تركز الولايات المتحدة وقوى غربية الآن على حراك يؤدي لفرض إقامة دولة فلسطينية معترف بها، كجزء من استراتيجية إقليمية متطورة لاحتواء التوترات المتصاعدة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو الحراك الذي يتم بمعزل عن الرغبة الإسرائيلية، لكن الطريق نحو إقامة هذه الدولة يبدو طويلا ومليئا بالعقبات التي تهدد بتفجير كل شيء.

ما سبق كان خلاصة تحليل كتبه رايان بوهل، في موقع "ستراتفور" الأمريكي، حيث يرى أن الاستراتيجيون والساسة وصلوا إلى استنتاج مفاده أن حل العوامل الأساسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو وحده الكفيل بمنع هجوم آخر على غرار هجوم حماس على إسرائيل والمخاطر المستقبلية لاندلاع حرب إقليمية.

وعلى الرغم من هذا الإجماع الدولي المتزايد، لا يزال هناك قدر كبير من التكهنات حول الشكل الذي قد تبدو عليه الدولة الفلسطينية المستقبلية.

اقرأ أيضاً

تسونامي سياسي.. قلق إسرائيلي من تحرك أمريكي أحادي للاعتراف بدولة فلسطينية

وتواجه المقترحات الخاصة بإقامة دولة فلسطينية ثلاث عقبات رئيسية: المستوطنون، والأمن، والسيادة، يقول الكاتب.

أولا: المستوطنون

هناك مشكلة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، الذين أصبح العديد منهم الآن متحصنين جغرافياً في مواقع تجعل من أي دولة فلسطينية مقترحة، حتى تلك التي من شأنها تعظيم السيادة الفلسطينية، غير قابلة للحياة من الناحية الأمنية.

وعلى سبيل المثال، تقع مستوطنة آرييل الكبرى في قلب الضفة الغربية وتتطلب ممراً خاصاً للحفاظ على الاتصالات مع إسرائيل، مما يؤدي إلى تقسيم جزء كبير من الأراضي الفلسطينية.

وتقع مناطق أخرى في القدس الشرقية وما حولها، والتي يواصل الفلسطينيون المطالبة بها كعاصمتهم المستقبلية في أي حل يقوم على وجود دولتين.

تحيط هذه المستوطنات بالقدس الشرقية وتجعل منها موقعًا غير قابل للحياة كعاصمة.

ويتمتع هؤلاء المستوطنون بنفوذ سياسي متزايد داخل الكنيست الإسرائيلي مع تحول التركيبة السكانية في إسرائيل إلى اليمين.

لقد كان من المفترض منذ فترة طويلة أنه سيتم إخلاء بعض هذه المستوطنات، مثلما تم إخلاء المستوطنات الإسرائيلية من غزة في عام 2005، في حين سيتم مبادلة المستوطنات الأخرى مع إسرائيل مقابل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل حاليًا في ما يسمى بتبادل الأراضي.

لكن الإسرائيليين رفضوا فكرة إخلاء المستوطنات القائمة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن تجربة الانسحاب من غزة أدت إلى استيلاء حماس على المنطقة والحرب الدائرة الآن، يقول الكاتب.

اقرأ أيضاً

نيويورك تايمز: أمريكا قد تعترف بدولة فلسطينية قريبا بهذه الخطوة

ثانيا: الأمن

ويرى بوهل مسألة المستوطنين بسيطة نسبيا مقارنة بمطالب إسرائيل الأمنية المعززة بعد هجوم 7 أكتوبر.

ويضيف أن المجتمع الإسرائيلي تحول إلى كيان أكثر تشدداً في أعقاب هجوم "حماس"، ولم يعد في الوقت الحالي على الأقل في مزاج يسمح له بالمشاركة في مقترحات مبدأ الأرض مقابل السلام التي قد تسمح لمنظمات مثل "حماس" بالاستيلاء على السلطة كجيران لها مرة أخرى.

ونتيجة لذلك، تطالب إسرائيل جيشها بالتمتع بحرية العمل داخل قطاع غزة والضفة الغربية على المدى الطويل لضمان قدرة جيش الاحتلال على عرقلة ظهور مثل هذه الجماعات المسلحة.

لكن بالنسبة للبعض، هذا مجرد احتلال باسم آخر.

علاوة على ذلك، تطالب إسرائيل أيضاً بأن تظل فلسطين المستقبلية منزوعة السلاح إلى حد كبير، مع وجود قوات شرطة محلية ولكن بدون جيش دائم.

ويتساءل الكاتب: هل تكون فلسطين غير القادرة على الدفاع عن حدودها أو منع الجيوش الأجنبية من عبور أراضيها تمثل حقاً دولة قابلة للحياة؟ وفي حين أن هناك أمثلة حديثة لدول ليس لديها جيوش دائمة، فإن هذا يرجع عادة إلى أن الجيران الصديقين يضمنون أمنهم.

ويمضي بالقول: سيكون من الصعب، على الأقل في المدى القريب، أن نزعم أن إسرائيل سوف تعتبر جارة صديقة لفلسطين المستقلة حديثا.

اقرأ أيضاً

استطلاع رأي: 59% من يهودي إسرائيل يعارضون قيام دولة فلسطينية

ثالثا: السيادة

وأخيرا، هناك مسألة تحول السيادة الفلسطينية إلى تهديد لإسرائيل في حد ذاتها.

وتطالب إسرائيل بالفعل بحقوق أمنية خارج حدودها الإقليمية في فلسطين المستقبلية.

ويعود الكاتب إلى التساؤل مجددا: ماذا قد يحدث إذا أصبحت فلسطين ديمقراطية فاعلة وكان الفائزون فيها معادين لإسرائيل، كما حدث بعد الانتخابات الفلسطينية الأخيرة في عام 2006، عندما فازت "حماس" بأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني؟ وفي هذه الظروف، هل تتمتع إسرائيل بحق إلغاء الانتخابات؟

ويتابع: في هذا الصدد، ماذا لو بدأت فلسطين في إقامة علاقات اقتصادية أعمق مع منافس إسرائيلي مثل إيران أو استضافت سياسيين إيرانيين في زيارات رسمية؟ وماذا لو قررت دولة مثل إيران إنشاء مراكز مراقبة في فلسطين لمراقبة منافستها في إسرائيل؟

ويردف: سيكون من الصعب للغاية أن نتصور أن إسرائيل ستقف مكتوفة الأيدي وتسمح للنفوذ الاقتصادي والسياسي الإيراني بالتزايد في فلسطين، حتى لو لم يصاحب هذا النفوذ علاقة عسكرية مباشرة.

اقرأ أيضاً

أكاديمي مصري: التطبيع مع إسرائيل بدون إقامة دولة فلسطينية مصيدة أمريكية للسعودية

حكم ذاتي

ويقول الكاتب إن بعض الإجماع الدولي يتمحور حول فكرة أن تكون فلسطين منطقة حكم ذاتي وليست دولة ذات سيادة، حيث سيتم إلغاء الوضع النهائي للمستوطنين، وسيكون جيش الاحتلال الإسرائيلي بمثابة الضامن الأمني لفلسطين، و لن يتمتع الفلسطينيون سوى بحقوق سياسية وفي مجال السياسة الخارجية محدودة – وبالتأكيد لن يكون هناك مسؤولين منتخبين لإرسالهم إلى الكنيست.

لكن هذا سيبدو للبعض وكأنه احتلال باسم آخر، يقول الكاتب، ومن المؤكد أنها لا تبدو وكأنها صيغة من شأنها أن تمنع المزيد من التشدد بين السكان الفلسطينيين، بحيث لا تتمكن جماعات مثل "حماس" من تنفيذ حملات طويلة الأمد ضد إسرائيل.

وعلى الرغم من أنها تبدو النتيجة الأكثر ترجيحًا، إلا أنها تضمن أيضًا حدوث أعمال عنف في المستقبل.

اقرأ أيضاً

جولة جديدة لبلينكن بالشرق الأوسط.. وواشنطن تبحث خيارات الاعتراف بدولة فلسطينية

تحسين معيشة الفلسطينيين

ويقول الكاتب إن اقتراح إنشاء منطقة حكم ذاتي قد يكتسب بعض الاهتمام إذا أدى إلى تحسين مستوى معيشة الفلسطينيين بشكل ثابت ولسنوات عديدة قادمة، كما يقول الكاتب.

ويضيف: إذا مُنح الفلسطينيون في منطقة الحكم الذاتي الحق في السفر والعمل وبدء الأعمال التجارية والتجارة في الخارج، وكان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى تحسين نوعية الحياة في الضفة الغربية وغزة، فإن الدوافع الرئيسية للتطرف ستبدأ في الانخفاض، حتى مع وسيواصل القوميون التحريض ضد السيطرة الإسرائيلية على الشؤون الفلسطينية.

وفي هذه الحالة، فإن منطقة الحكم الذاتي ستشهد تحول حركة المقاومة الفلسطينية من المواجهة المباشرة والعنف إلى الضغط الدبلوماسي والمقاومة السياسية ضد السيطرة الإسرائيلية، كما يرى.

اقرأ أيضاً

الخارجية الأمريكية: نبحث خيارات إقامة دولة فلسطينية مع ضمانات أمنية لإسرائيل

الطريق طويل وغير مضمون

ونتيجة لذلك، فإن الطريق حتى إلى منطقة حكم ذاتي فلسطينية لا يزال طويلاً، كما يقول الكاتب.

ولا بد من وضع العديد من الأشياء في مكانها الصحيح حتى تنجح هذه الصيغة، ولكن لا يلزم سوى عدد قليل من الأشياء أن تسوء حتى تفشل.

وحتى مع تنامي الطموحات في المجتمع الدولي لإحياء احتمال قيام الدولة الفلسطينية، فإن فك هذه القيود التي تحول دون تطورها سوف يتطلب وقتاً طويلاً.

ويردف: بعبارة أخرى، فإن الدولة الفلسطينية ليست شيئاً سوف يظهر على المدى القريب.

المصدر | رايان بوهل / ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: دولة فلسطينية حماس غزة مستوطنات إقامة دولة فلسطینیة یقول الکاتب اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

وزراء فلسطين يؤكد سعي حكومته لتحقيق الاستقرار المالي بالتنسيق مع مُختلف الأطراف العربية والدولية

 أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى اليوم الأربعاء أن إسرائيل حولت 435 مليون شيقل إسرائيلي من أموال ضرائب شهري أبريل ومايو.

 

وقال مصطفي خلال جلسة حكومته الأسبوعية في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية إن وزارة المالية الإسرائيلية حولت 435 مليون شيقل (الدولار يساوي 3.7 شيقل إسرائيلي) من مقاصة شهري أبريل ومايو.

وأكد مصطفى سعي حكومته لتحقيق الاستقرار المالي بالتنسيق مع مختلف الأطراف العربية والدولية، لافتا إلى أن إسرائيل ضاعفت من اقتطاعاتها لأموال المقاصة منذ الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي لتصل في المتوسط إلى 480 مليون شيقل شهريا.

وشدد على استمرار الجهود والاتصالات لاستعادة أكثر من 6 مليارات شيقل من الأموال الفلسطينية المحتجزة لتستطيع الحكومة الوفاء بإلتزاماتها تجاه رواتب الموظفين والموردين ومختلف مقدمي الخدمات.

وعلى صعيد الاتصالات الدولية لتجنيد الدعم المالي، أشار رئيس الوزراء إلى وجود تجاوب إيجابي من بعض الأطراف، خصوصا قرار مجلس إدارة البنك الدولي قبل أيام زيادة المنحة السنوية التي يقدمها إلى دولة فلسطين من نحو 70 مليون دولار إلى 300 مليون دولار سنويا، وهذا رقم غير مسبوق في تاريخ علاقة فلسطين مع البنك الدولي.

وأفاد مصطفى بأن المبلغ سيقدمه البنك على دفعات، وسيذهب جزء منه لدعم الموازنة، فيما الجزء الآخر لتمويل المشاريع التنموية.

واعتبر أن مساهمة البنك الدولي ستشجع الأطراف الأخرى على تقديم الدعم المالي لما يمثله البنك الدولي من مصداقية لهذه الأطراف، وهو ما يمثل رسالة دعم لحقوق الشعب الفلسطيني في ممارسة حياته بشكل معقول ومقبول.

ووفقا لاتفاقات (أوسلو) العام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، تجمع إسرائيل الضرائب وتحولها بعد ذلك إلى وزارة المالية الفلسطينية وتقدر بأكثر من مليار دولار سنويا.

وتستقطع إسرائيل نسبة 3 في المائة من إجمالي قيمة الضرائب المحولة نظير جمعها لها كما أنها تستقطع منها الديون الفلسطينية مقابل توريد البترول والكهرباء وخدمات أخرى.

من جهة أخرى، التقى محمد مصطفى اليوم مع مدير عام مفاوضات الجوار والتوسع في المفوضية الأوروبية غيرت يان كوبمان في مكتبه بمدينة رام الله.

وقال بيان صادر عن الحكومة الفلسطينية إن مصطفى بحث مع كوبمان دعم الاتحاد الأوروبي لجهود حكومته في إعادة الاعمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية عند انتهاء الحرب على قطاع غزة.

وثمن مصطفى دعم الاتحاد الأوروبي المستمر والمهم لفلسطين، من أجل دعم السلام وبناء الدولة الفلسطينية وتحقيق حل الدولتين.

وفي السياق التقى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ في مكتبه بمدينة رام الله كوبمان والمديرة العامة بالجوار الجنوبي وتركيا لمفاوضات الجوار والتوسع بالاتحاد الأوروبي هنريك تراوتمان.

وقال بيان صادر عن مكتبه إن الشيخ بحث مع كوبمان وتراوتمان الجهود الإقليمية والدولية لوقف "العدوان المدمر والكارثة الإنسانية المتفاقمة" في قطاع غزة.

من جهته أكد كوبمان بحسب البيان دعم الاتحاد الأوروبي الثابت للسلطة الفلسطينية، وحل الدولتين.

وتخوض إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة أدت إلى مقتل أكثر من 37 ألف فلسطيني، بحسب السلطات في القطاع، وذلك بعد أن شنت حماس هجوما مباغتا على عدد من القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع القطاع أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • «بوليتيكو»: التوسع الاستيطاني الإسرائيلي فى الضفة الغربية يزيد من حدة التوتر
  • مناقشة أول رسالة ماجستير لطالبة فلسطينية من قطاع غزة في مقر سفارة فلسطين بالقاهرة
  • فلسطينية تحصل على الماجستير من السفارة.. «الطالبة في مصر والمناقشون في غزة»
  • فصائل فلسطينية: أوقعنا قوة إسرائيلية في كمين محكم وأسقطناهم بين قتيل وجريح
  • فصائل فلسطينية: أوقعنا قوة إسرائيلية في كمين محكم بين قتيل وجريح بغزة
  • مخرج فلسطيني: لم يعد ممكنا الحديث عن فلسطين في هوليوود بعد 7 أكتوبر
  • وزراء فلسطين يؤكد سعي حكومته لتحقيق الاستقرار المالي بالتنسيق مع مُختلف الأطراف العربية والدولية
  • الموقف العربي والإسرائيلي من الدولة الفلسطينية
  • مقتل أربعة شبان بغارة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة 
  • إصابة 3 إسرائيليين بجروح خطيرة في عملية طعن شمال إسرائيل