الأسباب، فله أن يستخير بالدعاء.
قال العلَّامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 27): [ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء] اهـ.
وقال الشيخ الكشناوي المالكي في "أسهل المدارك" (1/ 27، ط. دار الفكر): [وإذا تعذرت الاستخارة بالصلاة استخار بالدعاء كالحائض] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 205، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو تعذرت عليه الصلاة: استخار بالدعاء، وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره] اهـ.
وإن استخار المسلم بالدعاء فيمكنه أن يكرره إلى أي عدد؛ لحثه صلى الله عليه وآله وسلم على كثرة الدعاء، وأن للدعاء فوائد كثيرة منها: اللجوء إلى الله تعالى، وحضور القلب وخشوعه.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من مسلم يدعو، ليس بإِثمٍ ولا بقطيعة رحم، إلا أعطاه إحدى ثلاث: إما أن يُعَجلَ له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قَالَ: إِذًا نُكثر، قال: اللَّهُ أَكْثَرُ» أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين".
وأكدت انه بناءً على ذلك: فإنه يجوز تكرار صلاة الاستخارة، والتكرار يكون بما زاد عن مرةٍ حتى سبعِ مرَّاتٍ، وإن زاد على ذلك فلا حرج حتى يحصل له الاطمئنان والانشراح، وبعدها يمضي إلى ما ينشرح له صدره، والتيسير علامة الإذن، ويجوز لمن تعذرت عليه الصلاة أن يكتفي بالدعاء فقط، ولا مانع من تكراره أيضًا، وبه تحصُل الاستخارة.