تمهيد حوثي في صنعاء لمحاكمة قاضٍ انتقد زعيمهم
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
كشفت مصادر قانونية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء عن أن الجماعة الحوثية تخطط لمحاكمة القاضي عبد الوهاب قطران المعتقل منذ شهر على خلفية انتقاده قرار زعيم الجماعة مهاجمة الملاحة في جنوب البحر الأحمر، يأتي هذا في حين اشترطت الجماعة وقف نشاط نادي المعلمين بشكل نهائي بوصفه شرطاً لإطلاق رئيسه المعتقل منذ 4 أشهر.
ونقلت صحيفة«الشرق الأوسط»، عن مصادر قانونية في صنعاء فإن مخابرات الحوثيين وبعد فشلها في إثبات تهمة صناعة المشروبات الكحولية للقاضي قطران، تتجه إلى إحالته إلى المحاكمة بتهمة التخابر مع الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف الداعم لها، وهي التهمة التي وجهت للعشرات من المعارضين وصدرت بحقهم بعد ذلك أحكام بالإعدام.
وأكدت المصادر أن الجماعة ومنذ شهر أخضعت القاضي لجلسات تحقيق وتعذيب نفسي مطولة بعد أن قامت بمصادرة هاتفه الشخصي واستخراج جميع محتوياته وكذلك حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي وحتى حاسوب نجله وهواتف أسرته بغرض تكييف تهمة تغطي على مداهمة منزله واعتقاله.
مخاطبة الأمم المتحدة
بدوره، وجه نادي قضاة اليمن خطاباً إلى مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اليمن بشأن اختطاف القاضي قطران وانتهاك حرمة مسكنه، وإرهاب أسرته وأطفاله وأخذه إلى مكان مجهول حتى الآن، على خلفية كتابته ومواقفه المدافعة عن حقوق الإنسان.
وأكد النادي في رسالة وقعتها القاضية رواء عبد الله مجاهد، القائمة بأعمال رئيس نادي القضاة، أن ما حدث انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، فضلاً عن انتهاكه الحصانة القضائية التي يتمتع بها قطران، وطالبت المفوضية بأن تأخذ سلامة القاضي بعين الاعتبار، وإدانة وتسجيل هذه الجريمة بحق القضاة، ومطالبة الجهات المختصة وذات الصلة داخلياً وخارجياً بالإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط.
وفي السياق، أكد محمد نجل القاضي قطران أن أخاه ذهب لزيارة والده في سجن الأمن والمخابرات، حيث لاحظ عليه من خلف الزجاج شحوب وجهه وقتامة لونه، وتدهور صحته التي تكشف عنها تعابير وجهه غير المعتادة، وذكر أن والده كرر على أخيه مقولة «إنه ميت» وطلب من أسرته وأصدقائه التحرك وتصعيد الاحتجاجات وحشد القبائل.
وحمل نجل القاضي قطران، زعيم جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن حياة والده وصحته، وقال إنه يعاني من العديد من الأمراض المزمنة، إذ إنه مصاب بالسكر واضطرابات القولون العصبي وارتفاع ضغط الدم وسرعة ضربات القلب وصداع مزمن. وأكد أنه يعاني من التعذيب النفسي، والضغوط التي تمارس عليه ولا يحتمل مزيداً من الضغط والعذاب.
شروط معقدة
ذكرت مصادر قبلية وأخرى عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين ردوا على مطالب قبائل ذمار وإب بإطلاق سراح رئيس نادي المعلمين والمعلمات عبد القوي الكميم، واشترطوا توقيعه على تعهد بعدم العودة لممارسة نشاطه في قيادة النادي الذي قاد احتجاجات المعلمين المطالبين برواتبهم المقطوعة منذ 8 أعوام، وعدم ممارسته أي نشاط نقابي أو حزبي أو دستوري أو قانوني.
وبحسب المصادر، فإن الكميم المعتقل منذ 4 أشهر رفض العرض، وأكد أن ما يقوم به لا يتعارض مع الدستور أو القانون، وأن المطالبة برواتب المعلمين حق مشروع، وأن قطعها يخالف القانون والتزام الطرف الذي يحكم المناطق التي يعيشون فيها.
من جهتها، استنكرت نقابة المعلمين اليمنيين بشدة، إصرار الحوثيين على استمرار اعتقال رئيس اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين، وعدّت شروط إطلاق سراحه تأكيداً على أن الجماعة تعيش خارج العصر، وامتداداً لممارسة سطوتها على مؤسسات الدولة منذ عام 2014.
وطالبت النقابة من جميع المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والأجنبية الضغط على الحوثيين لإطلاق المحتجزين وإيقاف تعسفاتها ضد المعلمين في مناطق سيطرتها وفي سجونها، كما دعت جميع النقابات التربوية بشكل خاص والنقابات المهنية والعمالية بشكل عام إلى توحيد صفوفها وتنسيق مواقفها، والتمسك الحازم بحقوقها الدستورية والقانونية في الحريات النقابية والمدنية والسعي الجاد لرفع الظلم عن الشرائح المهنية والعمالية جراء حرمانهم من حقوقهم المشروعة.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
لماذا يُصر الاحتلال على نزع سلاح المقاومة؟.. هل هو تمهيد لمشاريعه التوسعية؟
يطرح الاحتلال الإسرائيلي نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في غزة باعتباره شرطا لاستئناف المفاوضات الرامية إلى إنهاء العدوان الوحشي المتواصل على القطاع، ما يثير تساؤلات جدية حول جدوى هذا الطرح، خاصة في ظل التاريخ الطويل من الاعتداءات الإسرائيلية وعدم التزامها بالاتفاقات المبرمة داخل فلسطين وخارجها.
وتطرح وقائع السنوات الماضية، إضافة إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين، صورة أوسع لمشروع لا يقتصر على "أمن" الاحتلال، بل يمتد إلى سوريا ولبنان ودول أخرى بينها السعودية، ويغذي الطروح التي تؤكد أن نزع السلاح الفلسطيني لن يكون نهاية الصراع، بل ربما مدخلا لمرحلة جديدة من الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.
ما المهم في الأمر؟
الحديث عن نزع سلاح المقاومة الفلسطينية ليس جديدا في الخطاب الإسرائيلي، لكنه عاد مؤخرا إلى الواجهة عقب خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وفي حين ترفض المقاومة بشكل مطلق مناقشة نزع السلاح، يسعى الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن عدوانا وحشيا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر عام 2023، إلى ربط نزع السلاح بالمفاوضات الرامية لوقف الحرب.
وكان الوسطاء نقلوا مقترحا يتضمن نصا صريحا لأول مرة يتحدث عن نزع سلاح المقاومة، كشرط لإنهاء حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة.
غير أن هذا المطلب لا يأتي ضمن رؤية متكاملة لتسوية سياسية عادلة، وإنما يندرج ضمن نهج عسكري تقليدي يسعى لتصفية أدوات المقاومة دون معالجة جذور الصراع، وعلى رأسها الاحتلال والاستيطان والحصار وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
ما وراء غزة؟.. خريطة أطماع تتسع
منذ سنوات، لم تكن الاعتداءات الإسرائيلية محصورة في الأراضي الفلسطينية. ففي سوريا، نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على مدى أكثر من عقد، طالت مطارات عسكرية ومدنية ومراكز بحوث ومواقع في العمق السوري.
ورغم أن تذرع الاحتلال بالنفوذ الإيراني في هجماته على سوريا قبل سقوط نظام الأسد، لكن مراقبين رأوا أن هذه الهجمات تمثل سياسة إسرائيلية ممنهجة لضرب أي بنية عسكرية عربية قد تشكل لاحقا تهديدا لمصالحها، وهو ما انعكس في مئات الغارات العنيفة على سوريا بعد سقوط النظام.
وفي لبنان، تستمر دولة الاحتلال الإسرائيلي في خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نهاية تشرين الثاني /نوفمبر الماضي، حيث نفذ ما يزيد على ألف خرق، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين.
وكان من المفترض أن تستكمل قوات الاحتلال انسحابها الكامل من جنوب لبنان بحلول فجر 26 كانون الثاني/ يناير الماضي، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار، لكنها طلبت تمديد المهلة حتى 18 شباط/ فبراير الماضي.
ورغم مضي فترة تمديد المهلة، فإن حكومة الاحتلال واصلت المماطلة بالإبقاء على وجودها في 5 تلال داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، دون أن تعلن حتى الساعة عن موعد رسمي للانسحاب منها.
ولا تقتصر التهديدات الإسرائيلية على الدول المجاورة، فقد برزت الأطماع الإسرائيلية في ما هو أبعد من ذلك في تصريحات أطلقها مسؤولون إسرائيليون بينهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
في شباط /فبراير الماضي، قال نتنياهو الذي لا يفتأ يعيد التأكيد على رفضه لحل الدولتين، "لا مانع لدي بإقامة الدولة الفلسطينية في السعودية، لديهم مناطق شاسعة"، وهو ما أثار استنكارا سعوديا شديدا.
وجاءت تصريحات نتنياهو عقب مباحثات ثنائية جرت في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أثار موجة من الانتقادات عقب ترويجه لمشروع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، وهو طرح جاء في أعقاب تصريحات تحدث فيها ترامب أن "مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها".
من التصريحات إلى "العقيدة السياسية"
تعكس هذه التصريحات وجود تيار سياسي داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يرى حلا في إطار الدولتين، بل يسعى لإعادة رسم خرائط النفوذ على أسس أمنية ودينية وتاريخية تحت شعار "تغيير وجه الشرق الأوسط"، وهي عبارة رددها نتنياهو في أكثر من مناسبة بعد السابع من أكتوبر.
وكان وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، شدد في تصريحات سابقة على أن حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق.
كما دعا المتطرف سموتريتش إلى حل السلطة الفلسطينية وضم جميع الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا أن "أرض إسرائيل الكبرى يجب أن تمتد الآن من البحر إلى الأردن".
وتتجلى رؤية الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى بسط الهيمنة في مساعيها الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال تعزيز الاستيطان ودعم عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى عدم انسحابها الكامل من جنوب لبنان وقضمها أراضي سورية جديدة خلال الأشهر الماضية، معلنة انهيار اتفاقية فض الاشتباك الموقعة مع دمشق في 1974.
هل ينهي نزع السلاح المأساة؟
في الضفة الغربية المحتلة، لم تتوقف دولة الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ عمليات اقتحام واعتقال يومية، وتوسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وهو ما تصاعد بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر.
وفي القدس المحتلة، تتواصل محاولات تهويد الأحياء القديمة، ومنع الفلسطينيين من الصلاة بحرية في المسجد الأقصى المبارك.
ويشدد الباحث في الشأن الإسرائيلي، صلاح العواودة، على أن "المشكلة تكمن في الاحتلال نفسه، وليس في سلاح المقاومة"، مشيرا إلى أن الضفة الغربية تمثل مثالا صارخا على ذلك.
وأوضح العواودة في حديثه لـ"عربي21"، أن "الضفة لا يوجد فيها سلاح بعدما قضوا على كل الفصائل والأجنحة العسكرية، وأنشأوا قوات أمن خالية تماما من الخلفية النضالية والمناضلين السابقين، ما حولها إلى أجهزة أمنية مهنية خاضعة للاحتلال ومنسجمة معه بشكل كامل".
وأضاف أن "النتيجة مع ذلك كانت استيطانا وتهجيرا وتضييقا على الفلسطينيين، بل وحصارا حتى على السلطة الفلسطينية نفسها"، لافتا إلى أن "موضوع السلاح لا يمكن الدخول فيه بأي حال من الأحوال".
وأشار إلى أن "نزع السلاح سيدخلنا في موضوع تعريفات الاحتلال”، متسائلا: "ماذا يقصد الاحتلال بنزع السلاح؟ إذا دخلنا في هذا الباب لا نخرج، كما حدث في اتفاقيات أوسلو والتخلي عن العنف".
وبحسب الباحث، فإن الاحتلال الإسرائيلي "يأخذ عنوانا مثل نزع السلاح، ويبدأ بوضع تفسيرات مختلفة حسب شهوات من يصل إلى السلطة"، موضحا أن "إدخال الأمر في هذا النفق هو تدمير للقضية الفلسطينية، والرفض هو الأمر الطبيعي".