عربي21:
2025-03-17@02:05:15 GMT

الذباب الإلكتروني.. منظومة المهنة القذرة

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

الرأي والرأي الآخر:

تتباين الآراء وتختلف وتتخالف، فتبنى المواقف في الفكر والرأي في السياسة والمعاملات في الحياة تقاربا وتباعدا، ولكل رأي مؤيد ولكل فكر من يحمله وللأحزاب في رؤيتها مواقف، كما الدول وقادتها ويعبر كل حسب ثقافته عن التأييد..

الأمر طبيعي في هذا، فالمشاعر مهما كانت سلطة المنظومة العقلية لها تأثير يتباين وفق الظرفية التي تكشف عن إمكانية التعبير عنها وأسلوب التعبير ومدى الكلفة المادية والمعنوية لهذا التعبير، وما يترتب على درجة إظهار تلك المشاعر وكبتها أو تغطيتها أو دفنها في أعماق النفس؛ إن كانت مستحيلة عرفا أو تضر وإن كانت صادقة.

هذه الدرجات لا تعتمد على العقلية والنفسية وإنما على الظروف المحيطة بالإنسان سواء التعبير بالحب أو الكراهية أو الانتقاد للسلوك، وغالبا ما تكون الأمور المتعلقة بالأقطار والسلطات أخطر على المجتمع.

والسلوكيات الفردية تحددها العادات والتقاليد ومعاني قيمية كالكرم والفضيلة، وهذا ما يراعيه الإنسان للمجتمع وإن تعرضت تلك الاعتبارات للاختراق عنده بفيض المشاعر، فستكون لها تبعات وفق النظام والقانون الفاعل، وهنا تقيّم درجة النضج في الأفراد والدول في ضبط النفس وتلافي العقبات أو رد الفعل على النقد أو الانتقاد.

هؤلاء الناس عندما يعبرون فهم يعبرون عن ذاتهم في متعدد الأحوال التي ذكرناها، وإن كانت تغطية المشاعر عادة أمرا وقتيا وقد تكون خادعة لتظهر بتسارع وعنف أحيانا، وهذا غالبا يكون بين الجمهور والسلطة، لكن الأشد منه تأثيرا انفجاريا هو دفن المشاعر وهذا الغالب في مجتمعنا عندما يكون ضغط وخوف من تبعات وعرف ومن ما نراه اليوم أمر مختلف جدا، هنالك أناس يبيعون ولاءهم من أجل المال ويقومون باستحضار العجل المقدس المنزه وهو ملؤه أوزارا لا تحصى؛ لا يظهرون للحوار بل لتبيض الأسود والسب والشتم للمخالف، وإبداء الإعجاب بكل ما يقوله المالك المعطي لهم من مال أو جاهسلطة معمرة توارثت طغيانها الأجيال، وإن اختلف وتعدد القائمون عليها كما في نظم الدكتاتوريات العسكرية والتي غالبا تخلت عن قيافة العسكر واحتفظت بأسلوب تفكيره.

الذباب الإلكتروني:

هؤلاء الناس بدأوا يعبرون عن مشاعرهم مع ظهور وسائل التواصل، حتى المدفونة منها بدأت تتسرب بحماية الأسماء المستعارة وأمان الحسابات وسريتها وتشفيرها أحيانا.. ويتحاور المختلفون، يعدل البعض من رأيه، ويمكن أن يفهم المخالف، واستطاع البعض أن يوصل مشاعره عن بعد دون حصول أي سلبية من التي تتحدث عن المواجهة أو التقارب بما يؤثر على العلاقات والأعراف، ونذهب بعيدا بخلاف عشائري أو تشابك بالأيدي في أهون الأحوال من خلال هذا الابتعاد وربما جهل المتكلمين بعمر ومكان بعضهما، وهذا لا يفرض التزام المواجهة بما يظهر من رد الفعل إلى أن تهدأ المشاعر وتعود الحياة عند هؤلاء المتحاورين إلى طبيعتها.

سيدي الخير كله ومن يخالف سيدي الشر كله:

بيد أن ما نراه اليوم أمر مختلف جدا، هنالك أناس يبيعون ولاءهم من أجل المال ويقومون باستحضار العجل المقدس المنزه وهو ملؤه أوزارا لا تحصى؛ لا يظهرون للحوار بل لتبيض الأسود والسب والشتم للمخالف، وإبداء الإعجاب بكل ما يقوله المالك المعطي لهم من مال أو جاه.

سُمّوا ذبابا لإزعاجهم، واستغلالهم نعمة لا فضل لنا فيها لتشويهها وتشويه قراءة المستوى الثقافي وأهلية نخب المنطقة التي غالبا تلوذ بالصمت مع الغوغائية وتدني المستوى السلوكي في منطق هؤلاء، وبشكل منظومة تُقاد وتُوجَه من مراكز وأشخاص يعطون الإشارة فيمتلئ الجو بطنين ودندنة في ساحة التواصل الاجتماعي، فأي عمل من السيد يتزين ويتبهرج، وأي عمل مهما كان عظيما من مخالفه فهو شر مطلق.

هم لا يحبون من يعملون عنده:
هم لا يعملون للبلد ولا للحاكم قناعة؛ بل مؤجرون عنده يعملون للمال الذي يُدفع لهم، وغالبا ما يتدخل أحد النخب ليقدم نصيحة أو تصويبا أو فكرة إصلاحية يمكن أن يتبناها مالكهم، لكنهم يسارعون بإخفائها أو تسفيه رأيه وربما استقباله بمجموعة من الشتائم والاتهامات
هم لا يعملون للبلد ولا للحاكم قناعة؛ بل مؤجرون عنده يعملون للمال الذي يُدفع لهم، وغالبا ما يتدخل أحد النخب ليقدم نصيحة أو تصويبا أو فكرة إصلاحية يمكن أن يتبناها مالكهم، لكنهم يسارعون بإخفائها أو تسفيه رأيه وربما استقباله بمجموعة من الشتائم والاتهامات.

المراقب يرى أن الذباب الإلكتروني بلا قيم لا يبحث عن الحقيقة، وإنما هو متبن لموقف جامد يعتبر من خالفه عدوا يستحق الفناء، ويقوم بتأويل أي رأي مخالف لتحويله إلى عدو لسيده وينبري للدفاع عن تفسير وهمي صنعه هو.

الصراعات الوهمية والدفاع يورط مالك هؤلاء لأنه سيصدق حتما أن حرب الدونكيشوت هذه حقيقة وأن الخطر من داخل البلاد، وأن هنالك شعبا، وهؤلاء المخلصون لا بد من دعمهم لصد الأذى.. هي مهنة قذرة لأنها تجرد الإنسان من قيمته الآدمية، وتستعمر منظومة عقله للأفكار السلبية وتتجسد فيه صورة بشعة، فلا يهمه تقديم الطريق السليمة وإنما مدح حتى الخطأ في سيده واعتباره مقدسا.. ومن يصدق هو الصديق أما النفاق فهو ما نراه بوضوح.

الذباب الإلكتروني ليس نخبا وإنما أناس سفهاء في الغالب أو مثقفون من النخب فسدت نفوسهم وغفت ضمائرهم أو ماتت.. ولكن كما نوهنا ليس كل مدافع عن سيده أو فكرة أو رأي يعد من الذباب الإلكتروني، فالناس يعتقدون بما يرون ولهم مستويات متعددة في الرد وتنوع في الأهداف والغايات.

فئة سلبية لا تكمل قراءة ما يُكتب لترد بكلام ربما لا علاقة له بما تقول، فهو تفريغ عشوائي للرأي والمشاعر السلبية.. غالبا هذا ذباب منفرد له طنين لكنه يعمل لتنفيس ألم نفسه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الرأي الذباب الإلكتروني التواصل الاجتماعي الرأي التواصل الاجتماعي الحوار الذباب الإلكتروني الازعاج مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

WP: محاولات إدارة ترامب ترحيل محمود خليل تهديد لحرية التعبير المكفولة بالدستور

قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل بسبب آرائه هو تهديد للتعديل الأول من الدستور الأمريكي، حيث يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترحيل مواطن يقيم بطريقة شرعية في أمريكا بسبب مواقفه، متسائلة: من سيعاقب بعد ذلك بسبب ممارسته حرية التعبير.

وقالت الصحيفة في افتتاحية ترجمتها "عربي21"، إن محمود خليل يحمل البطاقة الخضراء (غرين كارد) وناشط طلابي اعتقلته قوات الهجرة والجمارك يوم السبت بدون أن يرتكب أي نشاط إجرامي ولكن بسبب أمور قالها.

و"لو أفلت دونالد ترامب وقام بترحيله، كما يرغب، فالخطر هو معاقبة مقيمين شرعيين وربما مواطنين أمريكيين لممارستهم حرياتهم التي يكفلها التعديل الأول في الدستور"، حسب الصحيفة.

خليل هو فلسطيني يبلغ من العمر 30 عاما نشأ في سوريا، جاء إلى الولايات المتحدة بتأشيرة طالب في عام 2022 لمتابعة درجة الماجستير في الإدارة العامة في جامعة كولومبيا.


أصبح قائدا بارزا للحركة المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة للحرب في الحرم الجامعي، وأثار غضب النشطاء المؤيدين لإسرائيل، الذين دعا بعضهم إلى ترحيله الأسبوع الماضي.

والاثنين، تفاخر ترامب، الذي شن حملة ضد الاحتجاجات الجامعية مثل تلك التي اجتاحت جامعة كولومبيا في الربيع الماضي، باعتقال خليل، محذرا على موقع "تروث سوشيال" من أن "هذا هو أول اعتقال من بين العديد من الاعتقالات القادمة".

وأضافت الصحيفة أن خليل لم توجه إليه اتهامات بارتكاب جريمة، ولا توجد أدلة تقترح أنه متصل بالإرهاب. وبدلا من ذلك، فهو في زنزانة بالسجن، لأن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قرر، حسب ملفات المحكمة بأن وجود خليل "سيترك تداعيات خطيرة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة".

ولم يكشف روبيو عن الطريقة التي توصل فيها إلى هذا القرار، ولم يشر إلى طبيعة التهديد الذي يمثله خليل لو ظل في أمريكا، وبناء على القانون فإن قاضي هجرة لا يمكن تصديقه بناء على كلامه، أي روبيو.

وعندما سئل يوم الأربعاء لم يتهم روبيو خليل بارتكاب جريمة محددة، لكنه تجاهل السؤال حول التعديل الأول للدستور، قائلا "هذه لا علاقة لها بحرية التعبير"، ثم وصف طبيعة الاحتجاجات التي نظمها خليل والتي اعتبرتها المحكمة أشكالا من التعبير المحمية بالقانون.

وقال روبيو: "تدفعون كل هذه الأموال في رسوم جامعية باهظة والتي من المفترض أن تكون مرموقة، ولكنكم لا تستطيعون الذهاب إلى الحصص الدراسية، وأنتم خائفون من الذهاب إلى الفصول الدراسية لأن هؤلاء المجانين الذين يتجولون ووجوههم مغطاة ويصرخون بكلام مرعب".

وأضاف "لو أخبرتنا أنك تنوي فعل هذا عندما ستصل إلى أمريكا، لكنا منعناك، ولو فعلت هذا حالة دخولك لطردناك".

وفي اليوم السابق، قالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، إن خليل وزع "دعاية مؤيدة لحماس" في التجمعات، و"منشورات تحمل شعار حماس"، مع أنها لم تقدم أي وثائق تثبت هذا، وفقا للصحيفة.


وقبل إكمال دراسته في كانون الأول/ ديسمبر، عاقبت جامعة كولومبيا خليل لمشاركته المحتملة في "مسيرة غير مرخصة" والتي احتفلت  بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 والذي نفذته حماس. ويقول منتقدوه إن منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي حول الصهيونية معادية للسامية. لكن مؤيديه يرفضون هذا الكلام ، قائلين إنه يدافع عن حقوق الإنسان للفلسطينيين.

وتقول الصحيفة "مهما كان توصيف الكلام الذي قاله، فإنه يظل خطابا، لكن لا شيء في هذه القضية يبدو عاديا فقد نقل خليل إلى مركز للهجرة في نيوجيرسي، ثم نقل بسرعة مسافة 1,300 ميلا إلى مركز احتجاز لاسال بالقرب من جينا، لويزيانا، وهو منشأة سيئة السمعة أدرجها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في تحقيق عام 2024 في نظام احتجاز المهاجرين في لويزيانا، بعنوان داخل الثقب الأسود".

ويمكن لسلطات الهجرة نقل المحتجزين لديها إلى هناك، لكنها لم تشرح قرار نقله بعيدا عن عائلته ومحاميه. وفي جلسة استماع إجرائية في نيويورك يوم الأربعاء، حكم قاض بأن السلطات يمكن أن تبقيه في لويزيانا. وقال أحد محامي خليل إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى موكلهم منذ اعتقاله.

وتعلق الصحيفة أنه في حالة مضت الحكومة في الإجراءات القانونية وتقدم فريق المحامين باستئناف، فأنه سيذهب إلى محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الخامسة، المؤيدة لترامب، والتي يطلق عليها دعاة الهجرة اسم "خط أنابيب مكافحة الهجرة". وفي نيويورك، سينتهي الأمر بالاستئناف في الدائرة الثانية الأكثر ليبرالية.

وعلى الرغم من الدعاية التي حظيت بها القضية إلا أن الحكومة التزمت بالغموض بشأن تفاصيلها. وبينما لا تعتبر إجراءات الهجرة علنية كالقضايا المدنية أو الجنائية، تخطط إدارة ترامب لاستخدام خليل كنموذج لعمليات الترحيل المستقبلية.

وأوضحت الصحيفة أنه من حق الجمهور أن يعرف ما تخطط له، وإذا كان بإمكان وزير الخارجية ترحيل مقيم قانوني لمجرد أنه لا يعجبه رأيه، فمن الذي سيأتي عليه الدور ويحرم من حقوقه بموجب التعديل الأول؟

مقالات مشابهة

  • الفوزان: التعبير عن المشاعر ضرورة لتجنب الأمراض المزمنة .. فيديو
  • منيرة تونسية تحيي مهنة المسحراتي في رمضان ..صور
  • لولاها لسقطت في أسبوعين.. أسلحة أميركا التي يهدد ترامب بمنعها عن أوكرانيا
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • الغارديان: التهديد بترحيل محمود خليل تجاهل خطير لحرية التعبير
  • رئيس الوزراء المجري: سنطهر البلاد ممن يعملون لصالح قوى أجنبية
  • بين سجن المشاعر وتحريرها
  • خطيب المسجد النبوي: الزكاة نفع مخصوص وتجب على هؤلاء
  • بشرط موافقة الصحة وهيئة الدواء.. ضوابط استضافة الأطباء وإعلانات الأدوية
  • WP: محاولات إدارة ترامب ترحيل محمود خليل تهديد لحرية التعبير المكفولة بالدستور