جنيف - صفا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن "إسرائيل" تواصل استهداف ما تبقى من المنظومة الصحية في قطاع غزة، وتعطيل أي قدرة لديها لإنقاذ حياة الفلسطينيين باستمرارها القصف المباشر وإطلاق النار على المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية، مع بدء الشهر الخامس على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد القطاع.



وأوضح الأورومتوسطي في بيان له، اليوم الجمعة، أنه وثق في الأيام الماضية العديد من الهجمات العسكرية الإسرائيلية الخطيرة، التي نتج عنها تعطيل العودة الجزئية لعمل المستشفيات، خاصة في مدينة غزة وشمالها، والتي تأتي في إطار هجوم "إسرائيل" واسع النطاق الذي طال القطاع الصحي بمكوناته المختلفة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وأشار إلى أن فرقه وثقت مقتل المسعف في الهلال الأحمر الفلسطيني "محمد العمري"، وإصابة مسعفين آخرين بجروح، أحدهما في الصدر والآخر بشظايا في العين، جراء تعرضهما مساء الأربعاء الموافق 7 شباط/فبراير لإطلاق نار مباشر من قناصة الاحتلال في مدينة غزة، خلال مهمة عمل لإجلاء جرحى من مستشفيات مدينة غزة إلى منطقة الجنوب، رغم حصولهم على التنسيق الذي تشترطه "إسرائيل" بشكل مسبق لمرور هذه المهمات.

ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى أن الاحتلال قصف بشكل مباشر مبنى التنمية في مجمع "الشفاء" الطبي في وقت متأخر من اليوم ذاته، ليقتل خمسة من النازحين، مؤكدًا أن الغارات وعمليات القصف الإسرائيلي التي استهدفت المجمع الطبي ومحيطه، بما في ذلك إلقاء منشورات تطالب السكان بإخلاء المنطقة، سيترتب عليه إخراج هذا المستشفى عن العمل وتعطيل أي محاولة لاستئناف عمله، خاصة وأنه كان قد شهد في تشرين ثانٍ/نوفمبر الماضي هجمات عسكرية إسرائيلية واسعة بالقصف والاقتحام والتدمير المتعمد لمبانيه وأقسامه ومعداته.

وأكد الأورومتوسطي أنه وثق تعرض مستشفى "العودة" شمالي قطاع غزة للاستهداف مرتين هذا الشهر بالقصف المدفعي وإطلاق النار، مشيرًا إلى أن هذه الاستهدافات تأتي في وقت ما تزال "إسرائيل" تعرقل فيه وصول الإمدادات الطبية والوقود اللازم لعملها، حتى بالحد الأدنى.

وأضاف الأورومتوسطي أن وضع المستشفيات في جنوب وادي غزة ليس أحسن حالاً، مشيرًا في هذا الإطار إلى أن القوات الإسرائيلية، ومنذ 22 كانون ثانٍ/يناير الماضي، تحاصر وتستهدف بإطلاق النار والقذائف مستشفيي "الأمل" و"ناصر" في خانيونس، وهما شبه معطلان عن العمل، في حين اقتحمت مستشفى الخير غرب مخيم خانيونس، وقتلت عددًا من المرضى والنازحين الذين كانوا داخله، واعتقلت آخرين، وأجبرت البقية، بمن فيهم مرضى، على الخروج وهم في حالة صحية سيئة دون تأمين أي وسيلة خروج آمنة، وأجبروهم على الخروج من بين الدبابات وإطلاق النار.

وأشار في هذا الصدد إلى مقتل نازح مساء أمس الخميس برصاص أطلقته طائرات "كواد كابتر" المسيرة تجاه مستشفى "ناصر" بينما كان على سطح المبنى لمحاولة التقاط إشارة الإنترنت للتواصل مع ذويه بعد تقطع السبل بينهم، في وقت لم يكن يشكل فيه أي خطر أو تهديد.

إلى جانب ذلك، أصيب ممرض بجروح خطيرة برصاص قناصة الاحتلال المتمركزين في محيط مستشفى "ناصر"، فيما قُتلت قبل يومين طفلة على بوابة المستشفى خلال محاولتها الخروج للحصول على الماء.

ويوجد في مجمع "ناصر" الطبي 300 عنصر من الكوادر الطبية و450 جريحًا وعدة آلاف من النازحين، ويعاني من نقص حاد في أدوية التخدير والعناية المركزة والمستلزمات الجراحية، بينما يمنع جيش الاحتلال حركة سيارات الإسعاف ويعيق وصول الجرحى والمرضى إليه.

أما مستشفى "الأمل" في خانيونس، التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فرغم إخلائه من غالبية النازحين، إلاّ أن قوات الاحتلال واصلت استهدافه بالقصف وإطلاق النار، فيما تمنع إمداده بالوقود والأكسجين، الأمر الذي تسبب بتوقف قسم الجراحة.

ويذكر الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال أمر في 5 شباط/فبراير الجاري بإخلاء المستشفى بعد استهدافه عسكريًّا وحصاره مدة 15 يومًا متواصلة، ما أدى إلى إجبار حوالي 8000 شخص على النزوح الفوري، دون أن تكون لهم أي وجهة أخرى معلومة يتخذونها ملجأ، فيما بقي أربعون نازحًا فقط من كبار السن، بالإضافة إلى حوالي 80 مريضًا وجريحًا و مائة من الطواقم الإدارية والطبية.

كما أصيب الأربعاء الماضي الموافق 7 شباط/فبراير مريض بعيار ناري وهو على سرير المستشفى، وأصيب مرافقه بعيار ناري آخر أطلقه جنود الاحتلال.

يُذكر أنه يتواجد في المستشفى أكثر من 200 شخص من المرضى والطواقم الطبية والإدارية.

في الوقت ذاته، ما يزال مصير أفراد فريق إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني، "يوسف زينو" و"أحمد المدهون" اللذان توجها لإنقاذ الطفلة "هند رجب" (6 أعوام) مجهولًا منذ 30 كانون ثانٍ/يناير الماضي، علمًا أنه تم التنسيق المسبق لمهمة إجلاء الطفلة التي كانت محاصرة في مركبة قتل فيها عدد من أفراد أسرتها بعد تعرضهم لإطلاق نار من الدبابات التابعة لقوات الاحتلال، وسبق أن نشرت جمعية الهلال الأحمر تسجيلًا لمناشداتها الوصول لها وإنقاذها.

والثلاثاء الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال المتطوعين في الهلال الأحمر الفلسطيني "تامر محمد حسين شاهين" و"حمدان سامر أبو خاطر" أثناء مرورهما على حاجز عسكري أقيم لإجلاء النازحين من مستشفى "الأمل"، في وقت يواصل فيه الاحتلال اعتقال أكثر من 100 من الطواقم الطبية، بمن فيهم مدراء ثلاثة مستشفيات وتخفيهم قسرًا منذ اعتقالهم.

يكرر المرصد الأورومتوسطي إدانته الشديدة للانتهاكات الصارخة التي مارستها "إسرائيل" وما تزال ضد الطواقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف، والتي تتمتع جميعها بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي، وبخاصة اتفاقيات جنيف، التي تحظر مهاجمة المستشفيات وطواقمها ومركباتها بأي حال من الأحوال، وتنص على وجوب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات. كما لا يجوز، وفقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية إلا إذا استخدمت، خروجًا على واجباتها الإنسانية، في القيام بأعمال تضر العدو، وكانت "إسرائيل" قد فشلت كل مرة في تقديم أية أدلة تثبت صحة ادعاءاتها المتكررة في هذا السياق.

كما يحظر القانون الدولي الإنساني مهاجمة عمليات نقل الجرحى والمرضى المدنيين والعجزة والنساء النفاس، وجعل لها حماية خاصة على قدم المساواة مع المستشفيات، ويوجب احترامها وحمايتها في كل الظروف.

ويشير الأورومتوسطي إلى أنه يخشى أن يكون ما يجري من استهداف وحصار وعرقلة لعمليات المنظومة الصحية هو عملية إسرائيلية متعمدة لتقويض فرص نجاة وحياة الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الصحية والطبية، وتأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تواصل ارتكابها منذ 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي.

ويشدد المرصد الأورومتوسطي على أن تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقًا للقانون الدولي، تشكل كذلك جرائم حرب قائمة بحد ذاتها، وذلك وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ويدعو المرصد الأورومتوسطي إلى فتح تحقيق دولي مستقل بشكل عاجل بشأن جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها "إسرائيل" على نحو منهجي وواسع النطاق ضد المستشفيات والكوادر الطبية ووسائط النقل الطبي في قطاع غزة، بالإضافة إلى تحويل العديد من المستشفيات إلى ساحات إطلاق النار وعمليات قتل متعمدة وخارجة عن نطاق القانون والقضاء، والحرمان للفلسطينيين جميعًا في القطاع من حقهم في الصحة، وإبقائهم بلا علاج وعناية، حتى أولية، ما يلحق مخاطر جسيمة على حياتهم، وسلامتهم الجسدية والنفسية.

كما يدعو المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى ضرورة العمل على محاسبة مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات، ومن أصدر الأمر بها، على كل المستويات القضائية المتاحة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية وكذلك أمام محاكم الدول التي تأخذ محاكمها بالاختصاص القضائي العالمي.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الأقصى الأورومتوسطي غزة الهلال الأحمر الفلسطینی المرصد الأورومتوسطی وإطلاق النار إلى أن فی وقت

إقرأ أيضاً:

عضو «صحة الشيوخ»: المسؤولية الطبية ضمانة لتحقيق العدالة في المنظومة

أكد النائب محمد صلاح البدري، عضو لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، أن مشروع قانون المسؤولية الطبية يمثل نقلة نوعية في تطوير المنظومة الصحية، إذ يهدف إلى تحقيق التوازن بين حقوق المرضى ومكتسبات الأطباء، وضمان العلاقة العادلة بين مقدم الخدمة ومتلقيها، بما يتماشى مع القواعد الدستورية والقانونية.

مشروع قانون المسؤولية الطبية

وأوضح البدري، في بيان له اليوم، أنه كان يأمل إلغاء الحبس الاحتياطي للأطباء، إلا أن القانون في النهاية يتوافق مع مواد الدستور في هذا الشأن، منوها بأن القانون يعكس رؤية متكاملة لتنظيم العمل الطبي، إذ يضع إطارا واضحا للمسؤولية القانونية للطبيب، ما يضمن حماية المرضى من الأخطاء الطبية ويعزز شعورهم بالثقة في الخدمات الصحية المقدمة، مؤكدا أنه في الوقت نفسه يمنح الأطباء ضمانات قانونية لحمايتهم أثناء أداء عملهم، بشرط الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية.

ولفت إلى أن القانون يُشكِّل خطوة حاسمة نحو تحسين بيئة العمل الطبي، من خلال توفير الحماية القانونية للأطباء الملتزمين الذين يعملون وفقاً للضوابط المهنية، مؤكدا أن تلك الضمانات ستسهم في تقليل القلق لدى الأطباء وتتيح لهم التركيز على تقديم أفضل الخدمات للمرضى، مما يعكس التزام الدولة بتطوير القطاع الصحي.

التعامل مع القضايا الطبية

وشدد البدري على أن هذا القانون لم يقتصر فقط على حماية الأطراف المختلفة، بل يسعى أيضاً إلى وضع معايير وضوابط للمساءلة بما يضمن الشفافية والعدالة في التعامل مع القضايا الطبية.

ودعا جميع العاملين في القطاع الصحي إلى دعم القانون والعمل على إنجاحه، مشيراً إلى أنه يمثل أساساً قوياً لبناء منظومة صحية متكاملة تقوم على الإنصاف والاحترام المتبادل، لافتا إلى أن القانون يساهم في تعزيز مكانة الطبيب المصري وتحسين الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، مشيداً بجهود الدولة في إرساء قواعد العدالة في قطاع الصحة بما يخدم صالح الجميع.

مقالات مشابهة

  • خبير: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين
  • عضو «صحة الشيوخ»: المسؤولية الطبية ضمانة لتحقيق العدالة في المنظومة
  • النائب محمد البدري: المسئولية الطبية ضمانة لتحقيق العدالة في المنظومة الصحية
  • الإعلام العبري: صواريخ اليمن معضلة كبرى وتهديد استراتيجي غير مسبوق لـ “إسرائيل”
  • النائب ياسر الهضيبي: التفعيل الحقيقي لقانون المسئولية الطبية يساهم في تحسين جودة الخدمة الصحية
  • عضو بـ«الشيوخ»: تفعيل قانون المسئولية الطبية يحسّن جودة الخدمات الصحية
  • إسرائيل تهاجم البابا فرنسيس وتتهمه بازدواجية المعايير لاستنكاره قتل الفلسطينيين
  • برلماني: اعتماد قرار دولي يؤكد حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم يُزيد عزلة إسرائيل
  • عبد الغفار يتفقد المنظومة الصحية في بني سويف
  • كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!