قال مسؤولون أمميون، إنه على الرغم من الحرب والمعاناة المتواصلة للفلسطينيين، والتي أثارت غضب العالم، إلا أن ما يحدث من تصعيد في سوريا، لا يلاحظه أحد خارج المنطقة.

وقال كل من رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في سوريا، باولو بينهيرو، وعضوي اللجنة هاني مجلي ولين ويلتشمان، بمقال في نيويورك تايمز، ترجمته "عربي21"، إن سوريا أيضا بحاجة ماسة إلى وقف العنف، لكن بدلا من ذلك، أصبحت الحرب المستمرة منذ أكثر من 12 عاما هناك أكثر حدة، وتمتد الآن على خمس جبهات في مشهد مشكل من الصراع.



وتقاتل قوات النظام السوري، والقوات الروسية جماعات المعارضة المسلحة في الشمال الغربي، ويقوم تنظيم الدولة بتصعيد هجماته في أنحاء البلاد، وتهاجم تركيا القوات التي تقودها وحدات كردية، في شمال شرق البلاد، وتقاتل القوات التي تقودها الوحدات الكردية القبائل المحلية، والولايات المتحدة وإسرائيل تردان على القوات المرتبطة بإيران.

وفي ظل الاضطرابات التي تعيشها المنطقة، فإن بذل جهد دولي مخصص لاحتواء القتال على الأراضي السورية أمر ضروري. إن أكثر من عقد من إراقة الدماء يحتاج إلى نهاية دبلوماسية. ومن شأن الهدنة الدائمة في غزة أن تؤدي أيضا إلى تهدئة الوضع في سوريا إلى حد كبير، مما يقلل من التوترات بين القوى الأجنبية - بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران من خلال وكلائها - التي تنشط عسكريا داخل البلاد.

وفي حمص، غرب سوريا، أدى هجوم بطائرة مسيرة شنه مهاجمون مجهولون إلى مقتل وإصابة العشرات من الطلاب العسكريين وأفراد أسرهم وغيرهم في حفل تخرج في الكلية العسكرية يوم 5 تشرين الأول/ أكتوبر.

ونفذ جيش النظام والقوات الروسية، التي تدعم بشار الأسد، هجوما بطائرة مسيرة، ورد الأسد بمهاجمة ما لا يقل عن 2300 موقع في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والأسواق ومخيمات السوريين الذين أجبروا على ترك منازلهم.

وقد اضطر نحو 120 ألف شخص إلى الفرار، وكان العديد منهم قد نزحوا أصلا عدة مرات، بما في ذلك بسبب الزلزال الضخم الذي حدث في شباط/ فبراير الماضي، كما أصيب أو قُتل ما لا يقل عن 500 مدني في الحوادث التي تتبعتها لجنتنا منذ تشرين الأول/ أكتوبر.

وتضمنت الأسلحة ذخائر عنقودية محظورة دوليا، وهي أنماط مدمرة مستمرة وثقتها لجنتنا منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011. وفي الماضي، أثارت هذه الاكتشافات غضبا واسع النطاق.



كما يقوم تنظيم الدولة بتصعيد نشاطه القاتل داخل سوريا، حيث يهاجم أهدافا مدنية وعسكرية على حد سواء، ويستمر في إظهار قدرته العملياتية وأيديولوجيته المتطرفة.

وفي الوقت نفسه، في شمال شرق البلاد، سرعت القوات التركية عملياتها ضد ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية، المصنفة لدى أنقرة منظمة إرهابية، وتقاتل نفس المجموعة أيضا القبائل المحلية في دير الزور، أكبر مدينة في شرق سوريا، في صراع تغذيه المظالم القديمة من فشل الإدارة المحلية التي تقودها الوحدات الكردية في توفير الخدمات الأساسية أو تأمين الحقوق الأساسية. ولا تزال الوفيات بين المدنيين التي أعقبت ذلك غير محسوبة.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن التوترات الإقليمية المتصاعدة الناجمة عن العدوان على غزة أدت إلى زيادة الهجمات على الأراضي السورية من قبل إسرائيل والمليشيات الإيرانية.

وتعرضت القواعد الأمريكية في سوريا للهجوم أكثر من 50 مرة من قبل المليشيات منذ أكتوبر. قبل وقت طويل من هجوم 28 كانون الثاني/ يناير في الأردن الذي أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأمريكية، شنت الولايات المتحدة ضربات انتقامية على منشآت يقال إن الجماعات المرتبطة بإيران تستخدمها، وأدت عمليات القتل في الأردن إلى موجة جديدة من الهجمات الأمريكية في سوريا والعراق واليمن، مما يثير مخاوف من نشوب صراع أوسع نطاقا.

ومن ناحية أخرى، أدت الضربات الجوية الإسرائيلية، التي تستهدف ظاهريا الأصول المرتبطة بإيران، إلى إخراج المطارات المدنية السورية، التي تشتد الحاجة إليها لتسليم المساعدات الإنسانية، من الخدمة بشكل متكرر.

وفي خضم كل هذا، يواجه السوريون صعوبات متزايدة لا تطاق. ويحتاج ما يقرب من 17 مليون منهم إلى المساعدات الإنسانية مثل الغذاء والماء والرعاية الطبية. ومع ذلك، فإن عمليات تسليم المساعدات معلقة بخيط رفيع، وتعتمد على تعسف الحكومة السورية وتعوقها العقوبات. وفي الوقت نفسه، أجبر النقص الحاد في أموال المانحين برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة على تعليق المساعدات الغذائية المنتظمة في سوريا، مما عرض الملايين للجوع.

لقد أودت إحدى الحروب الأهلية الأكثر وحشية في هذا القرن بحياة أكثر من 300 ألف مدني في سوريا خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية. وليس من المستغرب أن يصل عدد السوريين الذين يطلبون اللجوء في أوروبا في تشرين الأول/ أكتوبر إلى أعلى مستوى له منذ سبع سنوات.

حتى الآن، تم ارتكاب كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تغطيها المحكمة الجنائية الدولية تقريبا في سوريا: الاستهداف المتعمد للمستشفيات والعاملين في المجال الصحي، والهجمات المباشرة والعشوائية على المدنيين (بعضها يتضمن أسلحة كيميائية) تحت ستار محاربة "الإرهابيين"، عمليات إعدام بإجراءات موجزة وتعذيب واختفاء قسري لعشرات الآلاف من الأشخاص. أضف إلى ذلك الإبادة الجماعية للإيزيديين التي لم تتم معالجتها إلى حد كبير خلال فترة حكم تنظيم الدولة في أجزاء من سوريا.

إن عدم احترام حقوق الإنسان الدولية الأساسية والقانون الإنساني الدولي في سوريا منذ فترة طويلة لا يؤدي إلى قتل وتشويه الضحايا من جميع أطراف النزاع فحسب، بل يؤدي أيضا إلى تآكل جوهر نظام الحماية الدولي. إننا نشهد مثل هذا التجاهل للقانون الدولي في قائمة متزايدة من الصراعات - بما في ذلك في أوكرانيا والسودان والآن في غزة.

ويتعين على الدول الأعضاء أن تتحرك بشكل عاجل لوقف هذا التوجه المثير للقلق. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، أمرت محكمة العدل الدولية سوريا بوقف التعذيب. في السنوات الأخيرة، أدان المدعون العامون في أوروبا أكثر من 50 من مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا. ويجب مواصلة هذه الجهود ودعمها وتوسيع نطاقها فيما يتعلق بالفظائع المرتكبة ليس فقط في سوريا، بل في كل مكان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تصعيد سوريا سوريا نازحين تصعيد سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بما فی ذلک فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: نزوح جماعي من مخيم زمزم في السودان ويجب حماية المدنيين

قالت الأمم المتحدة إن سكان الفاشر وطويلة وأجزاء أخرى من ولاية شمال دارفور يواجهون "وضعا مروعا" بسبب النزوح الجماعي وسقوط ضحايا من المدنيين وتزايد الاحتياجات الإنسانية، حيث سعى العديد من المدنيين إلى إيجاد الأمن والمأوى بعد استيلاء قوات الدعم السريع على مخيم زمزم.

وأفاد شركاء الأمم المتحدة في المجال الإنساني على الأرض أن مئات الآلاف من سكان المخيم فروا إلى مواقع أخرى. وفي مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، ذكّر المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن بعض سكان المخيم كانوا يعيشون فيه منذ بداية الصراع في دارفور عام 2003، وأنه تم تأكيد ظروف المجاعة هناك مؤخرا.

وقال: "إن التدفق الهائل للنازحين إلى المجتمعات والبلدات المضيفة حيث الاحتياجات مرتفعة بالفعل يخلق ضغطا حرجا على الخدمات الصحية والبنية التحتية للمياه وأنظمة الغذاء المحلية في جميع أنحاء شمال دارفور".

القدرة على الاستجابة
وقال السيد دوجاريك إن المنظمة وشركاءها الإنسانيين يوسعون نطاق عملياتهم لتلبية الاحتياجات المتزايدة في مناطق متعددة من الولاية، إلا أن حجم النزوح، إلى جانب انعدام الأمن والقيود اللوجستية المتزايدة التي أعاقت وصول المساعدات الإنسانية، "يُثقل كاهل القدرة على الاستجابة بشدة".

وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة إلى العمل على تنسيق مهمة عبر الحدود من تشاد إلى دارفور في الأيام المقبلة، ستحمل مساعدات لما يصل إلى 40 ألف شخص. بالإضافة إلى ذلك، تدير المنظمات غير الحكومية المحلية في الفاشر عيادات صحية متنقلة وعيادات تغذية، وقد أطلقت مشروعا لنقل المياه بالشاحنات، يوفر 20 مترا مكعبا من المياه يوميا لعشرة آلاف شخص.

ودعا السيد دوجاريك جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي الإنساني، وضمان المرور الآمن للمدنيين، وتسهيل وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

لعمامرة يكثف المساعي
وفي سياق متصل، وصل المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، رمطان لعمامرة، إلى بورتسودان، حيث التقى بالجنرال عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى كبار المسؤولين الآخرين.

وتأتي هذه الزيارة في إطار تكثيف مشاوراته وتواصله مع الأطراف وجميع الجهات المعنية لاستكشاف سُبل تعزيز حماية المدنيين وأي جهد لتهدئة الصراع.

وقال السيد دوجاريك إن المبعوث الشخصي سيؤكد من جديد خلال زياراته دعوة الأمم المتحدة إلى حوار عاجل وحقيقي بين أطراف الصراع من أجل وقف فوري للأعمال العدائية.

وجدد المتحدث دعوات الأمم المتحدة إلى عملية سياسية شاملة لمنع مزيد من التصعيد، وحماية المدنيين، وإعادة السودان إلى مسار السلام والاستقرار.

وأضاف: "نحث الأطراف على اغتنام فرصة زيارة السيد لعمامرة إلى البلاد والمنطقة للالتزام بالانخراط في طريق شامل للمضي قدما وتعزيز حماية المدنيين، بما في ذلك من خلال محادثات غير مباشرة محتملة".  

مقالات مشابهة

  • مسؤولون أمريكيون يكشفون كيف تمكن الحوثيون من إعاقة خطة ترامب والانتقال للمرحلة الثانية منها؟
  • مسؤولون أمريكيون: 700 غارة جوية دفعت الحوثيين للاختباء تحت الأرض
  • مسؤولون يكشفون لـCNN كيف نجح الحوثي بإعاقة خطة ترامب والانتقال للمرحلة الثانية منها
  • منظمات أممية: 420 ألف نازح في غزة منذ استئناف الحرب وأزمة الغذاء تتفاقم
  • الأمم المتحدة: نزوح جماعي من مخيم زمزم ويجب حماية المدنيين
  • فرصة أخيرة قبل التصعيد الشامل في غزة.. مبادرات تهدئة وضغوط دولية
  • الأمم المتحدة: نزوح جماعي من مخيم زمزم في السودان ويجب حماية المدنيين
  • أبو الغيط: الحرب الوحشية الإسرائيلية تتواصل يوميا ضد المدنيين في غزة
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ
  • بهدف حماية المدنيين.. إتلاف الأطنان من مخلفات الحرب بـ«الجبل الغربي»