أبوظبي-الوطن:

رسّخت دولة الإمارات مكانتها على خارطة السياحة البيئية العالمية، حيث تتميز الدولة بتضاريسها المتنوعة من التقاء الصحراء، والواحات الخضراء، وانتشار السلاسل الجبلية، والوديان، والشواطئ الذهبية، وملايين أشجار القرم الموزعة على المحميات الطبيعية، فضلاً عن توافر طيف واسع من الحيوانات البرية والبحرية والطيور.

وقد تبنت الإمارات مفهوم السياحة البيئية لما يحمله من فوائد متعددة، وعززت ذلك بمنظومة تشريعية وقانونية تضمن استدامة الموارد الطبيعية وحماية مواطن التنوع البيولوجي، بالتوازي مع عمليات التحول نحو الاقتصاد الأخضر، والحد من معدلات التصحر والتلوث.

وشهدت السياحة البيئية في الإمارات خلال العقدين الأخيرين نمواً كبيراً، كونها تستهدف فئة السياح الذين يبحثون عن تجارب سياحية تساهم في المحافظة على البيئة.

وتستقطب الوجهات السياحية البيئية الزوار المحليين والسياح من خارج الدولة خلال النسخة الرابعة من حملة أجمل شتاء في العالم، التي تكتسب هذا العام أهمية خاصة انطلاقاً من شعارها “قصص لا تنسى”، وما يحمله من دلالات تبرز جماليات السياحة الإماراتية من مقومات طبيعية وجغرافية وتراثية تترك لدى الزائر ذكريات عصية على النسيان.

كنوز الطبيعة

وسعياً إلى ترسيخ الاهتمام والترويج للسياحة البيئية في الامارات أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في عام 2018 مشروعاً وطنياً تحت مسمى “كنوز الطبيعة في الإمارات”، ضمن دورها في الحفاظ على البيئة وضمان استدامة مواردها الطبيعية وتنوعها البيولوجي.

وخصصت المرحلة الأولى من المشروع للجانب البيئي، وتمكنت فيها الوزارة من توفير مواد معلوماتية، وصور، وأفلام فيديو للمحميات الطبيعية في كافة إمارات الدولة.

وشملت المرحلة الأولى من المشروع إطلاق 3 منتجات: موقع إلكتروني مصغر، وكتاب إلكتروني وتطبيق ذكي وجميعها توفر للسياح، وشركات السياحة وسفارات الدولة حول العالم، وخطوط الطيران الوطنية قاعدة بيانات مقروءة، ومرئية حية، يمكن استخدامها في التعريف بمقومات هذا النوع من السياحة في دولة الإمارات، وتضمينها في برامجها السياحية.

وفي عام 2019 تم الإعلان عن إضافة 85 موقعاً طبيعياً جديداً وذلك ضمن المرحلة الثانية من المشروع، ومن ضمن تلك المواقع أماكن أثرية وأخرى برية وبحرية خاصة بالغوص وفنادق طبيعية، فيما شهدت المرحلة الثالثة التعاون مع الهيئات البيئية والشركات السياحية للترويج للمعالم البيئية في الإمارات.

محميات ساحرة

وتعتبر المحميات الطبيعية إحدى أكثر وجهات السياحة البيئية استقطاباً للزوار، حيث تحتضن دولة الإمارات 49 محمية طبيعية، تمثل نحو 15.53% من إجمالي مساحة الدولة.

وتسعى دولة الإمارات من وراء إنشاء المحميات الطبيعية إلى تحسين البيئة، وحماية الحياة البرية والبحرية في الدولة، والحد من تدهور الموائل الطبيعية، ووقف فقدان التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى الترويج للسياحة البيئية. وقد ساهمت هذه المحميات في تعزيز مكانة الدولة على خريطة العمل البيئي العالمي وتوفير بيئة آمنة للحياة الفطرية ساهمت في المحافظة على الأنواع وإكثارها وإعادة توطينها في مناطق انتشارها بنجاح.

وتتوزع المحميات الطبيعية على إمارات الدولة، وتتميز كل واحدة منها بسحرها الخاص وكنوزها الفريدة، ففي أبوظبي يمكن زيارة محمية مروح البحرية التابعة للشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي، والتي تضم طيفا واسعا من الأحياء البرية، وهي موطن لما يقارب 60% من أبقار البحر في الدولة، وتحتوي على مختلف أنواع الدلافين قارورية الأنف والحدباء، بالإضافة إلى 4 أنواع من السلاحف البحرية، و70 نوعاً من الأسماك، والشعاب المرجانية وأشجار القرم.

كما توجد محمية الياسات البحرية بأبوظبي التي توفر مواطن حساسة من الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والشواطئ الرملية فضلاً عن أهميتها التاريخية والثقافية والتي أضافت لها دورا مهما في الجهود المبذولة للحفاظ على التنوع البيولوجي والتراث الطبيعي للدولة، كما تعتبر موطناً هاماً للعديد من الكائنات البحرية وبيئة مثالية لتكاثر وحضانة الأسماك.

وتضم إمارة أبوظبي أيضاً العديد من المحميات البرية منها محمية البدعة الطبيعية ومحمية الدلفاوية ومحمية الرملة ومحمية قصر السراب ومحمية المها العربي ومحمية الغضا الطبيعية ومحمية الوثبة للأراضي الرطبة ومحمية متنزه جبل حفيت الوطني ومحمية يو الدبسا ومحمية الحبارى ومحمية بدع هزاع ومحمية برقا الصقور.

رحلات السفاري والتخييم

وتمتد المحميات الطبيعية في إمارة دبي على مساحة 1,297 كيلومتراً مربعاً، وتشكّل 31% من مساحة الإمارة، ثلاث منها مسجلة في «معاهدة رامسار» كمحميات رطبة ذات أهمية عالمية، وهي: محمية رأس الخور للحياة الفطرية، ومحمية جبل علي للحياة الفطرية، ومحمية حتا الجبلية. وتزخر هذه المحميات بالعديد من أنواع الكائنات، منها 342 نوعاً من الطيور، و46 نوعاً من الثدييات، و51 نوعاً من الزواحف، و315 نوعاً من النباتات، و188 نوعاً من الأسماك، و582 نوعاً من اللافقاريات.

وتُصنف محمية دبي الصحراوية، كواحدة من أكثر البيئات تنوعاً وثراءً من الناحية البيولوجية في المنطقة، وتُعرف بكونها الوجهة الأساسية لرحلات السفاري والتخييم لمحبي الصحراء. وتحتوي المحمية على أكبر عدد ممكن من الحيوانات والنباتات الصحراوية المهدّدة بالانقراض، بما في ذلك المها العربي، والغزال الجبلي، وغزال الريم، والحباري الآسيوي، والنسر المصري، والنسر الأصلع، وقط غوردن البري، وطائر العقاب الإمبراطوري الشرقي وغيرها الكثير من الحيوانات البرية المتنوعة، وعلى صعيد آخر، يمكن للزوار الاستمتاع بمناظر الحياة البرية في المحمية وقضاء عطلتهم في منتجع وسبا المها وسط المحمية الصحراوية.

ذكريات لا تنسى

وفي الشارقة يمكن زيارة محمية وادي الحلو، الواقعة في وادي الحجر بين مدينتي كلباء والشارقة، نظراً لجمالها الطبيعي، حيث يترك المشهد العلوي لتفرعات وادي الحلو عند الزوار ذكريات لا تنسى، وفضلاً عن كونه موقعاً للتخييم في البرية مع مناظر رائعة ومسارات للمشي يعد المكان موطناً لأنواع كثيرة من الطيور وأسماك المياه العذبة، بالإضافة إلى المناظر الصخرية الساحرة.

وتتمتع محمية واسط الطبيعية بأهمية كبيرة في تطوير السياحة البيئية، نظراً لكونها من المناطق الغنية بالميزات الطبيعية من ناحية الوصف الجيولوجي والطقس، والتربة، والغطاء النباتي، والتنوع الحيواني.

كما تتيح محمية مليحة الاسترخاء في أحضان الطبيعة ضمن البيئة الجبلية والكثبان الرملية الضخمة، وتأمل الحفريات البحرية الوافرة، حيث تتوفر أحافير نادرة ومهمة متاحة للاكتشاف في هذه المحمية، وتضفي الأنواع البرية مثل الزواحف والطيور البرية بعداً آخر مهماً في جاذبية مليحة، بالإضافة إلى ذلك، تعتبر المحمية موقعاً أثرياً هاماً في الشارقة.

أنشطة مائية شيقة

وتحرص إمارة عجمان على تطوير السياحة الخضراء الصديقة للبيئة والتي تمكن الزوار من الاستمتاع بالطبيعة وفي نفس الوقت الحفاظ عليها من أجل الاستدامة وحماية الحياة البرية للأجيال القادمة.

ومن أبرز المحميات في الإمارة محمية الزوراء التي تعد من أهم الوجهات السياحية الترفيهية والتعليمية في عجمان، وتتميز بغابات القرم الطبيعية على مساحة مليون متر مربع وتقطنها العديد من الفصائل البرية والبحرية، وتشكّل موطنا لأكثر من 102 فصيلة من الطيور المحلية والمهاجرة، بما في ذلك طيور الفلامينجو الوردية التي يمكن مشاهدتها على مدار السنة ومالك الحزين والبلشون.

وتعدّ المحمية جزءاً من مجمع الزوراء وهو مشروع جديد يتميز بوجود ملعب جولف عالمي بـ 18 حفرة، ويمتد على محاذاة الواجهة البحرية بطول 12 كيلومترا وامتداد 1.6 كيلومتر على طول الشواطئ الرملية، وتوفر المحمية الطبيعية بيئة مثالية لممارسة العديد من الأنشطة المائية الشيقة.

وفي عجمان أيضاً هناك محمية النسيم البرية التي تجمع ما بين المناظر الطبيعية البديعة ومشاهد من الحياة البرية النادرة، وتقع المحمية في سهول المنامة بمساحة إجمالية تبلغ مليوناً و186 ألفاً و310 أمتار مربعة، وتضم عددا كبيرا من أشجار السمر والنباتات وبعض الأشجار البيئية الصغيرة ونباتات المرخ إضافة إلى العديد من الزواحف والحيوانات والطيور المتنوعة.

وتمتاز إمارة أم القيوين بطبيعة خلابة اكتسبتها من شواطئها الممتدة على مساحة كبيرة، وتزخر بكثير من الجزر والمحميات الطبيعية الساحرة التي تقع على الساحل الشرقي للإمارة، والتي تتميز بالتنوّع النباتي والحيواني فيها، كما تزينها أشجار القرم في شتى أرجائها، وتعتبر جزيرة السينية في أم القيوين محمية طبيعية ووجهة سياحية مناسبة لعشاق الهدوء في أحضان الطبيعة.

وضمن سلسلة جبال حجر الخلابة في إمارة الفجيرة، تقع محمية وادي الوريعة الوطنية التي تتميز بجمالها الساحر، وتزخر بتنوع بيولوجي فريد وتكوينات جيولوجية مدهشة، من المنحدرات الصخرية والأنهار والتشكيلات الصخرية الرائعة.

وتعد محمية خور المزاحمي البحرية في إمارة رأس الخيمة موئلاً للعديد من الأنواع ذات الأهمية البيئية العالية منها طائر النحام “الفلامينجو”، ونسر السمك، بجانب كون المحمية من مناطق تعشيش وتغذية السلاحف الخضراء المهددة.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

التعليم عصب المسيرة

التعليم عصب المسيرة

التطوير الدائم في جميع القطاعات من ركائز النهضة الشاملة في وطننا، ومنها ما يشهده قطاع التعليم لكونه عماد المسيرة وأساس استدامة التقدم والازدهار وترسيخ الريادة ومضاعفة التنافسية، ولأهميته كزاد لا غنى عنه في رحلة المستقبل، ويتم إيلاءه كل الاهتمام بجميع المراحل ووفق أعلى المعايير، إذ أن العملية التعليمية لها الأولوية المطلقة في نهج وفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله ورعاه”، ليكون قطاع التعليم في الإمارات من الأكثر حيوية وتطوراً في العالم، وهو ما تعكسه توجيهات سموه وما يوليه من دعم ومواكبة مباشرة، ومنها اعتماد 28 فبراير من كل عام يوماً للتعليم بمسمى “اليوم الإماراتي للتعليم”، احتفاءً بأهمية التعليم في الدولة، ولدوره المحوري في تنميتها والإسهام في رفعتها وبناء أجيالها.. وكذلك مواصلة علميات تحديث القطاع من قبيل الإعلان عن هيكلة جديدة فيه تم بموجبها تعيين سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، رئيساً لمجلس التعليم والتنمية البشرية والمجتمع، وتعيين سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان نائباً لرئيس مجلس التعليم والتنمية البشرية والمجتمع، ورئيساً للمركز الوطني لجودة التعليم، وتعيين معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة للتربية والتعليم، والتي تضمنت إنشاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وإنشاء أمانة عامة لمجلس التعليم والتنمية البشرية والمجتمع، ودمج مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي والوكالة الاتحادية للتعليم المبكر مع وزارة التربية والتعليم.
الإمارات جعلت من بناء الإنسان وتسليحه بالعلم أولوية، وتحرص على أن تكون العملية التعليمية متقدمة ونوعية في كافة المراحل بما في ذلك تنمية قدرات الجهاز التدريسي والتربوي، وفي التعليم العالي فإن أعرق جامعات العالم يوجد لها فروع في جميع إمارات الدولة لتوفير أعلى مستويات التعليم وأكثرها جودة، مع مواصلة الجامعات الوطنية صعودها وترسيخ موقعها ضمن الأفضل عالمياَ، وإيفاد الآلاف من أبناء الإمارات لمتابعة تحصيلهم في أرقى المراكز والجامعات حول العالم، وكذلك تعزيز التعاون العلمي مع الكثير من الدول، وإيلاء البحوث والقدرة على إنتاج العلوم في مجالات رئيسية للتنمية كالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتطورة أهمية استثنائية، مع استمرار الجهود المشرفة التي تقوم بها الدولة لدعم التعليم في الكثير من مناطق العالم وخاصة في المجتمعات المحتاجة انطلاقاً من توجهاتها الهادفة لخير جميع الشعوب.
قدرة رأس المال البشري على أداء دوره تكمن بمستواه التعليمي، فالعلم رهان التفوق، وكل دعم للتعليم وبناء لمجتمعات المعرفة يشكل استثماراً واعداً ومبشراً لحاضر ومستقبل الشعوب، وهو ما تعمل عليه الإمارات منذ عقود انطلاقاً من رؤيتها البعيدة عبر تسخير كافة الموارد لتمكين الإنسان بحيث يكون قادراً على خدمة الوطن والمساهمة في مسيرة الحضارة الإنسانية.


مقالات مشابهة

  • نهيان بن مبارك يؤكد اهتمام “شتاء صندوق الوطن” بتعزيز الهوية الوطنية
  • أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، عن تمديد مبادرة “عام الاستدامة” لتشمل عام 2024
  • وجهات حتا السياحية تحتضن شتاء العائلات بدفء
  • “لينوفو” تطلق “يوجا سلم 7 اكس” بالذكاء الاصطناعي في الإمارات
  • ثعبان “أبو العيون” من أشهر الكائنات البرية في منطقة الحدود الشمالية
  • “مالك الحزين” مهاجرٌ وزائر شتوي يتواجد بـ “محمية الملك سلمان”
  • ثعبان “أبو العيون” من أشهر الكائنات البرية في الحدود الشمالية
  • “وزارة الصحة” تطلق الدليل الوطني للكشف الصحي لطلبة المدارس
  • “اللجنة الوطنية للأمن البيولوجي” تناقش مستجدات الوضع الوبائي العالمي
  • التعليم عصب المسيرة