إلى مجلس أمناء الحوار الوطنى
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
يعقد مجلس أمناء الحوار الوطنى اليوم السبت اجتماعاً لوضع جدول أعمال الدورة الثانية من جلسات الحوار، والاتفاق على الموضوعات التى ستجرى مناقشتها، ونوعية وعدد المدعوين إليها. ويأتى الاجتماع قبل نحو أربعة أسابيع من بدء شهر رمضان، ما قد يعنى أن استمرار جلساته فى الشهر الكريم غير متوقعة. كما يأتى استجابة لدعوة الرئيس السيسى فى خطابه فى عيد الشرطة إلى حوار وطنى اقتصادى أعمق وأشمل.
كانت جلسات الحوار الوطنى قد أنهت دورة أعمالها الأولى على عتبات الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بعد نحو سبعة أشهر من النقاش حول محاورها. ومن المفترض أن يعلن المنسق العام للحوار الوطنى ضياء رشوان فى نهاية اليوم، وقبل بدء جلسات الدورة الجديدة، مصير التوصيات التى خرجت من الجولة الأولى وتم رفعها إلى الرئيس السيسى، وما تم تنفيذه منها، ونوع العوائق التى قد تكون اعترضت تحول بعضها إلى إجراءات تنفيذية.
والملاحظ من متابعة جلسات الدورة الأولى للحوار أن بعضاً من الخلل قد أصاب تنظيم النقاش. ومن بينه مثلاً أن المشاركين فى الحوار كانوا يفاجأون بالمحور المراد مناقشته، أو يعلمون به فى وقت لا يكفى الاستعداد لنقاشه، وربما حتى لم يشاركوا فى تحديده. ومن بينه أن منح كل متحدث أربع دقائق فقط لطرح فكرته، قد جعل الأمر كأنه بات منصة لتسجيل الحضور وليس لتقديم بدائل لسياسات قائمة كما هو المفترض من الحوار، بينما تم فتح المجال لأعضاء مجلس الأمناء للتحدث دون أية حدود زمنية. وهو وضع يعكس المعادلة الموضوعة للحوار، إذ إن مجلس الأمناء من واجبات عمله تنظيم النقاش بين المشاركين فى الحوار، وتلقى اقتراحاتهم بشكل مكتمل، وليس إلقاء محاضرات عليهم، لكى يطلق عليه من يراهنون على فشله، أنه مجرد مكلمة لا طائل من ورائها.
تعقد الدورة الثانية من جلسات الحوار الوطنى ومصر تحيط بها التحديات من كل جانب. ومخاطر تهدد الأمن القومى للبلاد على حدودها الجنوبية والشمالية والغربية. وأصبح جلياً التواطؤ الأمريكى مع إسرائيل لمواصلة حربها البرية فى رفح، لكيلا يجد الفلسطينيون ملاذاً آمناً سوى العبور إلى سيناء، ويصبح تهجيرهم أمراً واقعاً مفروضاً على الإدارة المصرية، ومتحدياً رفض هيئة الأمم المتحدة الإقدام على تلك الخطوة. وبدلاً من الجولات العبثية لوزير الخارجية الأمريكى التى تريد لنا أن نقتنع بخلافات بين واشنطن وتل أبيب، تستطيع إدارة بايدن لو أرادت، وقف شاحنات الذخائر والأسلحة والأموال التى بلغت حتى الآن 17 مليار دولار لإجبار نتنياهو على وقف حرب الإبادة الجماعية التى يشنها على الشعب الفلسطينى، ومنعه من الإقدام على تلك المخاطرة. لكنه توزيع الأدوار بين قوى الغرب الاستعمارى!
وجاءت القرارات الأخيرة التى أصدرها الرئيس السيسى لرفع جديد فى الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات، لتخفف من حجم الضغوط المعيشية العاتية على معظم المواطنين. لكن تلك الزيادات تظل خطوة جزئية فى مسار معالجة جذرية لم تبدأ بعد، للأزمة الاقتصادية الراهنة. ولا بديل عن الاعتراف بأن التحايل الحكومى الدائم على أسبابها الداخلية قد فاقمها، فمعدلات التضخم ترتفع وتتجاوز نسبته 33% وقيمة الجنيه تواصل الانخفاض، فضلاً عن نقص فى العملة الصعبة، وفوضى لا مثيل لها فى الأسواق، وغلاء مسعور يلتهم كل زيادة فى الرواتب والأجور، واختفاء سلع أساسية كالسكر والأدوية، وفجور لا شبيه له من مافيا التجار والمستوردين الذين يحتكرون الأسواق، وغدوا يتحكمون فى رقاب الناس وحكومتهم!
تملك مصر جيشاً لا يستهان بقوته فى التصدى للمخاطر التى تهدد أمنها القومى. لكن استمرار الأزمة الاقتصادية دون علاج جذرى لأسبابها، يشكل بدوره تهديداً للأمن القومى والسلم الاجتماعى. ويغذى الإخفاق فى التوصل لنموذج تنموى صناعى وزراعى منتج حالات الانقسام الاجتماعى، ويزيد الفقراء فقراً، ويعزز تفاقم الأزمة الاقتصادية. ولكل تلك الأسباب ولغيرها، ربما يكون من الضرورى أن تقتصر الدورة الراهنة من الحوار الوطنى على مناقشة شاملة للأزمة الاقتصادية كما دعا الرئيس. وألا يدعى إليها سوى خبراء ومختصين من الاقتصاديين من مدارس فكرية متنوعة، ومن منفذى السياسات الاقتصادية القائمة، لكى يدركوا أنه ليس من المستحيل التوصل لمشتركات بينهم وبين معارضى تلك السياسات لأجل الصالح العام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أمينة النقاش إلى مجلس أمناء الحوار الوطنى على فكرة الحوار الوطني شهر رمضان الرئيس السيسي الحوار الوطنى
إقرأ أيضاً:
عصام زكريا.. «مناورة» مدير المهرجان
من يعرف الناقد عصام زكريا عن قرب، يدرك أنه كرس وقته لأمور محددة فى الحياة بجانب مسئولياته، منها السينما والبحث الدائم فى عالمها الرحب، واقتناص اللحظات المدهشة فيها وتقديمها بشكل لافت يوجه الأنظار لأيقوناتها القديمة ودررها الجديدة قيد العرض، أيضا الاستماع لأغانى الموسيقار محمد عبد الوهاب كلما أتيحت له الفرصة، ما يخلق بداخله حالة شجن تضبط إيقاع تفكيره، غير أن الغواية الكبرى فى حياة الناقد الكبير تتمثل فى عشقه للعبة الملوك، فيتابع لعبة الشطرنج ويمارسها كلما كان ذلك ممكننا، ويشاهد مبارياتها بشغف شديد، ويحفظ الكثير من خططها ومناوراتها الشهيرة.
منذ عدة أشهر صاحب اختيار الناقد الجميل لإدارة مهرجان القاهرة السينمائى موجة ترحيب كبيرة وحفاوة بالغة فى الأوساط السينمائية والثقافية، وذلك لما يتمتع به زكريا من محبة وشعبية وتفكير عملى ولمسة فنية تضفى عليه جوانب من الدهشة والإبداع.
ويعتقد البعض أن تمرس الناقد فى لعبة الملوك منحه القدرة على رسم الخطط المغايرة، والتى تفضى به دائما للوصول لأهداف مستحقة بطرق أسرع، وبشكل غير تقليدي، وهو ما ظهر جليا فى لمساته على هذه الدورة فى المهرجان.
فبعد اضطلاعه بمنصبه الجديد اعتمد الناقد السينمائى الكبير ومدير مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ٤٥ هذا العام على خطة جديدة، أو مناورة كما يطلقون عليها فى لعبة الشطرنج، وتتمثل فى اختيار مجموعة شباب واعدة يثق فى قدراتهم وثقافتهم وخبرتهم، وأظهروا مدى وعيهم والتزامهم بأداء الدور المنوط بهم، على أكمل وجه، منهم من لديه تجارب سابقة فى صناعة المهرجانات ومنهم من يقدمه لأول مرة فى هذه الدورة.
تعامل زكريا مع هؤلاء الشباب ومنهم أسامة عبدالفتاح مدير مسابقة النقاد الدولية وخالد محمود مدير المكتب الإعلامى ورئيس المركز الصحفى، ومحمد سيد عبدالرحيم مدير ملتقى أيام الصناعة والناقد رامى المتولى المسئول عن الأفلام الوثائقية وبرنامج أفلام أمريكا الشمالية وأستراليا والناقد محمد نبيل مسئول مسابقة آفاق السينما العربية والصحفى عرفة محمود القائم على نشرة المهرجان والمصممة أمنية عادل لكي يقدموا وغيرهم للسينما وللجمهور وجبة سينمائية قوية تحمل كثيرا من التميز والتفرد سواء فى الموضوعات التى تقدمها تلك الأفلام أو فى الفعاليات الخاصة بتلك الدورة.
وجاءت اختيارات الشباب على قدر الطموحات والآمال المعلقة عليها، وظهرت هذه الدورة من المهرجان لتلفت الانتباه وتحقق نجاحات كبيرة فى ظل العمل الدؤوب والاحترافية التى يتمتع بها فريق العمل ككل ومن خلفه مدير المهرجان ورئيسه الفنان حسين فهمى.
وما ساعد أكثر على نجاح هذه الدورة هو إعلان القائمين عليه رفضهم لرعاية الشركات التى جاءت أسماؤها فى لوائح المقاطعة، ليأكدوا بذلك وقوفهم إلى جانب فلسطين وغزة فى حربها مع الكيان الصهيونى، كما دعموا ذلك بإهدائهم هذه الدورة للقضية رافعين شعار أن مصر ومهرجاناتها وفنونها بجانب الشعب الفلسطينى دون هوادة وضد العدوان الغاشم الذى تتعرض له غزة.
وفى الأخير يجب التأكيد على نجاح مناورة لاعب الشطرنج، الذى أضفى لمسته الإبداعية على جوانب المهرجان لتخرج دورة مختلفة وتحقق كل هذا النجاح، وترسل رسالة لكل مناوئ لها ولمصر ولغزة فحاوها «كش ملك».