لماذا ألغى الرئيس الروسي بوتين زيارته إلى تركيا؟
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
نشرت صحيفة "برافدا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن العوامل التي دفعت بوتين لإلغاء زيارته إلى أنقرة، ومن بينها انسحاب تركيا من قائمة حلفاء روسيا في الالتفاف على العقوبات الأمريكية، ومضاعفتها المساعدة العسكرية الموجهة لأوكرانيا.
قالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه تم تأجيل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا المقررة خلال الأيام المقبلة إلى موعد لاحق في شهر نيسان/ أبريل أو أيار/ مايو المقبل.
وذكرت الصحيفة أن إلغاء الزيارة مثّل مفاجأة لأنقرة، حيث صرّح وزير الخارجية هاكان فيدان هذا الأسبوع بأن الزعيمين اتفقا على جدول الأعمال الذي سيتضمن مواضيع مركز الغاز والحرب في أوكرانيا و صادرات الحبوب عبر البحر الأسود.
فسّرت روسيا إلغاء الزيارة بعبء العمل الذي يتحمله بوتين عشية الانتخابات الرئاسية. وبشكل غير رسمي، لم يتم الاتفاق على جميع القضايا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس إدارة مركز الأبحاث "إدام" في إسطنبول إن "العمل الأكثر واقعية الذي يتم تنفيذه بين البلدين هو مشروع إنشاء مركز للغاز الطبيعي. وربما لم يتم إحراز أي تقدّم في هذه القضية".
مع ذلك، ذكر الجانب الروسي أن المفاوضات جارية بشأن رحلة ألكسندر نوفاك إلى أنقرة، حيث أن كل شيء جاهز للتوقيع وإطلاق مشروع مركز الغاز. وفيما يتعلق بصفقة الحبوب وقرار جعل تركيا مركزاً للحبوب، الخطوة التي أبدت روسيا الاستعداد لتنفيذها نظرًا لاعتبار تركيا حليفًا في التحايل على العقوبات، فإن الأحداث التي وقعت أحبطت هذه الجهود.
انضمام تركيا إلى العقوبات الأمريكية
أشارت الصحيفة إلى أن تركيا أغلقت حسابات الشركات الروسية قبل أسبوع وشددت القيود على استخدام البنوك التركية، بدعوى الضغط الأمريكي على العقوبات الثانوية. وينطبق هذا على الشركات التي استخدمت تركيا كولاية قضائية للمدفوعات والتسليم، وكذلك تجار النفط والغاز. وهذه قضايا مهمة للغاية بالنسبة لروسيا، وفي الواقع، قضت تركيا على مكانتها كحليفة لروسيا بسبب ضغوط العقوبات. فلماذا إذن تحتاج تركيا إلى روسيا والتنازلات لها؟
تكثيف تركيا أنشطتها المناهضة لروسيا
بدأت شركة بايكار في بناء مصنع لإنتاج طائرات بيرقدار دون طيار في أوكرانيا. ومن المتوقع بدء الإنتاج خلال عام وسيضمن المصنع إنتاج 120 طائرة دون طيار مقاتلة سنويًا. بخصوص هذا أشاد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بتركيا قائلا: "هذا مثال على كيفية دعم حلفاء الناتو أوكرانيا بإمدادات مباشرة من الأسلحة والذخيرة، وكذلك الاستثمار في زيادة قدراتهم على إنتاج الأسلحة".
إلى جانب ذلك، يرى الخبراء أن تركيا تعمل مع متطرفين داخليين لزعزعة استقرار المناطق التركية والإسلامية في روسيا وأنها المسؤولة عن الأحداث الأخيرة التي شهدتها داغستان. كما تقدم تركيا الدعم المالي للجزء الموالي لأوكرانيا من تتار القرم.
ومن خلال هذه الممارسات تسعى تركيا لحماية مصالحها الوطنية. في المقابل، لدى روسيا أيضًا مصالحها الخاصة، وقد أخبرت أردوغان أن مصنع بيرقدار الذي يملكه صهره سيكون إحدى أهدافها في أوكرانيا.
ونوهت الصحيفة بأن تركيا تريد أن تكون مع المنتصرين في إعادة تقسيم العالم بما في ذلك مع روسيا. وقد اكتسبت روسيا خبرة ممتازة في العمل مع تركيا.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بوتين تركيا روسيا أردوغان تركيا أردوغان روسيا بوتين صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.
مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.
على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.
أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.
ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.
ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.
رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.
حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.
كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.
إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.
لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.
التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.
تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.
تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.
علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.
على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.
والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.