الصناعة طوق نجاة للاقتصاد الوطنى
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
ونحن فى خضم أزمة اقتصادية عالمية؛ خرجنا منها جميعاً بدرس مفاده أنه لا سبيل لاستقرار جهود التنمية ودعم الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات والتقلبات، إلا من خلال الإنتاج الوطنى وزيادة معدلات التصدير، وهو ما لن يتحقق دون دعم للصناعة الوطنية.
إحدى المشاكل الرئيسية للاقتصاد المصرى تتمثل فى العجز فى الميزان التجارى المصرى ما بين الصادرات والواردات؛ وهو ما شكل ضغطًا على الغطاء النقدى المصرى من العملات الأجنبية.
على سبيل المثال؛ سعر طن حديد التسليح المصرى يتراوح ما بين 800 إلى 900 دولار، فى مقابل متوسط 620 دولارا عالمياً، وهى فجوة حقيقية. لكن السر هنا فى أسعار الطاقة؛ حتى ما بعد ارتفاع أسعار الغاز جراء الأزمة الروسية الأوكرانية يبقى الفارق كبيرا. ومع ذلك شهدت أسعار الغاز الطبيعى تراجعا كبيرا على مستوى العالم خلال عام 2023. متوسط سعر مليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعى مع بداية عام 2024 هو 2.79 دولار أمريكى فى الولايات المتحدة الأمريكية، ومتوسط 3 دولار أوروبيا، مقابل 5.75 دولار أمريكى فى مصر، وهناك دول تقل عن متوسط 2 دولار مثل السعودية والجزائر، نفس الأمر فيما يتعلق بصناعات الأسمنت والأسمدة، لا يقل الحد الأدنى لسعر البيع لصناعة الأسمدة عن 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. بينما سعر بيع الغاز الطبيعى المورد لصناعة الأسمدة غير الأزوتية بواقع 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. ونحو 12 دولارا لصناعة الأسمنت، وهو ما يضع تلك الصناعات فى وضع تنافسى وتجارى صعب أمام المنافسة العالمية والإقليمية رغم أنها تمتلك مؤهلات المنافسة عالمياً.
على مستوى الكهرباء؛ أصبحت أسعار الكهرباء فى مصر ضعف مثيلتها فى الاتحاد الأوروبى والدول المجاورة، مما يحمل الصناعة المصرية أعباء إضافية ترفع من تكلفتها الإنتاجية، وتقلل من تنافسيتها ففى تم رفع سعر الكيلو وات ساعة من الكهرباء - على شبكة الجهد الفائق- المورد للمشروعات الكبيرة والصناعات الثقيلة كصناعة الحديد والصلب فى مصر إلى نحو 132.3 قرشا لكل كيلووات ساعة بدلا من 110 قروش بداية من يناير 2024، والمصانع على الجهد المتوسط تدفع 138.9 قرش لكل كيلووات ساعة بدلا من 115 قرشا. كذلك المصانع على الجهد المنخفض تحاسب بـ 150 قرشا لكل كيلووات ساعة بدلا من 125 قرشا.
فى المقابل سعر الكهرباء للصناعة فى دول الاتحاد الأوروبى يتجه للانخفاض، ألمانيا الاقتصاد الأكبر فى الاتحاد الأوروبى أعلنت عن خطة لخفض أسعار الكهرباء للصناعة ممتدة لعام 2025 قابلة للزيادة، بموجب المخطط الألماني؛ يتم خفض الضريبة على الكهرباء بشكل كبير» فى قطاع الصناعة، من خلال تخفيضها من 1.537 سنت لكل كيلووات ساعة إلى الحد الأدنى الأوروبى البالغ 0.05 سنت لكل كيلووات ساعة، هذا يعنى أن سعر توريد الكهرباء فى مصر للصناعة الثقيلة يعتبر أعلى من ضعف سعر الكهرباء فى الاتحاد الأوروبى، وهو ما يوضح مدى الضغوط والأعباء التى تتحملها الصناعة المصرية، ومع ذلك تستمر فى المنافسة تصديرا استغلالا لعامل الجودة، لكن الأسعار عامل تنافسى مهم أيضاً.
ورغم تلك الفوارق الكبيرة لا تزال القلاع الصناعية الوطنية تتحمل فارق التسعير لأسعار التصدير، وتستمر فى التصدير متحملة العبء الأكبر فى تدبير مواردها من النقد الأجنبى لتغطية تكاليف مدخلات الإنتاج المستوردة، لكن استمرار هذا الفارق الكبير فى أسعار الطاقة يحرم المصانع المصرية من فوائد تخفيض قيمة الجنيه المصرى.
لن أملُّ ولن أكلُّ من تكرار أن الصناعة الوطنية، ومبادرات الأعمال الوطنية صغيرة كانت أو كبيرة، صناعة صغيرة أو ثقيلة هى طوق النجاة للاقتصاد المصرى للخلاص من أزماته، وعبور عثراته. لذلك يجب أن تكون الأولوية فى أى حديث عن اصلاح اقتصادى هو العمل على تحفيز الاستثمار الصناعى من أجل توطين وتعميق الصناعة المحلية فى مصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أزمة اقتصادية عالمية معدلات التصدير الاتحاد الأوروبى الصناعة المصریة فى مصر وهو ما
إقرأ أيضاً:
أسوان تحتفي برائدة الفن الإماراتي «نجاة مكي» في مهرجان طيبة الدولي
شهد مهرجان طيبة الدولي للفنون التلقائية ومسرح الطفل، المنعقد في مدينة أسوان، والذي تُقام دورته الثامنة بمدينة أسوان خلال الفترة من 10 وحتى 15 من شهر نوفمبر الجاري، تكريمًا خاصًا للفنانة التشكيلية الإماراتية الدكتورة نجاة مكي، والتي تعد من أبرز رواد الفنون التشكيلية في المنطقة العربية.
سلط المهرجان الضوء على مسيرة الفنانة الحافلة بالإنجازات، واستعرض إسهاماتها الكبيرة في تطوير الحركة الفنية في الإمارات والمنطقة. كما تم الاحتفاء بتجربتها الفنية الفريدة التي تميزت بالعمق والتراث، حيث استوحت الفنانة الكثير من أعمالها من البيئة الإماراتية وتراثها العريق.
وقالت الدكتورة هنا مكرم، رئيسة المهرجان، أنه تم تسليط الضوء على مسيرة الفنانة القديرة الدكتورة نجاة مكي، واستعراض إسهاماتها الكبيرة في الحركة التشكيلية العربية، والتوقف عند أهم المحطات في رحلتها مع الفنون التشكيلية، التي كانت قد بدأتها من مصر التي درست بها الفنون، ونالت منها درجتى الماجستير والدكتوراة.
وأضافت إلى أن الاحتفاء بتجربة الفنانة الدكتورة نجاة مكي، يأتي في إطار الاهتمام بالرموز، ونقل تجارب جيل الروّاد لجيل الشباب من الفنانين، وتقديم باقة ورد لكل من أسهم في إثراء المشهد الثقافي والفني العربي.
بدأت الفنانة الدكتورة "نجاة مكي " مسيرتها الفنية من مصر حيث حصلت على أعلى الشهادات الأكاديمية. وقد تركت بصمة واضحة في المشهد الفني العربي بأعمالها التي تجسد عمق الحضارة الإماراتية وتراثها العريق، مما جعلها من أبرز الفنانات اللواتي ساهمن في تطوير الحركة الفنية المعاصرة في المنطقة، وتُعد أول امرأة إماراتية تحصل على منحة من الحكومة الإماراتية لدراسة الفنون بالخارج وذلك عام 1977.
الجدير بالذكر أنه منذ حصولها على درجة البكالوريوس، ثم درجتي الماجستير والدكتوراة في الفنون من كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان المصرية، وعلى مدار ما يزيد على 4 عقود مضت تواصل "مكي" مسيرتها التشكيلية التي شهدت الكثير من النجاحات والتكريمات المحلية والعربية والدولية، والتي كانت محط اهتمام الكتاب والنقاد والأكاديميين الذين كتبوا الكثير من الكتب والدراسات التي تناولت تجربتها، وأضاءت على مختلف جوانبها باعتبارها تجربة تميّزت بالعمق والثراء، والغوص في بحور التراث الإماراتي الذي كان عنواناً بارزاً للكثير من أعمال "مكي" التي تصنف ضمن قائمة الكبار ممن منحوا التراث الكثير من الاهتمام في أعمالهم الفنية في إطار النظر إلى ذلك التراث بأنه أحد مكونات الهوية الوطنية للشعوب.
تأثرت الفنانة "مكي" بالعديد من الفنانين المصريين الرواد أمثال محمود مختار، ومحمد سعيد، وحامد ندا، والإخوة وانلي، والسجيني، وسعيد الصدر. كما تأثر إبداع نجاة أيضًا بطبيعة البيئة الإماراتية وخاصة الصحراء، والبحر، والفولكلور.