د. ليلى الضو أبو شمال تكتب
كثيرا ما يشغل بال السوداني هل هو عربي أم أفريقي، وأجده سؤالا لا تعني الإجابة عنه شيئا ولا تفيد ، بل أننا نشغل أنفسنا بقضايا في تقديري حقا هي قضايا انصرافية لاتمت لحقيقة الإنسان في الوجود الدنيوي شيئا ، الا اذا كانت في إطار معرفة خصائص كل نوع والإستفادة من ذلك في معالجات لتلك الشخصية التي ضاعت اليوم كما ضاع الأمس منها ، وانطوى بالقلب حسرة كما قال الشاعر ادريس جماع ، ولكن حسرتنا الحقيقية في أننا انشغلنا بظاهر الإنسان شكله ولونه وبيئته ولم نشغل أنفسنا بمضمونه ودواخله وفكره وعمله ، فالإنسان الأسترالي على سبيل المثال والذي انحدرت أصوله من جزيرة بريطانية مع ذلك لا يقولون أنهم انجليز بل يقولون أنهم استراليون ، وكان لهم أن يفخرو بأنهم بريطانيون تلك الدولة التي جعلت في أذهاننا صورة على مدى سنوات بأنها الدولة العظمى ، لكنهم لم يفعلوا وصنعوا لهم شخصية بعيدا عن ظل الآخرين ، ولكني وجدت أن الكثير من الكتب والدراسات أجتهد كتابها في تحليل الشخصية السودانية وسماتها وملامحها بعيدا عن مكنونها ، وفي ذلك استوقفتني عبارة ذكرها الدكتور عبد الباقي دفع الله أحمد في كتابه ( *أزمة الهوية وغياب الضمير )* يقول " بأن التنشئة الأسرية في السودان لم تهتم بتنمية وتطوير مفهوم الوطنية والتنوع والتعايش الثقافي ، بل ركزت دائما على الاعتداد بالأصل والعرق والدين ، وبالتالي فإن الأسرة في ظل الظلم الاجتماعي والتعالي الثقافي والاحتكار السياسي ساهمت بشكل مباشر في خلق جيل يؤمن بانتمائه القبلي أكثر من الوطن مما أثر كثيرا في مستوى العلاقات الاجتماعية أفقيا ورأسيا وساعد على اضعاف روح التماسك بين أبناء الوطن الواحد .
ولا شك عندي أن هذا من المؤثرات الكبيرة التي أضاعت هوية المواطن السوداني والذي يفتخر بنسبه إلى القبيلة أكثر من فخره بوطنه السودان ، ولعل ذلك أيضا مما أدى بنا أن نكون شعبا غير وطنيا كما يقولون عنا ، وكما نرى نحن أنفسنا ، حتى بعض أدبائنا يسبونها ويقولون ( ملعون أبوكي يا بلد ) وعلى شاكلة ذلك سر ، وتصبح العبارة لسان حال كل من تعثرت خطاه على رصيف شوارعها ، وغضب على حكامها ولم يجد فيه عملا ولا نجاحا ، فيكيل اللوم عليها ، كأنها أي بلاده هي الداء الذي ألمً به وليس له منه شفاء ، وهو نفسه الذي حين يخرج منها يبذل جهدا وعرقا وينجح لأنه يحرص على أداء مهمته بنجاح خوف فقدان عمله ، وتبقى اشكالياتنا في أننا نفتقر لأخلاقيات تهذبنا ودوما القوانين واللوائح هي التي تسيرنا ( قانون القطيع ) ، نحن نفتقد للكثير ، نفتقد للتربية على حب العمل ، ولا نعتز بالعمل ونستحي من الأعمال التي نسميها ( هامشية والتي ليست كذلك) داخل بلادنا ، والعجيبة أننا نقوم بهذه الأعمال خارج أسوار الوطن ، لا نحترم الوقت الذي هو ثروة ضاعت بسببه ثروات ، ونتصف بالتبذير ونسميه كرما وهو ليس من الدين في شيء ، ربما علاقة ذلك بما نقول أننا لم نهتم ببناء الإنسان وتربيته على حب القيم الأخلاقية والتي منها حب العمل وبناء الذات وصناعة القائد والانسان الناجح والوطن الواحد ، بقدر ما بنينا فيه شيء من عنصرية بغيضة ومقارنات قاتلة وجهويات غير محمودة شكلت في دواخل النفس جروح عميقة وعدم توازن ولدت أحقاد وغبن .
*وينشأ ناشيء الفتيان منا
على ما كان عوده أبواه*
وبالعودة للسوداني هل هو أفريقي أم عربي فذاك شأن الخوض فيه لم ينصرنا بقدر ما هزمنا ، وجعلنا نتناحر ونتقاتل ونركن إلى قبائلنا ، وندور في حلقة مفرغة ليس لها بداية أو نهاية ، علينا أن نصنع الوعي في غرف عقولنا ونبتعد عن ما يفرقنا ونلتف حول ما يجمعنا ، وما يجمعنا الان هو السودان ، وليكن كل من يعيش فيه سوداني ويبتعد عن ولاء القبيلة ونترك المصطلحات التي أصبحنا نتداولها وهي تبني صور نمطية سيئة في دواخلنا لن تزيد الأمر الا تعقيدا، وفي ذلك لنا بقية حديث على الا تنسى عزيزي *أنك سوداني*
leila.eldoow@gmail.com
///////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
وفاة جزار سوداني إثر أزمة قلبية داخل قطار الصعيد
توفي جزار سوداني، اليوم الاثنين، نتيجة أزمة قلبية داخل قطار خط الصعيد، وذلك أمام محطة سكك حديد المنيا، تم نقل الجثمان إلى مشرحة المستشفى. حيث بات تحت تصرف النيابة العامة.
وتلقى اللواء مجدي سالم، مدير أمن المنيا، إبلاغًا من شرطة السكك الحديد بالمنيا يفيد بوجود حالة طبية طارئة داخل القطار.
وعلى الفور، انتقلت سيارات الإسعاف إلى موقع الحادث، حيث تبين أن المتوفى، محمد سليمان يوسف بحر، البالغ من العمر 76 عامًا، يعاني من هبوط حاد في الدورة الدموية أدى إلى وفاته.
تم اتخاذ الإجراءات اللازمة ونقل الجثمان إلى المشرحة، فيما تم تحرير محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة متابعة التحقيقات.