برغم اهتمامنا بإنشاء كليات ومعاهد وأقسام تعنى بشئون تدريس اللغة والنقد وفنون ومدارس الأدب المختلفة، ووجود أجيال ورموز رائدة فى عالم النقد وتناول الإنتاج الإبداعى الأدبى بالعرض والمناقشة والتقييم، عبر نشر الدراسات والكتب والمقالات الدورية.. ورغم افتخارنا بامتلاكنا تراثا حافلا بكل ألوان الإبداع، حتى لو كان معظمه قد اكتفينا بوضعه على أرفف المكتبات، ورحنا نستحدث أشكالا ومدارس جديدة فى الشعر والرواية والقصة القصيرة، ودراما تليفزيونية بأشكال متعددة، وهو أمر طيب وعظيم، إلا أننا نتابع تراجع الحالة النقدية الموضوعية المفيدة والمؤثرة بشكل مباشر.
لقد بتنا نتابع كتابات لا تخرج عن كونها انطباعات شكلية لا تدفع بالمبدع الحقيقى إلى تطوير أدواته، والبعض الآخر كتابات تنظيرية متقعرة متعالية لاستعراض عضلات الناقد بعيداً عن التقييم الموضوعى والعلمى المفهوم..
تعال عزيزى القارئ لنعد بعقارب الساعة ما يقارب 75 سنة لنقرأ بعضًاً من افتتاحية العدد الثانى من مجلة الرسالة الجديدة لرئيس تحريرها يوسف السباعى الصادر بتاريخ أول مايو 1954 تحت عنوان «من عامل أرتست.. إلى فنان!» يتعجب فيه على تعليق صادر من الدكتورة سهير القلماوى بالإشادة لإعادة كتابة إحدى القصص فى سبيل السعى إلى الكمال.. يقول السباعى: سمعت الدكتورة سهير القلماوى تُحيى فى حديث لها بالإذاعة الأديب «محمود تيمور» لهذه الروح التى أملت عليه وهو فى الذروة من الشهرة أن يجود فنه فيعيد كتابة قصة أصدرها من جديد ليجود وينقح ويغير فى سبيل الكمال..
ويضيف السباعى: أنا أبحث فى نظرية التجويد والتنقيح التى أخرجها إلينا أستاذنا الكبير وأيدته فيها وحيته عليها دكتورتنا النابغة.. وأنا أحب تيمور.. وأحب دائماً أن أشارك فى تحيته فى كل شىء إلا فيما حيته عليه سهير من تجويد وتنقيح.. وهى تعترف بوضوح بأن غرض المؤلف الذى من أجله أعاد كتابة قصته وهو كما جاء فى المقدمة «ليبدل ويغير فيها حتى يخرج الموضوع فى ثوب أليق وأقرب إلى رضائه من الناحية الفنية»، لم يتحقق.. بل على النقيض تحقق عكسه.. هل هذا هو التجويد والتنقيح الذى تراه الدكتورة؟ والذى تؤيده وتحيى الكاتب من أجله..
ويواصل السباعى توضيح وجهة نظره فيقول: أنا لا أناقش حدوث التجويد أو عدم حدوثه.. وتحقيق غرض تيمور أو عدم تحقيقه لأنى أعترض على مجرد محاولته، فالفنان المبدع يظهر لنا إنتاجه على مختلف مراحل حياته، ولا شك أن هذا الإنتاج يتطور بتطور تفكيره وشعوره فى تلك المراحل المختلفة، وكل إنتاج له إنما يعبر عن طبيعته فى تلك المرحلة، ويعكس لنا صورة من نفسه وأحاسيسه، وكل مرحلة من مراحل الفنان لها قدرتها على إنتاج مخصوص وميلها إلى اتجاه معين حسب الانفعالات التى تتعرض لها نفس الفنان فى تلك المرحلة وحسب تكوينها الداخلى وطريقتها فى التفكير والإحساس واستقبال الأحداث الخارجية المنعكسة عليها ثم قابليتها لإرسالها وقدرتها عليه.. (وللمقال تتمة )
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية تدريس اللغة
إقرأ أيضاً:
العالم سينتهي قبل أن يتعلم القرد كتابة أعمال شكسبير
يقول المثل القديم، إن قرداً ينقر عشوائياً على لوحة مفاتيح الكمبيوتر، سيتمكن في النهاية من كتابة الأعمال الكاملة لويليام شكسبير بعد أن يظل مشغولاً بها لفترة كافية، غير أن دراسة جديدة، لعالمي رياضيات أستراليين، تدحض هذه الفكرة، ووصفاها بـ "احتمال مضلل".
ووفق موقع "إنترستينغ إنجينيرينغ" خلص البحث الذي أجراه البروفيسور ستيفن وودكوك، وجاي فاليتا، من جامعة سيدني للتكنولوجيا، إلى أن الكون كان لينتهي قبل فترة طويلة من تمكن القرد من كتابة ما يقرب من 900.000 كلمة تشكل أعمال الكاتب المسرحي الشهير شكسبير.و يزعم وودكوك وفاليتا أنه حتى لو كان لدى جميع القرود في العالم كل الوقت في الكون، فلن يتمكنوا أبدًا من كتابة شكسبير، ووجد البروفيسور وودكوك أن الاحتمالات منخفضة بشكل فلكي، بل وليست حتى "واحد في المليون"، وأضاف: "حتى لو كانت كل ذرة في الكون تمثل كونًا منفصلاً، فلا يزال القرد غير قادر على كتابة شكسبير عشوائيًا".
وتستند الدراسة، التي نُشرت في مجلة فرانكلين أوبن التي تمت مراجعتها من قبل علماء، إلى فرضية "الموت الحراري"، وتشير هذه النظرية إلى أن الكون سوف يتوسع في النهاية إلى نقطة حيث لم يعد بإمكانه دعم الحياة، و احتمالية حدوث ذلك تستند إلى حسابات الباحثين على سيناريو يتضمن قيام قرد واحد بكتابة مفتاح واحد في الثانية لمدة 30 عامًا على لوحة مفاتيح بها 30 مفتاحًا، وشمل ذلك الأبجدية الإنجليزية وعلامات الترقيم الأساسية، وباستخدام مقياس هذا الإعداد، فقد قرروا أن الأمر سيستغرق وقتًا أطول من عمر الكون لقرد لكتابة جميع أعمال شكسبير بشكل عشوائي ، وهي كمية هائلة من الوقت.
ووفقًا للبروفيسور وودكوك، فإن النظرية القديمة ستأخذ في الاعتبار حدًا لا نهائيًا، وسوف يشمل ذلك إما عددًا لا نهائيًا من القرود أو فترة زمنية لا نهائية من عمل القرود، وقال: "قررنا النظر في احتمالية كتابة سلسلة معينة من الحروف بواسطة عدد محدود من القرود في فترة زمنية محدودة تتفق مع تقديرات عمر كوننا".
و قدر الباحثون أيضًا أن فكرة "موت الكون الحراري" قد يحدث في حوالي عام واحد من غوغل ( وهو رقم يعني 1 يليه 100 صفر)، تتجاهل الأسئلة العملية مثل إطعام القرود أو البقاء على قيد الحياة من التوسع النهائي للشمس، والذي من شأنه أن يستهلك الأرض في غضون بضعة مليارات من السنين.
ووجدت دراستهم في Franklin Open أن قردًا واحدًا لديه فرصة بنسبة 5٪ فقط لكتابة كلمة "موز" عشوائيًا في حياته، وبالإضافة إلى ذلك، أفاد موقع Open Source Shakespeare، الذي يجمع كل مسرحيات شكسبير وقصائده وسوناتاته، بإجمالي 884421 كلمة في أعماله الكاملة، أنه من المثير للاهتمام أن شكسبير يُنسب إليه صياغة أكثر من 1700 كلمة باللغة الإنجليزية، غير أن كلمة "موز" ليست واحدة منها.