عندما تقصف «الرياض» كذبة التطبيع
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
إنها المرة الثانية، فى أقل من أسبوعين، ترد وزارة الخارجية السعودية، على الادعاءات التى يروجها مسئولون أمريكيون، عن المناقشات حول التطبيع بين المملكة وإسرائيل، حتى إن هذه الادعاءات، كما لو كانت آخر ما تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على إنجازها، وقد نفهم ذلك فى ضوء حاجة الرئيس جو بايدن، أن تكون فرصة تعويمه فى الانتخابات الرئاسية، فى شهر نوفمبر القادم، التى يعلم هو وإدارته وحزبه الديمقراطى، أنه سوف يخسرها لصالح المرشح «الجمهورى» دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى السابق، والتى تشير الاستطلاعات ووسائل إعلام أمريكية، إلى أنه يحقق نتائج متقدمة، يعجز «بايدن» عن مجاراتها.
** السعوديون يفهمون ذلك جيداً، وبالتالى يتفادون «فخ» البيت الأبيض، لانتزاع اعتراف رسمى، يتحدث عن موافقة- ولو فى مربع الوعود- على استئناف المناقشات حول التطبيع، التى كانت الإدارة الأمريكية تقودها، قبل أن توقفها «الرياض»، فى أكتوبر الماضى، رداً على العدوان الإسرائيلى فى قطاع غزة، ومنذ هذا التاريخ، وحالة القلق تسيطر على المسئولين فى إدارة «بايدن»، الذى هو نفسه لا يتوقف عن «جعجعة التطبيع»، فى كل مكان يذهب إليه، ليتسول بها دعم المجتمع اليهودى فى الانتخابات، ومن بعده وزير الخارجية أنتونى بلينكن، وتلك «المومياء» المتكلمة، متحدث البيت الأبيض جون كيربى، الذى يتولى الترويج لهذه الكذبة.. كذبة التطبيع.
** وكما قلت إن سر الإلحاح الأمريكى، على تنشيط مفاوضات التطبيع هذه، يتعلق برغبة «بايدن» الشخصية، فى فترة رئاسية ثانية، حتى لو كانت تثير غضب الشعوب العربية، ولذلك يبدو أن «واشنطن» توجهت إلى الاتحاد الأوروبى، ليساعد فى ممارسة ضغوط موازية، صارت واقعاً فى خطة جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية، ومضمونها 10 نقاط للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما يتمحور هدفها الرئيسى، فى اتجاه التطبيع العربى مع إسرائيل، وهو ما يجرى على مسار الرغبة الأمريكية، فى أن تبدأه من المملكة العربية السعودية، الذى يشير الواقع إلى أنه مجرد خيال، مثلما الحال مع خطة «بوريل»، التى لا تحوز دعم كل دول الاتحاد.
** الأمريكيون يوغلون فى «الاستعباط»، ويتصورون وكأنهم يديرون القرار العربى، إلى الدرجة الحرجة، التى لم يستوعبوا فيها الرد القوى، لوزير الخارجية السعودى فيصل بن فرحان، وقد تحدث بوضوح منذ أسبوعين، عن موقف بلاده من التطبيع، الذى يشترط الدولة الفلسطينية المستقلة، على مقياس مبادرة السلام العربية، ثم كان بيان وزارة الخارجية القوى، الذى كذب- منذ أيام- متحدث البيت الأبيض، الذى ادعى أن السعودية أبلغت «واشنطن»، استعدادها لمواصلة مناقشات التطبيع مع إسرائيل، وهى ادعاءات تعكس حالة «غباء» فى فهم ما يقوله السعوديون، وكأن هناك إصراراً أمريكياً على إحراج «الرياض»، وتشتيت تركيزها على ما يجرى فى غزة.
** لم نعد فى حاجة للأكاذيب الأمريكية، طالما القادة فى «الرياض»، يشترطون مبادرة السلام العربية، خياراً عربياً استرتيجياً لإنهاء الصراع العربى- الإسرائيلى، ينتج دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، مقابل علاقات كاملة مع إسرائيل..نعلم أنها مبادرة طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز- وكان ولياً للعهد- أمام القمة العربية فى العاصمة اللبنانية «بيروت»، فى العام 2002، وقد حازت موافقة مجلس الجامعة العربية، وجرى تجديد الإجماع العربى على تفعيلها فى قمة «الرياض»ـ فى العام 2007، وبذلك صارت الأساس المطلق، لأى كلام عن السلام مع الكيان الصهيونى، لكن على الطريقة العربية..وليست الأمريكية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمــــد راغـــب المرة الثانية المملكة الولايات المتحدة
إقرأ أيضاً:
قلق أوروبي من المحادثات الأمريكية-الروسية في الرياض.. ما أسبابه؟
شهدت العاصمة السعودية، يوم الثلاثاء، لقاءً جمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو لمناقشة سبل التوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية، في خطوة أثارت استياء أوروبا وأوكرانيا، اللتين وجدتا نفسيهما مستبعدتين من المفاوضات التي قد ترسم مستقبل النزاع دون مشاركتهما.
وقد وصف لافروف أجواء الاجتماع بالإيجابية، فيما صرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن هذه المحادثات تمثل بداية لمعالجة القضايا الدولية التي نشأت خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
في الوقت ذاته، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالًا بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، معربًا عن تقديره لجهود الرياض في استضافة المحادثات بين واشنطن وموسكو.
وعقب الاجتماع، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات مثيرة للجدل، حيث ألقى باللوم على أوكرانيا في استمرار النزاع، معتبرًا أنه كان على الرئيس فولوديمير زيلينسكي إنهاء الأزمة قبل ثلاث سنوات.
وقال ترامب عبر منصته "تروث سوشيال": "ديكتاتور بلا انتخابات.. من الأفضل لزيلينسكي أن يتحرك بسرعة وإلا فلن يبق له بلد".
وأدت هذه التصريحات إلى تصعيد التوتر بين ترامب وزيلينسكي، حيث ردّ الأخير باتهام الرئيس الأمريكي بأنه متأثر بـ"رواية مضللة صاغتها روسيا"، معربًا عن استيائه من استبعاد أوكرانيا من المحادثات التي جرت في السعودية.
تحرك لمواجهة التغيرات في الموقف الأمريكيفي ظل التطورات المتسارعة، يستعد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للسفر إلى واشنطن الأسبوع المقبل للقاء ترامب، تزامنًا مع زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة، وفقًا لما أعلنه مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز.
وقد سببت التحركات الأخيرة للإدارة الأمريكية حالة من القلق بين المسؤولين الأوروبيين، الذين اعتبروا أن أي اتفاق قد تتوصل إليه واشنطن وموسكو قد يغير موازين القوى في القارة الأوروبية ويؤثر على مستقبل أوكرانيا.
وقد جاءت تصريحات عدد من وزراء الدفاع الأوروبيين لتعكس حجم هذا القلق. فقد أكد وزير الدفاع البريطاني أن روسيا هي المسؤولة عن اندلاع الحرب من خلال غزوها الأراضي الأوكرانية، وأنه بإمكانها إنهاء النزاع بسحب قواتها. كما شدد على أن أوروبا تتحمل مسؤولية دعم كييف، ليس فقط لحماية سيادتها، ولكن أيضًا لضمان أمن القارة الأوروبية ككل. وأضاف أن التهديد الروسي لا يقتصر على أوكرانيا فحسب، بل يمتد إلى مناطق أخرى، مما يستوجب موقفًا أوروبيًا حازمًا في التصدي له.
Relatedنظام "غريف هوك": سلاح جديد قد يساعد أوكرانيا على التصدي للهجمات الروسيةالقادة الأوروبيون يؤكدون دعمهم لأوكرانيا ويختلفون بشأن مهمة حفظ السلاممعرض الدفاع الدولي في أبوظبي يجمع روسيا وأوكرانيا تحت سقف واحدأما وزير الدفاع النرويجي، فقد شدد على أن دعم أوكرانيا ضرورة استراتيجية، معتبرًا أن أمن أوروبا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحرّية وأمن كييف. وأكد أن دول القارة العجوز بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز دفاعاتها وتقوية الناتو، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تبقى عنصرًا أساسيًا في هذه المعادلة، ما يستدعي استمرار التنسيق الوثيق مع واشنطن.
أسباب القلق الأوروبي من المحادثات الأمريكية-الروسيةتشعر الحكومات الأوروبية بقلق متزايد إزاء استبعادها، إلى جانب أوكرانيا، من المحادثات التي تجري بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تخشى أن تؤدي هذه المفاوضات إلى تغييرات عدة، فما هي؟
1- التوازن الأمني في أوروباترى الدول الأوروبية أن غيابها عن هذه المحادثات قد يؤدي إلى تهديد استقرارها الأمني في المستقبل، حيث ستجد نفسها مضطرة للدفاع عن نفسها دون دعم أمريكي في حال تصاعد التوتر مع روسيا.
وقد نقلت صحيفة "بيلد" الألمانية عن مسؤولين أوروبيين اعتقادهم بأن الرئيس الأمريكي قد يوافق على سحب القوات الأمريكية من دول البلطيق، وهو ما قد يترك أوروبا عرضة لأي تهديد روسي محتمل.
كما يخشى القادة الأوروبيون أن يؤدي تقليص الوجود العسكري الأمريكي في القارة إلى تحولات استراتيجية عميقة، قد تحتاج الدول الأوروبية إلى مواجهتها بمفردها.
تبرز مخاوف من أن تضغط الولايات المتحدة على أوكرانيا للتفاوض مع روسيا، ما قد يجبر كييف على التنازل عن أراضٍ سيطرت عليها موسكو منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.
وقد صرّح المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا وروسيا، كيث كيلوغ، بأن أي تسوية للنزاع قد تتضمن "خسارة محتملة للأراضي" من قبل أوكرانيا، مشيرًا إلى أن العودة إلى الحدود التي كانت قائمة قبل عام 2014 قد لا تكون ممكنة. وكان وزير الدفاع وزيرالأمريكي بيت هيغسيت قد سبقه إلى هذا الموقف حين قال قبل أيام في مؤتمر ميونيخ للأمن إن العودة إلى حدود ما قبل 2014 غير واقعية.
تعتمد أوكرانيا بشكل كبير على المساعدات العسكرية الأمريكية، التي بلغت عشرات المليارات من الدولارات، وسمحت لها بمواصلة القتال ضد القوات الروسية. غير أن هناك مؤشرات على أن الإدارة الجديدة قد تخفض هذا الدعم، أو تربطه بشروط اقتصادية وسياسية جديدة.
فقد أبدى ترامب في أكثر من مناسبة رغبته في تحقيق مكاسب اقتصادية من وراء دعم أوكرانيا، مشيرًا إلى أنه طلب من كييف تقديم ضمانات تشمل موارد بقيمة 500 مليار دولار من المعادن النادرة مقابل استمرار المساعدات.
هذا الطلب قوبل برفض شديد من قبل زيلينسكي، الذي أكد أن المساعدات الأمريكية لم تصل حتى الآن إلى هذا الرقم، وأن بلاده لم تحصل على أي ضمانات أمنية حقيقية في المقابل.
وفي ضوء هذه التوترات، شهدت الساحة الدبلوماسية تطورًا جديدًا، حيث أُلغي المؤتمر الصحفي المشترك بين المبعوث الأمريكي الخاص والرئيس الأوكراني بشكل مفاجئ، بناءً على طلب أمريكي، ما يعكس تعقيد المشهد السياسي وتزايد الخلافات بين الجانبين.