الدقم العمانية .. نموذج لجودة الحياة العصرية وحسن التعايش
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
تتميز الدقم بتنوع مقومات الجذب وتطور الحياة العصرية، وهى وجهة مثالية للعيش، ومكان للتعايش بين مختلف الثقافات والجنسيات، تتمتع بأنماطها العصرية الممزوجة بالطابع العمانى الفريد والعادات والتقاليد الأصيلة، بالإضافة إلى عوامل الأمان والاستقرار وروح الود والتسامح وكرم الضيافة.
وأشاد اقتصاديون ورجال أعمال بالجاذبية الاستثمارية للدقم، ونجاحها فى المزج بين العمل وجودة الحياة، واستقطاب المستثمرين فى مختلف القطاعات الاقتصادية، وتوطين العديد من المشاريع الكبرى، وتوفير مرافق خدمية متكاملة كالطرق، والحى التجاري، والمستشفيات، والكلية الجامعية، والمدارس، والفنادق، والمنتجعات، والشقق الفندقية، وقرية النهضة، والكثير من المقومات السياحية.
حياة عصرية
ويرى الدكتور قيس بن داود السابعى قانونى وخبير اقتصادى أن مقومات الحياة العصرية بولاية الدقم تزداد يوما بعد يوم، وذلك من خلال توفر الطرق المزدوجة، والمجمعات الصحية والمدارس التى تواكب النمو السكاني، بالإضافة إلى وجود المنطقة الاقتصادية الخاصة، والمبانى التجارية والمراكز الترفيهية كمركز عُمان للبولينج ومجمع بلادى بلازا، كما يوجد بها عدد من الفنادق وأماكن للاستجمام والترفية، مشيرا إلى أن الدقم أصبحت مدينة حديثة تمزج بين أنماط الحياة العصرية مع احتفاظها بخصوصية الطابع التقليدى الأصيل. كما تتميز بمناخ وبيئة فريدة من نوعها، وبها شاطئ يمتد لحوالى 120 كيلومترا، مما يجعل المقيم والزائر يبقى فيها أطول فترة زمنية ممكنة.
وقال الدكتور قيس السابعي: «الدقم مهيأة لتكون وجهة مثالية للعيش لما تتمتع به من مقومات خدمية، وعصرية، وسياحية، ولوجستية، وبيئة مناخية، وعادات وتقاليد أصيلة، كما أنها تعد مكانا للتعايش بين مختلف الجنسيات، يألفه كل من وطأت قدمه أرض سلطنة عمان، لما يتميز به الشعب العمانى من طيب أخلاق وأعراف وتقاليد ومكارم وحسن خلق وضيافة».
أسرع الأسواق نموًّا
وأضاف السابعي: «تتمتع المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بميزة عن باقى المناطق الاقتصادية فى سلطنة عمان من حيث موقعها الجغرافى الاستراتيجي، فهى أسرع الأسواق نموا فى الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرق إفريقيا، وتعد بوابة المستثمر للعالم، وتتوفر بها المحطة الواحدة لتبسيط وتسهيل الأعمال والاستثمارات، وتقديم مجموعة متكاملة من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين؛ فهذه المزايا والحوافز فى المنطقة تسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية، مضيفا: تتميز المنطقة بوجود الحوض الجاف الذى يعد أكبر حوض جاف على مستوى الشرق الأوسط، وأكبر موقع جغرافى لرسو السفن فى المنطقة، كما يوجد بها العديد من المشاريع والمصانع الكبيرة التى تلقى رواجا كبيرا وأهمية محلية وعالمية للاستثمار.
وقال الدكتور السابعي: «نعيش اليوم فى عالم متسارع وعالم اقتصادى بحت، الكل يريد التطور والتحديث بسرعة فائقة لكى يكون منافسا اقتصاديا شرسا فى مجال الاقتصاد الرقمى والذكاء الاصطناعى والمدن الذكية، من خلال تسريع نمو الحياة العصرية، والتسهيلات الموجودة فى العالم الذكى وسرعة الوصول إليها، وسرعة تلبية الأعمال، مؤكدا أن سلطنة عمان تسعى سعيا حثيثا لتحويل منطقة الدقم الاقتصادية إلى مدينة ذكية، وتسعى شركة تطوير الدقم لجعل الدقم مدينة عصرية، من خلال توفير حلول تكنولوجية لتصبح إحدى المدن الذكية البارزة فى منطقة الشرق الأوسط.
منطقة بكر
أوضح رجل الأعمال يونس بن خميس البراشدى أن ولاية الدقم تعد منطقة بكرا تتميز بالعديد من المقومات الاقتصادية والسياحية، حيث يوجد بها شاطئ جميل، وتتميز بجوها الجميل على مدار السنة، وتشهد تطورا عمرانيا سريعا، ويزورها سنويا مجموعة كبيرة من رجال الأعمال والسياح وأصحاب الصناعات، مشيرا إلى أنها منطقة سريعة التطور فى مجال التطوير العقاري، والسياحة، والتجارة، والصناعة.
وبيّن البراشدى أنه يستثمر فى مجموعة من الأعمال بالدقم، كالتطوير العقارى من خلال بيع وشراء العقارات، ومحطات نفط متنقلة «موبايل»، والمراكز التجارية، والفنادق. وحول مثالية الدقم للعيش والتعايش بين مختلف الجنسيات، قال: «من رأيى تعد وجهة مثالية، حيث يوجد بها أغلب مقومات العيش والحياة الهادئة». وأكد أن الدقم تتميز بوجود عوامل الأمان والاستقرار وروح الود والتسامح وكرم الضيافة، قائلا: «الشعب العمانى بشكل عام شعب كريم، وأغلب الجنسيات التى زارت سلطنة عمان تشهد لنا بهذا، وما يميز الدقم بأن سكانها الأصليين هم من البادية، أى أنهم شعب بدوي، وكرم البدو وحسن استقباله يشهد له التاريخ».
وأكد البراشدى أن الجاذبية الاستثمارية فى ولاية الدقم تسهم فى المزج بين العمل والحياة، وقال: «يبحث التجار والمستثمرون عن الفرص، حيث يجدون الفرص الحقيقية فى المناطق ذات التطور السريع والمناطق ذات الاستثمار الجديد، فالدقم تعد منطقة جديدة للاستثمار، وتتميز بفرص جيدة فى كل وجهات الاستثمار، فإذا كان المستثمر يبحث عن الاستثمار الصناعي، فالدقم تعد منطقة استثمارية واعدة، أما إذا كان يبحث عن الصناعات البتروكيماوية فإنه سيتم قريبا إنشاء مجموعة بتروكيماويات فى الدقم، كما يوجد ميناء ذو مساحة كبيرة ومجهز بأحدث الرافعات. ومن حيث الملاحة وصيانة السفن يوجد بالدقم حوض جاف يتسع لأكبر السفن على مستوى العالم، وإذا كان المستثمر يبحث عن الاستثمار السياحى فالدقم تحتاج لمنتجعات وشاليهات وفنادق لكثرة ارتياد السياح ورجال الأعمال، ولا ننسى المجال العقاري، فالدقم بها مخطط يحتاج للاستثمار فى الشقق السكنية والمحلات التجارية».
وجهة مثالية للعيش
من جانبه تحدث رجل الأعمال ماجد بن سلطان السنانى -الذى يستثمر فى مجال الصناعات السمكية- حول مقومات الجذب وتطور ملامح الحياة العصرية فى ولاية الدقم، قائلا: تتميز الولاية بوجود أغلب مقومات الحياة العصرية كالمراكز التجارية، والترفيهية، والفنادق والمنتجعات، والمؤسسات، والمراكز الصحية، والمؤسسات التعليمية، والبنية الأساسية، بالإضافة إلى وجود المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم التى تحتوى على أكبر المشاريع الصناعية والاقتصادية.
وأكد أن ولاية الدقم تعد وجهة مثالية للعيش ومكانا للتعايش، وقال: «سلطنة عمان بصفة عامة بلد يزخر بالثقافات المختلفة ورغم ذلك يعيشون فى اندماج وتناغم، كما أنها واحة الأمان والتسامح والكرم من قديم الزمان، وسكان الدقم يتميزون بالكرم والجود».
وحول مقومات الجذب الاستثماري، قال السناني: تتميز الدقم بوجود أكبر المشاريع الاقتصادية لتكون مكانا يمزج العمل والحياة، مثل مطار الدقم، وميناء الدقم، والحوض الجاف، ومصفاة الدقم، ومشاريع الطاقة الخضراء والطاقة المتجددة وغيرها من المشاريع، بالإضافة إلى وجود المستشفيات والمدارس، والفنادق، والمجمعات التجارية، والأماكن السياحية والترفيهية. وأكد السنانى ضرورة العمل لتحويل الدقم إلى مدينة ذكية، من خلال بناء مدينة للتقنيات الحديثة، وإقرار التشريعات المتعلقة بالمدن الذكية.
تقدُّم مستمر
وأكد رجل الأعمال عمر بن ناصر الرشيدى بأن ولاية الدقم تشهد تقدما مستمرا فى البنية الأساسية، ويتناغم هذا التطور مع البيئة الطبيعية الرائعة التى تتميز بها، كما أنها الوجهة المثالية لكل من يبحث عن التوازن بين العمل ونمط الحياة الهادئ بعيدا عن ضجيج المدن الكبيرة، لما تنعم به الولاية من شواطئ رائعة ومناخ معتدل طوال فصول السنة. وأوضح الرشيدى بأنه يستثمر فى قطاع الطاقة النظيفة والخدمات البحرية بالدقم. وقال: تعتبر سلطنة عمان بشكل عام، والدقم بشكل خاص امتدادا للإنسان العمانى الأصيل الذى يحمل رسالة السلام والوئام، وهذا واقع نلامسه فى التعاملات الشخصية، وكذلك من خلال الاستماع إلى تجارب العديد من الزملاء المقيمين فى سلطنة عمان، والجدير بالذكر بأن العديد منهم يرغب فى الاستقرار الدائم مع أسرهم، وذلك ناتج عن تأثرهم بتجارب معيشية التمسوها فى سهولة الاندماج والتعايش مع المواطن العماني، الذى يعكس أخلاقا عربية أصيلة، متمثلة فى الكرم وحسن الضيافة، واحترام الجميع مع اختلاف عرقياتهم وانتماءاتهم الدينية.
وحول الجاذبية الاستثمارية للدقم ودورها فى المزج بين العمل والحياة، قال الرشيدي: تقع ولاية الدقم على ساحل بحر العرب، ولها أهمية جغرافية واقتصادية كبيرة، وذلك لقربها من الأسواق العالمية، وتشهد مؤخرا إقبالا كبيرا من قبل العديد من الشركات العالمية المهتمة فى إنتاج الهيدروجين النظيف والصناعات المصاحبة له، وذلك بعد الإعلان عن التوجه الوطنى للهيدروجين الأخضر، حيث تعد سلطنة عمان من أوائل الدول التى أطلقت خطة وطنية متكاملة لتطوير اقتصاد الهدروجين الأخضر، التى تعتبر اليوم مرجعا مهما للعديد من الدول، وذلك لما تحمله من استراتيجية ورؤية وأهداف مدعومة بإطار قانونى يتناسب مع مكونات هذا القطاع الناشئ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدقم العمانية الحياة العصرية للعيش الحیاة العصریة بالإضافة إلى ولایة الدقم سلطنة عمان العدید من بین العمل یوجد بها من خلال یبحث عن
إقرأ أيضاً:
التضخم في سلطنة عمان من بين أدنى المعدلات عالميًا
أكدت وزارة الاقتصاد في بيان أن التدابير والسياسات الاستباقية لسلطنة عمان ساهمت في إبقاء معدلات التضخم عند مستوى معتدل حتى خلال ذروته عالميا في عام 2022، وكان التضخم في أسعار المستهلكين في سلطنة عمان من بين أدنى المعدلات في العالم وضمن الحدود الآمنة المستهدفة في الخطة الخمسية العاشرة 2021-2025.
ويأتي بيان الوزارة في إطار متابعة ما تنشره وسائل الإعلام حول مختلف الملفات الاقتصادية، وتقدم الوزارة توضيحا للبيانات المتعلقة بتطورات وتوجهات التضخم في سلطنة عمان والعالم والتي وردت في الاستطلاع الصحفي نشرته "عمان" بتاريخ 25 نوفمبر 2024، وتناول مستويات أسعار المستهلكين في سلطنة عمان وأشار إلى توقع زيادة في معدلات التضخم العالمي خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت الوزارة أن ظاهرة التضخم المتفاقم عالميا ظلت موضع الاهتمام والمتابعة طوال السنوات الماضية بهدف احتواء معدلاته ضمن مستهدفات السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية لسلطنة عمان، وتجنب تفاقمه للمعدلات التي شهدتها الكثير من الدول المتقدمة والناشئة والنامية، مما أثر على نمو الاقتصاد وعلى مستويات المعيشة في هذه الدول، حيث أدى تفشي الجائحة في عام 2020 وما صاحبها من إغلاقات وقيود على الحركة والأنشطة الاقتصادية إلى مشكلات في سلاسل التوريد والإمداد وحركة التجارة العالمية وارتفاع كلفة الخدمات وأسعار الغذاء، والتي واصلت الصعود بفعل تداعيات الأزمة في أوكرانيا وتأثيراتها على أسعار الطاقة والخدمات وكلفة الشحن والتأمين، والسلع الغذائية مثل الحبوب والبذور والزيوت النباتية والحليب، وأسفرت كافة هذه التطورات عن تفاقم التضخم عالميا ليصل إلى أعلى مستوياته خلال عام 2022. وفي ظل هذه الأزمة، انعكست تأثيرات الارتفاعات العالمية على الأسواق المحلية مع استيراد الاحتياجات من السلع والمنتجات.
وأشارت الوزارة إلى أنه في الكثير من الأحيان يتولد انطباعا لدى المستهلكين بارتفاع الأسعار، بالرغم من أن البيانات الرسمية تظهر تباطؤا في معدلات التضخم. وبشكل عام، تعود أسباب هذه الظاهرة، إلى أن الكثير من الأشخاص يستخدمون كلمة التضخم للإشارة إلى أي زيادة في الأسعار. وفي الواقع، فإن التضخم يقيس المستوى العام للأسعار، وليس سعر سلعة أو خدمة بحد ذاتها، أو مجموعة مختصرة من السلع. وبالتالي، فإنه من الممكن أن يظهر معدل التضخم تباطؤا في الوقت الذي قد يكون هنالك ارتفاع في أسعار السلع والخدمات الناجمة عن ظروف العرض والطلب المتغيرة. كما قد يتشكل هذا الانطباع لدى المستهلكين نتيجة لأسباب مختلفة من أبرزها: قد يكون هناك اختلاف بين ما يشعر به الأفراد في حياتهم اليومية وما تظهره الأرقام. على سبيل المثال، قد يلاحظ المستهلكون زيادة في أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود، بينما قد لا يعكس معدل التضخم هذه الزيادات نتيجة لتراجع أو تباطؤ أسعار بقية السلع في سلة التضخم. وثانيا، يمكن أن تؤثر التجارب الشخصية على انطباعات الأفراد. فإذا كان شخص ما يواجه صعوبة في تحمل تكاليف المعيشة ناتجة عن زيادة الأعباء، فقد يشعر بأن الأسعار مرتفعة أكثر مما تشير إليه البيانات. وثالثا، قد يقوم المستهلك بتقييم مستوى أسعار بعض السلع والخدمات مقارنة بفترات زمنية طويلة كسنتين أو ثلاث سنوات، الأمر الذي يظهر ارتفاعا كبيرا مقارنة ببيانات المقارنة لعام واحد. ورابعا، قد تلعب وسائل الإعلام دورا في تشكيل هذه الانطباعات، حيث يمكن أن تركز التقارير على حالات معينة من الارتفاعات في الأسعار، مما يعزز شعور القلق لدى الجمهور.
وتشير بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن متوسط معدل التضخم وفقا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين في سلطنة عمان سجل نحو 1.7 بالمائة خلال الفترة من 2021-2023، وانخفض إلى ما يقل عن واحد بالمائة في نهاية عام 2023، وخلال العام الجاري 2024، بلغ معدل التضخم في أسعار المستهلكين نحو 0.8 بالمائة خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر، وتفاوتت معدلاته بين مختلف المحافظات حيث سجل التضخم أدنى المعدلات في محافظة جنوب الباطنة بنسبة 0.4 بالمائة، وبنسبة 0.6% في محافظتي مسقط وظفار، وبنسبة 0,7 بالمائة في كلا من محافظتي الظاهرة والبريمي، و0.8 بالمائة في محافظة شمال الباطنة، في حين تم تسجيل أعلى معدل للتضخم في محافظة جنوب الشرقية بنسبة 1.9 بالمائة وفي كلا من محافظتي مسندم والوسطى بنسبة 1.6 بالمائة ومحافظة شمال الشرقية بنسبة 1.3 بالمائة ومحافظة الداخلية بنسبة 1.1 بالمائة، وبشكل عام يرتبط تفاوت معدلات التضخم على النطاق الجغرافي بعدد من العوامل من أهمها الموقع الجغرافي ونشاط الاقتصاد المحلي في كل محافظة.
ويأتي تراجع التضخم على أساس سنوي بنهاية أكتوبر من عام 2024 مقارنة مع نفس الشهر من عام 2023، في ظل استقرار الأسعار القياسية لمجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى، ومجموعة الاتصالات، ومجموعة التبغ، وتراجع الأرقام القياسية لأسعار مجموعة النقل بنسبة 2.6 بالمائة، مع ارتفاع أسعار مجموعة السلع الشخصية المتنوعة والخدمات بنسبة 4.8 بالمائة ومجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 3.5 بالمائة ومجموعة الصحة بنسبة 3.2 بالمائة، مع زيادات محدودة في مجموعات المطاعم والفنادق، والملابس والأحذية، والأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية وأعمال الصيانة والتعليم.
وفي أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي في ختام مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 مع سلطنة عمان، أشار التقرير إلى تراجع التضخم في سلطنة عمان إلى 0.6 بالمائة خلال الفترة من بداية العام الجاري وحتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري 2024، مقابل نسبة تضخم بلغت 0.9 بالمائة في عام 2023، لتظل معدلات التضخم في أسعار المستهلكين عند مستويات منخفضة في سلطنة عمان، وتتوقع وزارة الاقتصاد أن يظل معدل التضخم معتدلا وضمن المستهدفات على المدى المتوسط، كما تتابع الوزارة من خلال مؤشر تنافسية المحافظات تطورات التضخم في مختلف المحافظات بهدف تحديد تفاوتات الأسعار والعوامل المؤثرة على التغير في الأسعار للمساعدة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات تحد من هذه التفاوتات وتحقق توازن الأسواق والأسعار.
وأوضحت وزارة الاقتصاد أن التفاوت في أسعار السلع والخدمات في سلطنة عُمان يعكس تداخلاً متشابكاً بين مجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية، أبرزها هيكلية سلة الاستهلاك وتفاوت أنماط الإنفاق بين المحافظات، إذ تعتمد سلة الاستهلاك بشكل رئيسي على سلع وخدمات أغلبها مَحَلّي المنشأ كالمسكن والاتصالات والنقل والتعليم والمطاعم والفنادق والثقافة والترفيه والتي تتميز باستقرار أسعارها، مما يسهم في الحفاظ على ثبات المؤشر العام للأسعار.
في المقابل، تظهر التباينات في أسعار المستهلكين بصورة واضحة على مستوى المحافظات؛ حيث تسجل بعض المحافظات زيادات ملحوظة في أسعار سلع محددة تُفضي إلى تضخم إيجابي، بينما تشهد محافظات أخرى انخفاضات طفيفة. علاوة على ذلك، تلعب السلع المستوردة، دوراً متفاوتاً في التأثير على الأسعار، في حين يستمر ارتفاع أسعار مكونات أساسية مثل الغذاء والشراب والسلع الأولية. ساهم هذا التباين في تحقيق استقرار نسبي للأسعار على مستوى سلطنة عمان.
وأكدت وزارة الاقتصاد أن تعزيز الإنفاق الاجتماعي والإنفاق على الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم والإسكان أولوية حافظت عليها سلطنة عمان لتحسين مستويات المعيشة وتخفيف أعبائها وترقية الخدمات حتى إبان فترة تأثر الوضع المالي للدولة بتبعات الجائحة وتراجع أسعار النفط، حيث تم إطلاق حزمة من المبادرات الاجتماعية التي ساهمت في مساندة الفئات المتأثرة بتبعات الأزمات العالمية، وتضمنت السياسات والتدابير الحكومية التي تحد من تأثير التضخم على مستويات معيشة المواطنين تثبيت أسعار الوقود ودعم السلع الغذائية وتوسعة قائمة السلع الغذائية المعفاة من ضريبة القيمة المضافة ودعم خدمات كالنقل والمياه والكهرباء والصرف الصحي وغيرها من الخدمات. وعزز الاستقرار المالي الذي حققته سلطنة عمان الثمار التي تنعكس على تحسين مستويات الرفاه والحماية الاجتماعية ومعيشة المواطنين ودعم التنمية المستدامة وفقا لمستهدفات "رؤية عمان 2040" حيث يتوجه 30 بالمائة من حجم اعتمادات المشاريع الإنمائية للخطة الخمسية العاشرة لتعزيز الهياكل الاجتماعية بما يصل إلى 3 مليارات ريال عماني منذ بدء تنفيذ الخطة وحتى نهاية أكتوبر 2024.
ومع الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط خلال عام 2022، قضت التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بحسن استغلال الفوائض المالية التي تحققت من ارتفاع أسعار النفط وتوجيهها نحو تسريع سداد الدين وتنفيذ المشروعات التنموية وتوجيه جانب من هذه الفوائض لتخفيف أعباء تبعات الأزمات العالمية على معيشة المواطنين، وشهدت السنوات الماضية دعما مستمرا لمخصصات الميزانية العامة للدولة لبند الدعم والمساهمات الموجهة لتخفيف أعباء المعيشة وتنفيذ مستهدفات التنمية المستدامة ومواكبة تنفيذ "رؤية عمان 2040" ورفعت سلطنة عمان مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى في الميزانية العامة إلى 1.931 مليار ريال عماني في عام 2022 وتم توجيه 546 مليون لدعم الكهرباء و730 مليون لدعم المنتجات النفطية و20 مليون ريال عماني لدعم السلع الغذائية، وبلغت مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى 1.689 مليار ريال عماني خلال عام 2023، كما تم خلال العام الماضي تعزيز الإنفاق الاجتماعي من خلال مخصصات أسر الضمان الاجتماعي ومخصصات إعفاء عدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من القروض، ومخصصات دعم فوائد القروض التنموية والإسكانية، وتعزيز ميزانية قطاعي الصحة والتعليم لتغطية التوسع في تقديم الخدمات، إضافة إلى رفع مخصصات الطلبة المبتعثين في الخارج بنسبة 15 – 90% وفق المستوى المعيشي في تلك الدول بسبب ارتفاع التضخم العالمي, وإضافة 150 بعثة خارجية ليصل إجمالي البعثات الخارجية إلى 550 بعثة.
ومع تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية خلال العام الجاري، تم رفع مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى في الميزانية ويبلغ عدد المشمولين بخدمات صندوق الحماية الاجتماعية الشهرية أكثر من 2.39 مليون مواطن من بينهم نحو 1.5 مليون مواطن من مختلف شرائح المجتمع يستفيدون من منافع الحماية الاجتماعية بما في ذلك منفعة كبار السن ومنفعة الأطفال، وقد وجه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- بتخصيص 72 مليون ريال عُماني ضمن الميزانية العامة للدولة، لتمويل برنامج منفعة دعم الأسرة ضمن منافع صندوق الحماية الاجتماعية، كما تم خلال العام الجاري تنفيذ ترقية أقدمية 2013 وأقدمية 2014 بإجمالي تكلفة للترقيات بلغ نحو 60 مليون ريال عماني في ميزانية العام الجاري، ويستفيد منها أكثر من 52 ألف موظف في الجهاز الإداري للدولة، ومن خلال الميزانية العامة للدولة لعام 2024 تم اعتماد نحو 2.177 مليار ريال عماني في بند المساهمات والنفقات الأخرى، وتمثل نحو 19 بالمائة من إجمالي الإنفاق، وتتضمن 560 مليون ريال عماني لبرنامج الحماية الاجتماعية، و460 مليون ريال عماني لدعم قطاع الكهرباء، و184 مليون ريال عماني لدعم قطاع المياه والصرف الصحي، و240 مليون ريال عماني للمشاريع ذات الأثر التنموي، و35 مليون ريال عماني لدعم المنتجات النفطية، و84 مليون ريال عماني لدعم قطاع النقل، و59 مليون ريال عماني لدعم قطاع النفايات، و25 مليون ريال عماني لدعم السلع الغذائية، و55 مليون ريال عماني لدعم فوائد القروض التنموية والإسكانية، و35 مليون ريال عماني لدعم قطاعات أخرى إضافة إلى 400 مليون مخصص للديون، و40 مليون ريال عماني مساهمات في مؤسسات محلية وإقليمية ودولية، كما تواصل الميزانية إعطاء الأولوية للمشاريع ذات البعد الاجتماعي مثل مشاريع التعليم والصحة والإسكان الاجتماعي، ويبلغ إجمالي المعتمد لهذه القطاعات في ميزانية عام 2024 نحو 4.8 مليار ريال عماني، بما يمثل نسبة 41 بالمائة من إجمالي الإنفاق، ودعما لقطاع التعليم، أقر مجلس الوزراء خلال العام الجاري تخصيص مبلغ إضافي 40 مليون ريال عُماني ضمن الخطة الخمسية الحالية لتسريع بناء مدارس جديدة في عدد من المحافظات.
وحول تطورات قطاع الأمن الغذائي ودورها في دعم الاكتفاء الذاتي ووفرة الإمدادات المحلية من منتجات الغذاء في سلطنة عمان، أوضحت وزارة الاقتصاد أن أنشطة الخدمات وأسعار السلع الغذائية كانت الأكثر تأثرا بتفاقم التضخم العالمي عقب تفشي الجائحة في عام 2020 وازدادت التأثيرات مع تبعات الحرب في أوكرانيا التي أثرت على سلاسل الإمداد العالمية وأسعار الغذاء، وتزامن ذلك مع بدء انطلاقة "رؤية عمان 2040" والتي ساهم تنفيذها في تطورات إيجابية واسعة ومتواصلة في تعزيز الأمن الغذائي خلال السنوات الماضية بما في ذلك زيادة الإنتاج الغذائي وتشجيع الاستثمار في صناعات الغذاء والإجراءات الاحترازية لتجنب التقلبات العالمية وتأثيرها على أسعار السلع الغذائية، حيث وسعت سلطنة عمان عمليات الاستيراد المباشر للسلع والخدمات من خلال خطوط الشحن الدولية المباشرة لمجموعة أسياد التابعة لجهاز الاستثمار العماني والتي تربط حاليا موانئ سلطنة عمان مع أكثر من 37 ميناء في 11 دولة، وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتنويع مصادر الاستيراد إضافة إلى تسهيل سلاسل الإمداد من وإلى سلطنة عمان وخفض كلفة الواردات، كما أمنت سلطنة عمان الاحتياطي الاستراتيجي من الحبوب لفترات طويلة مع تشغيل صوامع تخزين الحبوب بصحار بطاقة تخزينية تبلغ 160 ألف طن، وهناك تقدم متواصل في قطاع الأمن الغذائي من خلال تحسين مؤشرات الاكتفاء الذاتي وزيادة حجم الإنتاج الزراعي والسمكي والتوسع في صناعات الغذاء بهدف خفض الواردات الغذائية وزيادة حصة المنتجات والصناعات الغذائية من إجمالي صادرات سلطنة عمان، وقد ساهمت استراتيجيات الأمن الغذائي ومختبرات وعيادات الأمن الغذائي التي تم تنظيمها خلال السنوات الماضية في تعزيز جاذبية الاستثمار في قطاع الغذاء وإيجاد الممكنات المشجعة للاستثمار وتأسيس المشروعات الجديدة، كما تتوسع سلطنة عمان في منظومة موانئ الصيد وتحقيق تكاملها مع سلاسل إنتاج الغذاء والتصنيع، ومنظومة المدن والتجمعات الاقتصادية المتكاملة للغذاء، من خلال المشاريع في مدينة خزائن الاقتصادية ومنطقة النجد في محافظة ظفار ومنطقة الدقم، وقد أدت حزمة المشاريع التي تم إقامتها خلال السنوات الماضية من خلال الشركات التابعة لجهاز الاستثمار العماني وبالشراكة مع القطاع الخاص ومن خلال استثمارات القطاع الخاص في رفع معدلات الاكتفاء الذاتي من منتجات أساسية مثل الحليب والدواجن وبيض المائدة واللحوم الحمراء، ويغطي الانتاج السمكي الاحتياجات المحلية مع حصة جيدة من الصادرات، كما يشهد الانتاج الزراعي زيادة ملموسة تعزز الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، وتضمنت المبادرات خلال مختبر الأمن الغذائي 2024 مبادرة إحلال الواردات التي تهدف إلى تطوير برنامج زمني لرفع نسبة الاكتفاء الذاتي لعدد من السلع المستهدفة لتصل إلى 75 بالمائة، وتطوير حزمة من الفرص الاستثمارية المرتبطة بالقيمة المحلية المضافة لتعظيم العائد الاقتصادي من الموارد الطبيعية ضمن تنفيذ السياسة الوطنية للمحتوى المحلي.
وأوضحت وزارة الاقتصاد أنه فيما يتعلق بتطورات وتوجهات التضخم عالميا، فمنذ عام 2021 تحول التضخم إلى واحد من أكبر التحديات التي واجهت العالم خلال العقود الأخيرة، وفي ظل جهود البنوك المركزية العالمية لاحتواء التضخم ودفعه للتراجع من خلال رفع معدلات الفائدة المصرفية، بدأ التضخم في التراجع بشكل ملموس بداية من العام الماضي ويواصل الانخفاض خلال العام الجاري، وتشير توقعات البنوك المركزية العالمية والمؤسسات الدولية إلى أن معدلات التضخم تنحسر بشكل متواصل، وحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أكتوبر 2024 الصادر عن صندوق النقد الدولي بلغ التضخم الكلي ذروته عالميا عند معدل 9.4 بالمائة في الربع الثالث من عام 2022، مقارنة مع نفس الفترة من 2021 وتراجع إلى 6.7 بالمائة خلال العام الماضي ومن المتوقع أن ينخفض التضخم الكلي عالميا إلى نسبة 5.8 بالمائة في 2024، مما يشير إلى أن جهود البنوك المركزية تحقق نجاحا متزايدا في احتواء التضخم، وبناء على هذه التطورات، قام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته للتضخم خلال العام المقبل، وبعد أن كانت التوقعات تشير إلى معدل تضخم متوقع يبلغ 4.4 بالمائة في عام 2025، تم خفض التوقعات إلى 3.5 بالمائة مع حلول نهاية العام القادم 2025، وهي نسبة أقل قليلا من متوسط التضخم خلال العقدين السابقين على تفشي الجائحة، مشيرا إلى أنه في معظم دول العالم، أصبح التضخم يقترب الآن من مستهدفات البنوك المركزية، وفي ظل هذا التراجع للتضخم بدأت البنوك المركزية الكبرى خلال العام الجاري خفض معدلات الفائدة المصرفية إيذانا بانتهاء سياسات التشدد النقدي ورفع الفائدة المصرفية التي تم تبنيها من قبل البنوك المركزية خلال الأعوام السابقة.