انتهجت سلطنة عمان خططًا طموح لتحقيق الالتزام بالحياد الصفرى الكربوني، وتبنت العديد من المبادرات والمشاريع فى قطاع الطاقة المتجددة، وتتمثل الأولوية الرئيسية لرؤية عمان 2040 فى إنشاء نموذج اقتصادى يتم فيه تقليل الاعتماد على الهيدروكربونات ورفع إنتاجية الطاقة المتجددة لـ 20٪ من إجمالى استخدام الطاقة بحلول عام 2030، وما بين 35٪ و39٪ بحلول عام 2040.

ومن المتوقع أن يصل حجم الاســـتثمارات فى الطاقة المتجددة لـ50 مليار دولار مع التوسعات المسـتقبلية لهذا القطاع الذى تسـارع فيه سلطنة عمان لجلب رؤوس الأموال الضخمة وسعيها لتصبح واحدة من كبار المصدرين للهيدروجين الأخضر فى العقد القادم.

وحول توجهات سلطنة عمان لرفع حصة الطاقة المتجددة، وتعزيز القطاع بما يضمن صدارتها فى هذا المجال، أكد  الدكتور فراس بن على العبدوانى مدير عام الطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة والمعادن للوقوف على مؤشرات القطاع والخطط الموضوعة لتطويره بشكل أكبر وأوسع:

حيث اتخذت سلطنة عمان خطوات ثابتة وحثيثة لتحديد المسار نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارا. فقد أعلنت سلطنة عمان التزامها بتحقيق الحياد الصفرى الكربونى بحلول عام 2050، تماشيا مع اتفاقية باريس للمناخ للحد من تغير المناخ العالمى إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. ومع هذا الالتزام، تبنت سلطنة عمان استراتيجية طموحة لتنويع مصادر الطاقة من خلال التوسع فى مشاريع الطاقة المتجددة بطريقة تلبى الطلب المتزايد على الكهرباء وتقلل من انبعاثات الكربون.

ولرسم خطة سلطنة عمان للتحول فى الطاقة، انتهت وزارة الطاقة والمعادن مؤخرا من رسم السياسة الوطنية للتحول فى الطاقة المتجدد وتحديد رؤية سلطنة عمان للتحول فى الطاقة والتى جاءت «تحقيق سلطنة عمان الحياد الكربونى بحلول عام 2050، مع ضمان أمن الطاقة، والقدرة التنافسية، والنمو فى الاقتصاد منخفض الكربون، وتنمية الوطن والمجتمع».

ويمكن تحقيق ما سبق من خلال استخدام الطاقة المتجددة كمصدر أساسى للطاقة واستخدام تقنيات احتجاز الكربون للحد من انبعاثات الكربون، وإنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر ومنخفض الكربون لدفع الصادرات والنمو فى الصناعات المحلية منخفضة الكربون، ورفع كفاءة الطاقة فى مختلف القطاعات الاقتصادية، وتوسيع استخدامات الكهرباء فى قطاعى النقل والصناعة.

ويجرى العمل حاليا على مراجعة هيكلة سوق الطاقة فى سلطنة عمان لضمان مناسبة السوق للتوسع فى الطاقة البديلة والتكامل مع سلاسل الممكنات الرئيسية للتحول فى الطاقة بما فى ذلك الهيدروجين الأخضر وتقنيات احتجاز الكربون وكفاءة الطاقة.

وتولى خطة التحول فى الطاقة أهمية خاصة لبناء القدرات المحلية وتشجيع الابتكار والتركيز على البحث والتطوير، بالإضافة إلى توسيع سلسلة التوريد للصناعات المرتبطة بالتحول فى الطاقة لضمان مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة فى مشاريع التحول فى الطاقة.

كما أن سلطنة عمان تمتلك وفرة فى موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مما يجعلها قادرة على تلبية الطلب على الكهرباء وتجاوزه بأضعاف عديدة وبأسعار تنافسية نظرا لإمكانية الجمع بين توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية فى مشروع واحد. لذلك وضعت سلطنة عمان أهدافا طموحة لتطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر وتغطية كل من الطلب المحلى والتصدير. وتهدف سلطنة عمان إلى إنتاج حوالى 8 ملايين طن مترى سنويا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، انطلاقا من مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، كما تعمل سلطنة عمان على تنمية الصناعات المعتمدة على الهيدروجين الأخضر وحث الصناعات القائمة على التحول إلى إنتاج المنتجات الخضراء.

وترجمة لاستراتيجية تنويع مصادر الطاقة فى البلاد، فقد تم إنشاء وتشغيل مشروع محطة عبرى للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تبلغ 500 ميجاوات. كما تم إنشاء وتشغيل محطة ظفار لطاقة الرياح، التى تعد أول محطة لطاقة الرياح فى المنطقة بطاقة إنتاجية تبلغ 50 ميجاوات وذلك فى جنوب سلطنة عمان التى تعد منطقة غنية بمصادر الرياح، ومشروع مرآة للطاقة الشمسية التابع لشركة تنمية نفط عمان (PDO) الذى تبلغ طاقته الإنتاجية 1021 ميجاوات لتوليد البخار واستخدامه لاستخلاص النفط، ويضاف إلى مشاريع الاستفادة من الطاقة البديلة فى سلطنة عمان.

ويجرى العمل حاليا على إنشاء محطة منح للطاقة الشمسية المخطط تشغيلها فى عام 2025 بقدرة 1000 ميجاوات، ومن المشاريع المستقبلية أيضا مشروع الدقم لطاقة الرياح لعام 2027 بسعة تزيد على 150 ميجاوات.

وتتميز الدقم بموقع استراتيجى وتوفر أراض مستوية ذات مصادر عالية من طاقة الشمس وطاقة الرياح على مدار العام، وتعد المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بما فيها من صناعات وبنى أساسية عالية المواصفات من الموانئ وشبكات الطرق والكهرباء عناصر جذب مهمة للاستثمارات المختلفة.

كما تتميز سلطنة عمان بموقعها الجغرافى المميز الذى يتوسط قارات العالم والمطل على المحيط الهندي، كما يمكن لسلطنة عُمان إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بأكثر من خمسة أضعاف الطلب المتوقع لعام 2050 بسبب وفرة مصادر الطاقة المتجددة محليا.

ولقد بدأت سلطنة عمان خطوات حثيثة لتحقيق الأهداف المرتبطة باقتصاد الهيدروجين الأخضر، حيث وصل عدد الاتفاقيات الموقعة ضمن الجولة الأولى للمزايدات التى عرضتها شركة هيدروجين عُمان «هايدروم» إلى 5 مشاريع، بإجمالى استثمارات تتجاوز 30 مليار دولار وإنتاج متوقع يصل إلى 750 طنا متريا من الهيدروجين الأخضر.

كما جرى إطلاق جولة المزايدة الثانية فى شهر يونيو 2023 لمناطق امتياز الهيدروجين الأخضر أمام الشركات الراغبة فى الاستثمار فى هذا القطاع المتنامى فى سلطنة عُمان، حيث تتنافس فيها الشركات على ثلاث فرص استثمارية فى محافظة ظفار، على أن يجرى إرساء مشاريع الجولة الثانية بحلول نهاية الربع الأول من هذا العام.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سلطنة عمان الطاقة المتجددة الحياد الصفري الكربوني الهیدروجین الأخضر الطاقة المتجددة سلطنة عمان بحلول عام عام 2050

إقرأ أيضاً:

كلمة سلطنة عمان أمام لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان

عقدت اليوم الاثنين أعمال الاجتماع الثالث والستين للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، حيث يشهد الاجتماع انعقاد الدورة السادسة والعشرين للجنة، والتي خصصت لمناقشة التقرير الأول لسلطنة عمان.

 وألقى الكلمة الافتتاحية لسلطنة عمان الدكتور يحيى بن ناصر الخصيبي وكيل وزارة العدل والشؤون القانونية رئيس وفد سلطنة عمان أمام لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان لمناقشة تقرير سلطنة عمان الأول المقدم بموجب المادة (48) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان
 

وجاء نصر الكلمة على النحو الآتي:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية.. أود بالنيابة عن حكومة سلطنة عمان أن أتقدم بالشكر والتقدير إلى لجنتكم الموقرة وكافة المعنيين بحقوق الإنسان على مستوى جامعة الدول العربية على الجهود التي تبذلونها في كل ما من شأنه تعزيز وحماية حقوق الإنسان على الصعيد العربي، ويسعدني أن أكون معكم اليوم لمناقشة تقرير سلطنة عمان الأول المقدم وفقا للمادة(48) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والذي بلا شك يمثل فرصة مواتية لدعم جهود سلطنة عمان في مجال حماية حقوق الإنسان، وتعزيزها وإبراز التقدم الذي وصلت إليه سلطنة عمان في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، سواء أكان ذلك للمواطنين أم للمقيمين على أرضها.

لقد أولت سلطنة عمان بالغ العناية والاهتمام لهذا التقرير، والذي يتيح المجال لمراجعة وتقييم وتطوير تشريعاتها وتدابيرها الوطنية المتصلة بحقوق الإنسان، بغية مواءمتها مع المعايير الإقليمية والدولية، ومن منطلق هذه القناعة، قام مجلس الوزراء في سلطنة عمان بتشكيل فريق بمستوى وكيل وزارة يتولى إعداد التقارير المتصلة بالميثاق العربي لحقوق الإنسان، ويضم في عضويته عددا من الجهات الحكومية إلى جانب اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، يتولى هذا الفريق متابعة تنفيذ بنود الميثاق على الصعيد الوطني والإشراف على إعداد التقرير الوطني الماثل اليوم أمام لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

إن سلطنة عمان تؤمن إيمانا راسخا بأهمية صون حقوق الإنسان وحمايته من كل ما يهدد سلامته أو يؤثر في ممارسته لتلك الحقوق. وتقدر في الوقت ذاته الدور الكبير الذي تؤديه جامعة الدول العربية ولجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان الرامي إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي، وذلك من خلال آلية التقارير الدورية التي تقدمها الدول في سبيل إنفاذ الميثاق العربي لحقوق الإنسان والتي ساعدت كثيرا في إذكاء الوعي الإقليمي بحقوق الإنسان ودفعت الدول الأعضاء إلى الاستفادة من هذه الآلية وإدراج مضامين الميثاق العربي لحقوق الإنسان في تشريعاتها الوطنية.

سعادة الرئيس

أصدرت سلطنة عمان في الحادي عشر من يناير لعام 2021م نظاما أساسيا جديدا للدولة، والذي أكد في ديباجته أن من أهم غايات إصدار هذا النظام تعزيز الحقوق والواجبات والحريات العامة، ودعم مؤسسات الدولة، وترسيخ مبدأ الشورى، كما أكدت نصوص النظام الأساسي للدولة على مبدأ استقلال القضاء وسيادة القانون كأساس للحكم، علاوة على التأكيد على دور الدولة في كفالة تمتع المواطنين والمقيمين على أرضها بصفة قانونية بالمزيد من الحقوق والحريات، ومن أهمها:

- المساواة بين المرأة والرجل، ورعاية الطفل والأشخاص ذوي الإعاقة والنشء والشباب.

- إلزامية التعليم حتى مرحلة التعليم الأساسي، وتشجيع إنشاء الجامعات، والبحث العلمي ورعاية المبدعين والمبتكرين.

- الحق في الحياة والكرامة الإنسانية والحياة الآمنة وحرمة الحياة الخاصة لكل إنسان.

كما أن مراعاة المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة، وبما يؤدي إلى إرساء السلام والأمن بين الدول والشعوب، تعد من أهم المبادئ السياسية الموجهة لسياسة الدولة التي أرساها النظام الأساسي للدولة، وهذه المعاهدات والاتفاقيات الدولية تكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها، وتصبح جزءا من قانون البلاد.

وانطلاقا من حرص سلطنة عمان على كفالة حقوق الإنسان، وتعاونها مع الآليات الدولية والإقليمية ذات الصلة بحقوق الإنسان، فقد انضمت إلى الأغلب الأعم من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إذ شهد عام 2020م انضمام سلطنة عمان إلى(3) ثلاث اتفاقيات من اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية حيث صدر المرسوم السلطاني رقم 44/2020 القاضي بالموافقة على الانضمام إلى "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري "كما صدر المرسوم السلطاني رقم ٤٥/ ٢٠٢٠ بالموافقة على الانضمام إلى" اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، وصدر كذلك المرسوم السلطاني رقم ٤٦/ ٢٠٢٠ بالموافقة على الانضمام إلى "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، عليه فقد أضحت سلطنة عمان طرفا في سبع من أصل تسع من اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية، كما قدمت سلطنة عمان تقاريرها للجان التعاقدية ذات الصلة بالاتفاقيات المذكورة وناقشتها، مما يعكس التعاطي الإيجابي مع آليات حقوق الإنسان على المستوى الدولي.

وعلى الصعيد الإقليمي صدر المرسوم السلطاني رقم 16/2023 بالموافقة على انضمام سلطنة عمان إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان، مؤكدا تعاطي سلطنة عمان الإيجابي مع الآليات الإقليمية لحقوق الإنسان.

سعادة الرئيس،
إن المتتبع لمسيرة التنمية الشاملة في سلطنة عمَانَ منذ عَام 1970م وَحَتَى الآنَ، يَجد أَنَهَا تَضَع الموَاطنَ العمَانيَ رَكيزَة لَهَا، وَتَمضي عَلَى نَحو تَصَاعدي، وَذَلكَ إيمَانا من سَلطَنَة عمَانَ بأَنَ أَيَ تَنميَة لَا تَقوم عَلَى أَنَ الإنسَانَ محوَر لَهَا سَيَكون مَصيرهَا الفَشَلَ لَا مَحَالَةَ، بَل إنَ تَبعَاتهَا سَتَنعَكس سَلبا عَلَى المجتَمَع.

وَقَد تَضَمَنَ التَقرير الوَطَني الجهودَ الَتي تَبذلهَا الحكومَة لتَحقيق أَهدَاف اَلتَنميَة المستَدَامَة، وَفقا لجَدوَل أَعمَال اَلتَنميَة اَلمستَدَامَة في خطَط وَاسترَاتيجيَات اَلتَنميَة في عمَانَ، وَفي مقَدمَتهَا خطَة التَنميَة اَلخَمسيَة العَاشرَة (2021-2025) وَرؤيَة عمَانَ 2040.

وَتؤَكد سَلطَنَة عمَانَ أَنَ لَدَيهَا التَشريعَات وَالمؤَسَسَات الكَافيَةَ لحمَايَة حقوق الإنسَان عَلَى أَرَاضيهَا، وَلَا أَدَلَ عَلَى ذَلكَ ممَا حَفَلَ به التَقرير من عَدَد كَبير من التَشريعَات ذَات الصلَة بتَعزيز حقوق الإنسَان، علَاوَة عَلَى مَا أَكَدَ عَلَيه من تَوَفر المؤَسَسَات المَعنيَة بدَعم تَمَتع العمَانيينَ وَالمقيمينَ بحقوق الإنسَان، بمَا يَتَوَافَق مَعَ المَوَاثيق الدَوليَة الَتي تعَد وَفقا لمَا أَفصَحَ عَنه النظَام الأَسَاسي للدَولَة جزءا من قَانون البلَاد النَافذ.

سَعَادَةَ الرَئيس،

سَعَت سَلطَنَة عمَانَ- وَمَا زَالَت- من أَجل الاضطلَاع بدَورهَا الفَعَال كَأَحَد أَعضَاء الأسرَة الدَوليَة، وَتَمَثَلَ ذَلكَ إمَا في التَنسيق في عَمَليَات إعَادَة الرَهَائن إلَى بلدَانهم، أَو في استقبَال الجَرحَى من البلدَان الَتي تَندَلع فيهَا نزَاعَات مسَلَحَة وَالتَكَفل بعلَاجهم وَمن ثَمَ تَأمين عَودَتهم إلَى بلَادهم، علَاوَة عَلَى جهودهَا الَتي تَبذلهَا في تَقريب وجهَات النَظَر بَينَ الأَطرَاف المتَنَازعَة في الإقليم.

كَمَا تَلتَزم سَلطَنَة عمَانَ بموَاصَلَة تَقديم المسَاعَدَات الخَارجيَة للدوَل النَاميَة في صورَة منَح لأَسبَاب إنسَانيَة وَتَنمَويَة في كل أَنحَاء العَالَم. وَقَد استَفَادَ من هَذه المسَاعَدَات عَدَد من الدوَل. علَاوَة عَلَى ذَلكَ، تقَدم الجَمعيَات الخَيريَة العمَانيَة وَعَلَى رَأسهَا الهَيئَة العمَانيَة للأَعمَال الخَيريَة مسَاعَدَات إغَاثَة عَاجلَة عندَ حدوث الكَوَارث الطَبيعيَة وَفي حَالَات الزَلَازل وَالمَجَاعَة في مختَلف بقَاع العَالَم، ممَا يؤَكِد دَورَ سَلطَنَةِ عمَانَ الكَبِيرَ فِي التَقلِيلِ مِن معَانَاةِ الإِنسَانِ فِي الظروفِ الصَعبَةِ الَتِي قَد يَتَعَرَض لَهَا فِي مختَلِفِ بِقَاعِ الأَرضِ، دونَ تَميِيز بَينَ جِنس أَو لَون أَو دِين.

سَعَادَةَ الرَئِيسِ،

إِنَنَا عَلَى يَقِين تَام بِأَنَ تَسوِيَةَ اَلنِزَاعَاتِ بَينَ اَلدوَلِ بِالطرقِ اَلسِلمِيَةِ تؤَدِي- بِلَا أَدنَى شَك- إِلَى تَعزِيزِ وَتَرسِيخِ اَلأَمنِ وَالسِلمِ اَلدَولِيَينِ، وَتَحقِيقِ اَلإِخَاءِ وَالوِئَامِ بَينَ شعوبِ اَلعَالَمِ، وَتَمنَع هَدرَ وَتَبدِيدَ طَاقَاتِ وَمَوَارِدِ اَلدوَلِ فِي غَايَات لَا نَفعَ وَلَا مَردودَ مِنهَا، وَذَلِكَ عَلَى حِسَابِ الأَمنِ وَالتَنمِيَةِ وَالِاستِقرَارِ، وَهَذَا النَهج لَطَالَمَا دَعَت إِلَيهِ سَلطَنَة عمَانَ وَاتَخَذَته مِنهَاجا لَهَا؛ حَيث أَكَدَت وَتؤَكِد فِي كلِ مَحفِل وَمنَاسَبَة دَعمَهَا لِمَبَادِئِ اَلعَدلِ، وَالسَلَامِ، وَالتَسَامحِ، وَالحِوَارِ، وَالتَعَاونِ اَلوَثِيقِ بَينَ اَلأمَمِ وَالشعوبِ، وَالِالتِزَامِ بِمَبَادِئِ اَلحَقِ، وَالعَدلِ، وَالمسَاوَاةِ، وَعَدَمِ اَلِاعتِدَاءِ، وَعَدَمِ اَلتَدَخلِ فِي اَلشؤونِ اَلدَاخِلِيَةِ لِلدوَلِ، وَفَضِ اَلنِزَاعَاتِ بِالطرقِ اَلسِلمِيَةِ، وَفقَ أَحكَامِ وَمَبَادِئِ مِيثَاقِ اَلأمَمِ اَلمتَحِدَةِ، وَقَوَاعِدِ اَلقَانونِ اَلدَولِيِ، بِمَا يعَزِز مِن سِيَادَةِ اَلقَانونِ وَبِنَاءِ الثِقَةِ اَلقَائِمَةِ عَلَى الِاحتِرَامِ المتَبَادَلِ لِسِيَادَةِ الدوَلِ، وَعَلَاقَاتِ حسنِ اَلجِوَارِ، وَبِمَا يَحفَظ لِلدوَلِ أَمنَهَا، وَاستِقرَارَهَا، وَازدِهَارَهَا.

وَقَد كَانَ لِسَلطَنَةِ عمَانَ وَلَا يَزَال مَوقِف ثَابِت مِن القَضِيَةِ الفِلَسطِينِيَةِ عَبرَ التَارِيخِ لَم يَتَغَيَر مطلَقا رَغمَ تَقَلبَاتِ الأَحدَاثِ السِيَاسِيَةِ فِي المِنطَقَةِ العَرَبِيَةِ، وَهَذَا الثَبَات نَابِع مِن رؤيَة خَاصَة لِلقَضِيَةِ الفِلَسطِينِيَةِ تَنطَلِق مِن التِزَامِ سَلطَنَةِ عمَانَ بِالقَوَانِينِ الدَولِيَةِ وَالمَوَاثِيقِ الَتِي أَقَرَتهَا الأمَم المتَحِدَة وَجَامِعَة الدوَلِ العَرَبِيَةِ، وَإِيمَانِ سَلطَنَةِ عمَانَ ممَثَلَة فِي قِيَادَتِهَا الرَشِيدَةِ بِأَنَ قِيَمَ العَدلِ وَالمسَاوَاةِ وَالحقوقِ وَالحرِيَاتِ يَجِب أَن تَسودَ العَالَمَ حَتَى يَتِمَ تَجَنب الصِرَاعَاتِ الدَولِيَةِ وَالحروبِ الَتِي لَا تَعود عَلَى البَشَرِيَةِ بِخَير، وَلَا تَجلب إِلَا التَخَلفَ وَالدَمَارَ لِلعَالَمِ أَجمَعَ.

كَمَا أَنَ رَوَابِطَ العروبَةِ وَالدِينِ الإِسلَامِيِ تَجعَل مِن الِانحِيَازِ لِلقَضِيَةِ الفِلَسطِينِيَةِ وَاجِبا عَلَى كلِ الأمَةِ الإِسلَامِيَةِ وَالعَرَبِيَةِ، فَهَذِهِ الرَوَابِط كَثِيرا مَا جَنَبَتِ الأمَتَينِ الوقوعَ تَحتَ أَطمَاعِ الدوَلِ الِاستِعمَارِيَةِ وَالَتِي لَم تَدَخِر جهدا عَبَرَ التَارِيخَ مِن أَجلِ بَسطِ سَيطَرَتِهَا عَلَى المِنطَقَةِ العَرَبِيَةِ فِي فَتَرَات مختَلِفَة مِن التَارِيخِ، وَكل ذَلِكَ مَعلوم لِمَن يَقرَأ التَارِيخَ وَالأَحدَاثَ السِيَاسِيَةَ الَتِي فَرَضَت عَلَى الوَاقِعِ نَفسَهَا.

وَقَد أَكَدَ حَضرَة صَاحِبِ الجَلَالَةِ السلطَانِ هَيثَم بن طَارِق المعَظَم- أَبقَاه اللَه- تَضَامنَ سَلطَنَةِ عمَانَ مَعَ الشَعبِ الفِلَسطِينِيِ الشَقِيقِ وَدَعمَ كَافَةِ الجهودِ الدَاعِيَةِ لِوَقفِ التَصعِيدِ وَالهَجَمَاتِ عَلَى الأَطفَالِ وَالمَدَنِيِينَ الأَبرِيَاءِ وَإِطلَاقِ سَرَاحِ السجَنَاءِ وَفقا لِمَبَادِئِ القَانونِ الدَولِيِ الإِنسَانِيِ. كَمَا أَكَدَ جَلَالَته ضَرورَةِ اضطِلَاعِ المجتَمَعِ الدَولِيِ بِمَسؤولِيَاتِهِ لِحِمَايَةِ المَدَنِيِينَ وَضَمَانِ احتِيَاجَاتِهِم الإِنسَانِيَةِ وَرَفعِ الحِصَارِ غَيرِ المَشروعِ عَن غَزَةَ وَبَاقِي الأَرَاضِي الفِلَسطِينِيَةِ، وَاستِئنَافِ عَمَلِيَةِ السَلَامِ لِتَمكِينِ الشَعبِ الفِلَسطِينِيِ مِن استِعَادَةِ كَافَةِ حقوقِهِ المَشروعَةِ بِإِقَامَةِ دَولَتِهِ المستَقِلَةِ عَلَى حدودِ عَامِ 1967م وَعَاصِمَتهَا القدس الشَرقِيَة وَفقَ مَبدَأِ حَلِ الدَولَتَينِ وَمبَادَرَةِ السَلَامِ العَرَبِيَةِ وَجَمِيعِ القَرَارَاتِ الأمَمِيَةِ ذَاتِ الصِلَةِ.

كَمَا أَدَانَت بِلَادِي سَلطَنَة عمَانَ فِي مَرَات عَدِيدَة العدوَانَ الغَاشِمَ الَذِي تَشنه إِسرَائِيل عَلَى الأَرَاضِي اللبنَانِيَةِ، فِي تَجَاهل تَام لِقَوَاعِدِ القَانونِ الدَولِيِ الإِنسَانِيِ، مرَحِبَة بِإِعلَانِ وَقفِ إِطلَاقِ النَارِ فِي جمهورِيَةِ لبنَانَ الشَقِيقَةِ، معَرِبَة عَن تَقدِيرِهَا لِلجهودِ المَبذولَةِ لِلتَوَصلِ لِهَذَا الِاتِفَاقِ، دَاعِيَة إِلَى خَفضِ التَصعِيدِ وَإِنهَاءِ الحَربِ بِشَكل فَورِي، وَتَطبِيقِ قَرَارَاتِ الشَرعِيَةِ الدَولِيَةِ ذَاتِ الصِلَةِ.

كَمَا تعرِب بِلَادِي سَلطَنَة عمَانَ عَن متَابَعَتِهَا مِن كَثَب لِلتَطَورَاتِ الَتِي حَدَثَت فِي الجمهورِيَةِ العَرَبِيَةِ السورِيَةِ، مؤَكِدَة عَلَى ضَرورَةِ احتِرَامِ إِرَادَةِ الشَعبِ السورِيِ، وَالحِفَاظِ عَلَى سِيَادَةِ سوريَا وَسَلَامَةِ أَرَاضِيهَا وَوَحدَتِهَا، معَرِبَة عَن إِدَانَتِهَا وَاستِنكَارِهَا لِإِقدَامِ قوَاتِ الِاحتِلَالِ الإِسرَائِيلِيَةِ عَلَى احتِلَالِ أَجزَاء جَدِيدَة مِن الأَرَاضِي السورِيَةِ فِي المِنطَقَةِ الحدودِيَةِ العَازِلَةِ، وَخَرقِهَا لِاتِفَاقِيَةِ فَضِ الِاشتِبَاكِ لِعَامِ 1974م.

خِتَاما، تَفَضَلوا جَمِيعا خَالِصَ شكرِيِ وَتَقدِيرِي عَلَى اَلجهودِ اَلَتِي تَبذلونَهَا عَبرَ لَجنَتِكم اَلموَقَرَ ةِ فِي خِدمَةِ اَلإِنسَانِ وَحِمَايَتِهِ، وَتَحقِيقِ طموحَاتِهِ وَتَطَلعَاتِهِ، متَمَنِيا أَن يَعكِسَ هَذَا اَلحِوَار اَلبَنَاء اَلجهودَ اَلحَقِيقِيَةَ الَتِي تَبذلهَا سَلطَنَة عمَانَ فِي سَبِيلِ تَنفِيذِ أَحكَامِ المِيثَاقِ العَرَبِيِ لِحقوقِ الإِنسَانِ، مؤَكِدِينَ أَنَ التَعَاونَ مَعَ الآلِيَاتِ الخَاصَةِ بِجَامِعَةِ الدوَلِ العَرَبِيَةِ تَحظَى بِعِنَايَةِ وَرِعَايَةِ حكومَةِ سَلطَنَةِ عمَانَ عَلَيهِ سَتَحظَى النَتَائِج الَتِي سَيَخلص إِلَيهَا حِوَارنَا البَنَاء اليَومَ بِعِنَايَةِ وَتَقدِيرِ حكومَةِ بِلَادِي سَلطَنَةِ عمَانَ لِمَا فِيهِ مِن تَعزِيز لِلحقوقِ وَالحرِيَاتِ الَتِي يَتَمَتَع بِهَا اَلموَاطِنِونَ وَالمقِيمِونَ عَلَى أَرضِهَا اَلطَيِبَةِ.

مقالات مشابهة

  • سفارة الدولة في بلغراد تنظم ندوة “الاستدامة والطاقة المتجددة والمدن الذكية”
  • المشاط: الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر مجالات واعدة لاستثمارات الشركات اليابانية في مصر
  • المغرب مرشح لجذب 300 مليار دولار عبر الهيدروجين الأخضر
  • وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يستقبل سفير ماليزيا بالقاهرة لبحث سبل دعم وتعزيز فرص التعاون والشراكة والاستثمار
  • موجة برد جديدة في طقس سلطنة عمان ... عاجل
  • التحول نحو الاقتصاد الأخضر.. مسار مستدام نحو مستقبل أفضل
  • كلمة سلطنة عمان أمام لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان
  • طلب إحاطة في النواب لمواجهة ظاهرة سرقة الكهرباء بدلاً من رفع أسعارها
  • الطاقة الذرية لـ"البوابة نيوز".. دول العالم تسير نحو مصالحها والتغير المناخي يهدد بغرق الإسكندرية والدلتا.. والطاقة النووية الحل في إنتاج الهيدروجين الأخضر
  • الطاقة الشمسية في تونس.. الحلم الأخضر الذي تعرقله التحديات السياسية