سلطت صحيفة "فايننشال تايمز" الضوء على زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الأخيرة لإسرائيل، مشيرة إلى أنها كشفت عن خلافات عميقة بين واشنطن وتل أبيب حول قضايا تشمل المرحلة التالية من الحرب في غزة وكيفية تأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة.

وذكرت الصحيفة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن مؤتمرين صحفيين عقدهما بلينكن ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعد يوم من الاجتماعات بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، كشفا عن خلافاتهما بوضوح، إذ طرح كل منهما رؤية مختلفة عن الآخر.

ونقلت الصحيفة عن الزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، آرون ديفيد ميلر، قوله: "تعكس هذه الزيارة مدى صعوبة العملية [الدبلوماسية] برمتها".

وأضاف: "المتحاربان (إسرائيل والمقاومة الفلسطينية) هما اللذان يحددان قوس هذه الأزمة. وبينما كانت الولايات المتحدة تلعب، ولا تزال، دورًا مهمًا، أعتقد أنه يتعين علينا أن نكون يقظين جدًا بشأن تقييم الدرجة التي يمكن لواشنطن أن تغير بها مسار هذه الأزمة بشكل أساسي".

وفي علامة أخرى على الفجوة بين الحليفين، وصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، السلوك العسكري الإسرائيلي في غزة بأنه "تجاوز الحد"، الخميس، في تصريح عبر عن أحد أشد انتقاداته للعدوان الإسرائيلي حتى الآن.

وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض: "هناك الكثير من الأبرياء الذين يتضورون جوعا، والكثير من الأبرياء الذين يواجهون مشاكل ويموتون، ويجب أن يتوقف ذلك".

ويتمثل الاختلاف الصارخ بين بلينكن ونتنياهو في تقييمهما للشروط الأخيرة التي عرضتها حماس لإطلاق سراح ما يقرب من 130 أسيرا إسرائيليا ما زالوا في أيديها، وليس جميعهم على قيد الحياة، إذ اعتبرها بلينكن تنطوي على بعض "البدايات" للوصول إلى "مساحة للتوصل إلى اتفاق"، بينما رفض نتنياهو هذه المصطلحات ووصفها بأنها "وهمية".

وأصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن الطريقة الوحيدة لتحرير الأسرى هي "النصر الكامل" على حماس، وأضاف أن جيش الاحتلال سيوسع عملياته العسكرية لتشمل مدينة رفح في جنوب غزة، حيث يعيش أكثر من مليون نازح من غزة في ظروف مزرية.

اقرأ أيضاً

جولة جديدة لبلينكن بالشرق الأوسط.. وواشنطن تبحث خيارات الاعتراف بدولة فلسطينية

ويتعارض إعلان نتنياهو مع الجهود التي بذلها المسؤولون الأمريكيون خلال الأشهر القليلة الماضية لإقناع إسرائيل بتخفيض حدة القتال في غزة.

وكرر بلينكن مخاوفه بشأن عدد القتلى المدنيين في غزة مساء الأربعاء، وحذر بصراحة من أن تجريد حماس من إنسانيتها "لا يمكن أن يكون بمثابة ترخيص لتجريد الآخرين من إنسانيتهم"، على حد تعبيره.

وفي إشارة إلى الإحباط المتزايد لدى إدارة بايدن تجاه نتنياهو وأعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه، مثل الوزيرين: إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، قال بلينكن إنه أثار "تصرفات وخطابات مسؤولين حكوميين (في إسرائيل) أثارت مخاوفنا العميقة"، ما يؤجج التوترات التي تقوض الدعم الدولي لإسرائيل، بحسب الصحيفة البريطانية.

موقف السعودية

ولم تكن إسرائيل هي المحطة الوحيدة في جولة بلينكن، التي شملت 4 دول في الشرق الأوسط وسلطت الضوء على التحديات التي تواجه الدبلوماسية الأمريكية، فقد أشارت الدلائل أيضا على أن المملكة العربية السعودية، التي زارها بلينكن يوم الإثنين الماضي، أرادت التحقق من الرسائل الإيجابية للولايات المتحدة حول فرص تطبيع المملكة لعلاقاتها مع إسرائيل.

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن إدارة بايدن تستخدم طموح إسرائيل طويل الأمد للتطبيع مع السعودية كجزء من جهودها للتوسط في "سلام عادل ودائم" يتضمن في نهاية المطاف إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وهو أمر قاومه نتنياهو منذ فترة طويلة.

لكن الرياض أصدرت، يوم الأربعاء، بيانا ذكرت فيه أنه "لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967"، ردا على تعليقات أمريكية مفادها أن واشنطن "تلقت ردود فعل إيجابية من الجانبين" بشأن صفقة التطبيع.

اقرأ أيضاً

إعلام عبري: نتنياهو تعهد لبلينكن بعدم التحرك نحو رفح دون التنسيق مع مصر

وفي رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، دعت السعودية أيضًا جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى "التعجيل بالاعتراف بالدولة الفلسطينية".

وصدر البيان بعد أن أجرى بلينكن محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، وشددت على أنه في حين أن الرياض مستعدة لمناقشة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل كجزء من خطة سلام أوسع، فإنها تريد أيضا أن توضح أنه سيتعين على إسرائيل والقوى الغربية تقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين.

وفي السياق، اعتبرت رئيسة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية، سانام فاكيل، أن "زيارة وزير الخارجية الأمريكي تظهر أن الولايات المتحدة لم تمارس بعد ضغوطا كافية على نتنياهو، و[توضح] حدود دبلوماسية بلينكن، لأنه سيخرج خالي الوفاض". وأضافت: "ربما يجب أن تكون الاستراتيجية (الخاصة بدبلوماسية حل القضية الفلسطينية) أكثر دولية ومتعددة الأطراف".

ومع ذلك، يرى مسؤولون أمريكيون أن دبلوماسية واشنطن كان لها بعض التأثير، إذ أصر بلينكن يوم الأربعاء على أن الضغوط الأمريكية دفعت إسرائيل إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، على الرغم من أن منظمات الإغاثة تقول إن حجم تلك المساعدات لا تزال أقل بكثير مما يحتاجه السكان المدنيون في المنطقة المحاصرة.

باب الصفقة

ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصدر وصفته بالمطلع أن نتنياهو رفض شروط حماس "لكن المسؤولين الإسرائيليين يواصلون المشاركة في الاجتماعات حول الخطوات التالية نحو التوصل إلى اتفاق محتمل".

وأضاف: "ربما يكون نتنياهو قد أغلق الباب أمام الفكرة التي طرحتها حماس. لكن هذا لا يعني أنه يغلق الباب أمام صفقة من أي نوع".

وفي السياق اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، جوناثان رينهولد، أن الولايات المتحدة نجحت أيضًا في إثناء إسرائيل عن الانجرار إلى صراع أوسع مع أعداء آخرين في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني، الذي يتبادل مقاتلوه إطلاق نار عبر الحدود مع القوات الإسرائيلية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

لكن آخرين حذروا من أن نافذة تحقيق اختراقات بشأن صفقة الأسرى بين إسرائيل وحماس، فضلا عن التوصل إلى حل أوسع للصراع، آخذة في التراجع في ظل اقتراب بدء حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

 وفي هذا الإطار، قال ميلر: "بمجرد أن تبدأ الحملة الانتخابية بشكل جدي، فإن شهية إدارة بايدن لاستثمار رأسمالها السياسي في محاولات طويلة الأمد للتوسط في اتفاق سلام ستتضاءل".

وأردف: "خلال تلك الفترة لا يُظهر الرؤساء عادةً قدرًا كبيرًا من المخاطرة عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط. الساعة الإسرائيلية وساعة حماس لا تدقان بهذه السرعة. ساعة الإدارة (الأمريكية) تدق بشكل أسرع بكثير. وهنا تكمن المشكلة".

اقرأ أيضاً

نتنياهو يرفض طلب بلينكن الاجتماع منفردا مع رئيس الأركان الإسرائيلي

المصدر | فايننشال تايمز/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أنتوني بلينكن إسرائيل حماس غزة نتنياهو إيتمار بن غفير بتسلئيل سموتريتش جو بايدن الولایات المتحدة على أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يرفض ما أوردته صحيفة أمريكية حول حرب غزة

رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، اليوم الثلاثاء 2 تموز 2024، ما أوردته صحيفة أمريكية بشأن إمكانية إنهاء تل أبيب حربها على قطاع غزة مع وجود حركة حماس في إدارة القطاع، وشدد على ضرورة تحقيق أهداف تلك الحرب.

جاء ذلك في مقطع فيديو نشره نتنياهو عبر منصة "إكس" بعد أن قالت صحيفة "نيويورك تايمز": "يريد كبار جنرالات إسرائيل بدء وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك إلى إبقاء حماس في السلطة في الوقت الحالي".

وتابعت الصحيفة: "نظرا لعدم تجهيزهم لمزيد من القتال بعد أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ عقود، يعتقد الجنرالات أيضًا أن قواتهم تحتاج إلى وقت للتعافي في حالة اندلاع حرب برية ضد حزب الله".

وأردفت: "يمكن للهدنة مع حماس أيضا أن تسهل التوصل إلى اتفاق مع حزب الله، وفقًا للمسؤولين الذين تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مسائل أمنية حساسة".

ورد نتنياهو: "مصادر مجهولة تجري إحاطة لصحيفة نيويورك تايمز، يقولون لها إن إسرائيل ستكون مستعدة لإنهاء الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها".

وأضاف: "لا أعرف من هي تلك الأطراف، لكنني هنا لأوضح الأمر بشكل لا لبس فيه: لن يحدث ذلك، ولن ننهي الحرب إلا بعد أن نحقق جميع أهدافها، بما في ذلك القضاء على حماس، وإطلاق سراح جميع الرهائن".

وأشار إلى أنه "لدى الجيش الإسرائيلي كل الوسائل لتحقيق تلك الأهداف.. نحن لا نستسلم للأرواح الانهزامية، لا في صحيفة نيويورك تايمز ولا في أي مكان آخر، بل نحن مشبعون بروح النصر"، وفق إدعائه.

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في منشور على منصة "إكس" ردا على تقرير نيويورك تايمز، إنه "مصمم على مواصلة القتال لتحقيق أهداف الحرب المتمثلة في تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحركة حماس، وإعادة المختطفين، وإعادة السكان في الشمال والجنوب إلى منازلهم بأمان".

وأضاف: "حتى الآن، تم تحقيق إنجازات مهمة في القتال في غزة، وسيواصل الجيش الإسرائيلي قتال حماس في كل مكان في قطاع غزة، إلى جانب مواصلة تعزيز الاستعداد للحرب في الشمال والجهود الدفاعية على جميع الحدود".

وفي وقت سابق الثلاثاء، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل قوله، إن "الجيش الإسرائيلي ينوي إنهاء القتال في غزة، دون التوصل إلى صفقة رهائن (تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية في غزة)".

وتساءل عن "كيفية إقناع الجمهور بأن الحكومة والجيش حققا جزءا كبيرا من أهداف الحرب، رغم أن حماس لم تُهزم بشكل كامل، و120 رهينة لم يعودوا إلى ديارهم".

كما قالت هيئة البث العبرية الرسمية، الثلاثاء، إن "المستوى السياسي سمح للجيش بأن ينتقل بصورة تدريجية إلى المرحلة الثالثة في القتال في قطاع غزة خلال الشهر الحالي".

وتعني المرحلة الثالثة، وفق تصريحات سابقة لمسؤولين إسرائيليين، الانتقال من القصف المكثف (العشوائي) إلى القصف المستهدف، فيما تتضمن المرحلة الحالية معارك برية بدأت في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقبل أسبوع، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الأخير "سيتحوّل بشكل كامل إلى الغارات في القطاع بكامله، وتقدّر المؤسسة الأمنية أنه حتى في المرحلة الثالثة (من الحرب)، سيُطلب منا ترك فرقتين في غزة لمواصلة تنفيذ الغارات المتكررة".

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • قادة كتائب إسرائيلية يتحدثون عن حالة إنهاك بين جنودهم بغزة
  • نتنياهو يرفض ما أوردته صحيفة أمريكية حول حرب غزة
  • الرهائن مقابل بقاء حماس.. نتنياهو يرد على "المصدر المجهول"
  • نيويورك تايمز: اتساع الفجوة بين نتنياهو وجنرالات جيشه وسط نقص الذخائر والعتاد
  • بلينكن: انخرطنا مع مصر وقطر بجهود حثيثة لوقف إطلاق النار بغزة
  • واشنطن بوست: قطاع غزة لن يشهد انفراجة طالما نتنياهو في السلطة
  • ترامب تعليقا على قرار "العليا الأمريكية": انتصار كبير للديمقراطية
  • "فاينانشيال تايمز": إسرائيل تستعد لاختبار نموذج تجريبي لإدارة غزة بعد الحرب لا يشمل حماس
  • كالكاليست: هل يمكن لإسرائيل الاستغناء عن الأسلحة الأميركية؟
  • السلطات الإسرائيلية تتحرك بعد تهديد شرطي باغتصاب والدة متظاهر خلال احتجاجات في تل أبيب (صورة)