فلسطينيات تحلقن رؤوسهن بسبب ندرة المياه في غزة.. غسل الشعر رفاهية
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
عمدت نسوة فلسطينيات إلى حلق شعورهن بسبب ندرة المياه المتوفرة لغسله، ما أجبرهن على حلاقته تفاديا للإصابة بالأمراض الجلدية والفطريات، حسبما كشف تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
ويسري الأمر بالطبع على الرجال والصبية، لنفس السبب، كما يقول التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد".
وينقل التقرير قصة امرأة فلسطينية تدعى نسرين، وتبلغ من العمر 49 عاما، وهي أم لستة أطفال، وتقول إنها اضطرت إلى مغادرة منزلها في خان يونس في 13 كانون الأول/ديسمبر، مع اشتداد الغزو البري الإسرائيلي للمدينة.
وقد لجأت منذ ذلك الحين إلى مدرسة قريبة تابعة للأمم المتحدة، ثم إلى خيمة مؤقتة، مع قلة إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب أو مياه التنظيف.
اقرأ أيضاً
كاتبة أمريكية لمؤيدات بايدن: نساء غزة أحق بنضالكن من أجل الحقوق الإنجابية
حلق الشعر تفاديا للأمراض الجلديةوقالت المرأة لموقع "ميدل إيست آي" من خيمتها في منطقة المواصي: "اضطررت إلى حلق رأسي، لأنه ليس لدي ماء لغسل شعري".
وأضافت: "لقد فعلت الشيء نفسه أيضًا مع ابنتي البالغة من العمر 16 عامًا وابني البالغ من العمر 12 عامًا لحمايتهم من أمراض فروة الرأس حيث أصيب أصدقاؤهم بسعفة فروة الرأس".
وتابعت: "حلق الرأس قرار مؤلم لأي امرأة، ولكننا مجبرون على القيام به".
ويقول التقرير إنه قبل الحرب كان أكثر من 96% من إمدادات المياه في غزة تعتبر "غير صالحة للاستهلاك البشري"، بسبب الحصار الإسرائيلي على غزة منذ عام 2007.
اقرأ أيضاً
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: مقتل أُمّـيْن كل ساعة في غزة
قطع إمدادات المياهلكن الوضع تفاقم بعد قرار الحكومة الإسرائيلية بقطع إمدادات المياه عن قطاع غزة بأوامر من وزير الطاقة إسرائيل كاتس في 9 أكتوبر.
بالإضافة إلى ذلك، استولى جيش الاحتلال الإسرائيلي على غالبية محطات تحلية المياه في الجزء الشمالي من غزة بحلول 30 أكتوبر/تشرين الأول، وفي الجزء الجنوبي من مدينة غزة بحلول 1 نوفمبر/تشرين الثاني، وفقًا لصور الأقمار الصناعية الصادرة عن Planet Labs PBC.
وقالت نسرين: "ليس لدينا مياه جارية ضرورية للتنظيف والاستحمام وغسل الملابس".
وأضافت، وهي تصف حياتها قبل الحرب: "كنت أقضي ثلاث أو أربع ساعات في الطابور، في انتظار ملء جالون من الماء من بئر في منزل جيراننا لاستخدامه في التنظيف".
وفي مدرسة الشيخ جابر التابعة للأمم المتحدة، حيث كانت تأوي قبل أن تنتقل إلى خيمتها الحالية، كان الوضع رهيباً.
اقرأ أيضاً
حرب غزة.. معاناة نساء القطاع مفزعة وأحوالهن تهدد مستقبله
الاصطفاف أمام المراحيضوقالت: "لقد اصطفينا لساعات لاستخدام المراحيض، ولم لكن لم يكن لدينا ما يكفي من الماء للاستحمام ولا الشامبو."
لكن نسرين اضطرت إلى الهروب من المدرسة بعد أن اقتربت دبابات الاحتلال من المنطقة وألقت منشورات للنازحين لإخلاء المدرسة.
والآن، عندما تحصل على بعض الماء، تقول نسرين إنها تستخدمه للطهي أو الشرب.
وأضافت: "الشرب والبقاء على قيد الحياة هو بالطبع أولوية أعلى من غسل الشعر".
وأوضحت أن الماء الوحيد المتاح للغسيل والاستحمام هو مياه البحر.
اقرأ أيضاً
معاناة متفاقمة لحرب غزة.. الفلسطينيات يكافحن للعثور على منتجات الصحة الشخصية
المياه "سلاح حرب"وتقول زينب الشواف، طبيبة عامة من رفح، إن عدم العناية بالشعر وغسله قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض مثل الثعلبة، وسعفة فروة الرأس، والالتهابات البكتيرية، مما يؤدي في النهاية إلى ظهور خراجات الشعر.
وقالت لموقع "ميدل إيست آي": "تنبع هذه الأمراض من عدم كفاية ممارسات النظافة والعناية بالشعر، ونقص العناصر الغذائية الأساسية مثل حمض الفوليك والكورتيزون، وتدهور الصحة النفسية والعقلية للأشخاص المتضررين".
وأضافت: "هذه الأمراض تسبب الحكة، مما يؤدي إلى اعتلال الغدد الليمفاوية وخلق بيئة رطبة تساعد على نمو البكتيريا، مما يؤدي إلى ظهور القيح في فروة الرأس والمزيد من تساقط الشعر".
وتشير الشواف إلى أن النقص في الأدوية في قطاع غزة يزيد من تفاقم المشكلة، مردفة: "لدينا فقط أدوية مضادة للجراثيم واسعة النطاق متاحة لمختلف الأمراض. ليس لدينا أي أدوية لعلاج القمل المنتشر بين الأطفال مثلاً".
اقرأ أيضاً
حقوقي فرنسي: الوضع في غزة أشد خطورة من سربرنيتسا
بدورها، حذرت منظمة الصحة العالمية من خطر انتشار الأمراض المعدية في غزة نتيجة استهلاك المياه الملوثة، إلى جانب اكتظاظ مراكز إيواء النازحين وانهيار النظام الصحي بشكل عام.
وقالت المنظمة إن قرار إسرائيل بقطع إمدادات الوقود عن القطاع أدى إلى إغلاق محطات تحلية المياه وتعطيل جميع عمليات جمع النفايات الصلبة، مما خلق بيئة خصبة للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض.
وحذرت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من أن "المياه تستخدم كسلاح حرب" خلال الصراع الحالي.
المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة فلسطينيات المياه في غزة حرب غزة حصار غزة حلق الشعر نساء غزة میدل إیست آی فروة الرأس اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
الموتى أيضا يضحكون
بقلم : هادي جلو مرعي ..
تمر الشعوب بتجارب مرة واحدة منها تجربة الجوع، أو الحرمان من الطعام بمايكفي للطمأنينة. في سنوات مرت حوصر العراق بقسوة، كانت الأمور معقدة، وكان مايصل البلاد من مواد غذائية محدودا بفعل العقوبات والحرب، وكانت تلك المواد شحيحة وغالية، وقد لاتتوفر، وربما نسيناها، وفي مرة دعاني وصديق هاجر لاحقا الى كندا وبقي هناك صديق لنا كان يملك محلا تجاريا ليشتري لنا موزتين كأنها مزتين كما يطلق المصريون على المرأة المربربة والمليانة بمايكفي لملء العين، مع بقاء الرغبة الجامحة مع الحرمان، وأتذكر أن سعر الواحدة كان دينارا وربع الدينار من محل فواكه في منطقة الكسرة، وكان راتب بعض الموظفين ثلاثة آلاف دينار، ولم أعد استوعب فكرة كيف تجاوزنا تلك السنين، ثم علمت إن الموز في بعض بلدان الكاريبي التي زرتها يتكدس لكثرته ويفسد.
عرفت بعض الأصدقاء الذين كانوا يتلصصون في بعض الأحياء السكنية لمعرفة من الميت الجديد، فهناك مراسيم دفن، ورحلة الى المقبرة البعيدة، وتكريم لمرافقي الجنازة من المشيعين، ونوع الطعام الذي سيقدم لهم في طريق العودة، وكان معتادا وجود مطاعم تقدم وجبة كباب ليست إستثنائية، مع وفرة من مادة السماق الحامض التي تزيد من لذة الكباب، وبعض أرغفة الخبز الحار، ثم مراسيم تلقي العزاء، وهنا يختلف الطعام. فلم يعد الكباب مقبولا لأن عادة الناس تناوله في المطاعم، ويتم تقديم وجبات على الغداء والعشاء تتكون من الرز والمرق الأصفر الذي تضاف إليه مطيبات، والثريد وعادة مايتم وضع لحم الخروف عليه، وتكون رائحته شهية، ويغري المعزين بالبقاء سواء كانوا أغرابا، أو من المقربين.
صديق وأصدقاء كانوا يظهرون الحزن والفجيعة كذبا، ويسيلون دموعهم ليضللوا ذوي الراحل، ثم يصرون على مرافقة الجنازة حتى المثوى الأخير، وعادة لاتربطهم صلة بالراحل العزيز، وكان جل تفكيرهم تناول وجبة الكباب في طريق العودة، حيث يجلسون في أحد المطاعم، ويقدم لهم الكباب لتزداد كمية الحزن لديهم، ثم يشعر ذوي الراحل بالفخر والزهو إنهم لم يقصروا مع المرافقين قبل عودتهم، وعند الوصول الى الحي السكني يجدون سرادق العزاء نصبت، والعشاء مجهزا كما ينبغي. بالطبع كان الصديق وهو يظهر الحزن الشديد حريصا على تناول الكباب، وعدم ترك شيء منه على المائدة، ومعه الخبز، والبصل والطماطم المشوية والخضار، فيشعر الجميع إن الحزن قد ترسخ كما ينبغي، وتكون حالة الرضا كاملة.
في ظهيرة اليوم التالي يصر الصديق على الحضور مبكرا، ومعه مجموعة من الأصدقاء، فيشاركون ذوي الميت العزاء، ويجلسون ليشربوا الشاي، ويتحدثون في مواضيع شتى، ثم يدخنون السجائر المجانية، ويتجهزون لتناول الطعام، ويتفقون على التضامن معا للوقوف على طاولة واحدة يحيطونها من جهاتها الأربع، ويتسابقون على تناول الطعام، والحرص على عدم إبقاء شيء منه، في هذا الأثناء يكون الميت قد أنهى الليلة الأولى من التحقيق الذي خضع له من قبل الملائكة، وعندما يتحول الى عالم الإنتظار في البرزخ تنتابه نوبة من الضحك، وهو يرى مايفعله هولاء حيث يتناولون طعامهم، ويبتكرون حيلا جديدة للمشاركة في العزاء، وإظهار الحزن والتأثر، فكأن الميت يموت من الضحك وهو يتابع تلك المشاهد التي تختلط فيها الكوميديا بالتراجيديا..