مناسك العمرة من المغادرة إلى الوصول
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
في قلب المكان الذي شرع الله فيه أعظم مناسك الحج والعمرة، تتجلى خطوات مناسك العمرة كرحلة فريدة بين المغادرة والوصول، تنسجم فيها الروحانية والتأمل لتشكل تجربة دينية مميزة، تبدأ هذه الرحلة الروحية من لحظة المغادرة حتى الوصول إلى أرض الحرم المكي، حيث يتحقق التواصل العميق مع الله.
مناسك العمرة بين الروحانية والتأملالإحراميُعرّف الإحرام بنية الدخول في العمرة، ويُسنّ للمعتمر التلبية حين الإحرام عند الجمهور من العلماء بخلاف الحنفية الذين ذهبوا إلى القول بأنّ التلبية شرطٌ، وتكون بقول: "لبيك اللهم لبيك"
الطوافيُعرّف الطواف بأنّه الدوران حول الكعبة، وقد بيّن العُلماء الشروط والسنن المتعلّقة به، وهي:
شروط الطواف أن يكون بسبعة أشواطٍ، فإن كان أقل من ذلك فلا يصحّ وتجب الإعادة، وأن تكون الكعبة إلى اليسار، وأن يُبدأ الشوط من الحجر الأسود وينتهي عنده، وأن يكون داخل المسجد وخارج الكعبة، وتعدّ النية شرطٌ لصحة العبادات، فلو قصد المعتمر بنيته غير الطواف لم يصحّ، ويشترط عليه ستر العورة، والطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، وطهارة المكان والثوب.سُنن الطواف استقبال الحجر الأسود في بداية الطواف وتقبيله بقدر الاستطاعة، وقول: "بسم الله والله أكبر اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعًا لسنة نبيك مُحمد".يُسنّ استلام الركن اليماني دون تقبيله، والإسراع في الأشواط الثلاثة الأولى وهو ما يُسمى بالرَمَل، كما يسنّ على الرجل الاضطباع.يُسنّ في الطواف الدعاء بما شاء العبد من الأدعية، ويسنّ له بعد الانتهاء من الطواف أن يُصلي ركعتين خلف مقام النبي إبراهيم -عليه السلام-، فإن لم يستطع جاز له الصلاة في أي مكانٍ في المسجد، يقرأ فيهما بسورة الكافرون بالركعة الأولى وسورة الإخلاص بالثانية بعد قراءة الفاتحة. السعي بين الصفا والمروة
هو الإسراع في المشي بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ، وهو ركنٌ من أركان العمرة، ويدل عليه قوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).
الحلق أو التقصيرهو حلق شعر الرأس أو الأخذ من طوله، والحلق أفضل من التقصير؛ لقول النبي: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قالَ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ).
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: العمرة دعاء العمرة
إقرأ أيضاً:
قديما قالوا: الملافظ سعد.. واليوم نقول: الكلمة أمانة وعهد
"علموا أبناءكم أنّ الباطل باطل ولو كثر أتباعه، وأنّ الحق حقٌّ ولو قلّ أتباعه، وأنّ راية الحقِّ قائمة وإن لم يرفعها أحد، وراية الباطل ساقطة ولو رفعها كلّ أحد".
صاغ الدكتور مصطفى محمود هذه الكلمات المكتنزة بالعبر قبل أن نصل لزمن تُرك فيه الحبل على الغارب وانقلبت المفاهيم، وتجتاح سيول التطبيع والخنوع الفضاء والهواء، ويتسيد أهل الباطل زمام الأمور ويشهروا سيوفهم في وجه كل من يصدح بالحق والحقيقة جاهرا بالقول "اللهم إن هذا منكر".
عبارات المفكر المصري العبقري هذه استبدت بمخيلتي ونحن في مرحلة مفصلية أضحت فيها الكلمة أمانة وعهدا يجب أن يصان ويُحفظ، لا سيما أننا أمام جحافل مجهزة بأعتى الأسلحة الالكترونية منها والإعلامية، وصولا حتى لمناهج التربية والتعليم التي يتم التلاعب بها نهارا جهارا خدمة لأهداف معلومة معروفة للعيان.
لست من هواة نظرية المؤامرة ولكن المعطيات والدلائل أمامنا في هذه الحالة ماثلة شاخصة، ويمكن استنتاجها بمنتهى السهولة عبر متابعة نشرة أخبار واحدة في القنوات الرسمية العربية؛ التي ورغم حالة الشتات والتشرذم الواضحة الظاهرة في الواجهة حين يتعلق الأمر بقضايا الأمة الرئيسية، إلا أن حبل التواصل وحالة التطابق الغريب المريب وحتى العجيب يظهر لديها عندما يتعلق الأمر بنفث السموم وشيطنة المقاومة؛ طالما أن مصدر التعليمات واحد والغاية أيضا هي ذاتها لوأد كل أصوات الحق ومن يدور في فلكها، وبالتالي ترسيخ خطاب انهزامي استسلامي يصب في واد التطبيع الشامل المنشود.
اللافت وأنا منشغل بهذا التوجه استوقفتني مداخلة النائب العماني الحر "حميد العصري" في ما يسمى بجلسة "البرلمان العربي" حين سار على نفس النهج وخاطب الحضور بكلمات مميزة واضحة وضوح الشمس، رافضا تداول كلمة "إسرائيل" في الخطابات الرسمية وفي كل وسائل الإعلام العربية، وموضحا أن "إسرائيل هو يعقوب عبد الله ونبي الله عليه السلام، وهو بريء منهم ومن أفعالهم"، قبل أن يضع النقط على الحروف ويحتج على تجاهل التطرق لفصائل المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي وأيضا ذِكْر كلمة المقاومة على استحياء في البيان الختامي.
الرائع في خطاب النائب العماني هو دحر كل العبارات المعلبة التي لطالما رُددت في المحافل الرسمية العربية بشكل فج ومثير للاشمئزاز، حيث وصف "حل الدولتين" بأكذوبة العصر، واستهزأ بمفردات مثل "مبادرة السلام وخريطة الطريق" وغيرها من العناوين المضللة لثني أهلنا في فلسطين على المضي في طريق الحرية؛ وذلك ما أشار إليه بالقول إن المقاومة والجهاد هما الحل للنصر القادم.
طبعا هذه العبارات لن تنزل بردا وسلاما على الحاضرين، ولكنها الحقيقة التي يجب أن تقال وتردد في كل المحافل حتى التي تعودنا أنها مجرد مسرحيات رديئة الإخراج والتأليف.
أيضا جاءت مداخلة وزير الخارجية الإندونيسي فيما عرف بـ"القمة العربية الإسلامية غير العادية" (شر البلية ما يضحك حقا)، فالأخير خاطب الحضور بلغة عربية فصحى متقنة تفوقت على الحاضرين جميعا، مبديا رفضه الخروج بتوصيات روتينية مملة على غرار الشجب والاستنكار، والتنديد بذلك "السلاح الفتاك" الذي تستحضره الأنظمة العربية في هكذا مناسبات.
هذان النموذجان يمثلان صرخة رسمية ضد التوجه المقصود للتلاعب بالمصطلحات بغية خلق خطاب جديد لضرب القيم والمبادئ الأصلية في مقتل. انظروا كيف يتم استخدام عبارات الكيان الصهيوني لدى العديد من المنابر العربية على غرار "الرهائن الاسرائيليين" و"الحرب في غزة ولبنان" و"مقتل فلسطينيين"، وشاهدنا قبل أيام بعد أحداث أمستردام وصفها بـ"اعتداءات على اسرائيليين".
بإمكاننا استحضار المئات من المصطلحات الدخيلة والمنتقاة بعناية فائقة قصد اللعب على الوتر الحساس ومحو وتزييف الحقائق، لهذا أشرنا إلى أننا أمام حرب ممنهجة ودقيقة تستخدم فيها جيوش إعلامية ومناهج دراسية ولجان الكترونية تغزو مواقع التواصل الاجتماعي؛ لترسيخ معطيات مغلوطة وحذف السردية الأصلية استنادا للنفوذ الهائل الذي يحاط به هؤلاء، وملاحقة الصادحين بالحقيقة بتهم جاهزة سلفا على غرار "معاداة السامية" وغيرها.
لكننا رغم كل هذه المخططات محكومون بالأمل، والارتباط الوثيق للأجيال الجديدة بالقضية المركزية للعرب والمسلمين يبدو مبشرا للغاية، والدليل الأصوات الحرة التي تضحي في أوروبا وأمريكا بمستقبلها وتناضل لإيصال صوتها هناك. وكل هذا مدعاة للفخر ويحيلنا مجددا على الكلمات التي بدأنا بها المقال للدكتور مصطفى محمود حول التربية السليمة للأبناء وغرس القيم والمبادئ لديهم. ومن هذا المنطلق يجب أن نوجه التحية للأسر العربية والمسلمة المقيمة في الغرب؛ والتي لم يثنها الحفر في الصخر ومقارعة الغربة عن ربط فلذات أكبادها بالأوطان الأصلية وقضايا الأمة على رأسها فلسطين طبعا..
قديما كانوا يرددون "الملافظ سعد" باللهجة العامية؛ ولكننا اليوم نقول ونشدد بأن الكلمة أمانة وعهد.. فكونوا على قدر المسؤولية..