عربي21:
2024-10-05@11:07:44 GMT

الإعدامات الطائفيّة ومستقبل العراق!

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

عقوبة الإعدام ليست من العقوبات الجديدة في القوانين الإنسانيّة، بل هي قديمة قدم الإنسان على كوكب الأرض، وقد عَرفت الشرائع السماويّة والأنظمة الأرضيّة عقوبة الإعدام للعابثين بأرواح الناس وأمنهم وسلامتهم!

وبعد احتلال العراق في العام 2003 عَلّقت "سلطة الائتلاف المؤقتة" العمل بعقوبة الإعدام، وبتاريخ 8 آب/ أغسطس 2004 أُعيد العمل بالعقوبة!

ومن يومها، وبالذات بعد العام 2011، صِرنا نسمع بتنفيذ لعقوبات إعدام جماعيّة في السجون العراقية، الرسمية وغير الرسمية!

وسبق للمفوّضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتّحدة، نافي بيلاي، أن أعربت يوم 19 نيسان/ أبريل 2013 عن إدانتها الشديدة لتفشي استخدام عقوبة الإعدام في العراق، وأكّدت  أنّ"عمليّات إعدام الأشخاص، وعلى دفعات، هو عمل فاحش وأصبح يجري كما يجري العمل في مجازر الحيوانات"!

وهنالك سجون عراقية مُخيفة، وأبرزها سجن الناصرية الجنوبيّ المشهور بظروفه المزرية، وقد أُعدم يوم 27 كانون الثاني/ يناير الماضي 13 سجينا عراقيّا محكوما عليهم بالإعدام، داخل سجن الناصرية!

مع هذا الواقع المُرْبَك والضربات الجوّيّة الأمريكيّة الساحقة لسيادة العراق الخارجيّة والمُحطّمة لسيادته الداخليّة، يفترض أن تكون سياسات الحكومة بعيدة عن تحريك الشارع، وتأجيج الفتن المجتمعيّة! وينبغي على الدولة العادلة ألا تُطبّق عقوبة الإعدام إلا على المجرمين الحقيقيين، وليس المُفْترضين المظلومين بوشايات المخبر السرّيّ، أو باعترافات نُزِعت بالظلم والإكراه
ويقال بأنّ عمليات الإعدام الأخيرة نُفّذت دون إشعار مُسبق، حيث أُذيعت أسماء المحكوم عليهم بشكل مفاجئ عبر مكبرات الصوت في اليوم السابق للإعدام، ونُفّذت الأحكام دون أن يتّصل المحكوم بأهله!

وهذه الطريقة غريبة ومريبة، وقد بيّنت المادّة 291 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة العراقي رقم 23 لسنة 1971 أنّه "لأقارب المحكوم عليه أن يزوروه في اليوم السابق ليوم تنفيذ عقوبة الإعدام، وعلى إدارة السجن إخبارهم بذلك"! وهذا ما لم يحصل!

وبعد تنفيذ الإعدام بأيّام أعرب خبراء الأمم المتّحدة عن قلقهم العميق إزاء التقارير التي تُفيد بأنّ العراق قد بدأ تنفيذ عمليّات إعدام جماعية في السجون، وأشاروا، بفَزَع، إلى أنّ" 250 شخصا قد يكونون معرضين لخطر الإعدام الوشيك"!

ومع هذا الواقع المُرْبَك والضربات الجوّيّة الأمريكيّة الساحقة لسيادة العراق الخارجيّة والمُحطّمة لسيادته الداخليّة، يفترض أن تكون سياسات الحكومة بعيدة عن تحريك الشارع، وتأجيج الفتن المجتمعيّة! وينبغي على الدولة العادلة ألا تُطبّق عقوبة الإعدام إلا على المجرمين الحقيقيين، وليس المُفْترضين المظلومين بوشايات المخبر السرّيّ، أو باعترافات نُزِعت بالظلم والإكراه والتعذيب القاتل!

ومصلحة العراق، الحاليّة والمستقبليّة، توجب على القوى الفاعلة نشر السلام والعدل والمحبّة في أرجاء الوطن، ورفع المستوى الإنسانيّ بين المواطنين لبداية مرحلة جديدة خالية من القتل والإرهاب!

إنّ زراعة الشرّ والكراهية في الإنسان والأُسر المظلومة سيُثمر في يوم ما جيلا ناقما على الدولة الظالمة؛ وبالتالي ستُهْدَم الدولة من حيث تظنّ أنّها تَسير في طريق البناء!

والعدل من الفضائل الساميَة في الأمم النبيلة، وعليه ينبغي العمل على صيانة سلامة المجتمع، والابتعاد عن الظلم وتهديد كيان الإنسان بسحق القوانين الناظمة والضابطة للعدالة.



هنالك في العراق الآن ثُلّة من المفكّرين والأطباء والمهندسين والمدرسين والمعلّمين والعلماء بمختلف الاختصاصات؛ يَقبعون في ظلمات السجون ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام بحقّهم، أو هم بلا محاكمات واضحة وحاسمة لقضاياهم، أو حُكِمَ عليهم بأحكام مؤبّدة أو طويلة. ويفترض أن تُحسم هذه القضايا إما بإعادة المحاكمات، أو بعفوّ عامّ شامل باستثناء مَنْ ثَبُت تورّطهم، حقيقة، بجرائم قتل عَمد للعراقيّين
وهنالك في العراق الآن ثُلّة من المفكّرين والأطباء والمهندسين والمدرسين والمعلّمين والعلماء بمختلف الاختصاصات؛ يَقبعون في ظلمات السجون ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام بحقّهم، أو هم بلا محاكمات واضحة وحاسمة لقضاياهم، أو حُكِمَ عليهم بأحكام مؤبّدة أو طويلة. ويفترض أن تُحسم هذه القضايا إما بإعادة المحاكمات، أو بعفوّ عامّ شامل باستثناء مَنْ ثَبُت تورّطهم، حقيقة، بجرائم قتل عَمد للعراقيّين!

ويفترض أن يُنقى القضاء من التفرقة العنصريّة والطائفيّة والقوميّة، ويبتعد عن شتى أنواع الظلم، ويُفترض بالأحكام القضائيّة ألا تدور في الدوّامات الطائفية بكافّة أنواعها الدينيّة والقوميّة والفكريّة.

وعقوبة الإعدام لا تقف تبعاتها عند لحظة إعدام المتّهم (أو البريء) بل تمتد لعائلته وعشيرته؛ ولهذا يُفترض التأنّي والتدقيق بأحكام الإعدام قبل تنفيذها وفوات فرصة النجاة.

إنّ البلدان التي تقتل شبابها ورجالها قتلا مادّيّا بالإعدام والأحكام القضائيّة القاسية والظالمة، أو مَعنويّا بالاتّهامات الكيديّة التي تضرب مكانة الإنسان وسمعته أمام أهله والمجتمع، لا يمكنها النهوض والعمران!

وستُطارد صيحات المظلومين الظَلمة، وعليه يفترض أن تكون الغلبة للعدالة، والنصر للمظلوم على الظالم، والفوز للدولة بتطبيق العدالة في أرجاء الوطن، وعبر العمل الجاد الساعي للحفاظ على الحرّيّات الشخصيّة، وإنهاء وباء الظلم، وحماية الحقوق العامّة والخاصّة للمواطنين.

إنّ تَسلّل الأحكام القضائية الظالمة لأيّ مجتمع ستكون له تداعياته الآنيّة والمستقبليّة، الكبيرة والقاتلة.

إنّ القضاء العادل هو الأداة لنهوض الأمم العليلة من كبوتها، والتغلّب على واقعها المرير، والتأسيس لمجتمع متماسك، ودولة متراصة تحافظ على السيادتين الداخليّة والخارجيّة، وإلا فإنّ سياسات الانتقام الطائفيّ هي الأساس لانهيار الدولة والتماسك المجتمعيّ.

لنجعل من القضاء البوّابة الأبرز لبناء الدولة والإنسان، ولا نجعله بوابة للانتقام وزراعة الأحقاد والكراهية في مجتمعاتنا التي تعاني أصلا من مشاكل إنسانيّة عميقة.

سياسات التغليس والتجاهل للإعدامات وتنفيذها بصمت، وكذلك استمرار اعتقال آلاف الرجال، هذه السياسات لا يمكن أن تُخفَى لأنّنا نتحدّث عن كيانات بشريّة متعلّقة ومرتبطة بالمجتمع العراقيّ!

البلدان الساعية لبناء مستقبلها تزدهر فيها الجامعات والمدارس والمعامل والمصانع، والبلدان التي تكثر فيها السجون والمعتقلات لا يمكنها أن تجاري التطوّر العلميّ والتقنيّ الهائل في العالم.

عَمّروا العراق بالعلوم وليس بالسجون، وعَمّروا العراق بالعدل والإنصاف وليس بالظلم والطائفيّة!

twitter.com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق القضاء العراق حقوق الإنسان انتهاكات الاعدام القضاء مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عقوبة الإعدام التی ت

إقرأ أيضاً:

ياسر قورة: الهوية الوطنية ركيزة التماسك الاجتماعي ومستقبل التنمية (حوار)

قال المهندس ياسر قورة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد وعضو الهيئة الاستشارية العليا، إنّ الإعلام يمتلك قدرةً على تقديم نماذج إيجابية تُسهم في تعزيز الهوية الوطنية، سواء من خلال الدراما أو البرامج الوثائقية التي تسلط الضوء على الشخصيات الوطنية والإنجازات المصرية.

وأضاف عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، وعضو الهيئة الاستشارية العليا، في حواره لـ«الوطن»، أنّ الأحزاب السياسية لها دور كبير في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال تبني سياساتٍ وبرامج تركز على تعزيز القيم الوطنية، يمكن للأحزاب أن تساهم في رفع وعي المواطنين بأهمية الهوية الوطنية وإلى نص الحوار:

ما أهمية الهوية الوطنية في ظل الظروف الراهنة؟

في البداية، الهوية الوطنية عنصر أساسي يربط بين أفراد المجتمع، ويجعلهم يتشاركون قيمًا وتطلعات مشتركة، كما أنه  في الظروف الراهنة التي تتسم بتحديات داخلية وخارجية، تصبح الهوية الوطنية ضرورية لتعزيز الوحدة والولاء للوطن، في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه مصر والتي تتطلب تماسكًا مجتمعيًا قويًا، وهذا التماسك لا يمكن أن يتحقق دون تعزيز الهوية الوطنية التي تمثل العامل المشترك بين فئات المجتمع، بغض النظر عن الاختلافات الثقافية أو الاجتماعية، و يجب أن يشعر كل مواطن بأنه جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، وأن له دورًا في بنائه وحمايته.

 برأيك، كيف يمكن تعزيز الهوية الوطنية بين الأجيال الجديدة؟

تعزيز الهوية الوطنية بين الأجيال الجديدة يتطلب تضافر جهود متعددة من مختلف المؤسسات، حيث إنّ التعليم يأتي في المقدمة، حيث يجب أن تركز المناهج الدراسية على غرس قيم الانتماء للوطن، وتعزيز الوعي بالتاريخ المصري والثقافة المصرية، كما أن المدارس والجامعات لها دور كبير في تعريف الشباب بأهمية الهوية الوطنية، ويجب ألا يقتصر ذلك على دروس التاريخ فقط، بل ينبغي أن يمتد إلى الأنشطة الطلابية التي تعزز من شعور الطلاب بالانتماء.

ما دور الإعلام في تشكيل الوعي الجمعي للأجيال الجديدة؟

الإعلام يمتلك القدرة على تقديم نماذج إيجابية تسهم في تعزيز الهوية الوطنية، سواء من خلال الدراما أو البرامج الوثائقية التي تسلط الضوء على الشخصيات الوطنية والإنجازات المصرية، كما أنّ الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تُستخدم لتقديم محتوى إيجابي يسهم في غرس قيم الولاء والانتماء للوطن.

كيف تساهم الهوية الوطنية في تحقيق التنمية الاجتماعية؟

الهوية الوطنية تسهم بشكل كبير في تعزيز العمل الجماعي والمشاركة المجتمعية،  فعندما يشعر المواطنون بالانتماء إلى وطنهم، يكون لديهم دافع أكبر للمساهمة في تحقيق التنمية، والفرد الذي يشعر بأنه جزء من وطنه يكون أكثر حرصًا على المشاركة في الأنشطة التطوعية، والمبادرات المجتمعية التي تسهم في تحسين جودة الحياة، ولذلك الهوية الوطنية تربط بين الفئات المختلفة في المجتمع، ما يسهل التعاون والعمل المشترك بين الجميع لتحقيق الأهداف التنموية، وعندما تكون هناك هوية وطنية قوية، تتضاءل الاختلافات الفردية ويتم التركيز على المصالح الجماعية التي تخدم الجميع.

ما التحديات التي تواجه تعزيز الهوية الوطنية في ظل العولمة والثقافات المتنوعة؟

العولمة تمثل تحديًا كبيرًا للهوية الوطنية، حيث تُفتح الأبواب أمام تأثيرات ثقافية خارجية قد تؤدي إلى تراجع القيم الوطنية، مع دخول التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الشباب يتعرضون بشكل متزايد لثقافات مختلفة، مما قد يؤدي إلى تآكل الهوية الوطنية إذا لم تتم معالجته بشكل صحيح.

كيف نوجد التوازن بين الانفتاح على العالم والحفاظ على الهوية الوطنية؟

يجب ألا نرفض التطور أو التأثر بالثقافات الأخرى، لكن في الوقت نفسه يجب أن نحافظ على ما يميزنا كأمة، وهذا يتطلب من الدولة والمجتمع وضع استراتيجيات تعزز من القيم الوطنية وتجعلها جزءًا أساسيًا من حياة الشباب.

ما دور الأحزاب السياسية في تعزيز الهوية الوطنية؟

الأحزاب السياسية لها دور كبير في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال تبني سياسات وبرامج تركز على تعزيز القيم الوطنية، يمكن للأحزاب أن تساهم في رفع وعي المواطنين بأهمية الهوية الوطنية، كما أنّ حزب الوفد على سبيل المثال، يضع الهوية الوطنية في قلب برامجه السياسية، ونحن نعمل بشكل مستمر على تقديم مبادرات توعوية تهدف إلى تعزيز الانتماء الوطني، وأيضا من خلال مشاركتها في الحوار الوطني، يمكن للأحزاب أن تسهم في مناقشة القضايا الوطنية والتحديات التي تواجه الهوية المصرية، وتقديم حلول مبتكرة للحفاظ على هذه الهوية وتعزيزها.

كيف يمكن أن يسهم الحوار المجتمعي في تعزيز الهوية الوطنية؟

 الحوار المجتمعي هو أداة قوية لتعزيز الهوية الوطنية، ومن خلال الحوار يتمكن الأفراد من تبادل الأفكار والرؤى حول القضايا الوطنية، ما يسهم في بناء توافق حول القيم المشتركة،  كما أن الحوار يعزز من الشعور بالانتماء، حيث يشعر كل فرد بأنه جزء من النقاش الوطني وله دور في صياغة مستقبل الوطن، وفي  النهاية الهوية الوطنية ليست مجرد شعارات أو كلمات، بل هي واقع يجب أن نعيشه يوميًا من خلال أفعالنا وسلوكنا، ومن خلال الحوار والتعاون بين الجميع، يمكننا تعزيز هذه الهوية وضمان استمراريتها للأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية:نسعى لجعل حقوق الإنسان جزءاً أساسياً من ثقافة المجتمع
  • تعرف على عقوبة الامتناع عن علاج عامل حال إصابته أثناء العمل.. القانون يجيب
  • بعد تعليقها 13 عاما.. ولاية أمريكية تُعيد تنفيذ أحكام الإعدام بهذه الطريقة
  • فؤاد حسين يبحث مع مساعدة نظيره الأمريكي تشريعات حقوق الإنسان في العراق
  • حقوقيون يتحدثون عن احكام الإعدام خارج القانون التي يصدرها الحوثيون
  • مؤتمر البجا المعارض يدين قتل مدنيين على يد كتائب البراء ويطالب بتحقيق دولي
  • نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان بقرية الحراجية
  • ياسر قورة: الهوية الوطنية ركيزة التماسك الاجتماعي ومستقبل التنمية (حوار)
  • رسالة مفتوحة تدعو لعدم التصويت للسعودية في الأمم المتحدة
  • كيف حدد القانون عقوبة الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية؟