لجريدة عمان:
2024-11-26@21:51:21 GMT

نوافذ :الكف.. بين بسط وقبض

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

[email protected]

جميعنا -كما أتوقع- يعي أن من بيده البسط والقبض هو الله سبحانه وتعالى، ولكن الله تعالى أعطانا الكثير من الفرص لنمارس من خلالها هذين الفعلين (البسط/القبض) وأنشطتنا على اتساع رقعتها لا تخلو من ذلك، ففي كل حركة وتوقف هناك قبض وبسط، في حالات الرضى «السعادة» وفي حالة القنوط «التعاسة» ولأننا تتجاذبنا الكثير من المشاعر، والكثير من ردات الفعل النفسية؛ فإنه؛ ربما قد تكثر عندنا حالات القبض أكثر منها حالات البسط، مع أن حالات القبض زمنها الذي نقضيه معها صعب للغاية، ومؤلم عندما نستحضر ثقله على النفس، وعندما نمارسه على الآخر من حولنا، وإن لم نشعر بمعاناة هذا الآخر.

ينظر إلى كلا الأمرين (البسط/ القبض) إلى أنهما متعلقان بالحالة النفسية عند كل منا، أكثر من أنها حالة ميكانيكية، يتم توظيفها حسب المزاج، ولأن المسألة نفسية بالدرجة الأساس -حسب الفهم- فإنه كثير ما نفشل في المواقف الصعبة، أو الفجائية، ففي الوقت الذي يتوقع منا الآخر حالة البسط؛ نصدمه بالقبض، والعكس أيضا صحيح، نمارس ذلك ليس بحول منا، وإنما انعكاس للحالة النفسية التي نعيشها، ولذلك نقحم -ونحن معذورون- بإطلاق أحكام مبالغ فيها، في كثير من الأحيان على من حولنا، ونصفهم بأوصاف قد لا تكون دقيقة، فقط لأنهم أظهروا أمامنا وجوها عابسة، أو بخلا مجردا -ماديا، شعوريا- أو أنانية مفرطة، أو نصيحة كنا نحتاجها في لحظة حرجة، أو ومضة لخبرة من تجربة حياة، وقس على ذلك أمثلة كثيرة.

لماذا الـ«الكف»؟ هو مقاربة مادية لتجميع فعل الخير عبر هذا الكف الذي يوصلنا إلى الآخر عبر مصافحته، عبر التصدق إليه، عبر العفو عن أخطائه، عبر توديعه، عبر التودد إليه، عبر التوافق معه، عبر التعاون معه، عبر تأييده، عبر رفض مواقفه، عبر إيصال رسائلنا إليه، فالكف تجميع لمثل كثيرة؛ أغلبها سامية، وتعقد مع هذا الآخر صفقات من الود، والاحترام والتقدير، ومن ذلك فهو يحتلّ هذه الرمزية المهمة، وهذه المكانة التي يجير فيها مختلف العلاقات بين البسط والقبض، نعم، قد ينافسه الوجه في بعض إبداء المشاعر، وهي المشاعر التي يفضح بها النفس المختلجة بكثير من الشعور، ولكن يبقى الكف هو محور الكثير من صفقاتنا الإنسانية مع الآخر، ولن نتحدث عن السلبية هنا.

تظل المراوحة بين (البسط/ القبض) سلوكا ديناميكيا في ظاهره، ولكن تظل النفس هي التي تعتلج به، وهي التي تتقدم به عبر الكف، فلن تستطيع أن تمد كفك للآخر وأنت تحمل في نفسك عليه الكثير من العتاب أو الغضب، ولن تستطيع أن تمد يدك بعطاء لفرد يتوسل إليك دون أن تطمئن نفسك لصدقه، ولن تستطيع أن تمتد كفك لجماعة تشاركها العمل على تنفيذ اتفاق ما؛ دون أن تكتمل عناصر هذا الاتفاق، ولن تستطيع أن ترفع كفك لتوديع شخص ما دون أن يلقي عليك آخر كلمة لمعنى الرحيل، وقس على ذلك أمثلة كثيرة.

قد يتدخل العرف الاجتماعي، أو الثقافة، أو الالتزام الرسمي في موضوعات (البسط/ القبض) فليس كل شيء يتاح له أن يُبْسَطْ، وليس كل شيء يتاح له أن يُقْبَضّ، وإن مثل هذا التحجيم في ممارسات نسبية ضئيلة، لكنها تظل حاضرة في هذا الجانب من الممارسات في مختلف الأوساط، وخاصة الاجتماعية منها، فليس هناك بسط مطلق لكثير من الأحاديث المتناقلة بين الناس، وليس هناك قبض مطلق لكثير من المعلومات والنصائح التي يستفيد منها الناس، فابسط كفك تكن أفضل الناس.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکثیر من تستطیع أن

إقرأ أيضاً:

الوجه الآخر لقرار الجنائية الدولية فخ جديد لنا!

نوفمبر 26, 2024آخر تحديث: نوفمبر 26, 2024

د. علي عزيزأمين

يبدو أن كل ما شاهدناه وسمعناه من امتعاض أمريكي وسخط إسرائيلي حول قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق شخصَي المجرمان نتنياهو وغالانت بعد طول تسويف وانتظار، ما هو إلّا مجرّد ضوضاء وفعاليات هوجاء مدروسة ومحبوكة بمنتهى الدقة والعناية، جرى هندستها والاتفاق عليها مسبقاً بين الإدارتين الصهيونيتين في واشنطن وتل أبيب، حيث أن كلتاهما لا تباليان أصلاً بتلك المحكمة، ولا تعتبرانها سوى أداة من أدوات الغرب الاستعماري المتنوّعة، يستخدمها هذا الغرب كما ومتى يشاء وفقاً لمصالحه الخاصة، والتي تقتضي الآن إظهار معاداته لها، وهذا شيء بديهي كون القرار الصادر ضدهم ويمس ساميّتهم المسمومة. لكن ما خفي ليس أعظم، بل أقذر وأحقر!

جميعنا شهدنا قرار تلك المحكمة في شهر آذار من العام الماضي 2023 بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكيف تلقّى الخبر حينها عالمنا العربي، وبالتحديد فئتنا وبيئتنا القومية المقاوِمة، فنحن وهو ما كانت الإدارة الأمريكية متيقّنة منه، مؤمنين بأنه لا خلاص ولا مناص للعيش بسلام وأمان سوى بانتقال العالم إلى عالم التعددية القطبية، وهذا الأمر لم يعد خافياً على أحد بأن من يقود زمامه ويسير به هو الرئيس فلاديمير بوتين وإدارته التي تتحلى وتمارس أقصى درجات ضبط النفس، وهو ما جعله وإدارته عُرضة للانتقاد في العديد من المرات حتى مني شخصياً أحياناً ومن الأصدقاء الأكثر إخلاصاً وتفانياً أيضاً، ليس للانتقاد السلبي المراد منه الطعن والتشكيك والتشويه بل لأننا فعلاً وحقيقةً يجب أن يدركها الجميع بقارب واحد، ولكن هذا نابع من ما يحدث كل يوم من أهوال  مُشاهدة مناظر القتل والإجرام التي تمارسها بحقنا جيوش الغرب الاستعماري وعلى رأسهم أمريكا بشكل مباشر تارة، وعبر ذراعها الإسرائيلي تارات أخرى. خصوصاً وأن هؤلاء هم أنفسهم الذين يحاصرون الشعب الروسي، ويرسلون أسلحتهم الفتاكة لقتلهم عبر ذراعهم الأوكراني المتمثل بالمجرم المنحرف زيلينسكي وزمرته الصهيونية النازية.

ولعل هذا القرار الذي اتخذته تلك المحكمة والتي أصفها من وجهة نظري بأنها سيئة الصيت، يحاول الغرب من خلاله أن يساوي بين الرئيس بوتين ودراكولا العصر نتنياهو وعصابته، وبين روسيا الاتحادية و”الكيان” النازي صنيعة الغرب الاستعماري كما نظام كييف العميل له. مُوجهاً تلك الصورة البليدة ـ أي المقارنة المشوّهة ـ إلى شعوبنا، ليُحفزّها للإشادة بالقرار محاولاً إقناع السُذّج منهم: بأنكم يجب أن تعلموا أن بوتين الذي تحبونه وتعتبرونه الداعم الدولي القوي لما تعتبرونها قضيتكم المركزية فلسطين، وتأملون به خيراً، لا يختلف عن نتنياهو، فكلاهما مجرميْ حرب.

وفي الختام، فإن على عقلاء العرب والمسلمين وأحرار وشرفاء العالم أن يمتنعوا عن التطبيل والتهليل بما يصدر عن هياكل الغرب الاستعماري، وأن ينظروا لكل ما يصدر عنها بعين الشك والريبة، خاصة وأن هذه الهياكل جميعها لم تنصف الشعوب المظلومة في العالم، ولم تتمكّن من تنفيذ ما أقرته وكررته مراراً وتكراراً من قرارات تمس “الكيان” المجرم أو قيادات ودول الغرب الاستعماري التي فتكت بعشرات الملايين من الأبرياء، ولا تزال تسير على ذات المنوال. وليكن قرارنا الوحيد الأوحد أن نقاتلهم حتى آخر رمق، سواء في فلسطين أو لبنان وكلٌّ حسب موقعه حتى تحرير كل أراضي لبنان والجولان وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، أما دراكولا العصر، فوعداً سنسفك دمه الفاسد، ونرشه على قبره ونكتب: قبر دراكولا العصر، وفي ذلك حقّ وعدل.

مقالات مشابهة

  • مدرب ستاد أبيدجان: الأخطاء كلفتنا الكثير لكن خبرة الأهلي صنعت الفارق
  • الوجه الآخر لقرار الجنائية الدولية فخ جديد لنا!
  • هل تستطيع السعودية مواكبة موجة الإنفاق الطموحة على المشاريع الضخمة؟
  • نوافذ للحياة
  • رئيس لجنة شؤون الأسرى لـ “الثورة نت”: مستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها برعاية الامم المتحدة دون قيد أو شرط
  • كيف تستخدم الصمت كعلاج؟
  • باحث زراعي: مصر تستطيع أن تصبح نموذجا لإنتاج الغذاء المستدام
  • تيباس لرئيس ريال مدريد: لن تستطيع خداع أندية "الليغا"
  • كريم رمزي: لا تنتظروا الكثير من الزمالك.. والأبيض لن يدخل سوق الانتقالات بقوة
  • "مانهاتن الصحراء".. مدينة عربية بناطحات من الطين