كيف تدافع أمريكا عن نفسها في البحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية تنفيذ ضربات على جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) في اليمن «دفاعا عن النفس» فاستهدفت صاروخي كروز مضادين للسفن كانا جاهزين للإطلاق على سفن في البحر الأحمر، ونفذت بعدها ضربات على أربعة زوارق مسيرة وسبعة صواريخ كروز.
ترافق ذلك مع إعلان ثلاث دول أوروبية، هي فرنسا وإيطاليا واليونان، مشاركتها في مهمة أقرها الاتحاد الأوروبي لإرسال سفن حربية له إلى البحر الأحمر سيكون قائدها أدميرالا يونانيا.
موضوع الهجمات الأمريكية «الدفاعية» على اليمن كانت مدار نقاش في «البيت الأبيض» حسب ما كشفت مصادر إعلامية، وخلال الاجتماع طرح وزير «الدفاع» الأمريكي، لويد أوستن، اقتراحا باستخدام تصنيف واشنطن لجماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية لبدء تصعيد كبير ضدها يشمل اغتيال قيادات رفيعة في اليمن.
تبعد العاصمة الأمريكية واشنطن عن العاصمة اليمنية صنعاء 11435 كيلومترا، ويحتاج المسافر بالطائرة قرابة 15 ساعة ليصل من الأولى إلى الثانية. أمريكا هي في القارة الأمريكية، ويفصلها عن اليمن المحيط الأطلسي، وقارة أفريقيا، وصولا إلى الجزيرة العربية التي هي في قارة آسيا.
شكلت الولايات المتحدة ما سمته «تحالف حارس الازدهار» بدعوى «حماية حركة التجارة في البحر الأحمر» وهو بحر لا يقع جغرافيا على حدودها، ولم تعلن أي دولة مشاطئة للبحر الأحمر، موافقتها على الدخول في هذا التحالف. انبثقت حكاية «حماية حركة التجارة في البحر الأحمر» عمليا، للتصدي لتعاطف حركة الحوثي مع الفلسطينيين، والدفاع عنهم في وجه آلة الإبادة الإسرائيلية، عبر محاولة منع السفن المتوجهة إلى إسرائيل من الوصول إليها.
يبلغ عدد القوات الأمريكية الفاعلة أكثر من مليون وأربعمئة ألف ضابط وجندي وتبلغ ميزانيتها قرابة 839 مليار دولار، وهي تملك 5244 رأسا نوويا، ولديها 800 قاعدة عسكرية في أكثر من 70 دولة، وبالمقارنة فإن لدى روسيا، وبريطانيا، وفرنسا، مجتمعين حوالى 30 قاعدة فقط.
انطلقت الحركة في مدينة صعدة خلال الحرب الأولى التي نشبت عام 2004 ضد نظام علي عبد الله صالح، ورغم سيطرتها عام 2014 على صنعاء وتشكيلها حكومات ووزارات، ورغم الحديث عن أن عدد مسلحيها يبلغ مئات الآلاف، فهي ما تزال إحدى الجهات الكثيرة التي تتنازع على اليمن، وشديد الدلالة أن الولايات المتحدة الأمريكية، خلال النزاع الحالي، هددت بمنع وصول رواتب موظفيها.
لم تتمكن الغارات التي نفذتها القوات الأمريكية والبريطانية على اليمن، حتى الآن، من شل القدرات العسكرية للحوثيين، ولا من وقف تأثير الحظر الذي طبقته الحركة على السفن المتوجهة إلى إسرائيل، وما يحصل فعليا هو عمليات انتقامية هدفها رأب الصدع الذي تسببه الهجمات اليمنية على السفن الأمريكية والبريطانية.
تدافع أمريكا، التي هي أكبر قوة ناريّة في العالم، عن نفسها، من هجوم جماعة في بلد يعاني من الحرب الأهلية، والجوع، والفقر، وهذه مفارقة تثير العجب، والسخرية، ولا يناظرها، في إعلان أشد أشكال الغطرسة، وامتلاك أفظع آلات القتل والدمار، مع ادعاء المظلومية، سوى إسرائيل!
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا البحر الأحمر اسرائيل الحوثي فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
عاصفة واحدة أغرقت سفننا
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
قبل 100 عام، وعلى وجه التحديد في عام 1925 كان حوض الخليج العربي مسرحاً مأساوياً لفاجعة بحرية أغرقت السفن الخشبية التي كانت تعمل هناك، حيث بسطت العاصفة مخالبها على المسطحات المائية الممتدة من رأس البيشة في البصرة وحتى رأس مسندم في سلطنة عمان. .
لم تكن السفن الخليجية العاملة في عرض البحر مزودة في ذلك العام المشؤوم باجهزة التنبؤ بأحوال الطقس، وليست لديها وسيلة التواصل مع المحطات الساحلية، فعلى الرغم من أنشطة المحطات الساحلية في البصرة وفي مسقط وفي بندر عباس التي كانت تدعم السفن التجارية العابرة للمحيطات بتقارير يومية عن الطقس وتقلبات البحر، لكن سفننا الخشبية التقليدية لم تكن على تواصل مع تلك المحطات. كل ما كانوا يمتلكونه وقتذاك هو مخطوطاتهم الموروثة، وقواعدهم الملاحية المحفوظة في كتيبات صغيرة يطلق عليها (رحماني) أو (راهماني) والتي تعود في اصلها إلى المرشد البحري شهاب الدين أحمد بن ماجد، أو سليمان بن أحمد المهري، أو النوخذة جاسم القطامي، وغيرهم. واحيانا تأتي التعاليم على شكل أرجوزات يحفظها العاملون في البحر على ظهر القلب بلغة قريبة من العامية. مثال على ذلك قولهم:
وينبغي معرفة الأرياحي
ومدخل البحر والمفتاحي
فغلقه يمكث ربع عامي
مدة تسعين من الأيامي
فهذه التسعون فيها الغلقا
حقيق من جاز بها أن يشقى
وبالتالي فان العاصفة المشؤومة التي اكتسحت الخليج عام 1925 كانت خارج التوقعات، وكانوا يسمون تلك السنة: (سنة الطبعة)، ومفردة (طبعة) تعني الغرق، من قولهم: طبعت السفينة. أي غرقت. .
تذكر السجلات التاريخية ان العاصفة هبت في ليلة الثاني من أكتوبر في تلك السنة. .
لقد فجعت المدن الخليجية كلها في تلك الليلة بفقدان رجالها وبحارتها، جاءت في البداية على شكل رياح شديدة اجتاحت مناطق الغوص (مغاصات اللؤلؤ)، نذكر من تلك المغاصات: فشت الديبل وداس وحالول وأبو الحنين وجنة وحولي واشتيه وغيرهن. وكانت سفن الغوص حينها تستعد للمغادرة والعودة الى ديارها، فقد كانت السفن متقاربة ومتلاصقة للتعبير عن فرحتها وسعادتها بانتهاء موسم الغوص. كانت الرياح الشديدة مصحوبة بأمطار غزيرة، فقد تعالت الأمواج ثم تلاطمت، فتبعثرت السفن في كل الاتجاهات، وتصادمت مع بعضها البعض، فغرقت أكثرها في غضون ساعات معدودات. يقال إنها كانت مئات السفن، غرق منها ما يقارب 80%، وبعد انتهاء العاصفة وسكون البحر هرعت سفن الإنقاذ بعد أن وصلتها اخبار الكارثة، حاملة معها الطعام والشراب والإسعافات الأولية، وقد ذكر تلك الحادثة الدكتور بندركار الهندي الجنسية، وهو الشاهد على آثار تلك العاصفة، وذكر المؤرخون بأن الذين غرقوا كانوا قرابة 8000 بحارا، وجاء كذلك في مذكرات مستشار حكومة البحرين (تشارلز بلجريف) الذي تحدث عن الحادثة نقلا عن الأهالي في البحرين. وللباحثة الاماراتية (فاطمة حمد بوعيسى الشامسي) كتاب من تأليفها يحمل عنوان: (سنة الطبعة – ملحمة أبطالها الأجداد)، وهو من إصدارات عام 2022. .
ختاماً: يبدو ان النكبات لا تأتي فرادى ففي تلك الليلة بالتمام والكمال من ذلك العام انهار نفق القطار في مدينة تشيرش هيل التابعة لولاية فيرجينيا أسفر عن مقتل معظم العاملين في النفق. .
لا ريب أنها صدفة من العيار الثقيل. . .