زيارة بلينكن الأخيرة تسلط الضوء على التوترات بين واشنطن وتل أبيب
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفيين زولان كانو يونغز وباتريك كينغسلي قالا فيه إنه في الوقت الذي كان يجلس فيه وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع، كان المسؤولون الأمريكيون والعرب يعبرون عن تفاؤل حذر بشأن الاقتراح الأخير من حماس لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ولكن بعد ساعات فقط من التحدث إلى بلينكن، بدا نتنياهو أكثر تصميما على إيصال رسالة نارية تستهدف جمهوره المحلي. وبدلا من الظهور جنبا إلى جنب في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية بعد لقائهما يوم الأربعاء – كما هو معتاد في مثل هذه الرحلات – استبقه نتنياهو. وفي اجتماعه مع الصحفيين على انفراد، ندد بالاقتراح ذاته الذي اعتبره الأمريكيون مدخلا محتملا لحل تفاوضي.
وقال نتنياهو: "إن الاستسلام لمطالب حماس السخيفة – التي سمعناها للتو – لن يؤدي إلى تحرير الرهائن، ولن يؤدي إلا إلى مذبحة أخرى". بعد ذلك بوقت قصير، قدم بلينكن تقييمه الخاص، والأكثر دقة، لعرض حماس في مؤتمر صحفي في القدس، قائلا إنه على الرغم من أن العرض "لا يحتوي على نقاط واضحة"، فإنه يترك أيضا مساحة للتوصل إلى اتفاق.
يوم الخميس، عندما أنهى بلينكن زيارته الخامسة للشرق الأوسط خلال الأشهر الأربعة منذ بدء الحرب في غزة، كان من الواضح أن العلاقات بين إدارة بايدن و نتنياهو أصبحت مشحونة بشكل متزايد. وأثار ذلك تساؤلات حول مدى طول العملية للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع.
ويحاول بلينكن ضمان وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، وفي نهاية المطاف، عملية سلام أوسع في المنطقة. لكن يبدو أن إحدى العقبات التي واجهته خلال زيارته كانت الضغوط السياسية الداخلية الكبيرة التي تواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وحاول بلينكن أن ينقل إلى نتنياهو أن الولايات المتحدة، بالعمل مع حلفائها العرب، تقدم حوافز كبيرة للتوصل إلى اتفاق سلام. وتشمل هذه الانفتاح على المساعدة في إعادة بناء غزة، فضلا عن احتمال إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين "إسرائيل" والسعودية، وهي قوة إقليمية، إذا وافق الإسرائيليون على عملية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية وتشمل الحكم الفلسطيني لغزة.
ولكن إذا أعطى نتنياهو الأولوية لجمهوره المحلي في المفاوضات مع حماس، فقد ينفذ صبر الزعماء العرب الذين يشعرون بالإحباط المتزايد بسبب العدد المتزايد من القتلى المدنيين الفلسطينيين في غزة.
وقال بلينكن: "سيكون الأمر متروكا للإسرائيليين ليقرروا ما يريدون القيام به، ومتى يريدون القيام به، وكيف يريدون القيام به. لن يتخذ أحد هذه القرارات نيابة عنهم. كل ما يمكننا فعله هو أن نبين ما هي الاحتمالات، وما هي الخيارات، وما يمكن أن يكون عليه المستقبل، ومقارنته بالبديل. والبديل الآن يبدو وكأنه حلقة لا نهاية لها من العنف والدمار واليأس".
وعلى الرغم من المكافآت المحتملة لاتفاق السلام، بدا نتنياهو عازما على المضي قدما في الحرب.
عادت التوترات الأمريكية الإسرائيلية إلى الظهور بعد أن استجابت حركة حماس لخطة لإنهاء الأعمال العدائية التي وضعتها الولايات المتحدة و"إسرائيل" ومصر وقطر.
ودعت حماس "إسرائيل" إلى الانسحاب من غزة، وإنهاء حصارها الطويل الأمد للقطاع، وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة إسرائيلية في غزة. وتحتجز "إسرائيل" أكثر من 9000 سجين فلسطيني، وفقا لمنظمة "هاموكيد" الحقوقية الإسرائيلية، نقلا عن بيانات قدمتها خدمة السجون الإسرائيلية.
وبعد ساعات فقط من لقائه بالوزير بلينكن، رفض نتنياهو شروط حماس لأن "إسرائيل" لا تريد الانسحاب بالكامل من غزة أو السماح لحماس بالاحتفاظ بأي سيطرة على المنطقة.
ويدرس نتنياهو أيضا رد فعل الجمهور الإسرائيلي، الذي ترى أجزاء كبيرة منه أن هزيمة حماس هي أولوية أعلى الآن من صفقة الرهائن. ويتعين عليه أيضا تهدئة الجناح اليميني المتطرف في ائتلافه، الذي هدد بالانسحاب من الحكومة، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى الإطاحة به.
وقد هدد شريكه اليميني المتطرف في الائتلاف ووزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، مؤخرا بالاستقالة إذا تفاوض نتنياهو على اتفاق مع حماس يحرر الرهائن لكنه يسمح للجماعة بالاحتفاظ بالسلطة.
قال نادر هاشمي، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون: "بينما يدعي نتنياهو أنه يدافع عن مصالح الأمن القومي الإسرائيلي في غزة، فإن لدى نتنياهو حافزا شخصيا لمواصلة هذه الحرب وتوسيع نطاقها، إن أمكن، مع العلم أنه بمجرد انتهاء هذه الحرب، سيصل يوم حسابه مع الشعب الإسرائيلي وستنتهي حياته المهنية أيضا".
وقال هاشمي: "لقد أشرف على الأمن القومي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وسيطالب الإسرائيليون بالمحاسبة عما حدث.. هذا يعقد المفاوضات بين بلينكن وبيبي [لقب نتنياهو] وقد يخرج المفاوضاتلوقف إطلاق النار مع حماس عن مسارها تماما".
وقد رفض نتنياهو الادعاءات القائلة بأنه سمح للاعتبارات الشخصية بأن تحل محل المصالح الإسرائيلية. وردا على طلب للتعليق، قال مكتبه إن منتقديه في الخارج "لا يدركون أن رئيس الوزراء. يعكس وجهة نظر معظم الإسرائيليين".
ويقول مسؤولو إدارة بايدن إن المفاوضات ستستمر في الأيام المقبلة، وقال بلينكن إنه لا يزال يعتقد أنه يمكن أن يكون هناك توافق في الآراء. وعلى الرغم من تصريحات نتنياهو في اليوم السابق، أشار مسؤولون إسرائيليون يوم الخميس إلى أن "إسرائيل" لا تزال منفتحة على التفاوض.
وقال ميكي زوهار، الوزير الحكومي، في مقابلة إذاعية صباح الخميس: "هناك اتفاق بين أعضاء الائتلاف الحاكم، وخاصة بين أعضاء الحكومة، على أنه يتعين علينا استعادة الرهائن والتوصل إلى اتفاق".
قال زوهار: "ولكن ليس بأي ثمن. وقف الحرب، على سبيل المثال، لن يوافقوا عليه".
يعتقد القادة الإسرائيليون أن مطالب حماس الأساسية غير مقبولة، ولكن كان هناك مجال للمناقشة إذا بدا العرض وكأنه محاولة افتتاحية، وفقا لمسؤولين حكوميين إسرائيليين تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة مسألة حساسة.
وفي حين أن نتنياهو قد لا يكون قادرا على الموافقة على وقف دائم للقتال أو إطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين، فإنه قد يوافق على إطلاق سراح ما يقرب من 1000 سجين خلال هدنة مدتها شهر، كما قال نداف شتروشلر، المحلل السياسي الذي كان في السابق مستشار الاستراتيجية الإعلامية لنتنياهو.
وقال شتراوشلر إن الهدنة الأطول، كما اقترحت حماس، يمكن أن تصبح دائمة بسهولة، وهو أمر لا يمكن لنتنياهو التعايش معه.
قال شتراوشلر: "لقد ترك النافذة مفتوحة. لقد تم إغلاق الباب، ولكن النافذة لا تزال مفتوحة. ليس من أجل تلك الصفقة التي لا يستطيع قبولها، ولكن من أجل صفقة مختلفة".
وقال آرون ديفيد ميلر، مفاوض السلام في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة ويعمل الآن في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "يواجه نتنياهو قيودا سياسية هائلة في الموافقة على أي شيء يشبه ما تريده حماس على ما يبدو".
وأضاف: "في الواقع، الطرف الوحيد الذي يبدو أنه في عجلة من أمره هو إدارة بايدن. إنهم يريدون تغيير الصورة الكارثية في غزة؛ تخفيف الضغوط السياسية في الداخل ومحاولة إنهاء ذلك بصفقة إسرائيلية سعودية. المشكلة هي، بناء على تجربتي، أن مفاوضات الشرق الأوسط لها سرعتان – بطيئة وأبطأ".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة امريكا غزة الاحتلال عدوان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إطلاق سراح إلى اتفاق فی غزة
إقرأ أيضاً:
غارديان: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلق بخيط رفيع
قالت صحيفة غارديان إن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسبابهما لإسقاط اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بينهما، مما يعني أن على الوسطاء الصادقين أن يبذلوا قصارى جهدهم لإبقائه على قيد الحياة.
وأوضحت الصحيفة -في زاوية الكاتب سيمون تيسدال- أن الظهور المتحدي لمقاتلي حماس المدججين بالسلاح أثناء تسليم 3 محتجزات إسرائيليات إلى الصليب الأحمر يوم الأحد كان بمثابة تذكير سيئ، بأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه الأسبوع الماضي معلق بخيط رفيع، وقد ينكسر في أي لحظة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2يديعوت أحرونوت: 3 قضايا غير قابلة للتفاوض بالنسبة لإسرائيلlist 2 of 2غارديان: تنصيب ترامب.. الخوف والانقسام وواجهة الشعبوية القوميةend of listورأى الكاتب أن المشكلة الأساسية في المستقبل، هي أن نتنياهو الذي ظل رهينة لحلفائه من اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي، والذي قاوم لعدة أشهر نفس المقترحات التي قدمها الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في مايو/أيار، لا يريد أن تستمر الهدنة، ولكنه كان مجبرا على موافقة محدودة، ربما تكون نابعة من عدم رغبته في إفساد حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن.
وقبل أن يجف حبر الاتفاق تقريبا، ورد أن نتنياهو كان يطمئن الوزراء الساخطين بأن وقف إطلاق النار مؤقت وأنه لا ينوي احترام شروطه بالكامل، ويقال إنه وعد المتشدَدين إيتمار بن غفير الذي استقال احتجاجا، وبتسلئيل سموتريتش الذي يهدد بذلك، بأنه سيستأنف الحرب قريبا.
إعلانوكتب المحلل في صحيفة هآرتس أمير تيبون قائلا "إن نتنياهو لديه طريقتان لإغراق الاتفاق وإيجاد ذريعة لتجديد الحرب، فالخيار الأول هو تعطيل مفاوضات المرحلة الثانية وإضاعة الوقت، كما فعل عدة مرات لفريق بايدن، والخيار الثاني هو إثارة العنف في الضفة الغربية كأحد المحفزات المحتملة لإستراتيجية التخريب، والزعم أن حماس لا تمتثل للاتفاق، كما فعل في نهاية الأسبوع، مما أدى إلى تأخير بدء وقف إطلاق النار لعدة ساعات.
خيار مصيري
ويواجه نتنياهو خيارا مصيريا لأن تخليه عن وقف إطلاق النار قد يهدئ اليمين ويحافظ على تماسك ائتلافه ويبقيه في السلطة ويجنبه التحقيق في سياسته مع حماس قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولكن خيار السلام يعرضه لغضب اليمين المتطرف وانهيار حكومته وإجراء انتخابات مبكرة.
وبما أن 60% إلى 70% من الناخبين الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب، فمن الممكن أن يتخذ نتنياهو الاختيار الصحيح، ويكسر عادته سياسية، لأن السلام الدائم من شأنه أن يسمح لترامب بالتركيز على مشروعه المفضل، وهو تطبيع علاقات إسرائيل مع المملكة العربية السعودية وعزل إيران لاحقا بوسائل غير عسكرية.
بَيد أن المشكلة -حسب رأي الكاتب- هي أن حماس وحلفاءها من مسلحي الجهاد الإسلامي في غزة لا يريدون أن يستمر وقف إطلاق النار، كما يظهر من استعراض القوة الذي قامت به حماس يوم الأحد الذي أرسل رسالة استفزازية مفادها أن حماس نجت، وأنها لا تزال تسيطر على المحتجزين الباقين، وأنه لا سلطة وريثة حتى الآن في غزة.
وحمّل سيمون تيسدال نتنياهو جزءا من اللوم لرفضه مناقشة خطط "اليوم التالي" طوال فتر الحرب، وقال إن الأمن داخل غزة قد يصبح قضية بالغة الأهمية مع عودة عشرات الآلاف من النازحين والجياع إلى منازلهم المحطمة وأحيائهم المدمرة وبدء محاولاتهم لاستعادة حياتهم.
إعلانكما يمكن أن تبدأ حماس بسرعة في إعادة بناء قدراتها العسكرية بعد الضربة التي تلقتها، وقد أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن "لقطات مقاتلي حماس قدمت تذكيرا صارخا بأن الجماعة الإرهابية -حسب وصفها- لا تزال مسؤولة عن غزة"، وقالت الصحيفة إن المسؤولين الإسرائيليين يقدّرون أن اثنتين من كتائب حماس لا تزالان تعملان.
وخلص الكاتب إلى أن زعماء إسرائيل وحماس إذا قرروا العودة للحرب مرة أخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة، فقد لا يكون هناك من يوقفهم رغم أن معظم الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم الذي يراقب يتوقون إلى السلام.