سلطنة عمان وجهة عالمية لاستثمارات الهيدروجين والطاقة المتجددة
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
انتهجت سلطنة عمان خططًا طموح لتحقيق الالتزام بالحياد الصفرى الكربوني، وتبنت العديد من المبادرات والمشاريع فى قطاع الطاقة المتجددة، وتتمثل الأولوية الرئيسية لرؤية عمان 2040 فى إنشاء نموذج اقتصادى يتم فيه تقليل الاعتماد على الهيدروكربونات ورفع إنتاجية الطاقة المتجددة لـ 20٪ من إجمالى استخدام الطاقة بحلول عام 2030، وما بين 35٪ و39٪ بحلول عام 2040.
وحول توجهات سلطنة عمان لرفع حصة الطاقة المتجددة، وتعزيز القطاع بما يضمن صدارتها فى هذا المجال، أكد الدكتور فراس بن على العبدوانى مدير عام الطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة والمعادن للوقوف على مؤشرات القطاع والخطط الموضوعة لتطويره بشكل أكبر وأوسع:
حيث اتخذت سلطنة عمان خطوات ثابتة وحثيثة لتحديد المسار نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارا. فقد أعلنت سلطنة عمان التزامها بتحقيق الحياد الصفرى الكربونى بحلول عام 2050، تماشيا مع اتفاقية باريس للمناخ للحد من تغير المناخ العالمى إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. ومع هذا الالتزام، تبنت سلطنة عمان استراتيجية طموحة لتنويع مصادر الطاقة من خلال التوسع فى مشاريع الطاقة المتجددة بطريقة تلبى الطلب المتزايد على الكهرباء وتقلل من انبعاثات الكربون.
ولرسم خطة سلطنة عمان للتحول فى الطاقة، انتهت وزارة الطاقة والمعادن مؤخرا من رسم السياسة الوطنية للتحول فى الطاقة المتجدد وتحديد رؤية سلطنة عمان للتحول فى الطاقة والتى جاءت «تحقيق سلطنة عمان الحياد الكربونى بحلول عام 2050، مع ضمان أمن الطاقة، والقدرة التنافسية، والنمو فى الاقتصاد منخفض الكربون، وتنمية الوطن والمجتمع».
ويمكن تحقيق ما سبق من خلال استخدام الطاقة المتجددة كمصدر أساسى للطاقة واستخدام تقنيات احتجاز الكربون للحد من انبعاثات الكربون، وإنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر ومنخفض الكربون لدفع الصادرات والنمو فى الصناعات المحلية منخفضة الكربون، ورفع كفاءة الطاقة فى مختلف القطاعات الاقتصادية، وتوسيع استخدامات الكهرباء فى قطاعى النقل والصناعة.
ويجرى العمل حاليا على مراجعة هيكلة سوق الطاقة فى سلطنة عمان لضمان مناسبة السوق للتوسع فى الطاقة البديلة والتكامل مع سلاسل الممكنات الرئيسية للتحول فى الطاقة بما فى ذلك الهيدروجين الأخضر وتقنيات احتجاز الكربون وكفاءة الطاقة.
وتولى خطة التحول فى الطاقة أهمية خاصة لبناء القدرات المحلية وتشجيع الابتكار والتركيز على البحث والتطوير، بالإضافة إلى توسيع سلسلة التوريد للصناعات المرتبطة بالتحول فى الطاقة لضمان مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة فى مشاريع التحول فى الطاقة.
كما أن سلطنة عمان تمتلك وفرة فى موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مما يجعلها قادرة على تلبية الطلب على الكهرباء وتجاوزه بأضعاف عديدة وبأسعار تنافسية نظرا لإمكانية الجمع بين توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية فى مشروع واحد. لذلك وضعت سلطنة عمان أهدافا طموحة لتطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر وتغطية كل من الطلب المحلى والتصدير. وتهدف سلطنة عمان إلى إنتاج حوالى 8 ملايين طن مترى سنويا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، انطلاقا من مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، كما تعمل سلطنة عمان على تنمية الصناعات المعتمدة على الهيدروجين الأخضر وحث الصناعات القائمة على التحول إلى إنتاج المنتجات الخضراء.
وترجمة لاستراتيجية تنويع مصادر الطاقة فى البلاد، فقد تم إنشاء وتشغيل مشروع محطة عبرى للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تبلغ 500 ميجاوات. كما تم إنشاء وتشغيل محطة ظفار لطاقة الرياح، التى تعد أول محطة لطاقة الرياح فى المنطقة بطاقة إنتاجية تبلغ 50 ميجاوات وذلك فى جنوب سلطنة عمان التى تعد منطقة غنية بمصادر الرياح، ومشروع مرآة للطاقة الشمسية التابع لشركة تنمية نفط عمان (PDO) الذى تبلغ طاقته الإنتاجية 1021 ميجاوات لتوليد البخار واستخدامه لاستخلاص النفط، ويضاف إلى مشاريع الاستفادة من الطاقة البديلة فى سلطنة عمان.
ويجرى العمل حاليا على إنشاء محطة منح للطاقة الشمسية المخطط تشغيلها فى عام 2025 بقدرة 1000 ميجاوات، ومن المشاريع المستقبلية أيضا مشروع الدقم لطاقة الرياح لعام 2027 بسعة تزيد على 150 ميجاوات.
وتتميز الدقم بموقع استراتيجى وتوفر أراض مستوية ذات مصادر عالية من طاقة الشمس وطاقة الرياح على مدار العام، وتعد المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بما فيها من صناعات وبنى أساسية عالية المواصفات من الموانئ وشبكات الطرق والكهرباء عناصر جذب مهمة للاستثمارات المختلفة.
كما تتميز سلطنة عمان بموقعها الجغرافى المميز الذى يتوسط قارات العالم والمطل على المحيط الهندي، كما يمكن لسلطنة عُمان إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بأكثر من خمسة أضعاف الطلب المتوقع لعام 2050 بسبب وفرة مصادر الطاقة المتجددة محليا.
ولقد بدأت سلطنة عمان خطوات حثيثة لتحقيق الأهداف المرتبطة باقتصاد الهيدروجين الأخضر، حيث وصل عدد الاتفاقيات الموقعة ضمن الجولة الأولى للمزايدات التى عرضتها شركة هيدروجين عُمان «هايدروم» إلى 5 مشاريع، بإجمالى استثمارات تتجاوز 30 مليار دولار وإنتاج متوقع يصل إلى 750 طنا متريا من الهيدروجين الأخضر.
كما جرى إطلاق جولة المزايدة الثانية فى شهر يونيو 2023 لمناطق امتياز الهيدروجين الأخضر أمام الشركات الراغبة فى الاستثمار فى هذا القطاع المتنامى فى سلطنة عُمان، حيث تتنافس فيها الشركات على ثلاث فرص استثمارية فى محافظة ظفار، على أن يجرى إرساء مشاريع الجولة الثانية بحلول نهاية الربع الأول من هذا العام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سلطنة عمان الطاقة المتجددة الحياد الصفري الكربوني الهیدروجین الأخضر الطاقة المتجددة سلطنة عمان بحلول عام عام 2050
إقرأ أيضاً:
السفير مصطفى الشربيني لـ أ ش أ: مصر على أعتاب ثورة اقتصادية كبرى باستغلال هيدرات الغاز والطاقة الحرارية
"هيدرات الغاز"..الثلج والنار أحد الأساليب التي ستقود ثورة الوقود بثلج قابل للاحتراق، ففي ظل التحولات العالمية نحو الطاقة المستدامة، أصبحت مصر في موقع استراتيجي يؤهلها للاستفادة من ثرواتها الطبيعية لتحقيق أمنها الطاقوي وتعزيز رفاهية مواطنيها.
ويتبنى السفير مصطفى الشربيني الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ، ورئيس الكرسي العلمي للاستدامة والبصمة الكربونية بمنظمة الألكسو بجامعة الدول العربية، رؤية ابتكارية لمستقبل الطاقة في مصر، تدعو إلى استغلال الموارد غير التقليدية في البحرين الأحمر والمتوسط، لتأمين طاقة نظيفة ومستدامة تساهم في تقدم الاقتصاد الوطني وتحقيق السعادة المجتمعية.
وألقى السفير مصطفى الشربيني - في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط لاستكشاف هذه الرؤية الابتكارية لمستقبل الطاقة - الضوء حول العائد المتوقع وأهم التحديات التي قد تعوق استخدام هذه الموارد بالشكل الأمثل وما يمكن أن تحدثه من تغيير في مستقبل الطاقة.
وفي البداية، أكد الشربيني أنه أصبح من الضروري أن تتحرك مصر بسرعة لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية المتاحة لديها، حيث تمتلك مصر فرصًا استثنائية في ثلاثة مجالات واعدة يمكن أن تشكل مستقبل أمنها الطاقوي وتعزز مكانتها الاقتصادية، وهي استغلال هيدرات الغاز في البحر الأحمر، والطاقة الحرارية الأرضية في البحر الأحمر، واستغلال الطاقة الحرارية في قاع البحر المتوسط، وهذه المجالات ليست مجرد أفكار نظرية، بل هي حلول عملية تعتمدها دول كبرى مثل اليابان والولايات المتحدة والصين لتأمين مستقبلها الطاقوي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، واليوم يجب أن يكون لمصر موقع ريادي في هذه المجالات، خاصة في ظل التطورات العالمية التي تدفع نحو التحول إلى الطاقة النظيفة.
استغلال هيدرات الغاز في البحر الأحمر
وقال السفير مصطفى الشربيني إن الدراسات الجيولوجية تشير إلى أن قاع البحر الأحمر يحتوي على احتياطيات ضخمة من هيدرات الميثان، وهي مصدر طاقة غير مستغل يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في قطاع الطاقة المصري وتعتمد تقنيات استخراج هذه الموارد على أساليب حديثة تشمل تخفيض الضغط، التسخين، والحقن الكيميائي لتحرير الغاز بشكل آمن وفعال ويمكن أن يكون هذا المورد الاستراتيجي أحد الحلول لتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي في مصر، مما يسهم في دعم الصناعات المحلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد من خلال تحليل التوزيع الجيولوجي وآليات التكوين والتقنيات المستخدمة لاستخراجها بالإضافة إلى تقييم الأثر البيئي المحتمل لهذه العمليات.
وأضاف الشربيني أن هيدرات الغاز هي مركبات بلورية تتكون من جزيئات الغاز المحبوسة داخل هياكل جزيئية من الماء المتجمد وتتواجد هذه المركبات في بيئات ذات ضغط مرتفع ودرجة حرارة منخفضة مما يجعلها مصدراً محتملاً للطاقة في المستقبل، ويتميز البحر الأحمر بظروف جيولوجية خاصة تجعله واحداً من المناطق التي قد تحتوي على كميات كبيرة من هيدرات الميثان.
وأشارت الدراسات الجيوفيزيائية إلى وجود تراكمات محتملة لهذه الرواسب في المناطق العميقة ذات الرسوبيات العضوية الغنية حيث يعتمد تكوين هيدرات الغاز على عدة عوامل رئيسية تشمل الضغط ودرجة الحرارة وتوافر الغاز والمادة العضوية بالإضافة إلى النشاط التكتوني"الغلاف الصخرى" الذي قد يؤثر على استقرار الرواسب ويوفر بيئات مناسبة لتشكيل الهيدرات وتعد المياه العميقة في البحر الأحمر ذات الظروف الحرارية الفريدة عاملاً مهماً في استقرار هذه المركبات.
وأوضح الشربيني أن تقديرات "USGS" تشير إلى أن هيدرات الغاز تحتوي على ما يعادل 100,000 تريليون قدم مكعب من الغاز، أي أكثر من جميع احتياطيات الوقود الأحفوري التقليدية، فيما أشارت الدراسات الجيوفيزيائية إلى وجود مخزون من 5-15 تريليون قدم مكعب من هيدرات الغاز في البحر الأحمر، وهو ما يمكن أن يغطي احتياجات مصر من الغاز لعدة سنوات، وتقدر تكلفة استخراج هيدرات الغاز بين 30 - 60 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية، مقارنة بسعر الغاز الطبيعي المسال البالغ 8 - 15 دولارًا.
وفيما يتعلق بتقنيات استخراج هيدرات الغاز، قال الشربيني إنها تشمل عدة استراتيجيات أبرزها تقنية تخفيض الضغط التي تعتمد على تقليل الضغط في موقع الرواسب مما يؤدي إلى تحرير الغاز المخزون في الهياكل الجليدية وهناك أيضاً تقنية التسخين التي تعتمد على استخدام مصادر حرارية لإذابة الهيدرات وإطلاق الغاز وأخيراً تقنية الحقن الكيميائي التي تستعمل مواد كيميائية مثل الكحول أو الأملاح لتفكيك الروابط داخل الهيدرات وتحرير الميثان.
وعن أهم التحديات التي قد تواجهنا عند استخراج هيدرات الغاز، أشار الشربيني إلى أنه بالرغم من الإمكانيات الواعدة لاستخدام هيدرات الغاز كمصدر للطاقة فإن استخراجها يحمل مخاطر بيئية كبيرة فقد يؤدي اضطراب قاع البحر إلى انهيارات تحت سطحية قد تؤثر على البنية الجيولوجية للمنطقة، كما أن تسرب غاز الميثان إلى الغلاف الجوي قد يسهم في تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري نظراً لأن الميثان من الغازات الدفيئة القوية بالإضافة إلى ذلك قد تؤثر عمليات الاستخراج على التوازن البيئي البحري من خلال تغيير طبيعة الرواسب البحرية والتأثير على الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في هذه البيئات.
ولفت إلى أن مستقبل استغلال هيدرات الغاز في البحر الأحمر يعتمد على تحقيق التوازن بين الحاجة إلى مصادر طاقة جديدة والاستدامة البيئية ويتطلب ذلك تطوير تقنيات استخراج أكثر كفاءة وأقل ضرراً بالبيئة بالإضافة إلى ضرورة إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي قبل الشروع في أي عمليات استخراج واسعة النطاق، ولذا يمكن القول إن هيدرات الغاز في البحر الأحمر تمثل مورداً محتملاً يمكن أن يسهم في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المستقبل ومع ذلك لا تزال هناك تحديات فنية وبيئية تحتاج إلى حلول مبتكرة لضمان استخراج آمن ومستدام لهذه الهيدرات.
الطاقة الحرارية الأرضية في البحر الأحمر
وأوضح السفير مصطفى الشربيني أن البحر الأحمر يمثل بيئة فريدة بفضل وجود فتحات حرارية نشطة ناجمة عن التقاء الصفائح التكتونية، ما يجعله أحد أكثر المواقع الواعدة لاستغلال الطاقة الحرارية الأرضية ويمكن لهذه الطاقة أن تلعب دورًا حاسمًا في توليد الكهرباء من خلال محطات تعتمد على استخراج البخار من باطن الأرض لتشغيل التوربينات، وتوفر هذه التقنية حلاً مستدامًا للطاقة، لكنها تتطلب استثمارات في البحث والتطوير بالإضافة إلى تقنيات حفر متطورة للوصول إلى هذه المصادر الحرارية العميقة، حيث تتميز الطاقة الحرارية الأرضية بأنها خالية من الانبعاثات الكربونية تقريبًا مما يسهم في تقليل البصمة البيئية وتعزيز استدامة قطاع الطاقة.
ونوه الشربيني بأن توزيع الفتحات الحرارية في البحر الأحمر يعتمد على النشاط التكتوني حيث تتركز هذه الفتحات في المناطق التي تتميز بوجود شقوق جيولوجية تسمح للحرارة بالتصاعد من باطن الأرض إلى السطح، وقد أظهرت الدراسات الجيوفيزيائية أن بعض هذه المناطق تحتوي على درجات حرارة مرتفعة تكفي لتشغيل محطات توليد الطاقة الحرارية الأرضية .
وقال السفير مصطفى الشربيني إن معدل الطاقة الحرارية الأرضية العالمي حاليًا، يتم إنتاج 15.9 جيجاوات من الكهرباء عالميًا من الطاقة الحرارية الأرضية، أما إمكانات البحر الأحمر فيمكن أن تصل القدرة الإنتاجية للحرارة الجوفية في المنطقة إلى 500-1000 ميجاوات، وهو ما يعادل محطة نووية صغيرة، وتكلف الطاقة الحرارية الأرضية عالميا بين 4-10 سنتات لكل كيلوواط ساعة، مقارنة بطاقة الفحم (5-7 سنتات) والطاقة الشمسية (2-6 سنتات).
وعن الصعوبات المحتملة لاستخدام هذه التقنية، أشار الشربيني إلى أن الحفر العميق في القاع البحري يعد واحدًا من التحديات الكبرى التي تواجه استخراج الطاقة الحرارية الأرضية من البحر الأحمر إذ يتطلب الأمر تقنيات متقدمة لتحمل درجات الحرارة العالية والضغوط المرتفعة تحت سطح البحر، كما تحتاج عملية نقل الطاقة المولدة إلى تطوير بنية تحتية بحرية معقدة لضمان توصيل الكهرباء بكفاءة إلى شبكات التوزيع البرية..لافتا إلى أنه من أهم تقنيات استخراج الطاقة الحرارية الأرضية نظام البخار الجاف الذي يعتمد على توجيه البخار الجوفي مباشرة إلى التوربينات لإنتاج الكهرباء ونظام البخار السائل الذي يقوم بتسخين سائل آخر ذي نقطة غليان منخفضة لتوليد البخار وإدارة التوربينات بالإضافة إلى أنظمة التبخير الفوري التي تستغل المياه الجوفية ذات الحرارة المرتفعة لإنتاج البخار في الموقع مباشرة .
وتابع الشربيني "يطرح استغلال الطاقة الحرارية الأرضية في البحر الأحمر تحديات بيئية هامة تشمل التأثير على التوازن البيئي البحري بسبب احتمالية تغيير درجة حرارة المياه المحيطة بالفتحات الحرارية بالإضافة إلى احتمال تسرب الغازات من باطن الأرض مما قد يؤثر على جودة المياه البحرية والكائنات الحية التي تعيش في هذه البيئات ومع ذلك يمكن التخفيف من هذه التأثيرات من خلال تبني سياسات بيئية صارمة تضمن استخدام التقنيات الأقل ضررًا وتطبيق معايير الاستدامة في جميع مراحل الاستغلال، ويعد تطوير الطاقة الحرارية الأرضية في البحر الأحمر فرصة هامة لتعزيز استقلال الطاقة في المنطقة من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة وتوفير بدائل نظيفة للوقود الأحفوري، كما يمكن لهذه المشروعات أن تسهم في تحقيق الأهداف المناخية العالمية من خلال تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز التحول نحو الاقتصاد الأخضر، ومن المتوقع أن تلعب الطاقة الحرارية الأرضية دورًا محوريًا في مستقبل الطاقة في المنطقة بفضل التقدم التكنولوجي وتطوير تقنيات استخراج أكثر كفاءة وأقل تأثيرًا بيئيًا".
استغلال الطاقة الحرارية في قاع البحر المتوسط
وأكد السفير مصطفى الشربيني أن البحر المتوسط يتميز بتكوينات جيولوجية غنية بالمصادر الحرارية الأرضية، ما يتيح فرصة استثنائية لإنتاج الطاقة المتجددة ويمكن أن يصبح هذا المشروع أحد الحلول الرئيسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة في المناطق الساحلية المصرية، وتشمل التقنيات المستخدمة الحفر العميق للوصول إلى الخزانات الحرارية الجوفية، والتبادل الحراري بين المياه الباردة والساخنة، بالإضافة إلى استخدام التوربينات الغاطسة التي تستغل التيارات البحرية لتوليد الكهرباء التي توضع في أعماق البحر حيث تستغل الطاقة الحركية للتيارات البحرية وتعمل على تحويلها إلى طاقة كهربائية عبر أنظمة مولدات متخصصة وتساعد هذه التقنية على تحسين استغلال الموارد الطبيعية دون التأثير السلبي على النظام البيئي البحري.
وذكر الشربيني أن العالم يشهد اهتمامًا متزايدًا بالطاقة الحرارية البحرية خاصة في ظل الحاجة المتزايدة لمصادر طاقة نظيفة ومستدامة، وتتجه بعض الدول إلى استثمار مبالغ كبيرة في البحث والتطوير لتقنيات استغلال الطاقة الحرارية في البحار والمحيطات بهدف تعزيز أمن الطاقة والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وبالنسبة لمصر فإن استغلال الطاقة الحرارية في قاع البحر المتوسط يمكن أن يكون خطوة استراتيجية لتأمين مصادر جديدة للطاقة وتقليل انبعاثات الكربون، كما يمكن أن يساهم في دعم الاقتصاد من خلال إنشاء محطات توليد طاقة حرارية بحرية قادرة على تزويد المناطق الساحلية بالكهرباء وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة على المدى البعيد.
وأضاف أنه بالرغم من التحديات التقنية واللوجستية المرتبطة بهذه المشاريع، إلا أن التقدم المستمر في تقنيات الحفر العميق وتطوير أنظمة التوربينات البحرية يفتح آفاقًا جديدة لاستغلال هذه المصادر الحرارية بفعالية ويمكن لمصر الاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال والتعاون مع المؤسسات البحثية والشركات المتخصصة لتطوير مشاريع طاقة حرارية بحرية متكاملة تسهم في تعزيز الاستدامة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل جديدة في قطاع الطاقة المتجددة.
خطوات حاسمة
وأوضح السفير مصطفى الشربيني أن مصر لديها فرصة استراتيجية لتحقيق طفرة اقتصادية من خلال استغلال مواردها الهائلة من الطاقة الحرارية وهيدرات الغاز في البحر الأحمر والبحر المتوسط، إلا أن عدم الاستثمار في هذه الموارد قد يؤدي إلى خسائر جسيمة وفرص ضائعة تؤثر على الأمن الطاقوي والتنمية الاقتصادية، و يمثل خسارة اقتصادية وبيئية وجيوسياسية هائلة، فالاستثمار في هذه الموارد ليس مجرد خيار، بل ضرورة لضمان مستقبل مستدام ومزدهر، وعلى مصر أن تتخذ خطوات جادة في هذا الاتجاه لضمان تحقيق الاستقلال الطاقوي، وتعزيز دورها الإقليمي، وحماية بيئتها، مما سيمكنها من تحقيق نهضة اقتصادية قوية في العقود القادمة، كما يقلل من انبعاثات الكربون، ويوفر فرص عمل جديدة في قطاع الطاقة المتجددة.
وأضاف أنه من الضروري أن تتبنى الحكومة المصرية والوزارات المعنية استراتيجية متكاملة لدعم البحث والتطوير في هذه المجالات، بالتعاون مع المؤسسات البحثية الدولية والشركات المتخصصة ومصر لديها كل المقومات لتصبح رائدة في هذه التقنيات، بالإضافة لضرورة تحفيز القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي من خلال تقديم حوافز ضريبية وتمويلية للشركات المحلية والعالمية للاستثمار في هذه الموارد ودعم الجامعات والمراكز البحثية لتطوير تقنيات استخراج آمنة ومستدامة، وبناء شراكات مع الدول المتقدمة في هذا المجال وتحديث التشريعات لضمان حقوق الاستثمار في الموارد البحرية وتوفير بيئة قانونية مستقرة للمستثمرين والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة ومنها دمج استخدام الطاقة الحرارية مع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى مثل الطاقة الشمسية والرياح لتحقيق مزيج طاقوي مستدام.