يواجه أكثر من 10 ملايين من السودانيين الفارين من الحرب المستمرة منذ 10 أشهر ونحو 15 مليونا من العالقين في مناطق القتال والفاقدين لمصدر دخلهم خطر الجوع، وسط مخاوف متزايدة من تكرار سيناريو المجاعات الكبرى التي عاشها السودانيون وعلى رأسها مجاعة "سنة 6" الشهيرة.

بوجبة واحدة ذات مكونات غذائية فقيرة تقضي أسرة آمنة الحاج يومها في إحدى المدارس الآيلة للانهيار قرب مدينة سنار في وسط السودان، حيث تقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنها ظلت ومنذ فرارها من الخرطوم مع أسرتها المكونة من 7 أشخاص بعد شهر من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع تواجه مصاعب كبيرة في توفير الغذاء لأسرتها المكونة من 7 اشخاص بينهم 4 أطفال دون العشر سنوات.



وأضافت آمنة: "بعد وصولنا إلى مدينة مدني في وسط البلاد كنت أقوم بعرض السلع البسيطة للبيع في السوق، وأستخدم العائد في شراء القليل من الطعام والدواء لابنتي الكبرى المريضة. لكن بعد وصول الفتال إلى مدني وفرارنا مرة أخرى إلى مناطق سنار لم يتبق لي أي مال لأواصل تجارتي البسيطة وأصبحنا نعتمد على الجمعيات الشبابية التي تحاول توفير القليل من الغذاء لآلاف الأسر الفارة من القتال".

وتابعت قائلة: "كنا نسمع عن قصة مجاعة سنة 6 من جداتنا وأجدادنا ولم نكن نتوقع يوما من الأيام أن نعيش تلك القصة على أرض الواقع بعد مرور أكثر من 130 عاما على وقوعها".

ومجاعة "سنة 6" التي تتحدث عنها آمنة هي واحدة من أشهر 4 مجاعات عرفها السودانيون في تاريخهم، ويعود سبب تسميتها نسبة إلى حدوثها في العام الهجري 1306.

ووفقا لتقارير الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى فإن أكثر من 25 مليون سوداني أي نحو 65 في المئة من السكان البالغ عددهم 42 مليون نسمة باتوا بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة.

صعوبات كبيرة تواجه المنظمات الدولية

تجد المنظمات الدولية صعوبات بالغة في توصيل المعونات الغذائية في ظل الأوضاع الأمنية الحالية والنقص الكبير في التمويل البالغ نحو 70 في المئة من المبلغ الفعلي المطلوب والمقدر بنحو 4 مليارات دولار بحسب مكتب تنسيق العمليات الانسانية التابع للأمم المتحدة.

وفي حين تحاول بعض المنظمات الطوعية المحلية تقديم المساعدات الغذائية البسيطة للنازحين والعالقين، إلا أن جهودها تصطدم بعقبة ضيق الإمكانيات والظروف الأمنية الصعبة التي تعيشها معظم أنحاء البلاد.

ومع تطاول أمد الحرب تتراجع قدرة السودانيين على التضامن بسبب تآكل المدخرات وفقدان الملايين من معيلي الأسر مصادر دخلهم حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 8 ملايين من العاملين في القطاعين الحكومي والخاص والأعمال اليومية البسيطة إما فقدوا عملهم بالفعل أو انقطعت رواتبهم لشهور طويلة.

تراجع الإنتاج الزراعي

من المتوقع تراجع الإنتاج الزراعي في البلاد بشكل كبير إذا لم يتم الوصول إلى حل ينهي الحرب، وذلك لأن معظم المشاريع الكبرى التي تشكل نحو 80 في المئة من الإنتاج الزراعي في البلاد تقع بمناطق إما تشهد قتالا مستمرا أو مرشحة لتصبح ساحة للقتال.

ويحذر الخبراء من خطورة وضع الأمن الغذائي في ظل التوقعات بخروج مساحات كبيرة من مشاريع النيل الأبيض ومشروع الجزيرة -أكبر مشروع زراعي في البلاد- عن دائرة الإنتاج.

وفي هذا السياق قال الخبير الاقتصادي محمد شيخون لموقع "سكاي نيوز عربية": "السودان يملك أكثر من 180 مليون فدان صالحة للزراعة، لكن النسبة الأكبر من تلك المساحات لم تستغل بالشكل المناسب مما أضاع فرصة توفير أمن غذائي مستمر".

ويرى شيخون أن نقص التمويل سيكون أحد الأسباب المهمة التي يتوقع أن تؤدي إلى المزيد من التدهور في القطاع الزراعي، حيث تراجعت بسبب الحرب موجودات البنوك السودانية المقدرة بنحو 45 تريليون جنيه بمقدار النصف بعد أن فقدت العملة الوطنية أكثر من 50 في المئة من قيمتها خلال الفترة الأخيرة حيث يجري تداول الدولار الواحد حاليا بنحو 1100 جنيه مقارنة مع 600 جنيها قبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل والتي خرج عن الخدمة بسببها أكثر من 70 في المئة من فروع البنوك العاملة في البلاد والبالغ عددها 39 بنكا حكوميا وتجاريا.

أبرز المجاعات في السودان

● مجاعة "سنة 6": سميت هذه المجاعة بمجاعة سنة ستة لوقوعها في العام 1306 هجري، الموافق للعام 1888. وتعود أسباب هذه المجاعة التي حصدت أرواح مئات الآلاف من السكان والماشية إلى انشغال معظم المزارعين بالأعمال القتالية إضافة إلى حدوث موجة جفاف كبيرة شملت تأثيراتها كافة مناطق البلاد.
● مجاعة 1985: تزامنا مع أسوا موجة جفاف ضربت بلدان شرق إفريقيا، شهد السودان في العام 1985 واحدة من أكبر الكوارث الغذائية في العالم ونتجت عنها خسائر بشرية ضخمة.
● مجاعة 1988: صاحبت موجة السيول والفيضانات العارمة التي ضربت أجزاء واسعة من السودان أزمة غذائية حادة حيث غمرت مياه السيول مساحات زراعية واسعة وعطلت الإنتاج في معظم أنحاء البلاد.
● مجاعة 1998: تسببت الحرب التي كانت مشتعلة في الجنوب في نقص حاد في الغذاء أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من السكان، وكانت منطقة بحر الغزال التي أصبحت لاحقا جزءا من دولة الجنوب المنفصلة في العام 2011 هي أكثر المناطق تضررا حيث مات فيها وحدها أكثر من 70 ألف شخص.

الخرطوم- سكاي نيوز عربية  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی المئة من فی البلاد فی العام أکثر من

إقرأ أيضاً:

الراصد الجوي “المنذر” يحذر السودانيين بالمحروسة: (الشتاء المقبل في مصر سيكون الأشد قسوة وقد تصل درجة الحرارة تحت الصفر وربما نشاهد الصقيع) ومتابعون: (شقاوتنا شقاوة نطير وين تاني)

حذر الراصد الجوي السوداني الشهير المنذر أحمد الحاج الآلاف من مواطنيه النازحين والمقيمين في دولة مصر العربية.

وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد حذر الراصد الجوي من فصل الشتاء القادم بمصر والذي يتوقع أن يكون الأشد قسوة.

وكتب المنذر: (الشتاء المقبل في مصر سيكون الأشد قسوة وربما تصل درجة الحرارة الصغرى إلى صفر أو تحت الصفر).

وتابع: (نبهت بعض مواقع الطقس فى مصر بان شتاء ٢٠٢٤_٢٠٢٥ سيكون الاشد قسوة ومتوقع إنخفاض كبير جدا فى درجات الحرارة الصغرى والكبرى وربما نشاهد الصقيع فى مناطق من شمال مصر ونصحت جميع المواطنين بأخذ الاحتياطات اللازمة.. والله تعالى اعلم).

ووفقاً لمتابعات محرر موقع النيلين لتعليقات السودانيين المتواجدين بمصر, فقد قابل البعض الخبر بخوف كبير مع تعليقات ساخرة على شاكلة: (شقاوتنا شقاوة نطير وين تاني).

محمد عثمان _ الخرطوم

النيلين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تداعيات الحرب.. نزوح أكثر من نصف مليون شخص في لبنان
  • استعراضان لكتاب “مصر والصراع على السلطة منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الناصرية”
  • “درة النيل”.. جنة تحترق بلهيب الحرب في السودان
  • “فلسطين 2″صناعة يمنية بامتياز
  • سيناريو مجزرة "المعمدانى" بقطاع غزة يتكرر فى لبنان…الاحتلال الإسرائيلي يواصل غاراته على الجنوب اللبنانى.. و3 مستشفيات تخرج عن الخدمة
  • الحرب والوطنية وضياع المصالح
  • “أوتشا”:أكثر من 5 ملايين شخص في غرب ووسط أفريقيا تضرروا من الفيضانات
  • الحليمي لـRue20: إحصاء المغاربة كلف 150 مليار ضمنها اللوحات الإلكترونية التي كلفت 14 مليار
  • الراصد الجوي “المنذر” يحذر السودانيين بالمحروسة: (الشتاء المقبل في مصر سيكون الأشد قسوة وقد تصل درجة الحرارة تحت الصفر وربما نشاهد الصقيع) ومتابعون: (شقاوتنا شقاوة نطير وين تاني)
  • ‏السيناتور كونز: “حان الوقت لكي يتحرك الكونغرس بشأن السودان