موقع النيلين:
2024-10-05@05:21:03 GMT

العرب على أكف العفاريت

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT


أول خبر أثلج الصدور هذا الأسبوع كان تأكيد معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء القطري في لقائه بالسيد الأمين العام لوكالة الغوث (الأونروا) على استمرار دولة قطر في تمويل هذه المؤسسة الأممية وإصرارها على إنقاذها من حملة التجويع وقطع المساهمات وطبعا هذه هي أخلاق قطر بتوجيه من حضرة صاحب السمو أميرها حفظه الله وجزاه خيرا.

وثاني خبر يعيد الأمل للنفوس هو استمرار المفاوضات برعاية قطرية تعودت على حلحلة الأزمات. ومن جهة أخرى تميز عام 2024 بالتحولات الكبرى التي تطرأ على حياة الأمم الغربية فتغيرها وتدعوها بنداء التاريخ إلى قراءة الأحداث بعيون مختلفة وهو ما يقوم به علماؤها ومؤرخوها بنشر كتب عديدة تعلن نهاية الهيمنة الغربية على العالم وتبشر بعصر تعدد الأقطاب كما أن نفس التحولات والأحداث تزلزل شعوبنا نحن ولكن مع الأسف نادرا ما نتأملها ونعتبر بها أو تصدر لدينا كتب أو دراسات تحلل ما يقع لنا وحولنا. كان زلزال طوفان الأقصى منذ السابع من أكتوبر كذلك هزة عاتية للقوى العالمية بقوة سبعة على ميزان ريختر الحضاري، بدأ العقلاء في الأمم الطاغية يفكون ألغازها. هذا المنعرج الأخطر الذي يهدد مصيرنا بالانفلات وشعوبنا بفقدان البوصلة، دون أن نكون قد تهيأنا نحن ضحاياه لتحمل النتائج ومعالجة التداعيات. والمؤشرات على هذه العواصف العاتية التي تهب على المجتمعات العربية والغربية كثيرة لعل أهمها تشديد الإبادة المروعة للفلسطينيين بقطع غوثهم أي بإيقاف تمويل وكالة الغوث الأممية (أونروا) من أجل استعمال التجويع الى جانب الترويع وتصويت الكونجرس الأمريكي يوم الأربعاء الماضي على هذا القرار الأمريكي والتمديد عشر سنوات في فرض العقوبات المسلطة على إيران بعد بإلغاء اتفاق 14 يوليو 2015 الموقع بين إيران والحلفاء.

مؤذنا بالزمن الجديد القادم على الأمة فيما يسمى بالشرق الأوسط الجديد المعلن إسرائيليا من قبل شمعون بيريز وأمريكيا من قبل كوندوليزا رايس وهما مشروعان توأمان يحينهما نانتياهو بتنفيذ ما جاء فيهما ولكن بعنف وهمجية بعد فشل الدبلوماسية الثعبانية في تمرير صفقة القرن!. مع العلم أن الاتفاق المذكور ليس شأنا أمريكيا داخليا بل وقعته ست دول وصدقت عليه منظمة الأمم المتحدة، ولكن يبدو أن هذه البنود من القانون الدولي تتعامل معها الإدارة الأمريكية كتفاصيل ليست ذات قيمة! فالمتوقع هو ما أعلن عنه المرشد الأعلى للثورة من مواصلة طهران برنامجها النووي من دون أي رقابة وتداعيات هذا المنعرج المفاجئ على دول الجوار ثم إن ما سماه الاعلام الغربي (رد الفعل الأمريكي الانتقامي) بقصف مواقع عسكرية في سوريا و العراق كجواب «طبيعي» على مقتل 3 عسكريين أمريكيين في ثكنة تقع في الحدود بين الأردن والعراق بعد أن نفذت طائرات أمريكية أول حلقة من سلسلة انتقامية يوم السبت 3 فبراير و قتلت 70 ضحية والمؤشر الثاني للعاصفة هو مزيد انزلاق الأزمة السورية و العراقية إلى مربع المجهول وسياسة الأرض المحروقة مع ما يشهده العالم من تدمير بقية الدول العربية وتحويل عدد منها الى حرس حدود لإسرائيل! فلم يعد المتحاربون على أرض سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان من عرب وأغراب يدركون لماذا ومن يحاربون ولأية غاية؟ لأن ساحات الوغى المتعددة لم تعد واضحة ولا يعرف فيها من هو الحليف ومن هو العدو ومن هو البريء ومن هو المذنب ومن هو الضحية ومن هو الجلاد! بل لم يعد لدى الجميع تعريف متفق عليه لما يسمى الإرهاب وتحديد من هو الإرهابي ومن الذي يقاوم الإرهاب؟ ثم إن الأخطر في المشهد العربي هو أن جسر الاتفاق المؤقت بين واشنطن وموسكو الذي منحنا عقدا من السلام الهش انقطع وانعدمت شبه الثقة المصلحية العابرة التي نشأت بين العملاقين لتحل محلها حرب أوكرانيا المدمرة ولن تغير الخمسون مليار دولار هبة على أربع سنوات لمهووس أوكرانيا (زيلنسكي) من الحرب شيئا لأنها حرب بدون إستراتيجية و بدون أهداف ما تزال تزعزع أمن أوروبا و روسيا و العالم! لعل سببها الأول اغتنام بوتين للحالة الانتخابية المعقدة والحالة الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة وميل الرئيس المنتخب بايدن ومنافسه ترامب إلى اعتبار الروس أصدقاء وحلفاء ما داموا كما قال هو يقاتلون أعداءنا المسلمين ويمنعون اتحادهم! ومن جهة أخرى صدر هذه الأيام ملف نشرته «نيويورك تايمز» كتبه «سكوت أندرسون» بعنوان:

Fractured lands: how the Arab world came apart?

(الأرض المجزأة: كيف تشتت العالم العربي؟)

ويؤرخ كاتب الملف لبداية انفجار العالم العربي إلى دويلات ومقاطعات عرقية وطائفية وسياسية بدءا بمحطة احتلال العراق (9 أبريل 2003) حين أخطأت الولايات المتحدة وعوضا عن أن تحطم النظام كما زعمت وأعلنت قامت بتحطيم العراق كدولة ومؤسسات وحضارة وأبرز خطيئة كانت هي قرار حل «بريمر» للجيش العراقي فكانت النتيجة الطبيعية أن يعيد هذا الجيش تشكله في الإطار الوحيد المتوفر وهو إطار العمل السري المسلح وتحت غطاء عقائدي ديني لأنه هو المتاح ومن هنا تكَوَّن جنين الحركات العنيفة في رحم الأخطاء والخيارات الأمريكية ونشأ المولود في شكل متطور تحت تسمية «داعش». وشكل في الحقيقة صرخة فزع انفجرت بسببه الأزمة العراقية ثم السورية العميقة وأصل الداء جاء من تخبط الإدارة الأمريكية التي لم تخطط قبل التاسع من أبريل 2003 لما بعدها من المراحل، فكانت مهمة «بريمر» إسقاط النظام البعثي ثم أصبحت بالرغم عنه تدمير دولة العراق وبالفعل لم يبق شيء يذكر من الدولة أو من الجيش أو من البنية التحتية أو من المجتمع العراقي أو من التعليم أو من التكنولوجيا أو من المتاحف والمصانع وبالطبع لم يبق شيء من التماسك الطائفي الذي صمد في العراق حتى في أدق المراحل وأحلك الظروف. وهذه الحقائق المريرة كان قد عددها «جامس بيكر» في تقريره الشهير منذ سنوات بالضبط (ديسمبر 2006) حين أكد العمى السياسي للإدارة الأمريكية وفتح أبواب الجحيم في الشرق الأوسط. فالتقرير الذي وضعه بيكر لم يأت بأمور خارقة أو اكتشافات مبتكرة بل إنه نقل الواقع بأمانة، ليس من أجل عيون العراقيين بل من أجل حماية مصالح الولايات المتحدة الأمريكية المهددة بشكل جدي من تعفن الوضع وتفاقم الأزمة في العراق كما نراها اليوم بين السنة والشيعة والأكراد، أما في فلسطين فالبهتان الدولي متواصل بل الجهود الشريرة متضافرة لإدخال الخناس الوسواس في معابر الضفة والقطاع ودق إسفين الفتنة والفوضى بين أبناء الشعب! هذا هو المشهد العربي اليوم، ويخشى أن تبقى المنطقة كلها على كف لا عفريت واحد بل مجموعة عفاريت. والعفريت الأشرس هو العفريت الداخلي أي الانقسام والفرقة والعداوات المتفاقمة والحسابات الأنانية والمصالح الانفرادية والقضايا الهامشية، في حين يخطط أعداء الأمة في الظلام لضرب جميع العرب بلا استثناء مهما اعتقد البعض منا بأنه في مأمن وهو في الحقيقة المستهدف الأول وعلى مرمى قريب من النار العدوة. فاجتمعوا على كلمة سواء يرحمكم الله، قبل أن ينفخ في الصور!

د. أحمد القديدي – الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ومن هو

إقرأ أيضاً:

الشيخ أحمد بن سعيد يطلع على أكبر مشروع تبريد مناطق في العالم الذي تنفذه “إمباور”

 

اطلع سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي على الإنجازات والنجاحات الباهرة الذي حققتها “إمباور” أكبر مزود لخدمات تبريد المناطق في العالم خلال 2024 وذلك خلال افتتاح سموه للدورة السادسة والعشرين من معرض تكنولوجيا المياه والطاقة والبيئة (ويتيكس2024) في مركز دبي التجاري العالمي، والذي انطلقت فعالياته أمس في دبي بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، والذي تنظّمه هيئة كهرباء ومياه دبي.

وتعرّف سموه خلال زيارته لمنصة إمباور يرافقه معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي على أبرز مزايا مشروع تبريد المناطق في منطقة الخليج التجاري الذي تنفذه “إمباور” والذي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية عن فئة أكبر مشروع في العالم من حيث القدرة الإنتاجية، حيث قدم سعادة أحمد بن شعفار، الرئيس التنفيذي لـ “إمباور”، إيجازاً لسموه حول المشروع الأكبر من نوعه في العالم بقدرة انتاجية تصل الى 451,540 طن تبريد، ومؤلف من شبكة خطوط أنابيب يبلغ طولها 52.4 كلم بالإضافة الى عدد المحطات الذي يضمها المشروع والتي يبلغ إجمالي عددها 9 محطات، 4 منها في الخدمة حالياً، لتلبية الطلب لـ 188 مبنى وناطحة سحاب متعددة الاستخدامات. كما تضمن إيجاز بن شعفار أبرز إنجازات إمباور والجوائز العالمية التي حصدتها المؤسسة خلال العام الجاري.

وقال سعادة أحمد بن شعفار، الرئيس التنفيذي لـ«إمباور»، يعد “ويتيكس” أحد أكبر وأهم المعارض العالمية الرائدة في قطاعات المياه والبيئة والطاقة مشيراً الى ما ينتظر المشاركين والزوار للمعرض من تميز وتفرد لاسيما وأنه يرسخ المعرض مكانته الدولية كونه منصة فريدة تستهدف تحقيق التكامل بين جميع شرائح قطاع الطاقة، الى جانب ما يمثله من فرص جديدة للتعاون بين القطاعات التجارية والفنية، كما يتيح للمستثمرين وصناع القرار والمؤسسات المحلية والعالمية عقد الصفقات المثمرة، وبناء الشراكات الاستراتيجية، وتبادل الخبرات والوقوف على أحدث التقنيات في هذه القطاعات الحيوية ، وتحديد احتياجات السوق.

ولفت بن شعفار الى تزايد الطلب على أنظمة وخدمات تبريد المناطق على خلفية ازدياد الطلب على المنتج المستدام والأقل تكلفة من جانب الشركات التي تبحث عن حلول جديدة لخفض التكاليف، الى جانب رغبتها في أن يكون لها بصمة واضحة في الحفاظ على البيئة وتقليل انبعاثات الكربون على المستوى المحلي والعالمي.


مقالات مشابهة

  • القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا ضربات ضد 15 هدفا في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن
  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • «إيه بي سي نيوز»: أصوات العرب والمسلمين مؤثرة في الانتخابات الأمريكية
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • العرب والقومجية والأخونجية
  • ”استحلفكم بالله هذا شكل صاروخ”؟.. الإعلامي الحربي ”محمد العرب” يعلق على صواريخ إيران التي ضربت اسرائيل!
  • السفارة الأمريكية: نشعر بالقلق من الأضرار التي لحقت بمقر سفير الإمارات في السودان
  • الحشد الشعبي يهدد باستهداف القواعد الأمريكية في حال استهداف وطنهم إيران
  • الشيخ أحمد بن سعيد يطلع على أكبر مشروع تبريد مناطق في العالم الذي تنفذه “إمباور”