كمن لبثوا فى كهفهم سنين عدداً
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
كان لحدوثه أثر وسعادة لا يدركها سوى النساء، هكذا.. نشعر ونحن نقوم بفعل التسوق بشعور الإشباع، وكأن فراغاً قد سد بداخلنا، أوإنجازاً قد تحقق، أو أملاً صعب المراس قد صار حقيقة.. والآن..
أصبح التسوق هماً وباعثاً للحزن والحسرة، وأحياناً للقهر، نفر من فعله فرارنا من المجذوم، وإن اضطررنا للإقدام عليه يتحول لأسئلة مستنكرة وشجار لا يتوقف دائماً ما ينشب بيننا وبين البائعين، وغالباً ما تدور نقاشات ذات وقع سيئ بين مرتادى المحلات والهايبرات، فما عادت هناك خصومات حقيقية ولا مجال لوجود سلعة رخيصة بمعناها الحق.
اليوم ألحق بأمثالى ممن يمصمصون الشفاه أو يفغرونها ذهولاً، أقف وسط هذا المحل الشهير فى حى الهرم، الذى أقصده مرة أو مرتين فى الشهر لأشترى منه حاجيات ومستلزمات البيت، فوحده يقدم خصومات كبيرة ويعرض سلعاً بأثمان زهيدة..
دلفت وأنا أتحسس بضع مئات قليلة يخفيها جيبى، أعدد ما يحتاجه البيت من طعام، رواد السوبرماركت هذا اليوم كثيرون، فهو يوم موسم، قصدت أحد الأقسام، ووقفت أنتقى ما اعتدت شراءه من أنواع الزيوت والسمن، لم تكمل يداى طريقها لالتقاط زجاجة الزيت، عندما وقعت عيناى على السعر... دققت النظر وأنا أكذب عينى، السعر تضاعف مرتين عما كان منذ يوم واحد فقط.. عدت خطوات للوراء ورحت أنتقل بين الأقسام، وأطالع الأسعار فى دهشة، كل شىء تضاعف، لم تعد هناك سلعة لم يصبها سعار الغلاء.. وقفت كالمجنونة بين السلع، أردد فى حسرة: لماذا؟ ما الداعى؟ ومن أين لنا بأسعار تلك السلع؟ وكيف تصمد مرتباتنا المتواضعة أمام هذا الجشع؟ ومهما زادت فإنها زيادة متواضعة لن تكفى ارتفاع الأسعار الذى لا يتوقف، وكأننا صرنا فى سباق محموم مع التجار، كل يوم لنا فيه وقفة ذهول وتحسر أمام الأسعار..
ارتفع صوتى وزاغت عيناى، فتحولت نظرات الناس حولى من دهشة لإشفاق ثم لمشاركة فى التحسر والاستنكار وتبادل الدعاء على كل من تسبب فى ذلك الكابوس الذى نحياه.
تفرق الجمع من حولى، وأنا ما زلت أردد عينى بين الأسعار كأهل الكهف الذين ناموا مئات السنين ثم استيقظوا ليجدوا أن العالم من حولهم قد تغير، وقد ماتت أمم وتبدلت عملات وراح سلطان وحل غيره، أما أنا فشعرت بكل ذلك بين ليلة وضحاها، وكأن يوماً مما نعد بثلاثمائة سنة مما يعدون!
تحسست جيبى فى سخرية، ثم تناولت «الفيزا»، وأنا أدعو الله أن يكفى ما بها من راتب لم يمس بعد، بما يحتاجه البيت من سلع قد تكفى أسبوعاً أو أسبوعين فقط وليس شهراً كاملاً.
تذكرت نقاشاً دار بينى وبين أحد الأصدقاء حول طرح حلول شتى يمكن أن تتخذها الحكومة فى مواجهة احتكار السلع وجشع غلائها، والسيطرة على مافيا الأسواق، بدءاً من توحش الدولار وحتى غلاء سلع لا يدخل فى مكوناتها ما يستدعى الغلاء ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالدولار.. تذكرت ذلك وابتسمت بحسرة وجملة أحد المشترين ترن بأذنى وهو يصيح بألم: «طول ما مفيش رقابة من الحكومة يبقى الطماع يعمل ما بداله، والطماعين بينا كتير.. سايبانا ليه كده يا بلد.. ده احنا ولادك.. مش أعدائك»...
نظرت إلى الرقم المخطوط أسفل الفاتورة ومططت شفتى بألم، وحملت «الكيسين» اللذين يحويان ما اشتريت، وانصرفت وأنا أردد: «إحنا ولادك مش أعدائك».
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
عمرو سليم:"قبلت العمى لكن مش موافق عليه.. وبعمل كل شئ بيعملوه المفتحيين" (فيديو)
قال الموسيقار عمرو سليم إنه يستطيع ركوب الدراجات ولكن بشرط شخص يسير أمامه بالعجلة، مضيفًا: "آخر مرة ركبت عجل في مارينا، وزمان كنت بركب عجل مع بناتي وصديقي خالد صبري وهو أقرب الأشخاص إلى قلبي، وكنت في الأقصر وأسوان ونركب عجل ونسير في طرق صعبة وهو مقتنع إنني قادر، وكنت أضع يدي على كتفه".
وتابع عمرو سليم خلال حلوله ضيفًا ببرنامج واحد من الناس مع الإعلامي الدكتور عمرو الليثي علي قناة “الحياة” في سهرة خاصة بمناسبة ليلة الكريسماس: "أنا قبلت العمى ولكني لا أوافق عليه وهنا أحب أن أقول للناس أن تقبل ما لا تستطيع تغيره ولكن لا توافق عليه، وأنا اتولدت كفيف ولا أرى وقبلت هذا المر ولكني أعمل كل شئ يقوم به المبصرين إلا حاجة واحدة ألحم سلك كهربا على الرغم من إني بصلح الأجهزة الكهربائية التي أصابها العطل، وأنا دائم القراءة والاستفادة من كل معلومة، وقمت بتصليح غسالة حماتي عندما أبلغتني بالعطل”.
أجمل لحظات عمرو سليم مع ابن عمه الراحل هشام سليم
وعلى جانب آخر تحدث عمرو سليم خلال الحلقة عن أجمل اللحظات مع ابن عمه الفنان الراحل هشام سليم، وعلاقته بوالده الراحل طارق سليم، وعن خوضه وعن أسرته وعلاقته بزوجته وأبناءه وأحفاده.