تتميز الدقم بتنوع مقومات الجذب وتطور الحياة العصرية، وهى وجهة مثالية للعيش، ومكان للتعايش بين مختلف الثقافات والجنسيات، تتمتع بأنماطها العصرية الممزوجة بالطابع العمانى الفريد والعادات والتقاليد الأصيلة، بالإضافة إلى عوامل الأمان والاستقرار وروح الود والتسامح وكرم الضيافة.

وأشاد اقتصاديون ورجال أعمال بالجاذبية الاستثمارية للدقم، ونجاحها فى المزج بين العمل وجودة الحياة، واستقطاب المستثمرين فى مختلف القطاعات الاقتصادية، وتوطين العديد من المشاريع الكبرى، وتوفير مرافق خدمية متكاملة كالطرق، والحى التجاري، والمستشفيات، والكلية الجامعية، والمدارس، والفنادق، والمنتجعات، والشقق الفندقية، وقرية النهضة، والكثير من المقومات السياحية.

حياة عصرية

ويرى الدكتور قيس بن داود السابعى قانونى وخبير اقتصادى أن مقومات الحياة العصرية بولاية الدقم تزداد يوما بعد يوم، وذلك من خلال توفر الطرق المزدوجة، والمجمعات الصحية والمدارس التى تواكب النمو السكاني، بالإضافة إلى وجود المنطقة الاقتصادية الخاصة، والمبانى التجارية والمراكز الترفيهية كمركز عُمان للبولينج ومجمع بلادى بلازا، كما يوجد بها عدد من الفنادق وأماكن للاستجمام والترفية، مشيرا إلى أن الدقم أصبحت مدينة حديثة تمزج بين أنماط الحياة العصرية مع احتفاظها بخصوصية الطابع التقليدى الأصيل. كما تتميز بمناخ وبيئة فريدة من نوعها، وبها شاطئ يمتد لحوالى 120 كيلومترا، مما يجعل المقيم والزائر يبقى فيها أطول فترة زمنية ممكنة.

وقال الدكتور قيس السابعي: «الدقم مهيأة لتكون وجهة مثالية للعيش لما تتمتع به من مقومات خدمية، وعصرية، وسياحية، ولوجستية، وبيئة مناخية، وعادات وتقاليد أصيلة، كما أنها تعد مكانا للتعايش بين مختلف الجنسيات، يألفه كل من وطأت قدمه أرض سلطنة عمان، لما يتميز به الشعب العمانى من طيب أخلاق وأعراف وتقاليد ومكارم وحسن خلق وضيافة».

أسرع الأسواق نموًّا

وأضاف السابعي: «تتمتع المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بميزة عن باقى المناطق الاقتصادية فى سلطنة عمان من حيث موقعها الجغرافى الاستراتيجي، فهى أسرع الأسواق نموا فى الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرق إفريقيا، وتعد بوابة المستثمر للعالم، وتتوفر بها المحطة الواحدة لتبسيط وتسهيل الأعمال والاستثمارات، وتقديم مجموعة متكاملة من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين؛ فهذه المزايا والحوافز فى المنطقة تسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية، مضيفا: تتميز المنطقة بوجود الحوض الجاف الذى يعد أكبر حوض جاف على مستوى الشرق الأوسط، وأكبر موقع جغرافى لرسو السفن فى المنطقة، كما يوجد بها العديد من المشاريع والمصانع الكبيرة التى تلقى رواجا كبيرا وأهمية محلية وعالمية للاستثمار.

وقال الدكتور السابعي: «نعيش اليوم فى عالم متسارع وعالم اقتصادى بحت، الكل يريد التطور والتحديث بسرعة فائقة لكى يكون منافسا اقتصاديا شرسا فى مجال الاقتصاد الرقمى والذكاء الاصطناعى والمدن الذكية، من خلال تسريع نمو الحياة العصرية، والتسهيلات الموجودة فى العالم الذكى وسرعة الوصول إليها، وسرعة تلبية الأعمال، مؤكدا أن سلطنة عمان تسعى سعيا حثيثا لتحويل منطقة الدقم الاقتصادية إلى مدينة ذكية، وتسعى شركة تطوير الدقم لجعل الدقم مدينة عصرية، من خلال توفير حلول تكنولوجية لتصبح إحدى المدن الذكية البارزة فى منطقة الشرق الأوسط.

منطقة بكر

أوضح رجل الأعمال يونس بن خميس البراشدى أن ولاية الدقم تعد منطقة بكرا تتميز بالعديد من المقومات الاقتصادية والسياحية، حيث يوجد بها شاطئ جميل، وتتميز بجوها الجميل على مدار السنة، وتشهد تطورا عمرانيا سريعا، ويزورها سنويا مجموعة كبيرة من رجال الأعمال والسياح وأصحاب الصناعات، مشيرا إلى أنها منطقة سريعة التطور فى مجال التطوير العقاري، والسياحة، والتجارة، والصناعة.

وبيّن البراشدى أنه يستثمر فى مجموعة من الأعمال بالدقم، كالتطوير العقارى من خلال بيع وشراء العقارات، ومحطات نفط متنقلة «موبايل»، والمراكز التجارية، والفنادق. وحول مثالية الدقم للعيش والتعايش بين مختلف الجنسيات، قال: «من رأيى تعد وجهة مثالية، حيث يوجد بها أغلب مقومات العيش والحياة الهادئة». وأكد أن الدقم تتميز بوجود عوامل الأمان والاستقرار وروح الود والتسامح وكرم الضيافة، قائلا: «الشعب العمانى بشكل عام شعب كريم، وأغلب الجنسيات التى زارت سلطنة عمان تشهد لنا بهذا، وما يميز الدقم بأن سكانها الأصليين هم من البادية، أى أنهم شعب بدوي، وكرم البدو وحسن استقباله يشهد له التاريخ».

وأكد البراشدى أن الجاذبية الاستثمارية فى ولاية الدقم تسهم فى المزج بين العمل والحياة، وقال: «يبحث التجار والمستثمرون عن الفرص، حيث يجدون الفرص الحقيقية فى المناطق ذات التطور السريع والمناطق ذات الاستثمار الجديد، فالدقم تعد منطقة جديدة للاستثمار، وتتميز بفرص جيدة فى كل وجهات الاستثمار، فإذا كان المستثمر يبحث عن الاستثمار الصناعي، فالدقم تعد منطقة استثمارية واعدة، أما إذا كان يبحث عن الصناعات البتروكيماوية فإنه سيتم قريبا إنشاء مجموعة بتروكيماويات فى الدقم، كما يوجد ميناء ذو مساحة كبيرة ومجهز بأحدث الرافعات. ومن حيث الملاحة وصيانة السفن يوجد بالدقم حوض جاف يتسع لأكبر السفن على مستوى العالم، وإذا كان المستثمر يبحث عن الاستثمار السياحى فالدقم تحتاج لمنتجعات وشاليهات وفنادق لكثرة ارتياد السياح ورجال الأعمال، ولا ننسى المجال العقاري، فالدقم بها مخطط يحتاج للاستثمار فى الشقق السكنية والمحلات التجارية».

وجهة مثالية للعيش

من جانبه تحدث رجل الأعمال ماجد بن سلطان السنانى -الذى يستثمر فى مجال الصناعات السمكية- حول مقومات الجذب وتطور ملامح الحياة العصرية فى ولاية الدقم، قائلا: تتميز الولاية بوجود أغلب مقومات الحياة العصرية كالمراكز التجارية، والترفيهية، والفنادق والمنتجعات، والمؤسسات، والمراكز الصحية، والمؤسسات التعليمية، والبنية الأساسية، بالإضافة إلى وجود المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم التى تحتوى على أكبر المشاريع الصناعية والاقتصادية.

وأكد أن ولاية الدقم تعد وجهة مثالية للعيش ومكانا للتعايش، وقال: «سلطنة عمان بصفة عامة بلد يزخر بالثقافات المختلفة ورغم ذلك يعيشون فى اندماج وتناغم، كما أنها واحة الأمان والتسامح والكرم من قديم الزمان، وسكان الدقم يتميزون بالكرم والجود».

وحول مقومات الجذب الاستثماري، قال السناني: تتميز الدقم بوجود أكبر المشاريع الاقتصادية لتكون مكانا يمزج العمل والحياة، مثل مطار الدقم، وميناء الدقم، والحوض الجاف، ومصفاة الدقم، ومشاريع الطاقة الخضراء والطاقة المتجددة وغيرها من المشاريع، بالإضافة إلى وجود المستشفيات والمدارس، والفنادق، والمجمعات التجارية، والأماكن السياحية والترفيهية. وأكد السنانى ضرورة العمل لتحويل الدقم إلى مدينة ذكية، من خلال بناء مدينة للتقنيات الحديثة، وإقرار التشريعات المتعلقة بالمدن الذكية.

تقدُّم مستمر

وأكد رجل الأعمال عمر بن ناصر الرشيدى بأن ولاية الدقم تشهد تقدما مستمرا فى البنية الأساسية، ويتناغم هذا التطور مع البيئة الطبيعية الرائعة التى تتميز بها، كما أنها الوجهة المثالية لكل من يبحث عن التوازن بين العمل ونمط الحياة الهادئ بعيدا عن ضجيج المدن الكبيرة، لما تنعم به الولاية من شواطئ رائعة ومناخ معتدل طوال فصول السنة. وأوضح الرشيدى بأنه يستثمر فى قطاع الطاقة النظيفة والخدمات البحرية بالدقم. وقال: تعتبر سلطنة عمان بشكل عام، والدقم بشكل خاص امتدادا للإنسان العمانى الأصيل الذى يحمل رسالة السلام والوئام، وهذا واقع نلامسه فى التعاملات الشخصية، وكذلك من خلال الاستماع إلى تجارب العديد من الزملاء المقيمين فى سلطنة عمان، والجدير بالذكر بأن العديد منهم يرغب فى الاستقرار الدائم مع أسرهم، وذلك ناتج عن تأثرهم بتجارب معيشية التمسوها فى سهولة الاندماج والتعايش مع المواطن العماني، الذى يعكس أخلاقا عربية أصيلة، متمثلة فى الكرم وحسن الضيافة، واحترام الجميع مع اختلاف عرقياتهم وانتماءاتهم الدينية.

وحول الجاذبية الاستثمارية للدقم ودورها فى المزج بين العمل والحياة، قال الرشيدي: تقع ولاية الدقم على ساحل بحر العرب، ولها أهمية جغرافية واقتصادية كبيرة، وذلك لقربها من الأسواق العالمية، وتشهد مؤخرا إقبالا كبيرا من قبل العديد من الشركات العالمية المهتمة فى إنتاج الهيدروجين النظيف والصناعات المصاحبة له، وذلك بعد الإعلان عن التوجه الوطنى للهيدروجين الأخضر، حيث تعد سلطنة عمان من أوائل الدول التى أطلقت خطة وطنية متكاملة لتطوير اقتصاد الهدروجين الأخضر، التى تعتبر اليوم مرجعا مهما للعديد من الدول، وذلك لما تحمله من استراتيجية ورؤية وأهداف مدعومة بإطار قانونى يتناسب مع مكونات هذا القطاع الناشئ.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدقم العمانية الحياة العصرية للعيش الحیاة العصریة بالإضافة إلى ولایة الدقم سلطنة عمان العدید من بین العمل یوجد بها من خلال یبحث عن

إقرأ أيضاً:

اليسار السوداني- بين الجمود الفكري والتحولات العصرية

اليسار السوداني: بين الجمود الفكري والتحولات العصرية - استشراف المستقبل مقارنة بالأحزاب الشيوعية في إفريقيا والعالم العربي

اليسار السوداني- تحليل أعمق واستشراف للمستقبل مع مقارنة بالأحزاب الشيوعية في إفريقيا والعالم العربي
في مقاله، تناول الاستاذ صلاح شعيب قضية تراجع تأثير اليسار السوداني في ظل التحولات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية التي شهدها السودان. وقد رصد عدة عوامل ساهمت في هذا التراجع، منها التغيرات الإعلامية، وضربات النظام الإسلاموي، وبروز الهويات الجهوية، وتأثير اليسار على الإبداع الفكري. ومع أن المقال قدّم رؤية مهمة، إلا أن هناك حاجة إلى تحليل أعمق وأكثر شمولية لفهم أزمة اليسار السوداني واستشراف مستقبله، مع مقارنة وضع الحزب الشيوعي السوداني بالأحزاب الشيوعية في إفريقيا والعالم العربي.
التغيرات الإعلامية: فرصة لم تُستغل أم تحدٍّ؟
يشير شعيب إلى أن اليسار فقد تأثيره مع صعود الإعلام الرقمي، حيث أصبح الأفراد قادرين على إنتاج المحتوى بأنفسهم، ما أضعف دور المثقف التقليدي والمنابر اليسارية. هذا الطرح صحيح جزئيًا، لكنه يتجاهل أن الإعلام الرقمي يمكن أن يكون أداة قوية لليسار إذا ما تم استغلاله بفاعلية.
اليسار السوداني لم يستطع حتى الآن تطوير استراتيجية إعلامية حديثة تتناسب مع عصر الملتيميديا. إذ لا يزال يعتمد على الخطابات الأيديولوجية المطولة، التي غالبًا ما تفتقد التفاعل المباشر مع قضايا الناس. المطلوب هو تبني خطاب إعلامي جديد يعتمد على لغة بسيطة ومباشرة، ويتفاعل مع اهتمامات الشباب وقضاياهم اليومية. كذلك، يجب أن يستثمر في إنتاج محتوى مرئي ومسموع يجذب الجماهير، بدلًا من الاقتصار على المقالات التنظيرية.
مقارنة مع الأحزاب الشيوعية في إفريقيا والعالم العربي
في جنوب إفريقيا، على سبيل المثال، استطاع الحزب الشيوعي الجنوب إفريقي (SACP) أن يبقي على تأثيره من خلال التحالف مع حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، واستخدام وسائل الإعلام الحديثة لنشر أفكاره. أما في العالم العربي، فإن الأحزاب الشيوعية في لبنان والعراق ما زالت تحتفظ ببعض التأثير بسبب قدرتها على التكيف مع التغيرات الإعلامية والتحالفات السياسية الواسعة. في المقابل، يبدو الحزب الشيوعي السوداني أكثر عزلة بسبب عدم قدرته على استغلال هذه الأدوات بشكل فعال.
ضربات النظام الإسلاموي و القمع ليس العامل الوحيد
لا شك أن النظام الإسلاموي الذي حكم السودان بعد انقلاب 1989 شن حملة شرسة ضد اليسار، مستهدفًا معاقله عبر القمع المباشر وتجفيف منابع نفوذه في النقابات والجامعات. لكن اختزال تراجع اليسار في هذه الضربات يُغفل دور العوامل الداخلية التي أضعفته.
ظل اليسار السوداني، وخاصة الحزب الشيوعي، عالقًا في خطابات أيديولوجية جامدة، ولم يتمكن من تجديد أفكاره لمواكبة المتغيرات الاجتماعية والسياسية. فبينما توجهت مطالب السودانيين نحو قضايا أكثر إلحاحًا مثل الحريات الفردية، وحقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية، استمر اليسار في التركيز على شعارات عامة دون تقديم حلول عملية لهذه القضايا. هذه الفجوة بين الخطاب اليساري وواقع الناس ساهمت في تراجع شعبيته، وجعلته أقل قدرة على التفاعل مع التغيرات المجتمعية.
مقارنة مع الأحزاب الشيوعية في إفريقيا والعالم العربي ومثلا في مصر، على سبيل المثال، تراجع الحزب الشيوعي المصري بشكل كبير بعد ثورة 1952، لكن بعض التيارات اليسارية استمرت في التأثير من خلال التحالفات مع قوى سياسية أخرى. في تونس، استطاع اليسار أن يلعب دورًا في المرحلة الانتقالية بعد ثورة 2011، لكنه ظل محدود التأثير بسبب انقساماته الداخلية. أما في السودان، فإن الحزب الشيوعي لم يستطع أن يطور خطابًا يتجاوز الماركسية التقليدية نحو رحاب الحداثة الأرحب، ما جعله يفقد الكثير من جاذبيته.
بروز الهويات الجهوية- فشل الدولة أم فشل اليسار؟
يرى شعيب أن بروز الهويات الجهوية والإثنية أدى إلى تراجع الفكر اليساري، لكن هذا التحليل يحتاج إلى مراجعة. فالهويات الجهوية لم تكن بديلًا عن الفكر اليساري، بل كانت في كثير من الأحيان رد فعل طبيعي لفشل الدولة المركزية في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة.
اليسار كان يمكن أن يلعب دورًا أكبر في تبني قضايا الأطراف والمهمشين، لكنه فشل في ذلك بسبب تركيزه على الخطاب المركزي والطبقي دون أن يعطي أولوية كافية لقضايا الهوية والثقافة. لو كان أكثر مرونة في تبني هذه القضايا، لكان بإمكانه أن يكون جسرًا بين المركز والأطراف، بدلًا من أن يصبح طرفًا في الصراع.
مقارنة مع الأحزاب الشيوعية في إفريقيا والعالم العربي- وفي جنوب إفريقيا، استطاع الحزب الشيوعي أن يتبنى قضايا الفقراء والمهمشين، بما في ذلك قضايا العمال والمزارعين، مما ساعده في الحفاظ على تأثيره. أما في العالم العربي، فإن الأحزاب الشيوعية في المغرب والجزائر حاولت أن تتبنى قضايا الهوية الجهوية، لكنها ظلت محدودة التأثير بسبب هيمنة الخطابات الدينية والقومية.
اليسار والإبداع الفكري- إرث يحتاج إلى تجديد
يشير شعيب إلى أن اليسار ساهم في تحديث الفنون والأدب والفكر السوداني في الخمسينيات والستينيات، لكنه يعتبر أن هذا التحديث كان نتيجة للمناخ العالمي وليس لفاعلية اليسار الذاتية. هذا الطرح يقلل من دور اليسار في تشكيل الوعي الثقافي السوداني.
اليسار لم يكن مجرد مستورد للأفكار، بل ساهم في تطويرها وإعادة صياغتها وفق السياق السوداني. أعمال مفكرين مثل عبد الخالق محجوب ومحمد إبراهيم نقد، وأدباء كثر، تشهد على هذا التأثير. لكن المشكلة تكمن في أن اليسار لم يستطع أن يستمر في هذا الدور الإبداعي بسبب جموده الفكري وعدم قدرته على استقطاب أجيال جديدة من المبدعين والمفكرين. كذلك، فإن تغييب كثير من المثقفين اليساريين بسبب القمع أو الهجرة أسهم في هذا الفراغ.
مقارنة مع الأحزاب الشيوعية في إفريقيا والعالم العربي- , في جنوب إفريقيا، استمر الحزب الشيوعي في التأثير على المشهد الثقافي من خلال دعمه للمبدعين والفنانين. أما في العالم العربي، فإن الأحزاب الشيوعية في لبنان وسوريا كانت لها بصمة واضحة في الأدب والفن، لكنها تراجعت مع صعود التيارات الإسلامية والقومية.
مستقبل اليسار السوداني- نحو خطاب جديد
يدعو شعيب إلى توحيد اليسار تحت قيادة الحزب الشيوعي، لكن هذا الاقتراح يبدو غير واقعي في ظل الأزمات الداخلية التي يعاني منها الحزب، بما في ذلك الجمود الفكري وعدم القدرة على استقطاب الشباب. مستقبل اليسار لا يكمن في توحيد القوى خلف حزب واحد، بل في إيجاد صيغة جديدة للعمل السياسي تعتمد على التحالفات الواسعة مع التيارات الديمقراطية والمستقلة.
اليسار بحاجة إلى خطاب جديد يتفاعل مع قضايا الواقع السوداني بمرونة، ويتبنى قضايا الشباب والنساء والمهمشين بشكل أكثر فعالية. كما أن عليه أن يعيد النظر في أدواته التنظيمية، بحيث تكون أكثر انفتاحًا على المجتمع وقادرة على استيعاب التعددية الفكرية والسياسية. كذلك، فإن اليسار يحتاج إلى إعادة بناء علاقاته بالنقابات ومنظمات المجتمع المدني، بحيث يكون مؤثرًا في الحراك الاجتماعي والسياسي.
تراجع اليسار السوداني ليس نتيجة لعوامل خارجية فقط، مثل قمع النظام الإسلاموي أو التغيرات الإعلامية، بل هو أيضًا نتاج لأزمات داخلية تتعلق بجموده الفكري وعدم قدرته على تجديد خطابه ليتلاءم مع متطلبات العصر. مستقبل اليسار مرهون بقدرته على إعادة بناء نفسه، من خلال تبني خطاب أكثر مرونة، والتفاعل مع قضايا المجتمع بفاعلية، واستغلال الأدوات الحديثة لنشر أفكاره. كما أن عليه أن يخرج من دائرة الخطابات النظرية إلى تقديم مشاريع واقعية قابلة للتنفيذ، تعكس انخراطه في قضايا المواطن السوداني اليومية.
إذا تمكن اليسار من تحقيق هذه التحولات، فسيكون بإمكانه أن يستعيد دوره كقوة تقدمية مؤثرة في المشهد السياسي السوداني، على غرار بعض الأحزاب الشيوعية في إفريقيا والعالم العربي التي استطاعت أن تحافظ على تأثيرها من خلال التكيف مع المتغيرات الجديدة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • اطلاق بوابة طلبات الغاز الرقمية في سلطنة عمان
  • 600 مشارك في سباقات الجري المجتمعي بالجمعية العمانية للسيارات
  • الإجمالي التراكمي للاستثمار الأجنبي المباشر في سلطنة عمان يتجاوز 30 مليار ريال
  • الرئيس التنفيذي لـ "جودة الحياة": نعمل على جعل مكة نموذجًا عالميًا
  • "رجال الأعمال المصريين": تشكيل 3 لجان جغرافية للسعودية وسلطنة عمان والإمارات
  • مفتي سلطنة عمان يشيد بموقف اليمن في نصرة غزة
  • رجال الأعمال المصريين: تشكيل لجان لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع السعودية وعمان والإمارات
  • رجال الأعمال المصريين تبحث تعزيز الاستثمارات مع دول الخليج
  • اليسار السوداني- بين الجمود الفكري والتحولات العصرية
  • جمعية رجال أعمال إسكندرية تلتقي نخبة من المسئولين الأجانب في مصر لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية